الأربعاء  24 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

هل فجر الـ" بجاجله" القنبلة النوويه الفلسطينيه؟ بقلم- د. باسم خوري

2016-11-28 08:20:51 PM
هل فجر الـ
د. باسم خوري

الحدث

 

افتخرت دوماً باني دائم التفاؤل بغلبة العقل والمنطق، ولكن ما أشاهده وأسمعه يومياً من أخبار عالمنا العربي والإسلامي محبط للغايه، وفي هذا السياق فإن وصف الكاتب جميل مطر في الشروق المصريه الحال العام لأمتنا دقيق، إذ كتب: "حقيقة الأمر هي أن البعض منا وربما صار أغلبية في قومه، وبينه حكام ومحكومون، لم يعد يستـــخدم العقل" وأضاف "هم لم يقــــرأوا أو يطلعوا أو يــشاهدوا الواقعة ولكنهم جاهزون فورا للتعليق والحكم عليها". 

 

يوم الاثنين ٢٨ تشرين ثاني كان حافلاً، الرعيل القديم مشغول بموت كاسترو وإرثه وانجازاته وإخفاقاته! واهلنا في الداخل يجتهدون  لصد الهجوم الفاشي الجديد / القديم، قلقون على مستقبلهم، فإسرائيل، وبعد نجاحها، هى ومن نهج نهجها في المنطقة والعالم، بحرق منطقتنا في حروب طائفية / مذهبيه / تكفيرية أعادت العرب والمسلمين إلى الوراء لقرون، تشهر سلاح العنصرية مجدداً بعد موجة الحرائق، بينما يهلل "المناضلون" على الفيسبوك لـ"انتفاضه الحرائق"! متناسين ان أشجار بلادنا عزيزه علينا وأن المالك الحقيقي للأرض والبيت لا يحرقهما!!  

 

أما داخلياً فالأضواء مسلطة على مؤتمر حركه فتح السابع، فبدل ان يكون المؤتمر رافعة للعمل الوطني الفلسطيني في مواجهة الاحتلال وسياسات التطهير العرقي، تحول الى نقاش حول الحضور، والمعسكرات المختلفة وماذا سيفعل فلان أو ابو علان من الغائبين أو بالاصح المفصولين!؟ انا لست فتحاوياً ولكني أؤمن بأهميه ودور فتح التاريخي والمحوري في النضال الوطني الفلسطيني، وبالتالي افجع  لما ارى.

 

نسياننا للجوهر وتركيزنا على الحيثيات الصغيرة وال"الافتاء" حولها زاد من اكتآبي، لذا بعد انتهاء يوم العمل الحافل بالاجتماعات الداخلية والخارجية، حضّرت نفسي نفسيا لقضاء أمسيه هادئه مع أحد الأصدقاء، الى ان وصلني اتصال أعاد الدم الى العروق. أبلغني صديقي من بيت جالا بالأخبار التي وصلته من سانت ديجو في جمهوريه التشيلي بأن سته جذورهم من مدينه بيت جالا، وبدعم من مجموعه من السياسيين والبرلمانيين والحقوقيين الدوليين، قدموا دعوه في محكمه سانت ديجو المركزيه ضد  قضاه محكمه العدل العليا الاسرائيليه الذين رفضوا التماس المتضررين المقدم من أصحاب الاراضي وأعطوا الضوء الأخضر لإسرائيل لبناء الجدار في كريميزان على أراضي بيت جالا. 

 

اقامه الجدار وبناء المستعمرات بحسب القانون الدولي وحسب قرار محكمه العدل الدولية هي جرائم حرب يعاقب عليها، ومع هذا ما زالت إسرائيل  والغالبية العظمى من مواطنيها، تضرب القانون الدولي بعرض الحائط، أذ قام الاسرائيليون حكومهً وشعباً وجهاز قانوني بتصديق الكذبه التي كذبوها وهي بإنهم على حق، وان الأرض لهم، بالتالي تصرفون كما يحلو لهم، متوهمين بان يد العداله لن تتمكن أبدا من النيل منهم لأنهم "شعب الله المختار، وطفل الغرب المدلل ولتوهمهم بأن يهود العالم أجمعين سيضعوا كافه إمكانياتهم لدعم اسرائيل ظالمه ام مظلومه!   

 

انتقاء جمهوريه تشيلي جاء لعده أسباب: اولا، تشيلي دوله تعتمد في قانونها مبداء الأختصاص العالمي او ال universal jurisdiction اي محاكمها تقبل الاستماع والحكم بقضايا وجرائم حدثت خارج حدودها وهذه الامر ينطبق على عدد كبير من دول العالم. ثانيا، تشيلي دوله تعترف بفلسطين كدوله كامله الحقوق والامتيازات الدبلوماسية وعلى رأسها الحق بسفارة، أي تعترف بشكل كامل بالسيادة الفلسطينيه على كامل الارض الفلسطينيه المحتله عام ١٩٦٧، وترفض الاحتلال وسياساته التوسعيه والاستعمارية. ثالثا، تاريخ تشيلي وحكم العسكر حافل بدمويته وفاشيته مما دعا الشعب هناك لإعتماد دستور وقوانين تحرم أي أساءه لحقوق الانسان.

