السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"الحكواتي" صوتُ الضمير والذاكرة

2014-10-30 01:33:40 PM
صورة ارشيفية

 صراع بين البقاء والاندثار

 

 الحدث-ياسمين أسعد

 "ليست حرباً فكرية ثقافية بل حرب وجود أو عدم، هم يزورون وينفقون المليارات من أجل القدس ونحن نرتع في أحلام يقظة باتت جزءاً من وهم السلام المنشود، كل ما يحدث في القدس ينذرنا وينبهنا ويطالبنا باستخدام ذكائنا وليس صراخنا". هذا ما قاله الكاتب المسرحي كامل الباشا في وصفه للحالة التي آلت اليها الرموز الثقافية في مدينة القدس.

 
فكما اعتدناه، احتلالٌ لا رادعَ لسياسته التهويدية المستهدفة طمس رموز ومعالم الثقافة الفلسطينية في العاصمة.. سلسلةٌ من التضييقات العسكرية، وتدنيسٌ استيطاني يومي للمقدسات الدينية والثقافية، ممارسات باتت تُستغل لوضع الصراع الدائر حول المدينة تحت غطاءٍ سلمي دافىء وخبيث في آن، يضرب بالقوانين الدولية والشرعية عرض الحائط. 

المسرح الوطني الفلسطيني "الحكواتي"، محطةٌ جديدةٌ تطاله أيدي الاحتلال لإعلان الحرب الفكرية ضد القدس وأهلها، فَيُحكِم قيده على النواة الأبرز والرمز الأقدم للفن الثقافي والمسرحي المقدسي. فعلى مدار السنين، كان مسرح "الحكواتي" بفعالياته الفنية المنوعة، الحامي والمحيي الأول للتراث العربي ومورثه الفلسطيني من محاولاتِ الدثر الاستيطانية التي باتت تهدد وجوده في القدس، لصالح الثقافة الصهيونية المزعومة. 
 
في حوار حول المسرح ورمزيته المقدسية قال الكاتب والمدير الفني الأسبق كامل الباشا: المسرح بفنونه الثقافية والمسرحية، يعمل على اعادة انتاج وإحياء الفكر الثقافي الفلسطيني ويعيد تمجيد التاريخ والذاكرة الفلسطينية بصورة عصرية للجيل المقدسي المقيّد بسياسات الاحتلال المعنية بقلب الحقائق وطمسها للحيلولة دون وصولها لهم".

وعن الاستهداف الثقافي للمسرح، أكد الباشا أن " الخبر مرعب فنياً وثقافياً، لأن لا مساحة أخرى لنا لنقدم لبلدنا وشعبنا فناً ملتزماً يؤثّر في خططنا المستقبلية إن وجدت" مضيفاً: وجبت حماية الحكواتي ودعم أعماله وتوجهاته من كافة الجهات الرسمية والجماهيرية، فهو صوت الضمير والذاكرة ".
 
مسرح "الحكواتي" اليوم، يُستهدَف من الاحتلال كغيره من الرموز المقدسية ذات الرسالة الوطنية، عبر تلفيق أوراق ملكية مزورة تدعي ملكية ما يقارب 50% من مبنى الحكواتي والنزهة- في حي الشيخ جراح-، لمستوطنين اسرائيليين من مستعمرة "يبتار عليت" عبر شركة جيروساليم غولدن ستار للبيع العقارات في القدس. وذلك بحسب المحامي هاني طنوس في مقابلة خاصة لـ"الحدث".

من جانبه أوضح مدير مسرح الحكواتي، محمد حلايقة: "المسرح رمز من رموز الوجود في القدس وقد سطر أفضل الانجازات في نقل الفكر الثقافي والتراثي للأجيال على المستوى المحلي والعالمي، وسنبقى صامدين تحت أي ظروف، فالمسرح ومنذ بداياته واجه العديد من التحديات الاسرائيلية، لكنه تمكّن من تجاوزها".
 
وفي سياق المخاوف المترتبة على هذا الإدعاء، قال حلايقة:" هنالك جوانب مقلقة وجوانب مطمأنة بعض الشيء، فنحن نستأجر المسرح لـ 95 سنة، وملتزمين قانونياً، وذلك مثبت في المحكمة الشرعية".

