الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

8 سنوات دون استغلال المبنى الجديد للأشخاص ذوي الإعاقة.. من يتحمل المسؤولية؟

2019-06-18 10:14:39 AM
8 سنوات دون استغلال المبنى الجديد للأشخاص ذوي الإعاقة.. من يتحمل المسؤولية؟
مقر الاتحاد العام الفلسطيني للأشخاص ذوي الإعاقة

 

الحدث- محمد غفري

في "اليوم الحزين" يعتصم عبد الرحيم أبو شوشة سنوياً منذ عام 2014، أمام مقر الاتحاد الفلسطيني العام للأشخاص ذوي الإعاقة وسط رام الله، بعدما تدهورت صحته، وبات مصاباً بضمور في العضلات، يتعذر عليه الصعود إلى الطابق الثاني من عمارة الخطيب باستخدام كرسيه المتحرك.

طالب عبد الرحيم على مدار السنوات الخمس الماضية بملائمة مقر الاتحاد وسط رام الله لاستخدام الأشخاص ذوي الإعاقة، بما يسمح له وللكثيرين زيارة مقر الاتحاد والمشاركة في فعالياته وأنشطته النقابية، وهو حق ضمنه القانون الفلسطيني، والمواثيق الدولية التي انضمت إليها فلسطين.

لم يكن عبد الرحيم يعلم في ذلك الوقت بوجود مقر جديد آخر للاتحاد وملائم لاستخدام الأشخاص ذوي الإعاقة قد تم الانتهاء من بنائه عام 2011، إلا أنه لم يتم الانتقال إليه من قبل القائمين على الاتحاد بذرائع مختلفة حتى اليوم.

لذلك انضم عبد الرحيم منتصف العام 2018 إلى اعتصام استمر خمسة أيام داخل مقر المجلس التشريعي في رام الله، نفذه "حراك نحو تمثيل عادل وشامل للأشخاص ذوي الإعاقة"، مطالباً بوجود مقر جديد للاتحاد يكون ملائماً لاستخدام الأشخاص ذوي الإعاقة.

تقول شذى أبو سرور المتحدثة باسم "حراك نحو تمثيل عادل وشامل للأشخاص ذوي الإعاقة"، إن أحد أسباب اعتصامهم في التشريعي بتاريخ 22 تموز 2018، كان للمطالبة بملائمة كافة مباني الاتحاد في الوطن لاستخدام الأشخاص ذوي الإعاقة، إلى جانب مطالب نقابية أخرى لتصويب أوضاع الاتحاد. وترى أبو سرور أن أي مقر يتعذر على شخص واحد الوصول إليه يوجد فيه خلل، كما هو الحال مع مقر الاتحاد الحالي في رام الله.

إبان الاعتصام في مبنى التشريعي؛ يقول عبد الرحيم أبو شوشة "توجهت إلينا عدة جهات رسمية وأهلية، وتفاجأت خلال الاجتماعات، بأن لدينا مقرا وهو موجود في بيتونيا لا أعلم عنه".

من معاناة عبد الرحيم أبو شوشة وغيره مع المقر الحالي للاتحاد في رام الله، وجهله بالمقر الملائم لاستخدامهم، سوف نحاول في هذا التحقيق الإجابة على سؤال مركزي: لماذا لم يتم الانتقال إلى مقر الاتحاد العام الفلسطيني للأشخاص ذوي الإعاقة الموجود في بيتونيا طوال 8 سنوات؟ وهو ما يعني هدراً وسوء استغلال للأملاك العامة وحرمان الأشخاص ذوي الإعاقة من مقرهم لسنوات.

عبد الرحيم أبو شوشة

عبد الرحيم أبو شوشة

تأسيس الاتحاد

زياد عمرو أحد مؤسسي الاتحاد الفلسطيني العام للأشخاص ذوي الإعاقة والرئيس الأسبق له، يقول إنه تم بدء العمل بتأسيس الاتحاد بتاريخ 26 تشرين أول 1991، وإنهم رفضوا تسجيل الاتحاد لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف عمرو لـ"الحدث"، أنه تم بعد ذلك إرسال رسالة إلى منظمة التحرير الفلسطينية في تونس بأسماء الهيئة التأسيسية، ورد عليها الرئيس الراحل "أبو عمار" برسالة مقتضبة "سيروا على بركة الله".

