السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

العدد 76 | تلميح إسرائيلي بإمكانية إصدار تصاريح لعمال من قطاع غزة للعمل في اسرائيل

2016-12-20 06:12:36 AM
 العدد 76 | تلميح إسرائيلي بإمكانية إصدار تصاريح لعمال من قطاع غزة للعمل في اسرائيل
عامل من قطاع غزة (صورة: محمد سالم- رويترز)

 التفاصيل ما زالت مجهولة والعمال يتشبثون بالأمل

 

سامي العمصي: ما يُطرح حاليًا في الإعلام الإسرائيلي، إدخال العمال الفلسطينيين إلى مستوطنات غلاف غزة، لكننا نأمل وصولهم لأبعد من ذلك

 

محمد أبو جيّاب: جهات دولية وأممية تضغط على إسرائيل لتحسين الواقع الاقتصادي لسكان قطاع غزة، وبوادر رد إيجابي باستعادة النشاط العمالي

 

 

غزة- محاسن أُصرف

 

على وقع التصريحات التي نشرتها القناة الإسرائيلية العاشرة بخصوص دراسة الحكومة استعادة النشاط العمالي بين غزة واسرائيل، انفرجت أسارير العمال الفلسطينيين الذين يرون أن العمل في الداخل المحتل هو المخرج الأكثر جدوى لأزماتهم الاقتصادية نتيجة تعطلهم عن العمل في ظل ضعف عمليات التوظيف في القطاعين العام والخاص في غزة المُحاصرة.

 

وقالت القناة الإسرائيلية العاشرة: "إن حالة الهدوء التي يشهدها غلاف غزة في الآونة الأخيرة أحد أهم الأسباب التي دعت الحكومة إلى التشاور مع مجلس المستوطنات لإعادة إدخال عمال قطاع غزة والاستفادة من خبراتهم في القطاعات الاقتصادية المختلفة"، لكن مراقبين فلسطينيين أكدوا في لقاءات منفصلة مع "الحدث" أن جهات دولية أُممية، وأخرى فلسطينية رسمية تُمارس منذ فترة ضغطًا على الاحتلال الإسرائيلي من أجل التخفيف من واقع المعاناة التي فرضها الحصار على سكان القطاع منذ عشر سنوات، وقالوا: "إن التصريحات الإسرائيلية الأخيرة تُشير إلى استجابة حكومة نتنياهو للضغوطات"، لكنهم حذروا من أهداف خفية قد يحملها هذا التلميح وشددوا على ضرورة أن تضع الجهات الفلسطينية والأممية التي تُدير المباحثات مع الجانب الإسرائيلي عددًا من الضمانات الأمنية التي تحول دون محاولة الاحتلال استغلال العمال لتجنيدهم للعمل لصالحها تحت وطأة حاجتهم الاقتصادية.

 

"الحدث" في سياق التقرير التالي تُفسر أسباب التلميح الإسرائيلي بعودة عمال قطاع غزة للعمل في اسرائيل، وتبحث مع مختصين النتائج المترتبة عليه على المستويين الاقتصادي والأمني.

 

تصريحات نأمل أن تُترجم واقعًا

 

يأمل العمال في قطاع غزة أن تُترجم التصريحات التي تُشير إلى استعادة النشاط العمالي بين غزة واسرائيل، وأن يتخلصوا من شبحي الفقر والبطالة الذين لازماهما منذ انتفاضة الأقصى عام 2000، وتفاقما بعد الحصار الإسرائيلي عام 2006 عشية فوز "حماس" بانتخابات المجلس التشريعي.

 

العامل رائد كيالي (45 عامًا) أكد لـ "الحدث" على أهمية الخطوة في إنعاش حياة العمال الفلسطينيين بعد أن وأدها الحصار الإسرائيلي، وإغلاقه باب العمل داخل الأراضي المحتلة عام 48 في وجه الفلسطينيين منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، لاعتبارات أمنية، وقال كيالي، الذي يعمل في مجال البناء والتشييد: "إن الأوضاع التي مر بها القطاع على مدار السنوات العشر الماضية أنهكت العمال ورفعت نسبة الفقر بينهم، حتى أن غالبيتهم باتوا يعتمدون على المساعدات الإغاثية التي تُقدمها المؤسسات الدولية في قطاع غزة"، ويأمل أن تصدق تلك التصريحات وتُنفذ على أرض الواقع، خاصة في ظل عدم تنفيذ تصريحات سابقة أعلنت عنها إسرائيل، يقول: "إنه والكثير من العمال ينتظرون بشغف أن تُترجم التصريحات واقعًا".

