الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

استمرار أزمة الكهرباء تفتح الباب واسعاً أمام تنامي الإقبال على الطاقة البديلة

2015-05-05 12:11:26 PM
استمرار أزمة الكهرباء تفتح الباب واسعاً أمام تنامي الإقبال على الطاقة البديلة
صورة ارشيفية
الحدث - حامد جاد

دفعت أزمة انقطاع التيار الكهربائي المتواصلة في قطاع غزة منذ ما يزيد عن خمس سنوات بعدد من المواطنين والمؤسسات العاملة بالقطاع لإستخدام الطاقة البديلة كحل للتغلب على هذه الازمة التي طاولت كافة الجوانب الحياتية في قطاع غزة دون أن يكون هناك ما يشير لإمكانية حلهاعلى المدى القريب بل أن المؤشرات  تدل على أن هذه الأزمة أصبحت حالة متجذرة في نمط الحياة اليومية لأهالي غزة الذين اعتادوا على التكيف مع جدول فصل ووصل التيار الكهربائي بمعدل ثماني ساعات وصل يتلوها ثماني ساعات قطع وذلك في ظل استقرار عملية تشغيل محطة توليد الكهرباء أما في حالة اضطراب عملية تزويد المحطة بالوقود اللازم لتشغيلها فيصل عدد ساعات قطع التيار الكهربائي لأكثر من 12 ساعة يومياً وهذاالامر يتكرر حدوثه لعدة أيام أو اسابيع بين فترة وأخرى.
 
وبموجب هذا الواقع لجأ العديد من ميسوري الحال والقائمين على المؤسسات المحلية والدولية للاستعانة بما يعرف بالطاقة النظيفة أو الطاقة البديلة التي تنتجها ألواح  المرايا الشمسية لتوليد الكهرباء كبديل عن  المولدات الكهربائية التي تعمل بواسطة الوقود إلا أن إمكانية توسعة شريجة المستفيدين من تقنية استخدام الطاقة البديلة ما زال محدوداً بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة في ظل ارتفاع البطالة والفقر الى معدلات غير مسبوقة.
 
وفي أحاديث منفصلة أجرتها الحدث مع عدد مزودي تقنية الطاقة البديلة والمستفيدين منها أشار هيثم غانم مدير فرع جمعية صن شاين وهي مؤسسة دولية مسجلة في بريطانيا و ايطاليا و غزة وتهتم بالعمل في مجالي الطاقة والمياه الى ان الجمعية تقدم لمؤسسات دولية ولجهات مانحة أفكاراً علمية لمشاريع الطاقة البديلة يتم البناء عليها والتشبيك مع الجامعات والمصانع لتطبيق هذه الافكار حيث قدمت الجمعية عدة مشاريع للعديد من المؤسسات الدولية وعملت على تصميم مشاريع قابلة للتنفيذ في استخدام الطاقة المتجددة بما في ذلك استخدامها في مشروع محطة لتحلية المياه من الممكن تشغيلها باستخدام الطاقة السشمسية كما هو اوقع الحال بالنسبة لمشروع محطة تحلية مياه البحر المقدم من الاتحاد الاوروربي بقيمة ثلاثة ملايين يورو و يخدم نحو 12 الف مواطن و ينتج مئة كوب يومياً.
 
سن تشريعات لتنظيم استخدام الطاقة البديلة
وأكد غانم ضرورة سن تشريعات تكفل ضبط وتنظيم استخدام الطاقة البديلة وفق مواصفات ومقاييس معتمدة تضمن للمواطن والمؤسسات الحصول على الطاقة البديلة دون تعرضهما للغش التجاري الذي يمارسه البعض من مستوردي تجهيزات ومستلزمات الطاقة الشمسية وفي ذات الوقت لايبقي على احتكار منتج حصري لانتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية ويفتح الباب واسعاً أمام المواطن لاختيار مصادر الطاقة الكهربائية .
واعتبر غانم أن أي مستثمر في قطاع الطاقة يحتاج لوجود تشريعات وفي ذات الوقت هناك حاجة لتشريعات ومواصفات لتحديد مستوى جودة هذه التجهيزات والعناصر المكونة للطاقة الشمسية التي ترد من الاسواق الحارجية وبالتالي عدم وجود مواصفات سيترتب عليه إشكالية كبيرة فهذه العناصر تضم الخلايا الشمسية والبطاريات كمصدر للتخزين وأجهزة الانفيرتر التي تحول الكهرباء الناتجة من الخلايا الى طاقة كهربائية تصلح لاستخدام المنازل والمؤسسات مشدداً على ضرورة توفر جهة منظمة لتسويق واستخدام الطاقة البديلة .   
 وقال " هذه العناصر لا بد وان تتوفر في السوق المحلية عبر مصدر موثوق وأن تخضع لشروط ومعايير مؤسسة المواصفات والمقاييس و لمراقبة الجهات ذات العلاقة مثل وزراة الاقتصاد و سلطة الطاقة و الغرف التجارية ولا بد أن تتمتع بمواصفات محددة ولكن للاسف الجهات المعنية بالمواصفات ليس لديها الخبرة الكافية بجودة هذه التقنيات الامر الذي يقتضي ضرورة الاستعانة بجهة استشارية ذات خبرة تقوم بهذا الامر
وهذه الجهة  متوفرة في غزة ولكنها مغمورة وتخصصها الفني لا يتقاطع مع تخصصات وطبيعة أنشطة الجهات المذكورة لذا فوجود هاتين المشكلتين المتمثلتين بعدم وجود تشريعات ومواصفات سيبقي على إنفاق المواطن على انظمة غيبر مجربة ".
 
