السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

العدد 42| حمى ارتفاع الأسعار في رمضان.. وزيادة مديونية الأسر الفلسطينية

عائلات باتت تحسب لرمضان ألف حساب.. وديونها ترتفع مع ارتفاع الأسعار

2015-06-30 01:38:59 AM
العدد 42| حمى ارتفاع الأسعار في رمضان.. وزيادة مديونية الأسر الفلسطينية
صورة ارشيفية
 
الحدث- فرح المصري
في تمام الخامسة مساء، وقبل ساعات قليلة على موعد آذان المغرب، تستعد الحاجة فاطمة لإعداد وجبة الإفطار، تدخل المطبخ وتخرج بعضاً من المكونات البسيطة التي بقيت في منزلها مع قرب انتهاء الشهر، وتبدأ بإعداد الطعام استعداداً لموعد الإفطار.
 
تقف للحظات.. ومن ثم تتابع عملها والهموم تملأ قلبها.. يدخل عليها طفلها كالمعتاد ليسألها عن وجبة الإفطار.. تصمت للحظات وتقول له: "مثل امبارح يمّا".
 
فلم يتبقَّ مع الحاجة فاطمة، سوى مئة شيقل حتى آخر الشهر، وقد استدانتها للتو لتأمين المواصلات من وإلى عملها، ولا تستطيع وضع حد "لنق" أطفالها المتكرر كل يوم لشراء الحلويات من المحل المقابل للشارع المؤدي إلى المنزل، في حين يتسابق لعاب أطفالها على هذه الحلويات، لكن حالة الأم المادية كانت تقف عائقاً أمام رغباتهم.
 
الحاجة فاطمة موظفة حكومية.. حالها كحال الكثيرين.. لم تعد تستطيع تأمين ثمن اللحوم الظارجة لارتفاع أسعارها.. ولم تعد تستطيع شراء كل ما لذ وطاب من الخضروات والفواكه.. فهي تضطر لشراء اللحوم المجمدة، بديلاً عن تلك الطازجة لإطعام عائلتها المكونة من 6 أفراد التي تحملت مسؤوليتهم بعد وفاة زوجها.
 
وتقول فاطمة إن استهلاك عائلتها من اللحوم المجمدة يبلغ 7 كيلوغرامات شهرياً بقيمة إجمالية تصل لحوالي 160  شيقلاً بينما ستضطر لدفع 385 شيقل، في حال شرائها لنفس الكمية من اللحوم الطازجة.
 
غلاء أسعار البضائع.. وزيادة الطلب عليها
وتصيف الحاجة فاطمة لـ"الحدث": "الأجواء في الشارع الفلسطيني هذا العام أصعب من العام الماضي، في ظل لا حكومة تسأل ولا رقابة على الأسعار، جميع التجار ترفع من أسعارها، السوق عرض وطلب، وبرمضان الطلب بزيد، والتجار يستغلون هذا الأمر ويرفعون الأسعار والناس تستمر في الشراء".
 
وتتابع: "كل أسبوع نطبخ مرة واحدة، الموظف لا مجال له ليدخر، فالقروض أثقلت كاهله، والديون أصبحت تتراكم عليه بشكل كبير، فالقدرة الشرائية لديه أصبحت قليلة جداً، الجميع بدأ يلجأ للبضائع المجمدة من لحوم ودجاج وحتى خضار لغلاء أسعار اللحوم الظازجة".
 
وأوضحت: "أوزع ثلثي راتبي أول ما استلمه على سداد ديون المحلات التجارية، ودفع فواتير الإنترنت والهاتف، وتأمين بعض متطلبات الأولاد، ويبقى القليل من الراتب، وأضطر للاستدانة مرة أخرى".
 
في الإطار ذاته، يقول خالد (28 عاماً): "إن الارتفاع بات تقليداً للتجار مع بداية شهر رمضان خاصة أنه لا يوجد رقيب ولا حسيب عليهم، صرنا نختصر العديد من الشغلات حتى نقدر نعيش".
 
ويتابع: "نتمنى أن يخفضوا من أسعار اللحوم والدجاج والخضرة، قبل رمضان كان الوضع أهون قليلاً برمضان الأسعار كلها صارت مرتفعة، والشاطر اللي بستغل الثاني وما ضاعت إلا على الجوعانين".
 
