السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

صاروخ سارمات: ركيزة استراتيجية جديدة لروسيا

2020-01-23 09:41:12 AM
صاروخ سارمات: ركيزة استراتيجية جديدة لروسيا
صاروخ سارمات

 

 الحدث- جهاد الدين البدوي

نشرت صحيفة "81.cn" الصينية تقريراً قالت فيه، "في 24 ديسمبر الماضي، نشر الكرملين على موقعه الإلكتروني بيانًا ذكر فيه أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن بأن روسيا تتقدم على العالم لأول مرة في تطوير أسلحة متقدمة. بالإضافة إلى الأسلحة المتطورة التي تم تجهيزها بالفعل، تتقدم منظومات الأسلحة الروسية الأخرى كما كان مخططا لها، بما في ذلك الصاروخ الباليستي العابر للقارات سارمات".

تنقل الصحيفة الصينية عن قائد قوات الصواريخ الاستراتيجية الروسية سيرجي كاراكايف قوله: "قوات الصواريخ الروسية بدأت الاستعداد لاستبدال صاروخ "سارمات".

تتساءل الصحيفة عن الدور الذي سيلعبه صاروخ "سارمات"، وما نوع القدرات الذي يتمتع بها الصاروخ الروسي المنتظر؟

تضيف الصحيفة بأن صاروخ سارمات سيحل مكان صاروخ "SS-18" العابر للقارات، مؤكدة أن صاروخ سارمات المنتظر سيتفوق على صاروخ "SS-18"، وأن إجراء الاختبارات علناً يعني أنه سيدخل في الخدمة العسكرية قريباً.

توضح الصحيفة بأنه على الرغم من إجراء الاختبارات العلنية على صاروخ "سارمات" عام 2018 إلا أن تطوير الصاروخ الروسي بدأ قبل بذلك الوقت بكثير. وكجيل جديد من الصواريخ الباليستية الثقيلة العابرة للقارات والتي يبني عليها الجيش الروسي آمالا كبيرة، بدأ مكتب تصميم الصواريخ الروسي ماركيف في تطوير الصاروخ منذ 10 سنوات. وفي 2014، أعلنت روسيا علناً للمرة الأولى أنها تقوم بتطوير الصاروخ وأجرت عليه عدة اختبارات. وفي الوقت الحاضر يخضع هذا الصاروخ لاختبارات مكثفة ما قبل التحليق.

يعتقد بعض الخبراء أن فترة الاختبارات والتطوير التي امتدت لأكثر من 10 سنوات على صاروخ "سارمات" تعكس في الحقيقة شدة وتعقيد التطوير والتحديث، كما وتعكس توقعات الجيش الروسي العالية لأداء هذا النوع من الصواريخ.

تتابع الصحيفة: قد يكون هذا التحليل صحيحاً وقد تأخر الانتهاء من دخول الصاروخ حيز الاختبار؛ جزئياً، مقارنة بالإطار الزمني الذي حدده البرنامج الوطني للأسلحة والمعدات في الاتحاد الروسي 2011-2020، والذي يعكس جزئياً صعوبة البحث والتطوير.

وكان قائد قوات الصواريخ الاستراتيجية الروسية سيرجي كاراكايف أعلن في نهاية عام 2018، إنه من المتوقع تسليم صاروخ سارمات في 2020-2021.

تعود الصحيفة لطرح سؤال جديد، لماذا ظهر "سارمات" في هذا التوقيت؟ ولماذا حدث مثل هذا التغيير؟ الجواب حسب الصحيفة ليس معقداً، يعود لعوامل خارجية وداخلية وتأثيراتها المشتركة.

تفيد الصحيفة بأن المساحة الاستراتيجية لروسيا تقلصت منذ فترة طويلة تحت ضغط تحالف الناتو التي تقوده الولايات المتحدة. كان صاروخ "SS-18" العابر للقارات والذي يطلق عليه اسم "الشيطان-1" باعتباره واحداً من أفضل وأكبر الصواريخ في العالم في ذلك الوقت، وبغض النظر عن الحجم والشكل والقوة الوظيفية، فقد مثل الصاروخ صدمة للأعداء الاستراتيجيين. ولفترة طويلة، لعب هذا الصاروخ دور الردع.

