الخميس  28 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الأخبار: نقل السلاح من سيناء إلى غزة... مهمّة لن تنتهي

2016-07-08 08:48:48 AM
الأخبار: نقل السلاح من سيناء إلى غزة... مهمّة لن تنتهي
الجيش المصري يكتشف نفق تهريب بين غزة و سيناء- ارشيفية

الحدث

«الأثرياء الجدد». لقب اكتسبته مجموعة من أبناء العائلات المقيمة في مدينتي رفح والشيخ زويد، شمال شرقي سيناء، نظراً إلى عملهم في تجارة السلاح عبر الأنفاق الحدودية التي كانت تربط بين مصر وقطاع غزة. هؤلاء عرفوا سابقاً بـ«أباطرة الأنفاق»، فقد جنوا أرباحاً خيالية في تلك الفترة عندما كان النظام المصري «متسامحاً» مع أهل غزة

 

سيناء | تولى أبناء القبائل في صحراء سيناء المصرية في السنوات الماضية مهمة نقل السلاح الإيراني من رفح إلى المقاومة في غزة، بعد وصوله من الأراضي السودانية والليبية. في عام ٢٠١٠، ازدهرت هذه التجارة وبلغت ذروتها إبان «ثورة ٢٥ يناير»، وبعد سيطرة «الثوار» على مخازن الأسلحة بعد سقوط نظام الرئيس الليبي معمر القذافي.

ويقول مصدر قبلي عمل سابقاً في تجارة السلاح، إن سيناء عاشت حينذاك فترة ذهبية «نقلنا حينها كميات كبيرة من السلاح إلى قطاع غزة». وأضاف: «لكن بعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الحكم وتعاونه مع إسرائيل على تأمين الحدود وتدميره الأنفاق، فإن ذلك الزمن انتهى». وأكد الرجل أن «منظومة الأنفاق التي كانت بمثابة دجاجة تبيض ذهباً لتجار السلاح السيناويين انهارت».


ويؤكد أحد التجار لـ«الأخبار» أنّ الإجراءات التي اتخذتها مصر على حدودها مع قطاع غزة بعد أحداث ٣٠ يونيو (تاريخ إطاحة الرئيس الأسبق محمد مرسي)، وتدمير منظومة الأنفاق وإقامة منطقة عازلة بعمق كيلومتر، بدءاً من الحدود مع غزة باتجاه عمق مدينة رفح المصرية، أسهمت في انحسار تجارة السلاح وتوقفها لأكثر من عامين.

ونتيجة لذلك، يشرح مصدر رفض ذكر اسمه أن «أباطرة» تهريب السلاح إلى قطاع غزة، والذين جنوا مليارات الجنيهات، توقفوا عن نقل السلاح واستثمروا في مجالات أخرى بمشاركة قيادات في الجيش المصري. فقد استطاع التجار في بناء شبكة علاقات مع الجيش خلال العامين الماضيين، وأشهر التجّار بحسب المصدر «سالم لآفي الترابين، وإبراهيم العرجاني الترابين، اللذان نجحا بوساطة رجل الأعمال المعروف حسن راتب في تأسيس شركة «مصر سيناء للاستثمار»، برأس مال يناهز مليار جنيه، تشاركهم «الشركة الوطنية» التابعة للقوات المسلحة، التي اشترطت امتلاك ٥١٪ من رأس المال لمشاركتهم».


ووفقاً للمصدر، فإن هذه «الشركة أُسست في القاهرة، وتختص أعمالها في استخراج الرخام والغرانيت والرمل والزجاج والفحم من جبال شبه الجزيرة المصرية، وقد حضر الرئيس السيسي حفل تدشين نشاط الشركة بمنطقة وسط سيناء خلال عام ٢٠١٥».


