الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

النظام الدفاعي الروسي لا نظير له في العالم

2020-01-25 02:44:43 PM
النظام الدفاعي الروسي لا نظير له في العالم
نظام دفاع صاروخي روسي

 

جهاد الدين البدوي

نشرت صحيفة "كراسنايا زفيزدا" تقريراً تحدثت فيه أن القدرات والخصائص القتالية لنظام الدفاع الصاروخي الحديث أخذ بالتوسع باستمرار.

افتتحت الصحيفة تقريرها بالقول: على كل مسافر عندما يصل إلى مطار شيريميتيفو بالعاصمة موسكو أو ينطلق منه، عند الاقتراب من المطار في الجانب الشرق، يرى هرم رباعي يرتفع في احدى ضواحي العاصمة. هذا الجسم الفريد من نوعه، هو محطة رادارية ثابتة متعددة المهام، تم إنشاؤها كجزء من مهام الدفاع الصاروخي لموسكو. محطة "Don-2N" هي جزء من شعبة الدفاع التابعة لقوات الدفاع الجوي.

أجرت الصحيفة الروسية حواراً طويلاً مع قائد محطة "Don-2N"، الجنرال سيرغي غرابتشوك، وتحدث أنه منذ بداية خمسينيات القرن الماضي، عندما أصبح من المعروف أن الولايات المتحدة تقوم بتطوير صواريخ باليستية بعيدة المدى قادرة على حمل شحنات ذرية كبيرة، قرر الاتحاد السوفييتي انشاء نظام دفاع صاروخي تجريبي، وهو نظام "A" على ضفاف بحيرة بالكاش. وكان المصمم الرئيس للنظام هو غريغوري كيسونكو وهو الدكتور في العلوم التقنية.

يضيف الجنرال غرابتشوك: "سمحت لنا خمس سنوات من العمل الشاق الذي قامت به فرق ضخمة من العلماء والمهندسين والبنائين والمؤسسات الصناعية والعسكريين بإكمال العمل على إنشاء نظام تجريبي الذي يعرف باسم "A".

يوضح الجنرال الروسي أن نجاح هذا النظام كان في 4 آذار/مارس 1961، عندما دمرت أول قذيفة مضاده للصواريخ من طراز B-1000 في العالم، مزوده براس حربي عالي الانفجار، الجزء الرئيس من الصاروخ الباليستي R-12 الذي أطلق من موقع التجارب في "Kapustin Yar". حيث تم تدمير الهدف على ارتفاع 25 كم بسرعة تزيد عن 3 كم / ثانية.

يرى الجنرال غرابتشوك أن هذا الحدث يتناسب مع أهمية الإنجاز التاريخي الهائل التي حققته البشرية في القرن العشرين، مثل صناعة الأسلحة النوية، أول ارسال أول رحلة مأهولة إلى الفضاء. ومع ذلك، وبسبب حظر الموضوع، لم يقدم هذا الإنجاز العلمي والتكنولوجي السوفييتي على نطاق واسع إلى المجتمع الدولي. بل كانت هذه المعلومات متاحة لدائرة محدودة من الأفراد.

يضيف غرابتشوك بأن النتائج الإيجابية التي تحققت أثناء إنشاء نظام "A" أتاحت آفاق تطوير نظام دفاع صاروخي قتالي يهدف إلى اعتراض مجموعات صغيرة من الصواريخ الباليستية التي تهاجم عاصمة البلاد.

وبعد أن ثبت أن إنشاء نظام دفاع صاروخي حقيقة واقعية. بدأ العمل في 22 يناير/ كانون الثاني 1962 على تشكيل الوحدة التي عهد إليها بمهمة حماية العاصمة الروسية من الصواريخ المهاجمة.

ونوه غرابتشوك أن النظام الدفاعي المضاد للصواريخ الذي أنشئ حول موسكو مصمم للدفاع عن المدينة من الهجمات الصاروخية الباليستية للعدو من أي اتجاه، كما وتوعز له مهمة التحذير من هجموم صاروخي والسيطرة على الفضاء الخارجي. كما يضمن أفراد المجمع تشغيل النظام وصيانته للاستعداد للوضع القتالي.

كما وتم تزويد المجمع بنظام صاروخي استراتيجي، قادر على ضمان اعتراض عدة عشرات من الرؤوس الحربية، وأنواع حالية وواعدة من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والمتوسطة المدى، كما أنه مجهز بمجموعة من الوسائل للتغلب على أنظمة الدفاع الصاروخي المعادية.

في كل عام، تشارك التكوينات القتالية للمجمع في مناورات القيادة والأركان الإستراتيجية التي تتم تحت قيادة رئيس الاتحاد الروسي.

وبعد الانتهاء من التطوير والاختبار الناجح للنظام التجريبي "A" في موقع الاختبارات، اجتاز نظام الدفاع الصاروخي في تطويره مرحلتين. كما تم نشر نظام الدفاع الصاروخي من الجيل الأول من طراز "A-35M" والذي وضع في حالة تأهب في عام 1978، وتم انشاء الجيل الثاني للدفاع الصاروخي والذي بقي في حالة تأهب منذ عام 1995.