 طاقة بديلة لميسوري الحال
وبين ان جمعية صن شاين عملت بتمويل ذاتي منها على تزويد مستشفى جنين في حي الشجاعية شرق مدينة غزة بطاقة الخلايا الشمسية التي رفدت المستشفى بكهرباء مستمرة من الساعة السابعة صباحاً و حتى منتصف الليل وما بعد تلك الفترة أصبحت المشفى تعتمد على الطاقة المخزنة في البطاريات الامر الذي كفل لها توفير كلفة فاتورة الكهرباء .
واشار في هذا السياق الى انه تم رفد مشروع مستشفى جنين بطاقة 20 كيلو واط وبكلفة 45 الف دولار كمرحلة انتهينا من انجازها في شهر كانون الثاني الماضي ويجري العمل على اتخاذ الترتيبات اللازمة لتنفيذ مرحلة أخرى يتم بموجبها تزويد المستشفى  بطاقة  42 كيلو واط .
ولفت الى أن استخدام الطاقة المتجددة في غزة آخذة في التنامي بسبب استمرار أزمة إنقطاع الكهرباء التي تكون في أفضل أحوالها بمعدل ثماني ساعات قطع مقابل الفترة ذاتها وصل يومياً مبيناً أن المعيق الرئيسي لاستخدام غالبية مواطني القطاع للطاقة البديلة يتمثل بصعوبة الاوضاع الاقتصادية والمعيشية وتدهور مستوى الدخل بفعل البطالة حيث أن المواطن المقتدر هو فقط الذي يستطيع تركيب الخلايا الشمسية إذ تقدر كلفة الحصول على طاقة كهربائية بقدرة 2 كيلو وات بنحو أربعة آلاف دولار ولكي تركب خلايا شمسية قادرة على توليد طاقة كهربائية بقدرة 5 كيلو وات تلبي كافة احتياجات الاستهلاك المنزلي  فهذا الامر يكلف نحو 15 ألف دولار وبالتالي فإن عدد المواطنيين الذين يستخدموا الطاقة الشمسية يقدر بالعشرات وغالبيتهم يستعينون بقروض مصرفية ويحصلون على ضمانات من الشركات المزودة لهذه الخدمة تصل الى عشرين عاما واخرى لخمسة وعشرين عاما.
ونوه غانم الى البدائل التي تطرحها الجمعية للبيوت غير المتوفر لديها مساحات كافية لتركيب اللوحات الشمسية (المرايا) حيث  يتطلب هذا الامر توفر مساحة 30 متر مربع  على سطح المنزل لذا ابتكرت الجمعية عدة حلول منها تركيب هذه اللوحات بشكل عمودي او كمظلات على نوافذ الشقق السكنية.
 