ورأى خالد أن من يقف وراء ارتفاع الأسعار بدرجة أولى التجار: "من شهر قبل رمضان كان كيلو لحم العجل بـ50 شيقل ومن ثم وصل لـ65 واليوم صار 55 شيقل، المواد التموينية جميعها غالية، التجار اللي بترفع الأسعار ولا يوجد رقابة، لازم يكون في رقابة على كل سلعة بالسوق".
 
وأضاف: "أصبحت معظم الأسر الفلسطينية تعيش أوضاعاً معيشية صعبة للغاية، حالت دون تجمع العائلات في الشهر الفضيل، فالغلاء غيب عنا عادات وتقاليد اجتماعية فلسطينية حميمة، لكن الحال قد تغير ولم يعد بوسع الكثيرين الاحتفاظ بتلك العادات بسبب سوء أوضاعهم الاقتصادية".
 
وأشار إلى أن الاحتياجات الآنية والطارئة والملحة تبقى هي المسيطرة، فتقوم الأسرة بإلغاء العديد من المجاملات والمناسبات الاجتماعية، وتصبح كثير من الأمور نوعاً من الرفاهية لا بد من الاستغناء عنها.
 
انخفاض القوة الشرائية وشراهة في الاستهلاك
من جهته، قال المحلل الاقتصادي سمير أبو مدللة: "إن الاقتصاد الفلسطيني يمر بأوضاع صعبة للغاية وهذه الأوضاع نتيجة الحصار على قطاع غزة وتقطيع أوصال الضفة الغربية بالحواجز والاستيطان، بالتالي هناك تراجع في مستوى دخل الأسر خلال السنوات الماضية وتحديداً منذ عام 2000، رافق هذا التراجع تزايد أسعار السلع والمنتجات الاستهلاكية ما أدى إلى إنخفاض القوة الشرائية".
 
وأضاف لـ"الحدث": "يتميز شهر رمضان بأن له ميزة خاصة تتمثل بالصيام وزيادة الاستهلاك، بمعنى أن الكثير من الأسر الفلسطينية يكون لديها شراهة في الاستهلاك في هذا الشهر الفضيل، بمعنى أنها تستهلك أكثر من حاجتها بكثير، وهذا بدوره يضغط على الأسر الفلسطينية نتيجة ارتفاع أسعار البضائع والمنتجات من ناحية وزيادة استهلاكها من ناحية أخرى، وهذا بالتحديد يؤدي إلى مديونية الكثير من الأسر وخاصة أن المؤشرات تؤكد تزايد معدلات البطالة والفقر، فمعظم الأسر ليس لديها دخل معين الأمر الذي يضطرهم للاستدانة أوالاعتماد على بعض المؤسسات الخيرية".
 
مديونية الأسر وتأثيرها على الاقتصاد
وأكد أبو مدللة أن زيادة مديونية الأسر خلال شهر رمضان سيكون لها آثار سلبية على الأشهر التي ستلي شهر رمضان بسبب تراجع القوة الشرائية، فالأسر ستنفق كل ما لديها خلال شهر رمضان الأمر الذي سيؤثر سلبا على الأشهر المقبلة حيث ستشهد الأسواق الفلسطينية حالة من الركود الاقتصادي وتراجعاً في العملية الشرائية في معظم المدن الفلسطنية.
 
وتابع: "أن الاقتصاد الفلسطيني مرتبط بالاقتصاد الإسرائيلي بموجب اتفاق باريس الاقتصادي، فمعظم السلع المستوردة هي من الجانب الإسرائيلي، بالتالي نحن مرتبطين بأسعار لا يحددها التاجر الفلسطيني فحسب، بل ترجع لغلاء أسعار هذه المنتجات المستوردة".
 
ونوه إلى أن هناك حمى ارتفاع أسعار المنتجات الاستهلاكية من لحوم وخضراوات وغيرها في شهر رمضان بمعنى أن الكثير من التجار يرفعوا الأسعار بدون أي واجب أخلاقي أو ديني في هذا الشهر الفضيل، كما أن التجار لا يقومون باستيراد بضائع جديدة ومختلفة في شهر رمضان، بل الكثير من التجار يكون لديهم سلع مخزنة قبل شهر رمضان، وبالتالي يستغلون ذلك لرفع الأسعار من جهة وللتخلص من البضائع القديمة من جهة أخرى.