يعتبر نظام الدفاع الصاروخي مزيج من المعلومات المعقدة والمشتتة جغرافياً بالإضافة إلى أداء الأسلحة النارية، كما وتعمل بشكل مشترك، في الوضع التلقائي. وهي تتألف من محطة قيادة حاسوبية ومحطة رادارية "Don-2N"، ومواقع اطلاق، مع منصات اطلاق، وصوامع وصواريخ مضادة، ونظام بيانات واتصالات. يتم التحكم في النظام بواسطة خورزميات قتالية تنفذها برمجيات الكترونية.

تستطيع هذ المحطة أن ترى ما يتواجد في السماء على بعد آلاف الكيلومترات، وتستطيع تمييز الرؤوس المدمرة للصواريخ البالستية من الأهداف الوهمية الكاذبة، ويمكنها أن تكتشف مئات الأهداف البالستية وتوجّه عشرات الصواريخ الاعتراضية إليها.

في زمن السلم، يحل نظام الدفاع الصاروخي مهام صيانة مرافق النظام استعداداً للاستخدام، ويقوم بالأعمال المتعلقة بالكشف عن التدريب وإطلاق الصواريخ الباليستية، وإطلاق الصواريخ الفضائية، وتتبع الأجسام الفضائية.

وفي زمن الحرب، يعمل بشكل تلقائي لاعتراض الصواريخ الباليستية المهاجمة للعاصمة موسكو، كما أن قدرات هذا النظام تسمح له باعتراض جميع أنواع الوحدات القتالية.

ويضيف الجنرال غرابتشوك أنه تم انشاء نظام الدفاع الصاروخي بشكل صارم في إطار معاهدة معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية عام 1972، يتح تكوينها وخصائصها القتالية ما يلي: الحد من تهديد استخدام أسلحة الصواريخ النووية من قبل العدو، وضمان حماية مرافق القيادة والسيطرة العليا لاتخاذ قرار بشأن الأعمال الانتقامية، وزيادة عتبة الرد النووي. وبينما يعمل النظام الدفاعي الصاروخي في الخدمة الفعلية، ويؤدي مهامه في الدفاع الصاروخي عن موسكو، فإنه يضمن بشكل موثوق الأمن النووي لروسيا.

يفترض الجنرال أنه تم اطلاق صواريخ باليستية من قواعد عسكرية أو عبر غواصة، وبعد الانتهاء من مرحلة التحليق النشط من رحلة الصاروخ الباليستي، يتم تشكيل هدف باليستي مركب، والذي يتكون من رؤوس حربية تغطيها عشرات الأهداف الخاطئة، يتحرك هذا الهدف الباليستي المعقد نحو جسم دفاعي بسرعة تصل إلى سبعة كيلومترات في الثانية.

يتابع الجنرال: "أنه يتم تسجيل حقيقة إطلاق الصاروخ من قبل قيادتنا الفضائية لنظام التحذير من هجوم صاروخي، ويتم إجراء مزيد من تتبع الهدف البالستية المعقدة من قبل محطات الرادار، والتي هي المستوى الأرضي الثاني لنظام التحذير من الهجوم الصاروخي، والذي يقع على طول حدود بلدنا".

وإذا هاجمت الأهداف موسكو، فإن نظام الإنذار بالهجوم الصاروخي يولد التسميات المستهدفة لنظام الدفاع الصاروخي، والتي تبدأ دورة القتال.

ويبدأ النظام عمله القتالي بعد أن يتلقى إخطاراً بالهجوم الصاروخي. ويمكن أن يدوم  العمل القتالي عشرات الدقائق. ويتم اكتشاف الأهداف على بعد آلاف الكيلومترات. وفي الوقت نفسه، يتم باستمرار حل مهمة عزل الرؤوس الحربية عن الرؤوس الزيفة، وبعد تحديد الأهداف المطلوب تدميرها يتم إطلاق الصواريخ الاعتراضية. وقد يحتاج الأمر لتدمير الأهداف المزمع اعتراضها إلى ما يقل عن الدقيقة.

يضيف الجنرال أنه من دون شك، هو ابداع عظيم للعقل البشري الجمعي. وقد صممت المحطة للكشف عن أهداف الباليستية والفضائية، وتتبعها، وتحديد الإحداثيات، وتحليل تكوين الأهداف المعقدة وتوجيه أنظمة الدفاع الصاروخي. وهي قادرة على توفير رؤية متزامنة لنصف الكرة الارضية العلوي بأكمله، في مدى عدة آلاف من الكيلومترات.

شكل الوحدة هرمي، يبلغ عرضه أكثر من 140 متراً، بارتفاع 100 متراً. كما ويوفر الرادار المعالجة الرقمية لمختلف أنواع الإشارات الرادارية، مما يسمح بالكشف والصيانة التلقائية لعدة مئات من عناصر الأهداف البالستية المعقدة وفي الوقت نفسه للاشارة إليها في عدة عشرات من صواريخ أنظمة الدفاع.

