الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مرحلة دقيقة وحرجة/ بقلم سامي سرحان

2016-08-16 11:34:50 AM
مرحلة دقيقة وحرجة/ بقلم سامي سرحان
الحدث

تمر القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني بمرحلة دقيقة وخطيرة على مستقبل الشعب الفلسطيني المناضل من أجل نيل حريته واستقلاله، والعيش في دولته الخاصة به وعاصمتها القدس الشرقية.

 

و ما يشخص حرج المرحلة ودقتها عدة عوامل، على رأسها العامل الذاتي الفلسطيني وما تشهده الساحة الفلسطينية السياسية والشعب من انقسام واستقطاب يعطي الأصدقاء والأعداء المبرر ليتخلوا عن دورهم التاريخي في دعم ومساندة هذه القضية، ويتحولوا إلى ناصحين أو لائمين للفلسطينين على فرقتهم وتنازعهم على جلد الدب قبل أن يصطادونه.

 

و العامل الثاني هو الوضع العربي الراهن والحروب الداخلية والخارجية التي تعصف بالمنطقة فأضعفت الدولة القطرية وقسمت كل قطر إلى طوائف وشيع متقاتلة ومنشغلة عن أي شأن آخر بما في ذلك القضية الفلسطينية ونصرة الشعب الفلسطيني والأقصى والمسرى، وتتركه يصرخ ياوحدنا.


و العامل الثالث السياسة العنصرية البغيضة التي تتعامل بها حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية مع الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال من استيطان، وقتل في الميدان، واعتقال وأحكام بالسجن لعشرات السنين على خيرة شباب فلسطين، ومصادرة الأرض، و تدمير المزروعات، واقتلاع الأشجار، وتكثيف الحواجز، وضرب الاقتصاد الفلسطيني، وحصر التجارة الخارجية معها أو من خلالها، و بناء الجدران العنصرية، وتنغيص حياة الشعب الفلسطيني، وإدارة الظهر للسلطة الفلسطينية  والمفاوضات، وحقوق الشعب الأساسية وغير القابلة للتصرف.

 

والعامل الرابع ضعف الارادة الدولية بالضغط على المحتل الإسرائيلي؛ لإنهاء احتلاله للأرض والشعب الفلسطيني ووقف الاستيطان ومجمل الإجراءات العنصرية التي تمارسها حكومة اليمين الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو.

 

ولعل العلاقة الأمريكية – الإسرائيلية الخاصة جدا هي التي تقف عائقا أمام تسوية عادلة للصراع الفلسطيني– الإسرائيلي، وإطفاء الحرائق التي تجتاح المنطقة العربية. فالكونغرس الأمريكي ليس غير قاعة خلفية يتردد فيها صدى قرارات الكنيست الإسرائيلي الأكثر تطرفا في هذه الدورة في تاريخ دولة الاحتلال، وهو يستمع إلى تصريحات المتطرف ليبرمان، والمتطرف بينت، أكثر من خطاب رئيس الولايات المتحدة أوباما، ووزير خارجيته كيري في شأن الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.

 