تضيف الصحيفة بأن صاروخ "SS-18" ستنتهي خدمته العسكرية، لذلك قررت روسيا تطوير نوع جديد من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، ويمكنها هزيمة أي نظام دفاع صاروخي حالي ومستقبلي.

 تشير الصحيفة إلى أن صاروخ "SS-18" تم تصنيعه في أوكرانيا إبان الاتحاد السوفييتي، عندما كانت العلاقات بين أوكرانيا وروسيا طبيعية، وحينها تواصل الطرفان إلى تعاون بشأن صيانة وتطوير هذا الصاروخ عدة مرات، ولكن العلاقات بين الجانبين تدهورت في وقت لاحق، مما جعل روسيا تعمل على تصميم وتطوير صاروخ "سارمات". ومع تقدم روسيا في الإصلاحات العسكرية في السنوات الأخيرة، حقق النظام الهندسي العسكري الروسي اختراقات في التكنولوجيات ذات الصلة، مما جعل من الممكن تسريع البحث والتطوير لإنتاج صاروخ "سارمات".

توضح الصحيفة بأن التخطيط الروسي لثالوث القوة الاستراتيجية النووية، يمثل القوة النووية البرية نصف الحصة، وهي أساس وداعمة لقوتها النووية بأكملها.

تضيف الصحيفة بأن تطوير صاروخ "سارمات" سيجعله يحل مكان الصواريخ القديمة التي وصلت لعمر الشيخوخة. كما سيصبح صاروخ سارمات ركيزة استراتيجية جديدة لروسيا.

وفقاً للصحيفة الصينية، فإن وزن صاروخ "سارمات" وقت الإقلاع يصل إلى 200 طن، وحمولته القتالية 10 طن، فيما يصل مداه إلى 18000 كم، ويبلغ طوله 35.5 متراً، ويمكنه حمل 178 طنا من الوقود.

يعترف المجتمع الدولي بأن الصواريخ الباليستية التي يتجاوز مداها 8000كم، يطلق عليها اسم الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. بينما يصل مدى صاروخ سارمات إلى 18000 كم. وهذا يعني أن هذا الصاروخ إن أُطلق من داخل الأراضي الروسية يمكنه أن يضرب أي هدف على وجه الأرض بشكل فعال. وهو ما يمكن روسيا من حمايته بطريقة فعالة. كما أن روسيا أنتجت تصميمين من هذا الصاروخ بمدى مختلف.

ترى الصحيفة بأن صاروخ "سارمات" يمكنه حمل 10-15 رأسا نوويا، كما تفيد بعض المواقع الأخرى أن الصاروخ المنتظر يمكنه حمل 24 رأساً نووياً. ويعتقد خبراء أن صاروخ سارمات يمكنه تدمير مدينة أو دولة متوسطة الحجم.

وبحسب الصحيفة الصينية فإن صاروخ سارمات صمم بشكل دقيق حتى يكون قادراً على اختراق جميع أنظمة الدفاع الصاروخية الحالية والمستقبلية، وبالتالي فإنه يستخدم تقنية الاختراق مثل الرؤوس الفرعية أو الرؤوس الحربية المتعددة. والتي يمكنها تحديد أهداف مختلفة باتجاهات مختلفة أيضاً. ولضمان معدل نجاح كبير، فإن لديها أيضا أكثر من 40 فخاً، باستخدام نهج "مستتر وزائف" لضمان أن يضرب الرأس الحربي النووي الحقيقي هدفاً فعالاً.

وبالإضافة إلى ذلك، ومن أجل اختراق الأنظمة الدفاعية الصاروخية للخصوم الاستراتيجيين، يمكن لصاروخ "سارمات" أن يحمل رؤوسا نووية فرط صوتية من طراز "Yu-71".