وأكد عمرو أنهم لم يحصلوا على ترخيص رسمي سوى هذه العبارة، وعملوا منذ العام 1991 وحتى العام 2003 دون ترخيص، حتى وصل إليهم إخطار من وزارة الداخلية بإغلاق كافة الحسابات والمعاملات المالية بسبب عدم وجود ترخيص من الداخلية، وبناء عليه تم ترخيص الاتحاد كمؤسسة أهلية فلسطينية من قبل وزارة الداخلية الفلسطينية.

وعمل الاتحاد العام، بداية سنوات التأسيس خلال التسعينيات، في مقر خاص له في قرية سردا قرب رام الله، قبل أن ينتقل للمشاركة بنفس المقر مع فرع الاتحاد في رام الله.

المقر الجديد

وفق وثيقة حصلت عليها "الحدث"، قدمت بلدية بيتونيا عام 2007 قطعة أرض إلى عدة مؤسسات أهلية لبناء مبنى متعدد الغايات لهذه المؤسسات بتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبنك التنمية الألماني، على أن يستخدم المبنى لمدة عشرين عاماً، وتعود الأرض وما عليها بعد ذلك لبلدية بيتونيا مع إمكانية تطوير هذا الاتفاق أو تعديله لمدة أطول أو لفترة استئجار طويلة بعد انتهاء المدة المذكورة. 

تأسيس مقر اتحاد المعاقين

يقول رئيس الاتحاد الأسبق نزار بصلات، إن فكرة إنشاء مقر جديد للاتحاد بدأت عام 2006، وفي عام 2008 حصلوا على التمويل من بنك التنمية الألماني (KFW) وتم تنفيذ المشروع من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، بعد أن قدمت بلدية بيتونيا قطعة أرض لمدة 20 عاماً.

وأضاف بصلات لـ"الحدث"، أنه في عام 2011 تم استلام المبنى من قبل أربع مؤسسات أهلية، وهي الاتحاد الفلسطيني العام للأشخاص ذوي الإعاقة، منتدى الفنانين الصغار، المركز الفلسطيني لقضايا السلام والديمقراطية ومركز السلامة على الطرق.

ممولين المبنى

ما هو مصير المقر الجديد؟

تقول شذى أبو سرور من الحراك لـ"الحدث"، إنها بدأت تسمع عن المقر الجديد منذ عام 2012، ولكن كان يتم الحديث عنه بشكل هامشي ودون تفاصيل، ولا تعرف لماذا لم يتم الانتقال إليه حتى الآن.

أما عوض عبيات الرئيس السابق لفرع الاتحاد في بيت لحم، ومن الأشخاص الذين توجهوا مع عبد الرحيم أبوشوشة إلى المقر في بيتونيا لمعاينته، قال إن معرفته بهذا المقر لا تزيد عن معلومات مسموعة غير واضحة من الإدارات السابقة حول وجود مقر للاتحاد، وأن الأمور تسير باتجاه الانتقال إليه، إلا أنه غير جاهز.

ويؤكد عبيات في حوار مع "الحدث"، أنه لا يوجد أي مبرر لتعطيل المبنى وعدم استلامه، من قبل آخر مجلس إدارة تم انتخابه برئاسة نزار بصلات، والسبب إما عدم الاهتمام واللامبالاة بالمقر، أو وجود أسباب يجهلها.

كذلك يحمل عبد الرحيم أبو شوشة مسؤولية عدم الانتقال إلى المبنى في بيتونيا إلى رئيس الاتحاد الأسبق خلال مرحلة البناء نزار بصلات.

إذا لماذا لم يتم الانتقال إلى المبنى؟

هنا يجيب نزار بصلات، أنه لم يكن رئيس الاتحاد خلال استلام المبنى، وإنما تسلم الرئاسة من عام 2008 وحتى 2011، أي خلال فترة بناء المبنى، وبعد هذه الفترة عمل كمستشار مع الاتحاد في مشروع مشترك مع إبداع المعلم.

وتؤكد وثيقة حصلت عليها "الحدث"، أن نزار بصلات قد قدم استقالته من رئاسة الاتحاد العام في شهر كانون أول 2011. 

استقالة نزار بصلات

وأضاف بصلات، أنه بعد استقالته تسلم مجلس إدارة الاتحاد برئاسة رئيس الاتحاد في حينه عبد الحميد عاصي، المبنى من المقاول.