ووجه أحد أهم تجار السلاح في سيناء، الذي عمل في نقل السلاح الليبي إلى غزة، إبراهيم المنيعي سواركة، انتقادات لاذعة إلى الجيش إبان بدء الحملة العسكرية على سيناء، قائلاً عبر حسابه على «فيسبوك» إن «الجيش الذي كان يقاسمنا أموال تهريب السلاح والبضائع إلى غزة، ينهش أجساد أبنائنا ونسائنا في سيناء من دون أن يعمل حساباً للعيش والملح، وهذا ليس غريباً على جيش كامب ديفيد».


وكانت هذه العبارة كفيلة بمطاردته وهدم منزله وديوانه ومنزلين آخرين لابنيه سامي ومحمد، والسعي إلى اعتقاله، غير أنه تمكن من مغادرة الأراضي المصرية شمالي سيناء، هارباً إلى غزة التي لا يزال يعيش فيها منذ ٢٠١٣، ومواصلاً انتقاد السيسي وإجراءات الجيش المصري في سيناء عبر منشوراته وتغريداته عبر مواقع التواصل الاجتماعي.


وبرغم من إجراءات الجيش، تؤكد مصادر قبلية وبدوية أن نقل السلاح إلى قطاع غزة ما زال متواصلاً حتى اليوم، ولكن من طريق البحر، خصوصاً بعد اكتشاف الأنفاق الحدودية البعيدة التي كانت مخصصة لنقل الأسلحة.


ويقول أبو مصعب وهو مهرِّب سلاح، رفض ذكر اسمه، إن «الاعتقالات العشوائية والوعود الاقتصادية التي لم تتحقق لم تشجع البدو إلا على الحصول على المزيد من السلاح»، مشيراً إلى أن «كل بدوي يملك سلاحاً وبعضهم استخدموه خلال الأشهر القليلة الماضية ضد قوات الأمن». وأضاف أن «المهربين لا تحركهم دوافع عقائدية وطنية، ولكن امتلاك السلاح جزء من التقاليد البدوية».


وبالعودة إلى سواركة أحد «أباطرة» السلاح، فقد انتقل أقاربه مع بداية أحداث «٣٠ يونيو» من منطقة المهدية برفح إلى القاهرة، حيث نقلوا أموالهم واشتروا مجموعة من العقارات بملايين الجنيهات.


كذلك، اشترى آخرون من أثرياء تجارة السلاح أراضي بمساحات شاسعة في مدينة الإسماعيلية، وأراضي في منطقة النوبارية ومطروح، واستثمروا أموالهم في الزراعة وشراء العقارات والأراضي السكنية.


أما التجار الصغار والوسطاء الذين لم يحققوا ثروات كبيرة من نقل السلاح، وهم أبناء العائلات المصرية من أصل فلسطيني، فقد انتقلوا للعيش في مدينة العريش وبنوا منازل جديدة، واستثمروا في مشاريع صغيرة، كمتاجر مواد البناء والعقارات، لكن الجيش اعتقل بعضهم على خلفية تجارة السلاح والعمل بالأنفاق.


ويقول عمار، وهو تاجر سلاح من سيناء، إنه عمل «في تجارة السلاح بدافع وطني نظراً إلى حاجة قطاع غزة للسلاح لرد العدوان الصهيوني عليه، وكنا نكسر الحصار المفروض من قبل إسرائيل ومصر على الغزيين بنقل هذا السلاح». وأضاف: «لم ندخر أي جهد أو أموال لجلب السلاح من السودان وتهريبه إلى القطاع».


«لكن مع اندلاع ثورة يناير، وبعدها الثورة في ليبيا وارتفاع وتيرة نقل السلاح إلى سيناء، فإن دولاً كانت تدعم نقل السلاح إلى غزة وكانت تدفع ملايين الدولارات لشراء السلاح ونقله إلى الأراضي الفلسطينية، وذلك من دون أن تتكفل غزة، وخصوصاً حركة حماس في دفع دولار واحد في هذه الصفقات».