الافتقار للخبرة
ولفت الى أن غالبية التجار ومستوردي تجهيزات الطاقة البديلة يفتقرون الى الخبرة اللازمة في هذا النشاط التجاري الجديد الامر الذي انعكس سلباً على المواطن الذي يعنيه فقط معالجة أزمة الكهرباء باستخدام الطاقة البديلة دون ان يكون لديه المعرفة بمواصفات التجهيزات ذات الجودة العالية .
 واوضح ان اول  تجربة ىنفذت في غزة لاستخدام الطاقة الشمسية كانت في عام 2003  عندما قامت وزارة الاسكان والاشغال العامة  بتطبيق هذه الفكرة بشكل من خلال تركيب خلايا شمسية لاضاءة أعمدة الكهرباء الممتدة على طول وادي غزة لمسافة  نحو مئتي متر إلا ان هذا المشروع لم يكن  ضمن خطة حكومية وبالتالي لم يتكرر تطبيق هذه التجربة بعد ذلك لفترة طويلة استمرت حتى مطلع عام 2013  عندما بدأت مبادرات فردية ومؤسساتية تستعين بالطاقة البديلة كحل فاعل لأزمة انقطاع الكهرباء التي وصلت  في فترات معينة الى قطع التيار الكهربائي لمدة 16 ساعة يومياً ومنذ ذلك الحين بدأت اسعار تجهيزات ومعدات الطاقة الشمية تنخفض تدريجياً .
ونوه الى ان استخدام الطاقة الشمسية يتم وفق نظامين الاول يعتمد على البطاريات للتخزين مثل ما هو معمول به  في غزة اما في دول الخارج ونتيجة لعدم انقطاع التيار الكهربائي فهناك نظام لاستخدام الطاقة الشمسية دون الحاجة لبطاريات حيث تدخل الطاقة المنتجة الى عداد الكهرباء مباشرة ومن الممكن أن يستفيد مستخدم الطاقة البديلة من قيمة فائض الانتاج الذي يسوقه للحكومة في تلك البلدان وهذا معمول به ليس في دول الخارج بل  في اسرائيل وتم تطبيقه على نطاق محدود في الضفة الغربية في مدينة بيت ساحور على 500 مستفيد .
من جهته أكد أحمد الداهوك من شركة المشهراوي للهندسة الكهروميكانيكية إحدى الشركات المختصة بتركيب الخلايا الشمسية  أنه بالرغم من مشكلة محدودية الدخل لدى المواطنين في قطاع غزة إلا مستوى الوعي بأهمية الاستعانة بالطاقة البديلة كحل ناجع لأزمة الكهرباء شهد تنامياً ملحوظاً خلال العامين الماضيين بينما مستوى اقبال المؤسسات الدولية على الاستعانة بالطاقة البديلة يعتبر ملحوظاً فهذه المؤسسات لاتعاني من مشاكل مالية في هذا الجانب.
ولفت الداهوك الى أن ان كل من يركب انظمة للطاقة البديلة هم من أصحاب الدخل المرتفع لانهم يشعرون انها ارخص واقل كلفة من فاتورة كهرباء شركة التوزيع  حيث يشكل هؤلاء نسبة  5%بالمقارنة مع حجم استهلاك المؤسسات  للطافة البديلة .
وبين الداهوك أن كلفة تزويد البيت بكل احتياجاته من الطاقة البديلة تبلغ نحو 8000 دولار كحد ادنى لانظمة الطاقة التي تنتج أكثر من 2 كيلو واط وتشغل كل شيء عدا الاجهزة الحرارية (السخانات)اما انتاج نظام الـ 4 كيلوواط فيكلف نحو14 الف دولار و يشغل البيت بالكامل و هناك بيوت متعددة الطوابق أو فلل تستخدم نظام متكامل للطافة البديلة يبلغ كلفته 25 ألف دولار و لكن غالبية مستخدمي الطاقة البديلة من المواطنيين  يصنفون ضمن الفئة التي تحتاج لتوفير الاضاءة والاجهزة الكهربائية غير الحرارية ذات الاستهلاك المنخفض للطاقة  واخرون يلجأون تدريجيا لزيادة استخدامهم للطاقة الشمسية.
 
