الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

السفير حسن عبد الرحمن لـ"الحدث": لهذه الأسباب الجاليات العربية ليست فاعلة

2019-12-10 01:34:10 PM
السفير حسن عبد الرحمن لـ
السفير حسن عبد الرحمن


 

خاص الحدث

أجرت صحيفة الحدث الفلسطيني لقاءً مع السفير حسن عبد الرحمن الذي شغل لسنوات طويلة منصب ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، حول أمور تتصل بالولايات المتحدة، خصوصا في عهد ترامب الذي يعد أسوأ عهد أمريكي تجاه القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

س1: حسب خبرتك بالسياسة الأمريكية الرسمية، هل ما اتخذه ترامب من قرارات تخالف السياسة الأمريكية التقليدية بشأن القدس والجولان والاستيطان وغيرها، ستلزم الإدارات القادمة سواء كانت جمهورية أم ديمقراطية؟

·       القرار الأخير للإدارة الأمريكية والذي أعلنه مايك بومبيو وزير الخارجية، والذي اعتبر أن المستوطنات لا تتعارض مع القانون الدولي وليست خرقا له، لا تلزم الإدارات الامريكية القادمة. ويمكننا أن نستذكر في هذا السياق، أن إدارة الرئيس ريغان في بداية الثمانينات اتخذت نفس الموقف، وأعلنت بأن الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وغزة والقدس) هي أراض متنازع عليها، وليست أراض محتلة، بعد أن كانت إدارة الرئيس كارتر وقبلها إدارة جونسون ونيكسون وفورد وكارتر، كانت جميعها تعتبر أن الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 67 هي أراض محتلة تنطبق عليها أحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 49.  كما أن إدارات الرئيس كلينتون والرئيس بوش والرئيس أوباما جميعها غيرت سياساتها ومواقفها تجاه الوضع القانوني، ودليلنا في ذلك اعتراف هذه الإدارات بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة في هذه الأراضي، وقد صوتت إدارة أوباما في مجلس الأمن على القرار الذي يعتبر المستوطنات غير قانونية.

 

س2:  منذ فترة وجيزة بدأ الديمقراطيون إجراءات إقالة ترامب، في تقديرك وأنت ما تزال على تماس مع الوضع الأمريكي الداخلي، إلى ماذا ستفضي هذه الإجراءات؟

·       الكونجرس الأمريكي أو بالأحرى مجلس النواب الذي يسيطر عليه الحزب الديمقراطي، أعلن اليوم لائحة الاتهام ضد الرئيس ترامب، وسيتم التصويت عليها في الكونغرس وإقرارها، ومن ثم رفعها إلى مجلس الشيوخ صاحب الحق دستوريا في محاكمة الرئيس. بما أن الحزب الجمهوري يشكل الأغلبية في مجلس الشيوخ وقرار العزل أو الإقالة يحتاج إلى ثلثي الأصوات، وليست هناك أمكانية تمرير القرار أو إقراره، الديمقراطيون يدركون ذلك، ويعرفون بأنه ليست لديهم الأصوات الكافية لإقالة ترامب. إلا أنهم أيضا، يحاولون أن يستغلوا عملية المحاكمة نفسها لإبراز وكشف المخالفات الدستورية التي أربكها ترامب، وفساد إدارته، للرأي العام الأمريكي، وذلك بهدف الاستفادة من كل ذلك في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة.

 

س3: بماذا تنصح صانع القرار الفلسطيني، بشأن التعامل مع الإدارة، علماً بأن القطيعة معها ليست مطلقة فالقناة الاستخبارية ما تزال تعمل؟.

