الحدث - جهاد الدين البدوي
أكد الخبير مايكل بيك في مقال نشره بمجلة "ناشيونال إنترست" أنه حتى لو لجأ حلف الناتو إلى الأسلحة النووية التكتيكية، فإنه لا يمكنه إنقاذ دول البلطيق من الغزو الروسي.
وقد استنتجت مؤسسة راند البحثية، أن الأسلحة النووية لحلف الناتو ليست رادعة لروسيا، لأن أوروبا سيكون أمامها الكثير لتخسره أمام روسيا من أي تبادل نووي تكتيكي.
وقد خلصت دراسة راند إلى أن أكبر المكاسب من لعبة الحرب هذه هو أن حلف الناتو يفتقر إلى هيمنة التصعيد، وهو ما يعود على روسيا بالفائدة. وحين تنظر لحرب دول البلطيق، بمجرد بدء الهجوم النووي، سيكون لحلف الناتو دوافع أقوى من روسيا لانهاء العمليات النووية إن لم يكن كل العمليات القتالية.
في الواقع، فإن الدول الأعضاء في حلف الناتو تجادلوا حول جدى استخدام الأسلحة النووية في المقام الأول، وتشير دراسة راند إلى "أن قادة الناتو على علم من خلال مناوراتنا الهجومية أن القوات الروسية ستطغى عليهم بسرعة، واعتبروا أن أول استخدام للأسلحة النووية غير الاستراتيجية في وقت مبكر لمنع هذه النتيجة"، "ولكن القادة تساءلوا، ماذا سيستهدف حلف الناتو؟".
ترى المجلة أنه من المرجح أن تجري القوات الروسية تقدماً مشتتاً وسريعاً في دول البلطيق، مما يعني أن الأسلحة النووية لحلف الناتو لن تستطيع ضرب الشكيلات المركزية، لكنها ستستهدف بدلاً من ذلك السكان المدنيين الذي يفترض على الحلف أن يدافع عنهم. أو من الممكن أن يهاجموا الوحدات الروسية التي تتشكل روسيا، والتي من شأنها أن تخاطر بتبادل نووي استراتيجي، ولكن في نهاية المطاف اختار دول حلف الناتو ارسال إشارة إلى روسيا من خلال اسقاط خمس قنابل نووية تكتيكية على بطاريات صواريخ للدفاع الجوي الروسي داخل الحدود اللاتفية.
لسوء الحظ، قدرت المناورات أن الرد الروسي الأكثر ترجيحاً سيكون برد فعل متبادل عبر اسقاط أسلحة نووية تكتيكية على خمس قواعد جوية لحلف الناتو. ولكن البنية التحتية لحلف الناتو ضعيفة، والاضرار التي لحقت به بسبب عدد محدود من الهجمات النووية يمكن أن تقلل إلى حد كبير من القدرات العسكرية لحلف الناتو، وفي ذات الوقت، فإن روسيا قادرة على تحمل مستويات مماثلة من الضربات النووية ضد قواتها.
ركزت الدراسة على ما إذا كانت الأسلحة النووية غير النووية أو القوات الخاصة يمكن أن تردع أي هجوم روسيا على إستونيا ولاتفيا وليتونيا. كما أنه يوضح كيف تغيرت الصورة الاستراتيجية منذ الحرب الباردة. في ذلك الوقت كان بإمكان الناتو أن يحشد قوات تقليدية كبيرة إلى حد ما، مدعومة بأسلحة نووية تكتيكية وقوات نووية استراتيجية أمريكية في نهاية المطاف، لكن الأوقات تغيرت. وأشارت راند إلى: "أن تهديد الناتو والولايات المتحدة بالتصعيد إلى نمستوى حرب نووية شاملة بسبب الغزو الروسي لدول البلطيق له مصداقية مشكوك بها".
من المفارقات أنه على الرغم من أن تفكك حلف وارسو كان انتصاراً لحلف الناتو، إلا أنه يجعل التعامل مع روسيا اليوم أكثر تعقيداً. خلال الحرب الباردة، إذا أراد حلف الناتو إرسال إشارة إلى روسيا للتراجع، فبإمكانه -من الناحية النظرية- اسقاط قنبلة نووية على احدى دول حلف وارسو دون مهاجمة الأراضي الروسية، وبالتالي اشعال حرب نووية استراتيجية، ولكن ورقة المساومة هذه اختفت. وأشارت راند إلى: "أن الأهداف التي هاجمها حلف الناتو باستخدام الأسلحة النووية غير الاستراتيجية منذ بداية الحرب، إما في روسيا أو في دول الناتو (وهي دول البلطيق). خلال الحرب الباردة يمكن للناتو اذا اختار أن يشن هجمات نووية محدودة ضد أهداف عسكرية مربحة في دول حلف وراسو غير الروسية طوال الصراع".
وخلصت راند إلى أنه في نهاية المطاف يحتاج حلف الناتو إلى حشد قوات تقليدية كافية، لأن الأسلحة النووية التكتيكية ليست رادع ذا مصداقية، وحتى لو اختارت عدم التصعيد الحرب إلى "حرب شاملة" أو شن هجوم أوسع على أهداف في جميع أنحاء أوروبا، يمكن لروسيا أن تواصل هجماتها المحدودة على أهداف عسكرية لحلف الناتو. المشكلة هنا هي أن الناتو يفتقر إلى القوات التقليدية اللازمة لإبطاء أو وقف التقدم الروسي السريع.
