الثلاثاء  16 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

لعنة الفراعنة (2) / بقلم: د. سامر العاصي

أســطورة أم حـقـيـقـة؟

2019-06-26 11:27:15 AM
لعنة الفراعنة (2) / بقلم: د. سامر العاصي
د. سامر العاصي

 

بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ أمون، وموت اللورد كارنارفون ، وغيره ممن كان لهم علاقة "بإزعاج الملك" في مرقده؛ نشرت الروائية الأميركية الشهيرة، ماري كوريلي Marie Corelli مقالا في مجلة عالم نيويورك، تُحذِّر فيه من عواقبَ وخيمةٍ، لأيِّ شخصٍ، يزعج الفراعنة في قبورهم.

واغتنمت الصحافة العالمية، الفرصة للادعاء بأن كارنرفون، مات بسبب "لعنة الفراعنة". واستمر ترويج ألغاز وفيات الكثيرين ممن كان لهم علاقة بالموميات، وربطها "باللعنات"، ذلك فإن بعض الكًتاب دعموا نشر هذه الألغاز، وكانت ترويجاً لأعمالهم. كما أن العديد من الصحف، ساعدت في نشر الهلع، والذعر، والترويج لتلك الظاهرة، لاستثمارها في زيادة بيع أعداد الصحف، والكتب، والمجلات. ومع حلول عام 1929، كان قد توفى 22 شخصا، من الذين كانت لهم علاقات مباشرة، وغير مباشرة باكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، وكان 13 منهم قد اشتركوا فى فتح المقبرة. وهكذا أصبحت "لعنة توت عنخ أمون"، أشهر اللعنات، التي كُتِبت حولها الكثير من المؤلفات، والعديد من الأفلام التاريخية، والوثائقية، التي يعتقد بأنها أصابت، وتصيب بالموت، كل من "أزعج" الملك في مرقده. الجدير ذكره، أن مكتشف قبر الملك توت عنخ آمون، هوارد كارتر، رفض الاعتقاد بوجود أي لعنة، وتوفي عام 1939 في ظروف طبيعية.

وكان الأغرب في تلك الحوادث، عندما حاول بعض العلماء، التصدي لهذه الفكرة، ومهاجمتها، في الوقت الذي تعرضوا هم أنفسهم لحوادث غامضة، وكان من بينهم، الدكتور عز الدين طه، عالم الأحياء المصري، الذي أكد عدم وجود "لعنة الفراعنة"، موضحاً أن "هناك بعض الفطريات وبعض أنواع البكتيريا والسموم، التي ربما يكون قدماء المصريون، قد نشروها في مقابرهم، تنشط عند تعرضها للهواء. وقبل أن يستطيع "عز الدين"، إثبات نظريته، لقي مصرعه في حادث سيارة!. وفي عام 1972، صرح عالم الآثار المصري، الدكتور جمال محرز، أنه يرفض ظاهرة "لعنة الفراعنة"، لأنه قضى عمره بين الموتى، والتوابيت، والمومياوات، دون أن يحدث له شيء!؟، وبعد هذا التصريح بشهر توفي الرجل فجأة، والغريب أن وفاته جاءت في اليوم نفسه الذي نُزع فيه القناع الذهبي للملك توت عنخ أمون "للمرة الثانية". وتجددت فكرة وجود "لعنة الفراعنة"، عام 1972، عندما تم شحن مومياء "توت عنخ آمون"، في طائرة حربية إلى لندن، حيث ركل أحد الضباط  بقدمه، الصندوق الذي يحتوي القناع الذهبي للملك، وهو يقول متفاخرًا: "ركلت أغلى شيء في العالم". وبعد فترة قصيرة تعرض الضابط نفسه لكسر قدمه.

ويؤكد عالم "المصريات" الشهير، البروفسور، زاهي حواس، بأنه لا يوجد شئ اسمه "لعنة الفراعنة"! مضيفا بأن حوادث كثيرة حصلت معه ذات يوم، بعد زيارته لمقبرة "توت عنخ أمون، منها أن سائق سيارته، كاد أن يدهس طفلا، وأن شقيقته اتصلت به بعد دقائق تخبره بوفاة زوجها، وأن جهازا جديدا، للكشف عن جسم المومياء، توقف فجأة في ذلك اليوم عن العمل، معتبرا بأن كل تلك الحوادث، ما هي إلا مجرد مصادفات!. وأضاف "حواس": "في إحدى المرات، وعندما كنت في عملية تنقيب روتينية، فقدت وعيي لفترة بسيطة! وبعد أن استفقت، قلت لصديق كان برفقتي: لو وقع لي مكروه، لصدق الناس ما يقال عن ''لعنة الفراعنة''.

ويدعى بعض العلماء، أن أطباء الفراعنة وكهنتهم، كانوا يقومون باستخدام مواد سامة، من أجل تحصين قبورهم من السرقة. وقال آخرون منهم، أن وفاة العديد من الأشخاص، تعود إلى الإصابة بنوع من الفطريات الفتاكة، التي تكاثرت أثناء آلاف السنين، في داخل توابيت الفراعنة. وقد أظهرت الدراسات المخبرية الحديثة، أن بعض المومياوات القديمة، تحمل عفنًا، أو فطرياتٍ، تسبب احتقانًا، أو نزيفًا حادا في الرئتين. وقال آخرون، إن حالات الوفاة، كانت بسبب وجود حشرات سامة، لا يوجد منها في عصرنا الحالي، ولكنها تعود إلى عصور الفراعنة، وأن هذه الحشرات، هاجمت بعض من قام بافتتاح المقابر، وأصابتهم بسمها الذي أدى إلى وفاتهم. ويظن البعض، أن الفطريات القاتلة، زُرِعت في المقابر عمدًا لمعاقبة سارقي القبور.

واثبتت الكثير من الدراسات الحديثة، أن لعنة الفراعنة، ما هي إلا ظاهرة بيولوجية فى طبيعتها، ذلك أن بعض المومياوات القديمة، حملت العفن، والبكتيريا، التى عندما يستنشقها المكتشفون أو العاملون تصيبهم بعدد من المشاكل أو الموت، وهو ما أظهرته تحاليل عينات الهواء، المأخوذة من داخل فتحات التوابيت. وتبين أن تلك العينات، تحوي على مستويات عالية من الفورمالديهايد، والأمونيا، وكبريتيد الهيدروجين. ويقول د. حواس: صرت عندما اكتشف مقبرة جديدة، أتركها أربع ساعات، أو أكثر، لكي يدخلها الهواء النقي، ويخرج منها الهواء الفاسد.

وهكذا، أجمع العشرات من العلماء، والباحثون المتخصصون في علم المصريات، على عدم وجود ما يسمى ب "لعنة الفراعنة"، وأنها محض خرافة، وأن الوفيات، التي حدثت، لا تتعدى كونها صدفة، والدليل على ذلك، هو أن"هاورد كارتر" نفسه، لم يحدث له أي مكروه، كما أن الرحالة العالمي " يوهان لودفيك بركهارت "، الذي وجد اكتشف "معبد أبوسمبل"، لم يحدث له شيء أيضا، إضافة إلى المئات من الباحثين والآلاف من العمال.

ترى، عزيزي القارئ، هل ما زلت تؤمن ب "لعنة الفراعنة"؟