الثلاثاء  16 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مابعد "وارث الشواهد" "ليتني كنت أعمى" لوليد الشرفا

2019-07-30 01:32:31 PM
مابعد
الدكتور وليد الشرفا

 

الحدث - إسراء أبو عيشة 

حتى لا يرى ما كان لا يجب أن يراى

أصدرت دار الأهلية للنشر والتوزيع في عمان رواية "ليتني كنت أعمى" للمحاضر والروائي وليد الشرفا، وهي تعتبر الثالثة من سلسلة الروايات التي كانت أولها القادم من القيامة، وتليها وارث الشواهد التي فازت ضمن القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية العالمية، وترصد رواية ليتني كنت أعمى بداية التحولات السياسية والإجتماعية بعد الإعتراف والسلام وصولا إلى ماحدث بعد عقدين وأكثر.

وقال، الدكتور وليد الشرفا، لـ "الحدث"، أن رواية "ليتني كنت أعمى"، تعتبر مفارقة كبيرة لبطل الرواية الأعمى، الذي تمنى لو أن عماه قد تقدم بضعة أيام حتى لا يرى ما كان لا يجب أن يراى، وهي حالة رمزية ناتجة عن رؤية مشاهد من الخيبات والهزيمة، وإنكسار الأحلام التي عاشها الأبطال، حيث يصبح التمني أحيانا بأن تتوقف الحواس لكي يتم التفاعل أكثر مع الخيبة، وهذا ما عاشه البطلان، الذان أصبحت حياتهما إستغراق في جحيم الذكريات، وأصبحت التساؤلات تكثر، لماذا حدث كل هذا، ولماذا لم يحدث ذلك؟.

وأشار الشرفا، بأن شهادات الهزيمة او الإعتراض لا تأتي من شخصيات هامشية إنما تأتي من أبطال دفعو الثمن وهم الأقل قدرة على الإستعراض.

الإنتظار أفضل من الوصول للهدف

وأضاف الشرفا، أن قصة الرواية، تتمحور بلقاء يجمع بين "علي وياسر" ، علي هو عائد وكان مصورا ومقاتلا شارك في معركة بيروت بكامل تفاصيلها، وعاد إلى فلسطين ولم يتأقلم ويستوعب الزمن الجديد، فهو يحلم ويريد بأن يعود إلى بلده عكا، كان دائم الحنين إلى الزمن القديم، فهو يريد بأن ينتظر ويواجه، فكان يقول  "الإنتظار أفضل من الوصول أحيانا، الوصول إلى نقطة لم تكن يوما من الأيام هدفا"، تأتي الإنتفاضة الثانية ويعود مرة أخرى ليتصالح مع نفسه ويذهب ليصور في مدينة نابلس في ذروة الإجتياحات هناك، فيصاب بشظية يفقد على أثرها بصره، وهو في طريقه إلى المستشفى بسيارة الإسعاف يلتقي مع ياسر الشاب والذي أصيب في معركة جنين إصابة بالغة، يلتقيان بسيارة الإسعاف بحالة تهريب لهذان الجثتين كما قال سائق الإسعاف بحالة عبثية، وتبدأ هنا إسترجاع لذكريات سريعة، ويصلان الى المستشفى ويفقد علي بصره، وياسر يفقد قدمه، ويصبحا جسدا واحدا، وتبدأ رحلة علاج طويل لهم في المستشفى، ليخرجا إلى الضوء ليجدان أن العالم ليس كما كان في غرفة العمليات ولا في المقبرة الجماعية التي كانت في مستشفى رام الله في ذلك الوقت، ويخرجان إلى الشارع ويكون "علي يجر ياسر بالكرسي المتحرك وياسر يدله على الطريق" لجدان أن العالم مشغول في زحمة الرواتب، وأن الشمس حارة جدا، وأن زحمة السير لم تكن من قبل، والطرق قد تغيرت، فيبدأ الناس بالصراخ والسخرية منهما، ليأتي أحد الأشخاص ويخبرهما بأنهما يسيران عكس السير، فقد أصبحا صغيران أمام هذا العالم الكبير الذي تحول بعد تشكيل المؤسسات والعودة الفلسطينية.

الرهان التائه

وأضاف الشرفا، بأن الشعب الفلسطيني، في حالة من التيه والظلام والخذلان لكثير من الرهانات، "فنحن في حالة خسارة للإنسان والبطل، لأن الرهان على إنسانية العدو في أي معركة، تدل على "أنك لست محاربا"، والحالة الفلسطينية تعيش هذا الرهان، وتتسائل دائما لماذا لا يوجد أخلاق لدى الإحتلال؟، وهذا يعتبر قمة الهزيمة السياسية والأيديلوجية، وأضاف بأن الأدب إذا كان متحرر من الرهانات الأيديلوجية، وفكرة الوعي الحتمي يستطيع بأن يضيء المناطق المظلمة والهامشية في التحولات الكبرى.

وبين الشرفا، بأن الروايات والأدب وسرد الذات هي محاولة تحدي من إستعراض سياسي إلى نوع اخر من الإستعراض وهو إستعراض العالم المظلم، من الإنجاز والأمل والتحدي، حيث أن النص الروائي اذا أراد ان يكون حقيقيا يفضحه، لأن منظمة الأدب التاريخية تتجاوز استعراض سياسي وحرذقات المؤسسات لصالح لحظة المصالحة التاريخية البعيدة عن الرهانات.

تراجع في الجمع والحلم والعودة

وأفاد الشرفا، أن الإستعراض والإنتفاخ السياسي، تكشف بأن هناك خيبات كبيرة، ومن خلال الأبطال نكتشف بأن هناك تراجع كبير في الجمع والحلم الكبير بالعودة، وبأن هذه الأمور تتراجع لصالح الأحلام الصغيرة، وبأن الأحلام الصغير يستخدمون الأبطال وإنجازاتهم لصالح أحلامهم مستعرضيت ذللك بقوة الشعارات، وقد بدأت النزاعات الفردية الفلسطينية بالظهور بعد الخروج من بيروت وهزيمة الثورة كقوة مادية، وهذا ما رصدته رواية "القائم من القيامة"، فأصبح هناك إنكسار للحلم الكبير لصالح "الأنا"  "الوظيفة، الراتب، ..."، أصبح الحلم من الماضي. وهذا ما يتبين لأبطال رواية "ليتني كنت أعمى" بأنهم كانوا أبطال أفراد، وهذه هي صرختهم.

فكرة ليتني كنت أعمى أن أبطال الفرديين بدأوا يعرفوا أنهم كانوا أفرادا وهذه هي صرختهم.

ويشار إلى أن،الدكتور وليد الشرفا، حاصل على دكتوراة في الآدب العربي، من الجامعة الأردنية، عام 2006، ويعمل كأستاذ إعلام ودراسات ثقافية في جامعة بير زيت. حاصل على الماجستير عن اطروحته حول بواكير السردية العربية خاصة اعمال جبران خليل جبران. حصل على الدكتوراه عام 2006 في تحليل الخطاب في اعمال ادوارد سعيد.