 

من جهته رأى سامي العمصي، رئيس اتحاد النقابات العمالية في قطاع غزة أن التسهيلات التي يزعمها الاحتلال ما زالت تصريحات إعلامية لم تصل إلى حيز التنفيذ على أرض الواقع، وقال في تصريحات خاصة لـ"الحدث": "إن جهات رسمية فلسطينية بالتعاون مع جهات أممية تقوم بمباحثات مع الاحتلال الإسرائيلي لإعادة إدخال العمال الفلسطينيين للعمل في الأراضي المحتلة عام 48"، وأضاف: "أنه حتى اللحظة لم يصدر أي قرار عن الجهات المُخولة بإصداره" لافتًا إلى أن هناك العديد من الموضوعات التي تتم مناقشتها على الطاولة، منها مبيت العمال وأعدادهم والقطاعات التي سيعملون بها والنطاقات الجغرافية التي سيُسمح لهم بالوصول إليها في الداخل المحتل، وتابع: "ما زلنا بانتظار الرد الإسرائيلي".

 

ويذكر "العمصي" أن هناك حالة من التوافق، حسب التصريحات الإسرائيلية، على إدخال العمال الفلسطينيين إلى مستوطنات غلاف غزة فقط، وهو الأمر الذي يجعله يُقلل من إمكانية أن تُحقق عودة العمال إلى الداخل المحتل عام 48، حالة انتعاش فوري في الحالة الاقتصادية في قطاع غزة خاصة وأن الأعداد أيضًا ما زالت مجهولة، وكذلك لمعرفته بحدود المستوطنات في غلاف غزة ونطاقات العمل فيها والتي ترتكز على القطاع الزراعي ولا تستوعب أكثر من خمسة آلاف عامل مقارنة بأعداد العمال المتعطلين الذين يفوق عددهم 120 ألف عامل، وقال: "قبل عامين توصلت الشؤون المدنية الفلسطينية إلى اتفاق مع الجانب الإسرائيلي بعودة آلاف العمال الفلسطينيين إلى العمل في الداخل المحتل، ولكن المفاجأة كانت في أن العدد الذي عاد لم يصل إلى 150 عاملًا، لافتًا إلى أنه في ظل ذلك ستقتصر الجدوى الاقتصادية على العامل وأسرته، بعكس إذا ما كانت الأعداد في ازدياد ونطاقات العمل تتعمق في المناطق الشمالية وعدم محدوديتها على مستوطنات غلاف غزة، فهذا يُحدث فرقًا في مستويات الفقر والبطالة لدى العمال بالإيجاب عبر خفض معدلاتها، ومن ثمَّ سينعكس أيضًا على تنمية الحالة الاقتصادية للقطاع بشكل كامل.

 

نتاج جهود دولية وأممية

 