ومن تعتبره إسرائيل عدوا لها، أو خطرا على أمنها أو أي شأن من شؤونها يعتمده الكونغرس عدوا وخطرا على أمن الولايات المتحدة ومصالحها الاستراتيجية في العالم، ويلزم الإدارة الأمريكية باتخاذ قرارات عقابية على هذه الدولة أو تلك المجموعة، بل لقد تعدت العلاقة الإسرائيلية – الأمريكية حدود العقاب لتتحول إلى وسيط مؤثرعلى قرارات أمريكية تخص دولا تلجأ إلى إسرائيل طالبة هذه الوساطة، أو خدمة ما مقابل موقف او علاقة ما كثيرا ما تكون على حساب القضية الفلسطينية. والمفارقة في هذه العلاقة الأمريكية -الإسرائيلية أن الطرف المتلقي للمساعدات في جميع المجالات العسكرية والمالية والسياسية والدبلوماسية والمتملص من العقوبات الدولية لخرقه حقوق الإنسان وانتهاج سياسة عنصرية في الاراضي الفلسطينية المحتلة (وهو هنا إسرائيل)، وهو من يتحكم بالقرار الأمريكي ويسيطر على أعضاء الكونغرس. لقد حاول الرئيس الأمريكي أوباما في ولايته الأولى أن يتمرد على هذه المعادلة ونشط في مساعيه لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بما يكفل لإسرائيل أمنها ووجودها، وتطبيع علاقتها مع محيطها من خلال حل الدولتين، إلا أن سياسة هذه جوبهت بصد قوي ومتواصل من حكومة إسرائيل دفعه إلى الانكفاء على ذاته، وترك لوزير خارجيته كيري إدارة مفاوضات جشيه، التي لم تسفر عن شيء سوى عن تسريع وتيرة الاستيطان و نهب الأراضي الفلسطينية  وبناء الجدران العنصرية ، واليوم والرئيس أوباما في أواخر أيام وجوده في البيت الأبيض يتجنب أي شكل من أشكال الماجهة مع حكومة نتنياهو أو أي من وزرائها المتطرفين الذين تنال ألسنتهم بالسوء رئيس الولايات المتحدة وإدارته. فقد آثر أوباما أولا أن يخرج من البيت الأبيض سليما وصديقا لإسرائيل وليس مثخنا بالخروج ومعاديا لإسرائيل أو اليهود فيها أو في الولايات المتحدة. وثانيا حتى لا يؤثر على خطوط مرشحة حزبه الحزب الديمقراطي خليفته ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون في الوصول إلى البيت الأبيض الذي سبق وأن عاشت فيه لثماتي سنوات كسيدة أولى ثم كوزيرة للخارجية في عهد أوباما.

 

ولاتترك اسرائيل واللوبي اليهودي المؤثر في الولايات المتحدة الأمور في عام الانتخابات للصدفة، أو للاختيار الحر للشعب الأمريكي لرئيسه سواء كان ديمقراطيا أو جمهوريا، فالسيدة كلينتون مجربة وموثوقة في صداقتها لإسرائيل وهي صهر لهم،  أما المرشح الملياردير ترامب فقد وضع من اليوم الأول لترشحه لمنصب الرئاسة على خشبة الترشح ورقبته تحت المصقلة لابتزازه وكبح جموحه الذي ظهر في بعض تصريحاته و تدجينه ليدخل بيت الطاعة الإسرائيلي قبل أن يدخل البيت الأبيض.

 

و تربط الدعاية الإسرائيلية ووسائل الإعلام ورجال العمال الإسرائيليون بين خطر ترامب المتوقع كخطر واحد من الشعب الأمريكي والشعب الإسرائيلي.

 

و سواء وصلت السيدة هيلاري أو السيد تامب إلى البيت الأبيض فإن قضيتنا في فلسطين وصراعنا مع المحتل سيبقى على الرف الأمريكي عاما كاملا على الأقل، و البديل الذي تسعى إليه القيادة الفلسطينية خلال هذا العام هو استمرارها في بذل الجهود لإنجاز مصالحة فلسطينية  فلسطينية، لم تشمل العرب ووقف سفك الدماء في العراق وسوريا واليمن وليبيا وتونس وغيرها من دول العرب، والوصول إلى حالة من التعايش المجتمعي للنهوض بهذه الدول وشعوبها لتعود إلى دورها المنشود في وحدة الصف العربي، ودعم القضية المركزية للأمة العربية التي بات مصيرها مجهولا، ووجودها مهددا. ولا بأس أن تتحرك الدبلوماسية العربية وما تبقى منها لشرح خطورة الوضع في الشرق الأوسط بسبب السياسات العنصرية الإسرائيلية، وضرورة التخلص من التطرف والإرهاب الذي بات في مرحلة النهائية بعد أن فتك بالأمة وشوه صورة العرب والمسلمين في العالم ولم يثمر سوى الخراب في الدولة القطرية العربية، وتشرد ملايين العرب والمسلمين في شتى الأقطار وامتدت آثاره إلى دول غربية. كنا نأمل أن تلعب دورا في إحياء عملية السلم ونفخ الروح في حل الدولتين، وإذا بها تتحول إلى ساحة من ساحات العنف والإرهاب وقتل الأبرياء والسواح في الشوارع والمطارات والشواطئ والحافلات.