الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد 53: الباركود الفلسطيني مفتاح الحلول الاقتصادية .. وحلم صعب المنال!

2015-12-08 12:06:12 AM
في العدد 53: الباركود الفلسطيني مفتاح الحلول الاقتصادية .. وحلم صعب المنال!
الباركود الاسرائيلي

الاقتصاد الفلسطيني يواجه الرفض.. والسبب عدم الاعتراف بالدولة

الطريق إلى "الترقيم العالمي" .. صعوبات وتحديات!

الحدث - آيات يغمور

خلال الأعوام الثلاثة الماضية حققت فلسطين إنجازا دبلوماسياً مهما بانضمامها إلى عدد من المؤسسات والهيئات الدولية، رغم ذلك ما زالت هناك ضغوط وعقبات كبيرة تقف عائقاً أمام حلم تحقيق الاستقلال،  وهناك مؤسسات دولية "خاصة"  تقف هي الأخرى عثرة أمام هذا الحلم،  مثل هيئة الترقيم العالمية (GS1)، المخولة رسمياً بإعطاء رموز للمنتجات، ترفض مراراً قبول عضوية فلسطين لأسباب وحجج واهية.

 

وعلى صعيد الاقتصاد الفلسطيني، والذي يحاول ألا يلفظ أنفاسه ليحقق بعضاً من النمو ويخفض جزءاً من العجز، تبقى المنتجات المحلية بلا اعتراف دولي بها، وبلا هوية، ولا يمكن قياسها حسب المواصفات العالمية، ليكون البديل ترميزاً أردنياً حيناً ومصرياً أحياناً أخرى، وفي أسوأ حالاته يرمز المنتج المصنع محلياً برمزٍ إسرائيلي ليصبح المنتج هو الآخر... محتلاً.

 

وفي محاولتها الأخيرة، توجهت وزارة الاقتصاد الفلسطيني والاتحاد العام للصناعات بالتعاون مع دائرة شؤون المفاوضات في السلطة الوطنية، برسالة لوزارة الخارجية البلجيكية، التي تحتضن المؤسسة الخاصة الرافضة لانضمام فلسطين كعضو فيها، وبالتالي تمنعها من حق الترميز الدولي، وتحرم منتجاتها هويتها.

 

 وعن هذا الأمر، أوضحت مدير عام الصناعة والمصادر الطبيعية في وزارة الاقتصاد الوطني، منال شكوكاني، فحوى الرسالة التي قدمتها "فلسطين" للخارجية البلجيكية: "هذه الرسالة جاءت تعقيباً على الرفض المتكرر غير المبرر للعضوية الفلسطينية في مؤسسة الـ GS1، وأملاً في الحصول على إجابات مقنعة من قبل هذه المؤسسة توضح سبب الرفض"، مشيرة إلى أن الحكومة الفلسطينية تتأمل من الدولة البلجيكية أن يكون لها تأثيرٌ إيجاي في هذا الصدد.

 

وحسب القانون، فإن الاتحاد العام للصناعات، مسؤول بالدرجة الأولى عن وضع نظام لترميز المنتجات، هذا ما أكده رئيس الاتحاد العام للصناعات، بسام ولويل في حوار مع "الحدث": "جرت محاولاتٌ عديدة للحصول على اعتراف مؤسسة ال Gs1، والتي كان اعتراضها عدم وجود اعترافٍ دولي في "فلسطين" كدولة، الأمر الذي بات سارياً بعد انتزاع الحكومة الفلسطينية لاعتراف دولي بفلسطين، كدولة تحت الاحتلال، إلا أن المؤسسة سابقة الذكر، مستمرة في رفضها فلسطين عضواً فيها."

 

قانونية الرفض والتهميش!