وبينما قلل ماهر الطبّاع، الخبير بالشأن الاقتصادي، من إمكانية تنفيذ التلميحات الإسرائيلية باستعادة النشاط العمالي بين غزة والداخل المحتل، ورفض الحديث عن نتائجها الإيجابية على واقع العمال الفلسطينيين والاقتصاد الغزي بشكل عام، إلا عندما تنفذ على الأرض، مُعللًا ذلك باستمرار إجراءات التضييق الإسرائيلي سواء بفرض الحصار أو إغلاق المعابر في وجه البضائع أو حتى في وجه التجار ورجال الأعمال واعتقال أعداد كبيرة منهم، قائلًا: "إنّه لا يُمكن الحديث عن جديّة في القرار الإسرائيلي في ظل المعطيات السابقة"، رأى محمد أبو جيّاب، المحلل الاقتصادي، أن التلميحات تنطوي على إيجابية مُبشّرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدًا أن التلميح الأخير لم يكن إجراءً إسرائيليًا خالصًا، بل كان نتاج جهد دولي وأممي يتم في الخفاء من أجل تحسين الواقع الاقتصادي والأمني في قطاع غزة، وأشار إلى أن الجهد الدولي المبذول في إطار التخفيف من الأوضاع الاقتصادية المأساوية في قطاع غزة مدفوع بهواجس أمنية، وقال: "إن إسرائيل تتعاطى مع استعادة النشاط العمالي بين غزة والأراضي المحتلة في هذا النطاق، وتتجاوب تحت هذا المبدأ"، مضيفا أن الأمر يحتاج إلى المزيد من الوقت، خاصة وأن إسرائيل تُناقش كثيرًا ومُطولًا في ظل مخاوفها الأمنية وتريد الكثير من الضمانات والإجراءات الحامية والضابطة لأمنها بعيدًا عن الإخلال قائلًا: "إن الضامن ألّا تخل هذه الحالة الجديدة بحالة الأمن الإسرائيلي".

 

وفيما يتعلق بالنطاقات الجغرافية التي يُمكن للعمال الفلسطينيين من القطاع الدخول إليها، رفض "أبو جيّاب" القول بتحديد دخولهم إلى مستوطنات غلاف غزة فقط، وقال: "إن ما يجري حاليًا هو نقاش للوصول إلى قرار بإدخال العمال أولًا"، وتوقع أنه إذا وافقت إسرائيل على مبدأ دخول العمال إلى الأراضي المحتلة عام 48، فلن يكون هناك حدود للدخول لأن من يدخل مستوطنة كفار دروم أو العين الثالثة في غلاف غزة كأنه دخل تل أبيب بحسب الحس الأمني الإسرائيلي.

 

تفاصيل ما زالت خاضعة للنقاش

 

وفي سياقٍ متصل كشف "أبو جيّاب" أن النقاشات التي تُدار مُباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي تتمحور حول آلية إقامة العامل مكان عمله أو السماح بذهابه وعودته يوميًا، بالإضافة إلى الحالة التشغيلة بمعني هل سيتم استدعاؤه من قبل المشغل الإسرائيلي بينما هو في غزة أم أنه سيدخل عبر مواقف العمل كما كان سابقًا، مؤكدًا أن الفريق الأول يُشكل فئة قليلة من العمال تنحصر فيمن بقوا على تواصل مع مشغليهم من أصحاب الشركات والمصانع التي كانوا يعملون معها قبل عام 2000، وقال: "هذا المبدأ هو الذي سيحكم الاتفاقية التقنية والفنية لعملية إدخال العمال".

 

وفي حديثه عن الأعداد التي يُمكن أن تدخل في ظل تلك التقنية أكد "أبو جيّاب" أن البداية قد لا تشهد دخول أكثر من 500 عامل كمرحلة تجريبية لفحص مدى الجدية من قبل الفلسطينيين والتزامهم بالإجراءات الأمنية التي تُريدها إسرائيل، وتابع أنه في ظل النتائج سيكون القرار الحاسم من قبل إسرائيل إما بالانفتاح الكبير أمام العمالة الغزية أو لا.

 

محمد  ابو جياب غزة اقتصادي

محمد ابو جياب

 

وحسب قراءته للحالة الإسرائيلية يرى "أبو جيّاب" أن إسرائيل متلهفة لاستقطاب العمالة الغزية في ظل انعدام الكفاءة والقدرة الإنتاجية للعمالة التايلندية والإيرلندية وبعض العمالات الدولية التي تستقطبها إسرائيل، ما يُشير إلى أن المنفعة ستكون مشتركة للجانبين.