وحول عدم الانتقال إلى المبنى، يبرر بصلات أن العمل استمر في مقر الاتحاد برام الله بسبب عدم الحصول على تمويل لتأثيث المقر الجديد، لأن الأثاث الموجود في مقر رام الله قائم وغير صالح للانتقال والفك وإعادة التركيب.

وأردف بصلات، أن مجلس الإدارة اللاحق لم يكن فاعلاً بالشكل المطلوب للانتقال للمبنى، وأن المشاكل الإدارية أثرت على الاتحاد بشكل عام ومنها قضية الانتقال للمبنى.

"الاتحاد أصبح كارثيا وهناك فرق كبير من ناحية أداء وتوزيع الأدوار والانتخابات، حيث حصلت آخر انتخابات للاتحاد المركزي عام 2008" وفق ما ذكر نزار بصلات.

أما عبد الحميد عاصي الذي تولى منصب القائم برئاسة الاتحاد خلفاً لنزار بصلات، يقول إنه تسلم المنصب بصفته كان نائباً لرئيس الاتحاد (نزار بصلات)، وفقط استمر بالمنصب لمدة 6 أشهر قبل استقالته من المنصب، ومنذ العام 2013 لا توجد لديه أي صلة وعلاقة بالاتحاد.

وتؤكد وثيقة حصلت عليها "الحدث"، أن عبد الحميد عاصي بصفته رئيس مجلس الإدارة آنذاك، إلى جانب نزار بصلات بصفته الأمين العام للاتحاد، ورويدة ذياب أمين الصندوق؛ قد قدموا استقالاتهم إلى مجلس إدارة الاتحاد بتاريخ 8 نيسان 2012، بسبب عدم مقدرتهم على عقد المؤتمر العام للاتحاد، وتوفير الدعم المادي لعقده، وعدم مقدرتهم على توفير المصاريف الجارية لتشغيل الاتحاد بفروعه المختلفة مما خلف ديونا مستحقة على الاتحاد.

استقالات

وهو ما يشير إليه عبد الحميد عاصي في حواره مع "الحدث"، أنه قدم استقالته بسبب مشاكل الاتحاد المالية، وأن الأمور وصلت إلى غاية مطالبته الشخصية بديون الاتحاد.

وأشار إلى أن لجنة مؤقة تسلمت إدارة الاتحاد والتحضير لإجراء انتخابات، ولكن لم تجر أي انتخابات منذ ذلك الوقت.

وأكد عاصي على ما تقدم به بصلات، أن الاتحاد دخل في أزمة مالية وإدارية تسببت بالانشغال عن الانتقال إلى المقر الجديد.

وحول عدم الانتقال خلال فترة تسلمه للاتحاد مدة ستة أشهر؛ يبرر عاصي أنه لم تكن هناك إمكانية مادية وتمويل لشراء أثاث للانتقال للمقر الجديد.

بعد ذلك لم تتسلم الاتحاد إدارة جديدة حتى عام 2016 عندما كلف رفيق أبو سيفين بمنصب رئيس مجلس إدارة الاتحاد الفلسطيني العام للأشخاص ذوي الإعاقة، والذي كلف بدوره نهاية العام الماضي، عبد الرحيم أبو شوشة بملف متابعة المقر الجديد.

تكليف أبو شوشة

ولكن لماذا لم ينتقل رفيق أبو سيفين إلى المقر الجديد طوال ثلاث سنوات (2016-2018)؟

يجيب أبو سيفين لـ"الحدث"، أنه منذ عام 2016 وحتى الآن وهو في رئاسة الاتحاد العام، ويتم العمل على تصويب أوضاع الاتحاد وتسجيله في منظمة التحرير الفلسطينية، ولم يتبق لهم الآن سوى عقد الانتخابات في محافظة رام الله، ومن ثم عقد المؤتمر قبل نهاية العام الجاري تحت رعاية منظمة التحرير الفلسطينية، لاختيار الأمانة العامة الجديدة للاتحاد العام.

وبرر أبو سيفين أن عدم الانتقال للمقر في بيتونيا كان بسبب المشاكل التي واجهتهم وعدم قانونية الاتحاد، وإغلاق الملف من قبل وزارة الداخلية عام 2014، وأنهم مسجلون الآن باستثناء من قبل الرئيس محمود عباس.