غش تجاري
وقال " بعض الشركات قامت بتركيب انواع معينة من الاجهزة فنحن لدينا شراكة مع شركة اسرائيلية واخرى ألمانية نستورد منهما الاجهزة و لكن هناك بعض التجار قاموا بنقل هذه الأجهزة الى الصين لتقليد صناعة الشركات الاصلية المنتجة لهذه التجهيزات بقيمة أقل وبالتالي هذا الامر ينطلي على المواطن العادي بينما المؤسسات تطالب بتجهيزات واضحة ولوازم تركيب معروفة النشأة كما أن التلاعب بالجودة لايقتصر على معدات وتجهيزات الخلايا الشمسية بل أيضاً ينسحب على  الكوابل المتباينة الاسعار لذا فالمواطن يجهل هذا الامر و ممكن ان يقع ضحية للغش التجاري وسوء اختيار هذه التجهيزات بينما المؤسسة تفرض على الشركة تركيب  خلايا (لوحات شمسية) من انتاج معين حيث أن كفاءة الخلية تختلف من صناعة الى اخرى ".
وأضاف " ويرجع تنامي  استخدام المؤسسات الدولية للطاقة البديلة لسبب ارتفاع كلفة الكهرباء حيث أن نظام توليد الطاقة الكهربائية باستخدام الخلايا الشمسية اقل كلفة فعلى سبيل المثال قيمة مولد الكهرباء الذي ينتج بواسطة الوقود قدرة 35 كيلو وات تبلغ 25 الف دولار وتصل كلفته السنوية مع استخدام الوقود وأعمال الصيانة  لنحو 65 الف دولار بينما الطاقة البديلة توفر القدرة ذاتها بكلفة مشابهة ولكن تستمر لسنوات طويلة
طالما أن البطاريات المستخدمة في تخزين الطاقة المنتجة تتمتع بمواصفات وجودة عالية ".
 
قيود اسرائيلية
وبين أن مؤشرات الاقبال على اقتناء تقنية انتاج الطاقة البديلة سجلت ارتفاعاً ملحوظاً حتى نهاية شهر آذار الماصي قبل أن تفرض اسرائيل مع مطلع الشههر الماضي "نيسان" قيوداً حيث منعت استيراد اللوحات الشمسية والبطاريات للمواطنين وتم حجز كميات كبيرة منها في الموانئ الاسرائيلية ولم تسمح  إلا للمؤسسات الدولية باستيراد هذه التجهيزات بموجب تنسيق مسبق لدخولها .
وأشار المشهراوي في هذا السياق الى أن بعض الشركات قامت بتصنيع بعض تجهيزات الطاقة البديلة المعتمدة على المواد الخام المتوفرة في الرمل و السلكات على شواطئ غزة  لكن مستوى الجودة كان ضعيفاً  بسبب عدم توفر كل مقومات التصنيع .
أما المواطن محمد السيلاوي فوصف تجربة استخدامه للطاقة البديلة بالناجحة موضحاً أنه قام بتركيب لوحات شمسية بكلفة نحو ثلاثة آلاف دولار وفرت لي قدرة كهبرائية على مدار الساعة بطاقة 3 kv   ما يكفي لسد احتياجاته المنزلية من انارة وتشغيل ثلاجة وغسالة وتلفاز وإضاءة  . 
وقال " بالتأكيد هذه حلت مشكلة إنقطاع الكهرباء حيث أصبحت الكهرباء متوفرة لدي على مدار الساعة وخاصة في وقت ذروة الاستهلاك للكهرباء كما وفرت علي أكثر من نصف  قيمة فاتورة الكهرباء السابقة حيث أصبح معدل قيمة الفاتورة التي أدفعها لايتجاوز الحد الأدنى للاستهلاك الشهري  " .
ويرى السيلاوي أن النقص في الطاقة المتوفرة دفع بالعديد من المواطينن والمؤسسات لاستخدام الطاقة البديلة وإن كلفة الحصول عليها بالنسبة للمواطنين ليست سهلة في ظل تدني معدلات الدخل وحالة البطالة وسوء الاوضاع الاقتصادية والمعيشية بشكل عام وبالتالي ليس بمقدور غالبية المواطنين تحمل كلفة الحصول على الطاقة البديلة حتى وإن كانت ضمن حدها الادنى الذي لايقل كلفته عن ثلاثة الاف دولار.
واوضح انه كمهني يعمل في الكهرباء تمكن من ادخال هذه التقنية الى منزله بعد ان حظي بعقد مقاولة كفل له توفير المال اللازم لذلك مبيناً انه في ظل وضعه المالي السابق لم يكن بامكانه تركيب لوحات شمسية.
ولفت الى انه استعان بخدمة تركيب العدادات الذكية التي تقدمها شركة توزيع كهرباء غزة كما استعان بالخلايا الضوئية الدقيقة او ما يعرف بـ"اللدات التي تعد الاقل استهلاكاً للطاقة مؤكداً أنه منذ أن استخدم
الطاقة المنتجة بواسطة الشمس لم يعد يعاني من اي مشاكل تذكر على صعيد انقطاع التيار الكهربائي فسطوع الشمس لفترة زمنية محدودة  يكفل يتوفر طاقة شحن تكفي للاستخدام المنزلي على مدار ساعات اليوم.