·       من خلال تجربتي الطويلة كممثل لمنظمة التحرير الفلسطينية في الأمم المتحدة، لمدة ثمانية أعوام، ولأكثر من عشرين سنة ممثلا لمنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ثم كأول رئيس لبعثة فلسطين في واشنطن، والتي استمرت منذ أن اعترفت إدارة الرئيس كلينتون بنا كبعثة تمثيلية عام 1994، إلى أواخر سنة 2005، عندما نقلت إلى المملكة المغربية سفيرا لدولة فلسطين، أنا أستطيع فقط أن أتحدث انطلاقا من تجربتي التي امتدت لحوالي ثلاثين سنة في أمريكا، إلا أن تجربتي العملية في الولايات المتحدة والتي امتدت خلال عدد من الإدارات؛ علمتني، بأن هناك أكثر من طرف فاعل ومؤثر في صياغة السياسة الخارجية الأمريكية، وهذه الأطراف تشارك ولو بنسب متفاوتة. الرئيس وسلطته التنفيذية هم أصحاب القرار الرئيسي والنهائي، ولكن الكونغرس يعتبر شريكا رئيسياً للرئيس في صياغة السياسة الخارجية، وذلك من خلال الدور الرقابي الذي يمارسه الكونغرس في إقرار الميزانيات لعمل وزارة الخارجية الأمريكية، بما في ذلك إقرار المساعدات الخارجية للدول والمؤسسات التي تعمل كأذرع للسياسة الخارجية، ودور الكونغرس في الموافقة أو عدمها على تعيين سفراء أمريكا في الخارج والموظفين الكبار في وزارة الخارجية، كما يجب أن لا ننسى الدور الهام والفاعل لوسائل الإعلام الأمريكية، واللوبيات المختلفة، وتأثيرها على صانع القرار، وكذلك الأمر بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني.  لذلك علينا أن نضاعف جهودنا مع هذه القوى داخل الولايات المتحدة، حتى وإن اختلفنا مع سياسات الإدارة التي هي بدون شك حليف لليمين الإسرائيلي الديني والقومي المتطرف وشريك له. كما أن علينا أن نكون حذرين في خطابنا السياسي حول الولايات المتحدة بحيث لا يؤدي خطاب "النرفزة" إلى تنفير القطاعات الأخرى على الساحة الأمريكية التي قد يكون لها مواقف متعارضة مع السياسة الرسمية للإدارة، أو حتى مختلفة عنها. علينا أن نلتزم الدقة في طريقة التعامل مع مختلف هذه القوى والبحث دائما عن أرضية الاتفاق معها، ولو كان اتفاقا جزئيا، والعمل على تضييق شقة الخلاف معها وذلك من خلال الحوار المستمر مع أطرافها.

 

س4: أخيرا وعلى ضوء اطلاعك على الوضع الأمريكي ومؤثرات صنع القرار فيه، لماذا تبدو الجاليات العربية كثيرة العدد في أمريكا قليلة الفاعلية وكيف يمكن أن تصبح أفضل؟

           بخصوص الجاليات العربية وعدم مقدرتها على أن تكون أكثر فاعلية وذلك يعود إلى مجموعة من العوامل أهمها:

العرب الأمريكان، قليلو الخبرة في العمل السياسي على الساحة الأمريكية، وقلة منهم يعرفون آليات العمل التي يجب أن تبدأ محليا، أي في المدن والبلدان التي يسكنون فيها، وأن عليهم الانخراط في المجتمعات التي عليهم أن يتحولوا إلى جزء منها، حتى يصبحوا فاعلين فيها، وهذه العملية ليست بسيطة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن معظم العرب الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة هاجروا في السنوات الثلاثين الماضية، وهذه الفترة غير كافية لكي يتأقلموا ومن ثم ينخرطوا في الحياة العامة في مجتمعاتهم الجديدة، إلا أن الذي يدعونا إلى التفاؤل أن أبنائنا في الجيل الثاني والثالث حققوا نجاحات في كثير من المجالات، وهم ينظرون إلى أنفسهم كأمريكان من أصول عربية، وهذا مؤشر إيجابي. السؤال: كيف يمكن لقيادتنا أن تشعر هذا الكم الكبير من الشباب من أصول فلسطينية بأنهم شركاء، كما استطاعت الحركة الصهيونية أن تحول اليهود من جاليات إلى جزء من الشعب الامريكي.  وهذا الموضوع يحتاج إلى نقاش جدي واستراتيجية عمل مختلفة وأدوات وهيئات فلسطينية تفكر بطريقة مختلفة.