 تتمتع المحطة بقوة عالية للإشارة المنبعثة، وحصانة عالية من الضوضاء، والتكرار المتعدد للمعدات، وهو ما يجعلها قادرة على اكتشاف الرؤوس الحربية من الرؤوس الزائفة، كما ولديها عاكسات ثنائية القطب، ومحطات تشويش نشطة على مسافات طويلة، وأكد الجنرال الروسي أنه لا يوجد مثيل لرادارنا في العالم.

وأشار الجنرال غرابتشوك إلى أن تدمير الرؤوس الحربية للصواريخ المهاجمة يتم بالصواريخ المضادة قصيرة المدى، وهي صواريخ سريعة لا يوجد مثيل لها في العالم، إذ تتجاوز سرعتها 3 كيلومترات في الثانية، أي أكثر من 4 أمثال سرعة طلقة رشاش كلاشنيكوف.

يوضح الجنرال أنه في شباط من عام 1994، شاركت أنظمة الرادار الخاصة بالنظام التجريبي الروسية والأمريكية في اطار برنامج "ODERACS" (المجالات المدارية لمعايرة الرادار للمراقبة وتتبع الشظايا المدارية). كان الغرض من التجربة هو اختبار قدرات أنظمة الرادار في روسيا والولايات المتحدة على اكتشاف الأجسام الفضائية الصغيرة. ومن خلال مكوك فضائي تم اطلاق ثلاث كرات يبلغ قطرها من 5-10-15سم. حيث كشفت جميع الرادارات الكراتب التي يبلغ قطرها 10-15سم، بينما استطاع رادار "Don-2N" وحده اكتشاف الكرة التي يبلغ قطرها 5 سم. أظهرت النتائج تفوق التكنولوجيا الروسية، والمستوى العالي من التدريب المهني للمتخصصين فيها.

يرى الجنرال الروسي أنه خلال الأنشطة اليومية،  فإن نتائج عمل نظام الدفاع الصاروخي على اكتشاف إطلاق الصواريخ البالستية وإطلاق الصواريخ الفضائية وتتبع الأجسام الفضائية مطلوبة باستمرار. كما وتم دمج نظام الدفاع الصاروخي في نظام موحد لدعم المعلومات المتعلقة بنظم الإنذار بالهجوم الصاروخية ونظم مراقبة الفضاء، مع إصدار معلومات عالية الدقة من هذه النظم في الوقت الحقيقي.

لصالح نظام الإنذار من الهجمات الصاروخية الباليستية، تستخدم نظم الدفاع الصاروخي بانتظام للكشف عن عمليات اطلاق الصواريخ الفضائية واطلاق الصواريخ الباليستية من قاعدة بليسيتسك أو من مركز بايكونور الفضائي، أو من موقع اختبار "Kapustin Yar" ومن مواقع عديدة لقوات الصواريخ الاستراتيجية، أو من الغواصات أو من بحر بارنتس أو من البحر الأبيض، أو من بحر أوخوتسك.

في كل عام، تشارك التشكيلات القتالية للمجمع في مناورات القيادة والأركان الإستراتيجية التي تتم تحت قيادة رئيس الاتحاد الروسي، والتي يتم في إطارها إطلاق العديد من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي تنطلق من الأرض ومن البحر.

ووفقاً لخطة المناورات، يتم اطلاق الصاروخ ياريس الباليستي العابر للقارات من قاعدة بليستسك، ويتم اطلاق صاروخ سينيفا الباليستي عبر غواصة من بحر بارنتس وبحر أوخوتسك. على طول ساحة المعركة في شبه جزيرة كامشاتكا.

يقوم نظام الدفاع الصاروخي باكتشاف جميع الصواريخ الباليستية، ويؤكد أن رؤس تلك الصواريخ وصلت إلى النقاط المستهدفة في الوقت المحدد.

وتحقيقاً لمصلحة نظام مراقبة الفضاء للعمل بأساس دائم، فإن مهام الكشف عن الأجسام الفضائية وصيانتها، وجمع المعلومات المختلفة، وتحديد معلومات مداراتها من أجل السلامة، تنفذ بصورة مستمرة. لضمان سلامة المحطة الفضائية الدولية، والمركبات الفضائية العاملة، وكذلك في حالات الطوارئ في الفضاء، يتم تنفيذها بشكل مستمر.

كما وتسمح الخصائص الفريدة لمرافق المعلومات في المنظومة بالكشف عن الأجسام الفضائية الصغيرة، مما يجعل من الممكن حل مشكلة رصد تلوث الفضاء بالحطام الفضائي. ولا يوجد أي نظام عالمي من هذا القبيل في القوات الجوية.

من أجل الحفاظ على الاستعداد المستمر للوحدات العسكرية في المجمع للقيام بمهام قتالية وغيرها، يتم تنظيم تدريب الافراد القتاليين، الذي يجري خلال أنشطة اليومية والواجبات القتالية.

يشير الجنرال أنه في عام 2019 تم اجراء أكثر من 600 تمرين تدريبي للوحدات القتالية، ومن أجل تقييم الاستعداد القتالي لنظام الدفاع الصاروخي، قامت الطواقم في ساحات المعركة بمراقبة أكثر من 300 جسم فضائي، وكان أكثر من 60 منها مهمة بشكل خاص.