الخميس  18 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة "الحدث"| اعتبرونا قرود يا أخي

2016-08-24 01:19:10 PM
متابعة

 

الحدث - أحمد بعلوشة

 

جوقة جابت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بعد نشر خبر حول نقل بعض الحيوانات من حديقة حيوان في خانيونس جنوب قطاع غزة لعلاجها في محمية طبيعية بالأردن وبعض دول إفريقيا، حيث تم نقلها عبر حاجز بيت حانون إيرز الفاصل بين غزة والأراضي المحتلة.

 

الكثير من النشطاء كتبوا عبر صفحاتهم على فيسبوك عبارات تهكمية ساخرة، وأخرى غاضبة، ليس عن فكرة نقل الحيوانات وحصولها على حقها في العلاج والحياة، وإنما عن عدم قدرة المواطنين في غزة على التنقل والسفر للخارج سواء، للعلاج أو التعليم أو الاستجمام، وهو حق كفلته كافة الشرائع والمواثيق الدولية، إلا أنَّ أهالي غزة يعانون حصاراً خانقاً منذ تسع سنوات، إضافة إلى إغلاق منفذ رفح البري الواصل بين القطاع ومصر منذ عدة أشهر أمام المسافرين، ولا يتم فتحه إلا في حالات لا تتجاوز في عددها أصابع اليد، مع إغلاق لحاجز إيرز الذي يصعب السفر بواسطته ويتطلب إجراءات معقدة.

 

بعض المدونين كتبوا على صفحاتهم في فيسبوك: اعتبرونا قرود، فنحن أيضاً بحاجة للسفر! في إشارة إلى أنَّ المنظمات التي تهتم بنقل الحيوانات من قطاع غزة، تنسى أن هناك مليوني إنسان يقبعون في سجن غزة منذ سنوات طويلة دون أن ينظر لهم أحد.

 

 

هادي العجلة، أكاديمي فلسطيني ترك غزة قبل أحداث الانقسام الفلسطيني عام 2007، ويعيش حالياً في كندا، يقول لـ"الحدث": "عندما يتمنى ما يقارب المليوني شخص فى غزة أن يكونوا قردة؛ فاعلم أنَّ الحالة الاجتماعية والسياسية وصلت لأبعد من مجرد حصار سياسي وإنما سلخ الإنسان عن إنسانيته، لم أرَ في حياتي - فعلاً- أناساً تتمنى أن تصبح قروداً من أجل نيل حريتها"، ويضيف العجلة: "هذه الأمنيات صدرت عن سكان وشباب غزة بعدما قامت إحدى الجمعيات بزيارة حديقة حيوانات غزة واصطحاب من فيها من قرود للعلاج ولفترة نقاهة فى الخارج. المشكلة الكبرى أن: "الشباب يتمنون أن يكونوا قردة لأنهم أصبحوا عبيداً مرهونين لأهواء سياسية".

 

ويتابع العجلة لمراسل "الحدث": "تخيل معي أنَّ من ولدوا سنة 2006 وأصبحت أعمارهم 10 سنوات لا يعرفون أنَّ الكهرباء من الممكن أن تستمر أكثر من 8 ساعات يوميًّا؟ هل تعلم أن هناك شباب من غزة أعمارهم ما بين 18-25 لا يعرفون طعم السفر أو شعور ركوب الطائرة، أو حتى قيادة السيارة أكثر من 15 دقيقة نظراً لصغر حجم السجن، سجن قطاع غزة، وهناك من لا يعرف بوجود بحار أخرى وعالم آخر، لا يشاهدون الحب والسفر والطبيعة، وأمامهم فقط صوت القنابل والصواريخ. ويردف العجلة: "نعم.. لو كنت فى غزة لتمنيت أن أكون قرداً حتى أتمتع بالحرية التى منحت لي، بعيداً عن هذا السجن".

 

وفي محاولة الحدث لنقل رأيها، قالت آية كريرة: "ليس لدي إجابة على سؤالكم، ولكن ما أستطيع قوله هو أننا بائسون لا محالة، وهناك سنوات تضيع على حساب شعب بأكمله".

 

أما الدكتور محمد مهنا، وهو طبيب عام، فيقول من جهته لـ "الحدث": " تحويل الحالات المرضية إجمالاً له سبب وهو عدم توفر الإمكانيات اللازمة لمعالجة بعض الحالات المرضية المستعصية، ولكن ما يحصل هو العكس تماماً، إذ أنه يتم تحويل حالات لا تستحق التحويل على حساب الحالات المرضية الأخرى، فيفقد الكثير من الناس حقهم في السفر"، ويتابع مهنا: "ليس غريباً أن يتم تحويل الحالات المرضية للحيوانات، فهو حق لكافة الكائنات التي تستحق الحياة، ولكن الفرق أنك لن تجد حيواناً سليماً يأخذ فرصة حيوان آخر يستحق العلاج". واختتم مهنا: "أشعر بالخجل إزاء الحالة التي يعيشها الفلسطينيون في غزة، ليس هناك أدنى احترام لآدمية الناس وحقهم في الحياة".

 

وفي الإطار، تشير حنين القيشاوي إلى أنها أيضاً تشعر بالغيرة وتتمنى لو تستطيع السفر من غزة، سيما وأنها تشعر بأن حريتها مسلوبة في ظل عدم قدرتها على تقرير الوقت الذي من الممكن أن تسافر فيه، وتضيف: "جميعنا يحتاج السفر خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها غزة، ونحن نشعر بالاستفزاز حين نشاهدهم بأعيننا يدعون الرحمة والإنسانية ويتناسون وجودنا، وكأننا بكتيريا لا تُرى بالعين المجردة. كل يوم يتولد لدينا شعور مؤكد بأن هذا العالم مدّعٍ، وهذه المنظمات كاذبة ولا تقدم سوى الفراغ". وتضيف القيشاوي التي تعاني من كيس دهني في عظمة اليد: "سيقومون بعلاج يدي هنا في غزة، وكل مستشفى تقوم بتشخيص الحالة بشكل مختلف، ما يعني عدم وجود خبرة وتقنيات كافية لعلاجها، وأنا قلقة جداً حيث أن هناك سوابق كثيرة لمواطنين فقدوا أطرافهم وحياتهم نتيجة الإهمال الطبي، فأين هم مدّعي الإنسانية من الإنسان الذي يحتاج إلى علاج؟".

 

في الوقت الذي تحاول فيه المنظمات الدولية أن تبرز للعالم مدى إنسانيتها وذلك من خلال العناية بالحيوانات وعلاجها وإنقاذها من أماكن الهلاك التي تتواجد فيها، تسقط أقنعتها أمام ترك مليوني غزي في قطاع غزة لا تتوفر لهم أدنى مقومات الحياة الآدمية الكريمة، لتسقط الأقنعة التي تدعي إنسانيتها، ويتمنى الناس "لو أنهم قرود".