الخميس  18 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خاص "الحدث"| أهالي الجفتلك: مجهولون على الأرض معرفون في السماء (صور)

2017-02-05 12:06:19 PM
خاص
أهالي الجفتلك

 

الحدث- نور حمد 

 

نادتهم رغبة الرحيل أكثر من مرة، فالأسباب واضحة ولا تحتاج لكثير من الإسهاب، إلّا أن الكبرياء يمنعهم من حمل أمتعتهم القليلة والإتجاه إلى مدن تبتلعهم في صمت. تتعدد مظاهر إغراء الهجرة، لكن هذه الأرض تربطهم كما لو أنها جزء منهم.. حتى ولو كان حق كأس ماء يتطلب واجبًا لا يستحق كل هذا العناء.

 

الجفتلك القرية الواقعة شمال مدينة أريحا ضمن الأراضي المسمى "C" يحدها الشمال أراضي طوباس ومن الغرب نابلس، ومن الشرق نهر الأردن حيث تبعد 6كم، هذه المنطقة الاستراتيجية، يدور حولها، وفيها، صراعٌ غير مرئي، ولكنه مرير، يحتاج إلى صمود فعّال من أجل التغلّب على الغُزاة الجُدُد.. هذه الحرب الشرسة على الأرض والمياه، بدأت منذ اليوم الأوّل للاحتلال، وما زالت في أوجها.

 

في استضافةٍ بسيطة، بداية شهر شباط في المجلس القروي، بدأ الشاب الثلاثيني "عثمان" رئيس المجلس، حديثَه عن التاريخ والجغرافيا والمستقبل، وذلك خلال جولة #باص_السوشال_ميديا في البلدة إستغرقت نهارا كاملا، تناول عثمان فيها "لعبة الكَفِّ والمخرز"، بين الغازي وصاحب الأرض.. ولكن الكفّ التي تَفلَح وتزرَع وتغرس، تكون لها قدرة على هزمِ المَخرز. مشينا على الأقدام تحدثنا مع السكان نظرنا بكل المكان، مَزارِع النخيل تمتدّ على مدى البصر، وتبدو متداخلة بين مَزارِع وطنية، غُرِسَت ونَمَت بعَرَقِ المزارعين، دون دعم أو مساندة..

 

وأخرى مجاورة وَضَعت فيها سلطات الاحتلال إمكانيّة دولة.. ولكن إرادة الصمود تحدّت إرادة الدعم والمال من دولة الاحتلال لمزارعيها. في منطقة الجفتلك، كل شيء له علاقة بالصّمود الفعّال القائم على البناء، هو خطر على أمن "إسرائيل"وبالتالي، لا بد من وقفه . حفر بِئر ممنوع، تشييد بيت وإضافة بناء غيرمسموح، حتى إقامة حفرة لجمع المياه،محرمة بأمر من الأحتلال ؟!! في ظلّ هذ القسوة والممنوعات الكثيرة.. تبدو إغراءات الأرض أكبر.. تصبح رائحتها شيئاً من الإدمان.. وتزداد جذور الملاّك والمزارعين ترسّخاً في هذه الأرض.

 

حجم المعاناة..

 

 المشاكل الأكثر أهمية في الجفتلك هي أشياء أساسية متوفرة عند أغلبية الشعب الفلسطيني : العلاج الطبي المياه ،الكهرباء.. ففي الوقت الذي نستحم به بالشامبو هم لا يجدون المياه لري المزروعات التي نأكلها ،ولولا وجود بئرين ارتوازيتين، ربما إختنق المزارعون وهجروا أرضهم!. تعاني الجفتلك من إنقطاع مستمر من الكهرباء رغم أن الرئيس الراحل ياسر عرفات أصدر مرسوما بإعفائهم من الدفع ،تخيلوا منطقة يقطنها أطفال ونساء شيبا وشباب عددهم خمسة آلف أغلب وقتهم بدون كهرباء،الخدمات الصحية متردية، يقدمها مركز صحي وحيد لا يحتوي على سيارة أسعاف ويغلق أبوابه الساعة الثانية ظهرا مما يضطر أغلب الأهالي إلى معالجة مرضاهم والمصابين عند حاجز تابع لجيش الاحتلال.

 من يرفع الظلام وقسوة الحياة والضرر والفقر عن أهل هذه القرية ،الواقعة ضمن محافظة أريحا ،وكأنها نسيت من خارطة الوطن،من يخفف معاناة أهليها ويعيد الحياة لأراضيها الزراعية التي يدمرها تغيب المسؤولين من جهة والإحتلال من جميع الجهات.

 

 

الجفتلك تقاوم التغيب..

 

أخر زيارة خاطفة قامت بها الحكومة لهذه القرية كانت في العام 2013. نصيحة لكلِّ وطنيٍّ لم يتذوّق طعم الصّمود الحقيقي، ولكلِّ مسؤولٍ يتحدّث كثيراً عن القضية ،أن يقوم بزيارة، ولو ليومٍ واحد، إلى منطقة الجفتلك، وليحاوِل مرّة أو مرّتين أو ألف مرّة، أن يشمّ رائحة فلسطين في هذه الأرض.. فربّما عاد ليؤكّد أنّ طعم هذا الصّمود ليس له مثيل؟

 ماذا تعني زيارة مسؤول أو مسؤولين، لمزارعين تلوّحت بشرتهم بسمرةٍ من لون الأرض والسماء.. وتشقّقَت أيديهم من عَزْق الأرض التي يحرسها "إله الخصوبة".

 

وجوه باسمة لسعيها راضية

 

 رغم صعوبة الأوضاع التي يعيشها الأهالي إلا أن وجوههم البشوشة تعبر بشكل كبير عن بساطة المزارع الفلسطيني وارتباطه العميق بالأرض، ويحاول المزارعون بالجفتلك إستغلال أي فرصة لهم من أجل زراعة أراضيهم حتى لو كانت الخسارة نتيجة حتمية.

 

نودع الجفتلك تشكو همومها إلى خالقها وفينا شوق وحنين لأهلها وأرضها الخيرة، نسرق لحظات دافئة على وجوه أطفالها المعفرة بالتراب الاسمر. الجفلتك قرية فلسطينية نسيها الزمن وغفلت عنها عيون المسؤولين أليس كل راع مسؤول عن رعيتها؟.