الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

سيجار نتنياهو.../ بقلم: نبيل عمرو

2017-01-10 04:55:07 PM
سيجار نتنياهو.../ بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

 

تباهي أوساط في إسرائيل بالشفافية المميزة للدولة العبرية على صعيد المساءلة وضمانات الحكم الرشيد!

 

اسحق رابين الذي كان قريبا من الأسطورة عند أجيال من الإسرائيليين، فقد موقعه بفعل مخالفة طفيفة، بأن وجد له عدة مئات من الدولارات في أحد البنوك، ورؤساء إسرائيليون ووزراء رئيسيون، كانوا أقرب إلى الأساطير في حياة الدولة العبرية، تمت "جرجرتهم" في المحاكم وإقصاؤهم عن مواقعهم، بتهمة التحرش مع الفتيات العاملات في مكاتبهم .

 

 وإذا ما راجعت كشوف السجون، فإنك تجد نظاما كاملا من عسكريين ومدنيين من رتبة رئيس دولة ورئيس وزراء وقادة أحزاب، يقضون عقوبات بتهم مختلفة، وذلك برسم الشفافية والحكم الرشيد.

 

ولقد عرفت إسرائيل كيف تسوق هذا الفساد شبه الشامل على أنه مزايا، واستطاع صاحب أطول عمر رئيس وزراء في إسرائيل، جرّاء معادلة الفساد والمساءلة أن يزعم دون أن يرمش له جفن بأن دولة إسرائيل صاحبة الرقم القياسي في فساد المتنفذين، هي الدولة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، ولأن كاميرا بيتسيلم التقطت صورة الإجهاز على الشهيد الشريف، فقد سوقت مساءلة الجندي القاتل كما لو أنها نموذج نادر لشرف البندقية والاحتلال والاستيطان، فها هي المحكمة تدين قاتل الجريح ، فصفق أيها العالم اجلالاً واحتراماً لنظافة يد الاحتلال وشرف بندقية المحتل، وعليك أيها العالم أن تحترم هذا النوع النادر من الديموقراطية ليس في الشرق الأوسط وحده وانما في العالم بأسره.

 

لدينا الآن خبرٌ له وجه سيء ووجه آخر جيد، السيء هو مواصلة ادعاء الديموقراطية المتفردة جنبا إلى جنب مع الاحتلال والاستيطان المتفردين في هذا العصر، اما الوجه الجيد فهو عدم تصديق العالم لإدعاء الديموقراطية، ولقد تجسد ذلك بالتصفيق المتحمس الذي قابل به جميع أعضاء مجلس الامن ادانة الاحتلال الإسرائيلي ، وإدانة الاستيطان كذلك.

 

سيجار نتنياهو وزجاجات الشامبانيا النادرة وتذاكر السفر واستضافات الفنادق، هي اقصى ما تسوقه الرواية الإسرائيلية من مآخذ على الحكم الرشيد والفريد في إسرائيل، وما هو غير ذلك من وقف نمو شعب يعد بالملايين وقهر أجيال واهانتهم، ويعدون بالملايين كذلك، واطلاق قطعان المستوطنين لاقتلاع الأشجار والتنكيل بالمزارعين، ومنعهم من الوصول الى مزروعاتهم ، فتلك أمور تأتي بالمرتبة الثانية أو الثالثة بعد سيجار وشمبانيا نتنياهو.

 

هنالك من يشتري بضاعة المسائلة والتحقيقات على انها مظهر ديموقراطي حضاري، وهؤلاء تجدهم بكثرة في الكونجرس الأمريكي وبعض الأماكن الأخرى في جهات متفرقة من العالم، إلا أن الذين يمتنعون عن شراء هذه البضاعة هم في ازدياد مستمر، واسألوا اول من تسألوا مثقفي إسرائيل وكتابها الذين يشعرون بالخزي لمجرد أن واحدا مثل نتنياهو امضى مئات الساعات امام الشرطة والمحققين منذ توليه رئاسة الحكومة، ورغم ذلك سجل رقما قياسيا بالبقاء في سدة الحكم كأطول عهد رئيس وزراء شهدته إسرائيل منذ تأسيسها وحتى اشعار آخر.