وأضاف، أنهم انشغلوا بملف الاتحاد مع وزارة الداخلية، ولم يتم الانتقال للمقر الجديد، ولأن هناك مقرا حاليا في رام الله، وأن المقر الموجود في بيتونيا بحاجة إلى تأثيث وتقسيم الغرف وهو مبنى بحاجة إلى إعادة تأهيل للأشخاص ذوي الإعاقة، ويحتاج إلى أموال كثيرة، ولا توجد لديهم ميزانيات، أو جهة تقوم بتغطيتها.

الرد على مبررات رئيس الاتحاد الحالي

زياد عمرو الرئيس الأسبق للاتحاد والذي سجل الاتحاد في وزارة الداخلية خلال فترة رئاسته يرد أنه سواء كان الاتحاد تابعا لمنظمة التحرير أو لوزارة الداخلية؛ في كلتا الحالتين لا يوجد ما يمنع حق الاتحاد في استلام المقر الجديد، وأي شخص يدعي ببطلان المقر بسبب تبعية الاتحاد لهذه الجهة أو تلك عليه علامات استفهام.

أما عبد الناصر الصيرفي مدير عام المنظمات غير الحكومية في وزارة الداخلية، يرد بالقول إنه وصل إليهم عدة كتب من منظمة التحرير آخرها العام الماضي، أفادت أن الاتحاد يتبع لهيكلية دائرة المنظمات الشعبية في منظمة التحرير، وبالتالي أخلت المسؤولية عنه وزارة داخلية ولا علاقة لهم بالاتحاد.

وأضاف في تصريح لـ"الحدث"، أن الاتحاد يمثل الأشخاص ذوي الإعاقة في فلسطين والشتات وبالتالي في الشتات لا سيطرة لهم وإنما لمنظمة التحرير السيطرة هناك.

وأكد الصيرفي لـ"الحدث"، أنه لم يتم إغلاق الاتحاد، ولم يصدر أي كتاب رسمي بالإغلاق أو التجميد، ولكن ما يجري أن الداخلية تعمل معهم منذ القدم على تصويب أوضاعهم الإدارية والمالية، من قبيل الاسم؛ هل هو الاتحاد العام الفلسطيني للأشخاص ذوي الإعاقة أو اتحاد المعاقين الفلسطينيين.

وحول المقر في بيتونيا، يقول الصيرفي إنه إذا كان مسجلاً في ضريبة الأملاك والطابو باسمهم فلا علاقة للداخلية وهذا شأنهم الخاص.

وثيقة حصلت عليها "الحدث" تعود إلى تاريخ 17/8/2014، موجهة من قبل عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير محمود إسماعيل "أبو إسماعيل" رئيس دائرة العمل والتنظيم الشعبي إلى المستشار القانوني للرئيس السيد حسن العوري، تطالب فيها المنظمة بضم الاتحاد العام للأشخاص ذوي الإعاقة إلى مؤسسات منظمة التحرير، وتشير إلى أن الاتحاد شكل بقرار من الشهيد "أبو عمار" عام 1993، وأن الاتحاد مسجل لدى وزارة الداخلية كجمعية عثمانية، وأن رئيس الاتحاد المعلوم لديهم هو نزار بصلات وليس رفيق أبو سيفين.

وتؤكد الوثيقة أن "هذه الشريحة من المجتمع مسجلة في وزارة الداخلية في ذلك الوقت، وتعمل ضمن قانون الجمعيات العثمانية، مع عدم رضا بعضهم عن ذلك لأسباب لا نعرفها، وعليهم حل الإشكال القائم بعقد مؤتمراتهم والانتخابات لهيئات تمثلهم في عقد مؤتمر عام". 

وثيقة من منظمة التحرير

لا يهم عبد الرحيم أبو شوشة كغيره من ذوي الهمم من يتحمل المسؤولية، وكل هذه الفوضى بقدر ما يهمه الانتقال الآن إلى مقر جديد يرحب بكرسيه المتحرك لا يطرده.

أما المشاكل الإدارية والمالية للاتحاد العام الفلسطيني للأشخاص ذوي الإعاقة وهدرهم لمقر الاتحاد طوال السنوات الماضية؛ على الجهات الرسمية التدخل لحلها، وهو ما يضمن تمثيلا عادلا وشاملا لنحو 92000 فلسطيني من الأشخاص ذوي الإعاقة وفق ما تشير إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

 

 

استخدام المقر