 

يعتقد الباحث القانوني، محمد شلالدة، المطلع على اللوائح الداخلية لهيئة الترقيم العالمية، أن "دولة" فلسطين، تملك الأحقية في قبول طلبها للانضمام خاصةً بعد رفع مكانة فلسطين وتمثيلها دولياً كدولة عضو، أو كعضو مراقب، مشيراً إلى أن هذا التعريف الجديد يعطي فلسطين مدخلاً إيجابياً ينعكس على انضمامها للمؤسسات الحكومية وغير الحكومية ويمهد لها قبولاً في المنظمات الدولية.

 

وأضاف شلالدة: "هذا الحق في الانضمام يمكن فلسطين ويساندها في تحقيق استقلالية اقتصادية تقود إلى حرية القرار السياسي من خلال وقف التبعية والتخلي عن الترقيم الإسرائيلي بهذا الخصوص".

 

وحول قانونية رفض هيئة الترقيم لطلب فلسطين في العضوية، يؤكد الباحث القانوني أن الرفض المتكرر لانضمام فلسطين يضر بالمصلحة العليا ولا يراعي خصوصية فلسطين كدولة تحت الاحتلال، مشيراً إلى أن هذا الفعل يهمش فلسطين على الصعيد الاقتصادي ويمس سيادتها، الأمر الذي يتعارض مع التشريعات القانونية والقانون الدولي الأساسي.

 

مفتاح الاقتصاد الفلسطيني في "الباركود"

 

وكرؤية مستقبلية، يرى وزير الاقتصاد الأسبق، باسم خوري، أن مفتاح علاج المشاكل الاقتصادية، يكمن في وضع سياسة ترميزية للمنتجات المحلية، لإعطائها صفة دولية.

 

ويعتقد خوري أن هذا الموضوع لا يعالج بالانتظار، مشجعاً على اتخاذ خطوات أحادية الجانب تقودها وزارة الاقتصاد، بإعطاء ترميز خاص بفلسطين، بعيداً عن المؤسسة البلجيكية، والتعامل مع هذا الترميز داخلياً بالدرجة الأولى، وإجبار الدول المصدرة على التعامل مع هذا الترميز، فيصبح متداولا ومعترفاً به عالمياً بفرض سياسة الأمر الواقع.

 

وينوه خوري، إلى أن هذه الخطوة ستقود فلسطين نحو اعتراف دولي، من خلال الاعتراف بمنتجاتها وترميزها.

 

وحول أهمية الترميز، يرى خوري أن الترميز مرتبطٌ بشكل أساسي بعنصر ضبط الجودة، الأمر الذي تعاني منه الأسواق الفلسطينية التي لا تملك سيطرة على البضائع المنتشرة فيها المجهولة الأصل والمصدر.

 

وتتركز أهمية الترميز أيضاً حسب ما أفاد به الوزير الأسبق، في كونه يشكل حماية للمستهلك الفلسطيني والمنتج المحلي، موضحاً أن عدم وجود نظام ترميز خاص بفلسطين، يمهد الطريق أمام المتهربين من ضريبة القيمة المضافة، والجمارك، الأمر الذي يخلق سلعاً أجنبية بأسعارٍ منافسة، تقضي على المنتج المحلي وتنهكه.

 

وحول إمكانية تحقيق الترميز الفلسطيني داخلياً على وجه الحصر، تقع هذه المسؤولية على عاتق الاتحاد العام للصناعات، والذي يبدو مستعداً للتعاون مع الشركات والمستوردين، عبر تسجيل اشتراكاتهم الشهرية برسوم رمزية، لوضع حدٍ لعمليات التهريب والتجارة المعروفة بـ "تجارة الشنطة"، وإتاحة المجال أمام أسواق نظيفة بمواصفات عالمية.

 

الباركود الفلسطيني آمال حالمة تحتاج إلى حدود ومعابر !

 

يبدو خبير الاقتصاد وائل كريم، أقل تفاؤلاً من وزير الاقتصاد الأسبق، تحديداً عندما يتعلق الأمر بالبضائع المستوردة التي تدخل الأراضي الفلسطينية، التي لا تملك أدنى سيطرة على حدودها، وترتبط بشكل أساسي بمعابر الاحتلال الإسرائيلية، إلى جانب الأردن ومصر.