 

وعلى الرغم من إقرار أبو جيّاب بأهمية الخطوة وأثرها الاقتصادي على المدى البعيد أكد أن الأثر الأولِّى والذي سيكون محدودًا بعدد قليل قد لا يتجاوز الـ 500 عامل سينعكس بشكل محدود جدًا على تنمية الاقتصاد الغزي بدايًة، واستدرك: "لكنها ستكون بارقة أمل اقتصادية جديدة من أجل تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية في قطاع غزة، وقال إذا ما وصلت النقاشات إلى رؤية فلسطينية إسرائيلية برعاية أممية ترعى الاتفاق وتطور عليه من أجل ضم المزيد من العمالة سيكون علامة فارقة على الاقتصاد الغزي خاصة في ظل حصول العامل على أجر يومي يتراوح بين 500-600 شيكل وفقًا للحد الأدنى للأجور في إسرائيل، لافتًا إلى أن تلك الأجور ستُحدث نقلة نوعية استراتيجية على مستوى العيش الاقتصادي والاجتماعي للعمال وعائلاتهم خاصة إذا ما طورت بدخول آلاف العمال الفلسطينيين.

 

تحذيرات أمنية

 

وعلى الرغم من أهمية الخطوة في تحسين الواقع المعيشي والاقتصادي لسكان القطاع إلا أن الشخصيات التي التقتها "الحدث" عبّرت عن خشيتها من أهداف خفيّة للاحتلال من استعادة النشاط العمالي بين غزة والأراضي المحتلة عام 48، وتوقع "جمال عمرو" المختص بالشأن الإسرائيلي، أن يكون الهدف الإسرائيلي أمنيًا خالصًا عبر استغلال الحاجة الاقتصادية للعمال الفلسطينيين والعمل على تجنيدهم للكشف عن وضع المقاومة في القطاع التي استطاعت على مدار ثلاث حروب أن توجع إسرائيل بضربات نوعية أهمها خطف جنود، وقال: "يُخشى أن تستغل إسرائيل الأوضاع الإنسانية والاجتماعية لسكان القطاع"، وأضاف أنها بإدخال العمال ستضمن الإفلات من العقاب الدولي على جرائمها التي ترتكبها ضد الفلسطينيين هناك وستضمن تحسين صورتها أمام المجتمع الدولي.

 

وقلل عمر من الجدوى الاقتصادية التي ستُحققها استعادة النشاط العمالي بين غزة والأراضي المحتلة عام 48 مؤكدًا أن الأعداد ستكون قليلة جدًا لمن لديهم الكفاءة والقدرة الإنتاجية الأعلى من الفلسطينيين بما يضمن فقط عدم انفجار الأوضاع وعدم الدخول في مواجهة مسلحة جديدة مع حماس، مُشددًا أن الثمن الذي سيدفع الفلسطينيون سيكون باهظًا بتكثيف الاستيطان في القدس والضفة المحتلة.

 

وفي سياقٍ متصل قال "العمصي": "نتمنى ألا يكون هناك دوافع أمنية للاحتلال من وراء تلك الخطوة"، وشدد على ضرورة وضع بعد الضمانات الأمنية التي تُحقق عدم استغلال إسرائيل لحاجة العمال الاقتصادية من أجل إسقاطهم كعملاء.

 

وفي هذا السياق قال تقرير صادر عن موقع المجد الأمني في قطاع غزة أن عدد العملاء الذين حُكم عليهم بقضايا العمالة والتخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تراجع كثيرًا خلال العام 2016، وأوضح أن أسباب ذلك لا تعدو حالة الوعي الأمني لدي المجتمع الفلسطيني وتمسكه بحرية وطنه بعيدًا عن مغريات الاحتلال، وبيّن التقرير أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية استطاعت تطويق قضية العملاء بشكل كبير، ومنع تزايد العملاء، مما أثر على عمل المخابرات الإسرائيلية وأفشل مُخططاتها بالإطاحة بالمقاومة الفلسطينية خلال السنوات الخمس الماضية.

 

فيما طالب "أبو جيّاب" السلطة الفلسطينية والحكومة الفعلية في غزة والفصائل الفلسطينية وعلى رأسها "حماس" أن تُعطي الأمم المتحدة مزيدًا من نقاط الضغط على الإسرائيليين لتشغيل العمالة الغزية من خلال الإعلان الواضح والصريح لقبول دخول العمال من غزة إلى الأراضي المحتلة عام 48 دون أي معوقات أو شروط وألّا تستخدم إسرائيل الحالة الاقتصادية لعمال غزة لديها في الابتزاز والممارسات الأمنية والسياسية التي قد تودي بأمن المناطق الفلسطينية.