واعتبر مدير الـ"الحكواتي" أن حماية المسرح مسؤولية وطنية تقع على عاتق كل الجهات القانونية، الجماهيرية والسياسية لتضافر جهودها والتضامن من أجل الدفاع وحماية هذا المكان الرمزي الثقافي".
      
بدوره، أكد الأديب والكاتب الفلسطيني ابراهيم جوهر، أحد أبرز الوجوه الثقافية المقدسية في حوار خاص لـ"الحدث": " أن الهجمات الاستيطانية بدأت تدريجية في القدس، وتوجت بالتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، وفعلياً هو الرمز الأهم في القدس، ليتبع الأقصى بمداهمة للحكواتي، إذ يعتبر المسرح جوهر الثقافة والأدب والفن للأجيال الجديدة، خاصة ندوة اليوم السابع التي تحاول مناقشة الكتب والتأكيد على الهوية والتراث الفلسطيني وهذا لا يفضله الاحتلال".
 
واستطرد: "نحن أمام هجمة استيطانية وقحة، على كل مراكز القدس خاصة الثقافية منها، في  محاولة واضحة لاستهداف الوعي الجمعي لابناء المدينة".
 
وفي السياق، نوه جوهر إلى جوانب أخرى تجعل المسرح مشتهى جيد للاحتلال وسيطرته، قائلاً "المسرح محاصر منذ فترة تبعاً لملايين الشواقل المفروضة عليه بما يسمى "الارنونا"،  وهم يرغبون بالمكان فهو في منطقة استراتيجية تاريخية مميزة بين الشيخ جراح والقدس وقريب من شارع رقم 1 وقريب من بيت الشرق أيضاً".
 
وبسؤاله عن احتمالية لو تمت السيطرة على المكان، أوضح  جوهر، أن المسرح هو الرمزية والهوية الثورية المقدسية بالنسبة للفلسطينين والمقدسيين وباغلاقه تتبدد الاحلام ويضعف إحياء التاريخ، والتراث الفلسطيني.
 
وأشار جوهر إلى ضرورة حماية المقدسات الدينية والثقافية في القدس، وعدم اهمالها من قبل الجهات المعنية، لأن الصمت، هو ما يجعل الاحتلال يتمادى في سياسته الاستيطانية.
 
 من جهته، وحول الموقف والدور الواجب لحماية المؤسسات الثقافية، قال رئيس اتحاد الكتاب والأدباء في الداخل الـ 48، الشاعر سامي مهنا، "إننا نعي أن الحرب الثقافية جزء من الحرب العامة، في محاولة لمحاربة الذاكرة الفلسطينية، والهجمة التي تستهدف القدس اليوم، هي هجمة على القلب النابض للقضية الفلسطينية، من هنا تأتي محاولة القضاء على المعالم العربية في المدينة المقدسة.
 
وأضاف:"من هنا أيضا يتوجب علينا كاتحاد فاعل في المشهد الثقافي، مساندة ودعم كل ما هو فلسطيني ومقدسي والعمل من أجل أن تكون القدس العاصمة الثقافية الأبدية، ونحن نحتفل سنوياً بذلك" مؤكداً، "نحن نؤازر مؤسساتنا الثقافية في القدس وسنضافر الجهود لحمايته بالتنسيق مع الجهات المعنية".   
 
وكان المحامي هاني طنوس قد صرح لـ"الحدث" :" إن عملية البيع واضحة بأنها عملية مزيفة، مما دفعنا لرفع قضية لدى المركزية الاسرائيلية بدعوى محاولة بيع مسرح الحكواتي ومبنى النزهة في القدس، استناداً لأوراق مزيفة لمستوطنيين يهود".

وأضاف المحامي: "قرار المحكمة جمد الصفقة المشبوه لحين ثبوت الأوراق الرسمية المقدمة من قبل الطرفين".

وحول ملكية المكان أكد طنوس أن "البناية والمسرح هما ملك لعائلة فريتخ وأوقفها المرحوم علي اسعد فريتخ لعائلته بما يعرف باسم " الوقف الذري" ما يعني عدم امكانية بيعهما إلا بقرار من المحكمة الشرعية الإسلامية، مشيراً الى أن " دائرة تسجيل الأراضي "الطابو" قد سجل البناية في العام 2009 كوقف للعائلة"