 

ويعتقد خبير الاقتصاد، أن ترقيم البضائع يشكل أداة للتعرف على ماهيتها، كنوعٍ وأسعارٍ ومصدر التصنيع، وفي الحالة الفلسطينية، فإن الترقيم يخدم حملة "المقاطعة" التي تحتاج إلى قراءة هذا الترقيم لتمييز بضائع الاحتلال ومنتجات متسوطناته عن غيرها من البضائع.

 

ويضرب خبير الاقتصاد مثلا قانون الاتحاد الأوروبي واستخدامه للترقيم كسياسة تعريفية بمنتج إسرائيل الذي يظهر على ترميزه مكان التصنيع، فيما لو كان على الأراضي الفلسطينية "المحتلة" وهنا يقصد أراضي 1967، عن غيرها المصنعة في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، مؤكداً على أهمية هذا الترقيم المرتبط بمنتجات المستوطنات التي تقدر قيمتها بـ 300 مليون دولار سنوياً في الأسواق الأوروبية.

 

محاولات دبلوماسية.. والقضاء محطتنا الأخيرة

 

الآن ... فلسطين باتحادها العام للصناعات إلى جانبها وزارة الاقتصاد، وبمساعدة دائرة المفاوضات، في مرحلة توجيه الرسائل للمؤسسات الدولية بدءا بالخارجية البلجيكية؛ وعن هذا يقول الأمين العام لاتحاد الصناعات، عودة شحادة: "هيئة الترقيم تعد من الهئيات العالمية والتي تستقر في بلجيكا وبالتالي فهي خاضعة للقانون البلجيكي"، منوهاً إلى أن بلجيكا تعترف بفلسطين كدولة، فكيف لا تفعل هذه الهيئة بالمثل؟

 

المرحلة الثانية تقتضي طرق أبواب كافة المؤسسات الدولية المعنية بمساعدة فلسطين كدولة تطمح لتحقيق سيادة اقتصادية وسياسية مستقلة، وإن لزم الأمر أن تكون هذه المؤسسات "قانونية" لمراجعة الهيئة في قرارها المتعنت ضد العضوية الفلسطينية حسب تعبير الأمين العام للصناعات.

 

وكخطوة أخيرة تزيد أهمية عن سابقاتها، يرجح شحادة توجه فلسطين عبر مؤسساتها الرسمية إلى القانون الدولي لمواجهة القرار الرافض والتباحث في أسبابه ومسوغاته القانونية.

 

هذا وقام الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، وفقا لقانون تأسيسه لعام 2006 الصادر عن المجلس التشريعي الفلسطيني بالعمل على تأسيس هيئة باسم "هيئة الترقيم الفلسطينية" لتكون الجهة الرسمية المخولة بأصدار مجموعة من خدمات الترميز او ما يسمى بالباركود.

 

وكان هدفها الأساسي إدارة كافة العمليات المتعلقة بنظام التعريف والاتصال للسلع والخدمات عبر الانضمام إلى  عضـوية المنظمـة العالميـة Global Organization  GS1، جنباً إلى جنب مع الكثير من هيئات الترقيم المنتشرة في مختلف دول العالم.

 

يتركز عمل الهيئة في مجالات أساسية تشمل نظام الترقيم العالمي، الباركود، التجارة الإلكترونية ، ترميز المنتجات الكترونياً Electronic Product Code (EPC) بإستخدام تكنولوجيا RFID ،  وشبكة المعلومات العالمية لتبادل البيانات Global Data Synchronization Network (GDSN) بما في ذلك وضع معايير فنية خاصة بتسهيل عمليات تسيير وتتبع المنتجات/ الخدمات Traceability عبر سلسة التزويد.

 

الترقيم.. خطوة اقتصادية جديدة تواجه الرفض الدولي، لتكون عبئاً آخرَ يحمله الاقتصاد الفلسطيني، الذي  أدرك  أهمية ما يحمله الترقيم العالمي من أهمية اقتصادية سياسية تمس السيادة الفلسطينية.