ونوهت الصحيفة إلى أن صاروخ "سارمات" قادر على اجتياز كل شبكات صيد الصواريخ. وتزداد إمكانيات صاروخ "سارمات" في حال تجهيزه برأس "أفانغارد" الأسرع كثيراً من الصوت.

وباعتباره من الجيل الخامس من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي طورتها روسيا، اعتمد صاروخ "سارمات" نهجاً مركباً جديداً في التوجيه، يتم عبر الأقمار الصناعية، تفيد الصحيفة بأنه عندما تم تطوير صاروخ "SS-18" العابر للقارات من الجيل الرابع، كانت دقته في دائرة نصف قطرها 350 متراً، وعلى هذا الأساس أصبحت دقة صاروخ "سارمات" بدائرة نصف قطرها 200 متر.

تتساءل الصحيفة: بعد أن أصبح الوقود الصلب مصدراً أكثر تقدماً للطاقة بالنسبة للصواريخ الباليستية، لماذا لا تزال روسيا تستخدم الوقود السائل في صواريخها؟ السبب هو أن الوقود الصلب والسائل له قوته الخاصة، واختارت روسيا استخدام مزاياه.

يتميز الوقود الصلب بثقة عالية، فهو سهل في التخزين والاستخدام، كما لديه مزايا بتوفير المساحة والوزن، ولكن تركيبة الوقود الدافع للصاروخ وتعبئته كانت من المشكلات الفنية الصعبة للكثير من البلدان، والوقود السائل في معظمها سوائل غير قابلة للتخزين، ومن الضروري التخلص منه في أقرب وقت ممكن بعد إعادة التزود بالوقود، ومع ذلك فإن استخدام الوقود السائل يزيد قوة الدفع ويُطيل مدى الصاروخ ويسمح بتحميله بالمزيد من المتفجرات.

تعتقد الصحيفة بأن الجيش الروسي شكل نظاماً فريداً وتقنية فريدة في استخدام الوقود السائل لحل المشكلات ذات الصلة، لذلك تبنت روسيا محركات تعمل بالوقود السائل. هذا الإصرار جعل صاروخ "سارمات" يتمتع بتوجيه أكبر، ومدى أطول، وحجم أكبر من الحمولة القتالية، بالإضافة إلى أنه باستخدامه للتكنولوجيات الحديثة يجعله يحلق بسرعة أكبر ويزيد من صعوبة اعتراضه من قبل أنظمة الدفاع الصاروخي بشكل كبير.

بالنسبة للصواريخ الباليستية العابرة للقارات، فإن أكثر طرق النشر التقليدية هي نشرها في صوامع تحت الأرض. ومن المرجح أن يتم نشر صاروخ سارمات في صوامع تحت الأرض. ومن حيث الحجم من الممكن أن تكون نفس حجم صوامع صواريخ "SS-18"، وهذا سيسمح بنشر صاروخ "سارمات" مباشرة في نفس صوامع صواريخ "SS-18"، في ذات الإطار تحدث العديد من الخبراء أن روسيا تعمل على إنشاء صوامع حديثة وأكثر أمناً ومقاومة للضربات النووية.

تختتم الصحيفة الصينية تقريرها بالقول: "مع اقتراب موعد تسليم صاروخ "سارمات" لقوات الصواريخ الاستراتيجية الروسية، إلى جانب العديد من الصواريخ قصيرة المدى، والصواريخ الباليستية، ومنظومات الدفاع الجوي والصاروخي، وأنظمة الدفاع ضد الصواريخ الباليستية، تبني هذه النظم معاً نظاماً هجومياً ودفاعياً جديداً على الأرض، مما يعزز من قوة الردع وقوة الضربة الاستراتيجية الروسية، ويلعب دوراً رئيساً في الحفاظ على التوازن الاستراتيجي والحفاظ على الأمن القومي الروسي".