الخميس  25 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

المستوطنون والسماسرة وسلوان.. متهم خفي ظاهر

2014-10-28 12:45:05 AM
 المستوطنون والسماسرة وسلوان.. متهم خفي ظاهر
صورة ارشيفية
 
الحدث – فرح المصري
استيلاء.. وسمسرة.. وتسليم.. وخيانة.. كلها معان لذات الموضوع في حال كان الكلام عن استيلاء المستوطنين على عدد من منازل وأبنية المقدسيين في سلوان جنوب القدس المحتلة. لكن الفرق أن المتهم واحد والمستفيد واحد.. وبينهما أيضاً شخص واحد لا أكثر.
تناثرت الكلمات والأقاويل في بادئ الأمر، لم يعرف أحد حينها أن عملية ذات بعد لا يوصف إلا بـ"الخيانة العظمى"، كما أجمعت عليه كافة القوى والأطر والأحزاب الفلسطينية، هي التي وراء ما يدور في سلوان، حتى أهالي البلدة ذاتها لم يخطر في بالهم، في البداية، أن شخصاً من بينهم يسعى لتحويل أملاك البلدة إلى الاحتلال الإسرائيلي وتسليمهم كافة أبنيتها على طبق من ذهب.
أبنية مُباعة، وأخرى قيد البيع، ليصبح العدد 60 بناية تحت قبضة الاحتلال ومستوطنيه، والأسلوب هذه المرة "قانوني" في حال سئل عنه حسب القانون، صاحب منزل باع منزله لسمسار، والأخير سلمها للمستفيد الذي لم يعرف عنه صاحب المنزل إن صدق، وهو الاحتلال الإسرائيلي بصبغاته المختلفة، سواء كانت جمعية أو مؤسسة، فكلها تدور حول بيع ممتلكات فلسطينية مقدسية والممول واحد "إسرائيل".
وفي السياق، يسعى الفلسطينيون، سواء المؤسسة الرسمية التي حذرت كل من قام بتسريب أو تأجير أو بيع الأراضي لدولة معادية أو أحد رعاياها بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة، واصفة إياها بـ"الخيانة العظمى"، فيما المقدسيون يسعون إلى التمسك بأرضهم ومنازلهم أمام عنجهية الاحتلال وقوانينه الجائرة بفرض العقوبات والضرائب الباهظة عليهم، في محاولة منهم لكسر شوكتهم ببيع أرضهم أو منزلهم لسمسار فلسطيني سيسلمها لهم بشكل "قانوني" بعيداً عن أي ملاحقة قضائية في المستقبل.
وفي هذا السياق، قال مدير مركز معلومات وادي الحلوة جواد صيام لـ"الحدث": "إن المستوطنين استولوا على بنايتين جديدتين كل بناية مؤلفة من 5 شقق سكنية في الحارة الوسطى ببلدة سلوان جنوب الأقصى، ليصبح  هناك نحو 60 وحدة سكنية استيطانية تم تهويدها في سلوان بأساليب مختلفة".
وأشار إلى أن البناية الأولى تعود للمواطن صلاح الرجبي، والثانية للمواطن عمران القواسمي، لافتاً إلى أن العائلتين باعتا عقاراتهما للمدعو "شمس الدين القواسمي" وهو المتورط بتسريبهما عن طريق البيع للجمعيات الاستيطانية".
وأضاف: "إن حكومة الاحتلال تدعم الجمعيات الاستيطانية المختلفة بهدف السيطرة على "الحارة الوسطى" في بلدة سلوان بدعوى أنه "إرث يهودي"، وبذلك ينفذ الاحتلال عدة طرق لتحقيق ذلك، ومنها الاستيلاء على العقارات بدعوى أنها أملاك يهودية قديمة، أو بحجة أنها أملاك الغائبين، أو من خلال عملية البيع والشراء من بعض النفوس الضعيفة".
وأكد أنه من الضروري محاكمة كل من يقوم ببيع أرضه إلى المستوطنين، منوهاً إلى أن أحد المتهمين الأساسين بتسريب منازل سلوان إلى الجماعات اليهودية الاستيطانية هو "فريد الحاج يحيى"، الذي أكد استعدادة للمثول أمام لجنة تحقيق وطنية فلسطينية للإدلاء بشهادته، مطالباً إياه بالقدوم إلى رام لله فوراً والمثول أمام لجنة التحقيق.