 

تشير الحيثيات والتطورات المتوقعه للقضيه أن المحكمه، وبعد قبولها النظر بالدعوة، ستطلب حضور المدعى عليه، وكما هو متوقع، سيرفض الحضور طوعا، مما سيؤدي بالسلطات في دوله تشيلي الى أصدار مذكره جلب بحقه بواسطة البوليس الدولي "الإنتربول" مما سيعني تحول أحد اكبر رموز العداله في اسرائيل الى مطلوب دولي للعداله والى سجين داخل اسرائيل، غير قادر على السفر على الإطلاق. أما الموضوع الأهم هو أن المحكمه في تشيلي، ولكي تضمن تحقيق العداله، تستطيع في إذا لم يحضر المدعى عليه، تحويل القضيه الى محكمه الجنايات الدولية في لاهاي. 

 

الرمزية في هذا الامر كبيره للغايه: أهم الاشخاص في جهاز القضاء في الدوله التي تفاخر بأنها "الديمقراطيه الوحيدة في الشرق الأوسط" يواجهون الإدانه كمجرمين دولين!! هذا الامر يمكنه ان يرفع الغطاء عن اسرائيل وسيدفع كافه الاسرائيليين للتفكير ملياً بعواقب أعمالهم. أذ لن يسلم من العقاب من خطط أو نفذ أو ساهم أو حمى أو أعطى الغطاء للجريمه! 

 

تساءلت لماذا القاضاه؟ وليس حكومه إسرائيل، الإجابة أن للحكومات ورئساءها حصانه،  وقد تتذرع اسرائيل بالأمن وتحاول تحويل الموضوع الى جدال سياسي. التركيز على القاضاه إضافه الى رمزيته وقدرته على رفع القناع وسحب الشرعيه عن النظام القضائي الإسرائيلي، يؤكد ان القضيه برمتّها مسأله سياده القانون وبيقى الهدف إحقاق الحق والنيل ممن يعطي الغطاء لمن ينفذ جرائم ضد الإنسانيه. النصيحه الوحيدة لكافة ال"قضاه" في اسرائيل هي مراجعه ماضيهم. الغالبيه العظمى منهم، ان لم يكن جميعهم اتخذ قرارات تصنف بالقانون الدولي كتغطية على "جرائم حرب". لذا إذا ما أرادوا السفر الى الخارج، كما هي عاده الطبقه الوسطى من الإسرائيليين الذين يسافرون بالمعدل اكثر من ٣ مرات سنوياً، أن يفعلوا ذلك الان. بتقدير المختصين  لن يستطيع هؤلاء ال"قاضاه" السفر مستقبلا! والحبل على الجرار كما يقول مثلنا الشعبي الفلسطيني، عندها سيشعرون جميعا شعور ملايين الفلسطينيين الممنوعون من السفر الحر بقرارات حكومات "ديمقراطيه" وتسانده قرارات محاكم عليا "شرعيه"!   

 

أورد أحد المصادر المطلعه والمقربة من صناعه القرار الفلسطيني أن مصطلح "السلاح النوويه الفلسطيني" استخدم عام ٢٠١٤ من قبل  دبلوماسي كبير من الولايات المتحدة لوصف التوجه الى المحاكم الدولية ضد اسرائيل وسياساتها في فلسطين. بتقديمهم لهذه الدعوه تم تبيان الطريق، وتم إثبات ان المحاكم الدولية سلاح حقيقي في مواجهه الاحتلال، وحتما سيسلكه كثر آخرون، أذ أتوقع أن تشهد الأسابيع القادمه العديد من القضايا المشابهه في كافه بقاع الارض. 

 

ان وصف الكاتب جميل مطر ينطبق اليوم على الإسرائيليين. فمعظمهم يرتكبون الجريمه ويتصرفون وكأنهم "لم يقــــرأوا أو يطلعوا أو يــشاهدوا الواقعة". ليس سرا ان شعوري باليوفوريا منعني من النوم!!!! أخيراً عشنا وشفنا! تحيه الى كل شهداءنا الأبرار، تحيه الى أسرانا البواسل، تحيه الى اهلنا في تشيلي والى كل المدافعين عن العدل في العالم، تحيه لكل مناضلينا وخصوصاً هؤلاء ال"بجاجله" الذين ضغطوا على "الزر" وفجروا القنبلة!  حقا انه يوم عظيم لشعبنا. 


 

باسم خوري: لاجيء من قريه المجيدل الجليليه، مواطن مقدسي ناشط في مجال حقوق الإنسان