الأربعاء  24 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

زيارة بوتين للخليج تجسيد لنفوذ روسيا المتزايد في الشرق الأوسط

2019-10-16 12:37:03 PM
زيارة بوتين للخليج تجسيد لنفوذ روسيا المتزايد في الشرق الأوسط
الرئيس الروسي فلاديمر بوتين و العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود

الحدث- جهاد الدين البدوي 

ترى العديد من الأوساط الأكاديمية والإعلامية أن زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تحمل العديد من الرسائل، خاصة أنها تأتي في أعقاب فشل منظومات الدفاع الأمريكية في حماية المنشآت الحيوية في السعودية وسعي موسكو لتوسيع نفوذها بالشرق الأوسط.

 وأشارت صحيفة واشنطن بوست، إلى أن زيارة بوتين للخليج تظهر الدفء المتواصل في العلاقات بين روسيا والدولتين الخليجيتين اللتين كانتا من ضمن التحالف الغربي ضد الاتحاد السوفييتي أثناء الحرب الباردة، مشيرة إلى أن التقارب الروسي الخليجي هو جزء من استراتيجية تضع موسكو في مركز سياسة الشرق الأوسط.

ومن المفترض أن يناقش بوتين مع الأطراف الخليجية جملة من القضايا من بينها مكافحة الإرهاب والتسوية في سوريا وليبيا واليمن والأوضاع في الخليج، وكانت القضية المحورية على أجندة المحادثات هي التعاون التجاري الاقتصادي.

هذه الملفات التي وضعها بوتين على طاولة النقاش مع السعودية والإمارات تحمل معان سياسية عميقة، خاصة أن هذه الدول كانت وما زالت محسوبة على التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، وما زيارة بوتين إلا اختراق لهذه العلاقات لتوسيع دوائر نفوذها مع دول الخليج التي كانت محرمة عليه قبل عقود قليلة.

وكانت موسكو قد اكتسبت نفوذاً كبيراً في الشرق الأوسط خاصة بعد بداية حملتها العسكرية في سوريا في أكتوبر 2015، حيث قامت هي وإيران بدور رئيسي في دعم الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب السورية، في الوقت الذي أعلنت فيه واشنطن انسحاب قواتها من الشمال السوري، ناهيك عن الموقف الخليجي الموحد في دعم المعارضة السورية التي حاربتها موسكو طيلة سنوات تدخلها العسكري.

وبحسب خبراء ومحللين، فإن أهم ما يمكن استغلاله في زيارة بوتين للخليج هو الترويج لمنظومات الدفاع الروسية التي أثبتت فاعليتها في الحرب السورية وغيرها من المواقع المتأزمة في العالم، في الوقت الذي فشلت فيه منظومات الولايات المتحدة الدفاعية في حماية منشآت النفط في السعودية.  

 المشهد السياسي السعودي والخليجي مشبع بخيبات الأمل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي لم يستطع أن يقوض النفوذ الإيراني في المنطقة، ولم يستطع أيضاً حماية حلفائه في الخليج من الجماعات المدعومة من قبل إيران خاصة تلك التي لم تتوقف صواريخها وطائراتها المسيرة عن استهداف الأراضي السعودية من اليمن.

في المجمل يعتقد العديد من الخبراء أن الساحة الخليجية باتت متاحة إلى حد ما لمواصلة بوتين استعراض قوته وإبرام صفقاته التجارية والعسكرية والسياسية أيضاً، فهو الطرف الوحيد الذي يمكن أن يجمع كل الأطراف على عكس واشنطن التي لم تخترق كل خطابات رئيسها الودية شهية طهران للجلوس على طاولة المفاوضات.

ففي الوقت الذي عزلت فيه واشنطن نفسها عن محاور أساسية بالشرق الأوسط كطهران ودمشق، وتمتعت بعلاقات مميزة مع دول الخليج وتركيا؛ كانت موسكو الوحيدة التي تتمتع بعلاقات طيبة وفعالة مع كل تلك الأطراف المتناقضة، كالسعودية وايران وتركيا وسوريا وحتى مع إسرائيل، وهو أمر يراه مراقبون إرباكاً أمريكياً فتح أبواب الشرق الأوسط أمام روسيا لالتهامه.

جنت روسيا الكثير من الثمار من الانسحاب الأمريكي من سوريا، عدا الحرية الكبيرة التي جنتها روسيا من هذا الانسحاب، من الممكن أن يكون بداية لإقناع الأكراد ببدء محادثات مع الأسد، كونهم باتوا بلا حليف مباشر ليحميهم من الأتراك، ويرى محللون أنه حتى العمليات العسكرية التركية في المناطق الكردية لا تهدد بشكل مباشر مصالح موسكو، كل هذه الفوضى في المنطقة والتي خلفها الانسحاب الأمريكي يصب بمصلحة موسكو. حتى أن الخلاف الذي نشب مع بداية العمليات العسكرية التركية بين أنقرة وواشنطن منح موسكو المزيد من القوة وأضعف الحلف الغربي.

 نعود من جديد لزيارة الرئيس بوتين للسعودية والإمارات؛ القوة الدبلوماسية التي تمتلكها روسيا اليوم أكبر بكثير من قوة واشنطن، خاصة أن الأولى تتمتع بعلاقات مع كل الأطراف، وهو ما يجعل زيارة بوتين تحمل مخاطر كبيرة على الأجندة الامريكية.

 تشعر المملكة العربية السعودية أن حرب اليمن باتت مستنقعا لقوتها، خاصة أنها لم تستطع أن تحسم معركتها هناك، بل على العكس باتت أراضيها مستباحة من صواريخ والطائرات المسيرة الحوثية، ومن الممكن أن تكون موسكو هي الوحيدة التي يمكنها أن تخرج الرياض من هذا المستنقع نتيجة لدبلوماسيتها النشطة مع كل أطراف الصراع.