وكان قد نشر في صحيفة القدس في وقت سابق، إعلان من عائلة القواسمي لبيع بيتهم جاء فيه: "نحن ورثة المرحوم سعيد عبد الرحمن القواسمي، عمر وعمران وسكينة وعطاف وكريمة وعليا، وأبناء المرحوم يعقوب، سعيد وخضر ومحمد وعلي وسحر وسنا وعبير ورحاب، نعلن أنه تمت اتفاقية بيع بيننا وبين السيد شمس الدين محمد قواسمي من ورثة والدنا وجدنا في بيت في سلوان الحارة الوسطى، ومن الآن فإن السيد شمس الدين محمد قواسمي هو المتصرف والمالك لهذا البيت في سلوان من ناحية قانونية وعشائرية".
وفي السياق ذاته، أكد أحد أهالي سلوان، علاء خياط، "للحدث": "أن عمليات بيع الأراضي للمستوطنين، كانت تتم عن طريق سماسرة يعرضون مبلغ من المال على الأهالي في سلوان بهدف شراء منازلهم، لكن منذ البداية كانت هذه العملية "مشبوهة" ومعروف الغرض منها، فما الهدف وراء شراء هذا العدد الكبير من المنازل في سلوان؟ ومن هو المستفيد الأول من هذه العملية؟".
وأضاف: "إن المواطن المدعو (ع.خ)، أحد أكبر سماسرة المنازل والأراضي، الذي كان يقوم بزيارات إلى المنازل في سلوان وتقديم عروض مغرية لشرائها، ومن هذه المنازل كان منزل والدي، لكن والدي سرعان ما أدرك الهدف من هذه العملية ورفض البيع لهذا السبب".
وتابع خياط: "السؤال الأهم هنا، الذي يدور في بال جميع أهالي سلوان، من أين لـ"ع.خ" المال؟ خاصة أنه بقي في سجون الاحتلال مدة 18 عاماً، وعند خروجه أصبح يمتلك المال والمحلات، ويشتري البيوت في سلوان، برأيي الهدف الواضح والممول الأساسي معروف".
بدوره، قال مواطن فضل عدم نشر اسمه لدواعي أمنية: "برأيي الجميع متهم، فعندما يعرض عليك أحد السماسرة شراء سيارة بمبلغ نصف مليون شيقل مع العلم أن سيارتك لا تساوي 50 ألف، فهناك حتماً خلل واضح، فكيف عند شراء المنازل في سلوان، في ظل التحديات الموجودة".
وحول الموضوع، قال خبير الاستيطان خليل التفكجي: "إن إسرائيل تستخدم كل الوسائل الممكنة لاستباق المرحلة النهائية من المفاوضات لحسم قضية القدس، وذلك عن طريق فرض أمر واقع على الفلسطينين دون أن تدفع أي مقابل لهم وذلك من خلال تكثيف الاستيلاء على العقارات في منطقة سلوان، لأنهم يريدون القدس عاصمة لدولة واحدة فقط، وهي الدولة العبرية ولا يريدون شريكاً فلسطينياً".
وأضاف: "إن الاستيلاء على هذه العقارات يعني أن الجانب الإسرائيلي يركز اليوم على منطقة سلوان بشكل كبير جداً لإثبات أنها أملاك يهودية، وبالتالي حسم ما يسمى بالحوض المقدس الذي يمثل قلب المشروع التهويدي لمدينة القدس، من رأس العامود التي تضم مستوطنتي معالي هزيتيم وجفعات زيمل، وصولاً إلى مستوطنة بيت جونثان".
وفي السياق، قال الناطق الرسمي باسم حركة "فتح" أحمد عساف: "إن عملية تسريب الأراضي للاحتلال، تعد جريمة قانونية يعاقب عليها القانون الفلسطيني، وجريمة وطنية أيضاً فتسريب الأراضي يعد خيانة وطنية بحق الشعب الفلسطيني، الذي خاض عدة معارك من أجل هذه الأرض والتي راح ضحيتها مئات الألاف من الفلسطينين".
وأكد عساف: "أن الرئيس محمود عباس عدل قانون العقوبات الخاص بالأراضي من حيث فرض عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة على كل من قام بتسريب أو تأجير أو بيع الأراضي لدولة معادية أو أحد رعاياها، في حين كانت العقوبة السابقة هي الأشغال الشاقة المؤقتة لمن يقوم بتسريب الأراضي لدولة معادية".
وأضاف: "أن قيام الرئيس بهذا التعديل سيكون له انعكاسات في الحفاظ على الأرض ومحاسبة كل من يتخلى عنها لصالح الاحتلال، والدور الأكبر هنا  يقع على المواطنين، فيجب عليهم أخذ الحيطة والحذر من أفخاخ العملاء الذين يحاولون تسريب هذه الأراضي".