الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الانخفاض الحاد في إيرادات الخزينة سيضعف قدرة الحكومة على دفع الرواتب (بعد شهر آذار)

لصالح تغطية نفقات أزمة كورونا الصحية

2020-03-17 04:15:16 PM
الانخفاض الحاد في إيرادات الخزينة سيضعف قدرة الحكومة على دفع الرواتب (بعد شهر آذار)
الحكومة الفلسطينية

 

 الحدث – كرمل ابراهيم

اعرب خبير اقتصادي لـ (الحدث) عن خشيته من أثر الانخفاض الحاد في الإيرادات المالية لخزينة السلطة الفلسطينية وانعكاس ذلك على ضعف قدرة الحكومة الكافية بما يمكنها من دفع رواتب موظفي القطاع العام الى جانب نفقاتها على اولويتها في مواجهة تداعيات الازمة الصحية الناتجة عن فايروس كورونا. 

وان كان حذر المستشار الاقتصادي د. نصر عبد الكريم في تصريح صحفي خاص بـ"الحدث" من التسرع في اطلاق الاحكام، وقال:" بدون اثارة حالة القلق، لننتظر ونرى حجم الايرادات من المقاصة المرتبطة بالتجارة مع الكيان الاسرائيلي ومع العالم" لكنه يتوقع ان يكون لدى الخزينة مقدرة على تسديد رواتب الموظفين الحكوميين عن شهر آذار الجاري، حيث لا توجد مشكلة في ذلك لكنه قال:"اخشى ان لا تكون الموارد المالية كافية ربما في شهري نيسان او أيار القادمين، لتغطية النفقات التشغيلية بضمنها رواتب الموظفين ان تراجعت حركة التجارة كثيرا، وتراجعت وانحسرت خيارات الافراد ومنشآت الاعمال مع مرور الزمن بحيث تصبح قدرتهم على الاستهلاك والاستثمار اقل وأثر ذلك على مدى قدرة السلطة الفلسطينية على توليد ايرادات".

وقال:"يجب ان تعالج الأمور بموضوعية وشفافية، فان عدم كفاية او تناقص ايرادات الخزينة العامة ليس خللا ولا عيبا في السلطة والحكومة الفلسطينية التي لديها ظروفها المختلفة عن ظروف باقي الدول، لا سيما ان ايراداتها الضريبية وغير الضريبية مرتبطة بقدرة الناس على الاستهلاك والاستثمار، وعندما يتباطأ الاقتصاد الى درجة العمل بحده الادنى، فمن الطبيعي ان تتراجع ايرادات السلطة الضريبية وغيرها، ربما بنسبة ليست بسيطة وعندها تصبح البدائل الأخرى متاحة والتي يمكنها اللجؤ لها ولكن ايضا في نطاق ضيق، فان تراجعت الايرادات تصبح الاولوية للرعاية الصحية ولدفع جزء منها للرواتب والتزامات الحكومة تجاه الغير".

وقال د. عبد الكريم:" من الطبيعي توقع تراجع الايرادات وان تجد السلطة الفلسطينية نفسها مضطرة لاجتزاء الرواتب لصالح النفقات المخصصة لاولويتها في مواجهة الازمة الصحية الناتجة عن وباء فايروس كورونا، في ظل تضرر منشآت كثيرة من هذه الازمة وهذا متوقع"

 ولكن لا يعتقد د. عبد الكريم ان رواتب الموظفين ستتأثر في شهر آذار الجاري، وربما ان استمر الوباء بالانتشار وان طالت الفترة الزمنية فمن المنطق والواقعية الشديدة ان نتوقع ضعف مقدرة السلطة على دفع الرواتب وكامل التزاماتها تجاه النفقات التشغيلية".

ودعا عبد الكريم، الحكومة ان تقرر ماهية اولوياتها، "لان اقتراضها من البنوك من اجل تعويض نقص ايرادات الخزينة قد لا يكون ممكنا، وان كان متاحا سيكون بحدود قليلة ولفترة زمنية محددة، بينما المساعدات الدولية ان لم تتوقف ستنخفض الى درجة كبيرة جدا لانه بات من الواضح تماما ان العالم كله منشغلا بحاله، وبالتالي هذا الملف قد لا يكون متاحا كما كان في السابق، مع وجود امكانية الحصول على مساعدات ولكنها لن تكون قادرة على تعويض الحكومة النقص في ايرادات خزينتها، وهذا يضعها امام تحدي كبير في مستحقات دفع الرواتب".

وحول تأثير حزمة الاجراءات التي اتخذتها سلطة النقد الفلسطينية الخاصة بالجهاز المصرفي والمؤسسات التمويلية، فاكد د. عبد الكريم، انه لا يوجد لها عائد اضافي على الخزينة العامة، ولكنه قال مستدركا:"ان هذه الاجراءات تحد من التأثير العام على الاقتصاد، بمعنى انها تعالج ازمة السيولة في البلد جزئيا، بضخ 1.4 مليار دولار في الاقتصاد خلال اربعة الاشهر التي حددتها سلطة النقد في اجراءاتها واجلت فيها دفع اقساط القروض المستحقة للافراد والمؤسسات والتي تقدر قيمتها الاجمالية بحوالي 3.7 مليار دولار،  واذا تأجلت هذه الاقساط خلال الاشهر المحددة فنحن نتحدث عن سيولة ستبقى بيد المواطنين والشركات والمنشآت بمعنى انها تتاح لهم هامش اوسع للايفاء بالتزاماتهم واحتياجاتهم الاساسية".

واضاف عبد الكريم، "ان ضخ هذه الاموال في السوق ستساعد أسر وشركات على الاستمرار في العمل والنشاط والانفاق الاستهلاكي والاستثماري، ف مع كل انفاق استهلاكي او استثماري يصبح هناك توفير ايرادات لخزينة السلطة على شكل ضرائب قيمة مضافة او دخل، ولذلك فهذا ممكن ان يوفر بعض المال لخزينة السلطة بمعنى انها لا تجعل الايرادات تتناقص بشكل حاد يعوضها قليلا عن النقص الحاصل والمتوقع في ايراداتها".

ولكن نبه د. عبد الكريم، من التدني الكبير في النزعة نحو الاستهلاك والاستثمار، وهذا يشير الى ان توفير قسط القرض البنكي قد لا تنفقه الاسر والشركات كما كانت تفعل في السابق وقد تكون حذرة جدا في انفاقه، ولذلك يصبح هناك نوع من الحذر وليس بالضرورة ان كل ما يوفر من هذه الاقساط ان يعاد ضخه مرة اخرى في السوق والمشاريع الاقتصادية، صحيح ان جزء منه سيضخ فيه ولكن الجزء الاخر ربما يبقى على سبيل الاحتياط لدى الافراد والشركات، وبالتالي قد تكون هناك تأثيرات ولكن ليست بالمبالغ الكبيرة التي تساوي قيمة الاقساط المؤجلة 1,4 مليار دولار، لاننا سنفترض تراجع نزعة الناس او شهية الاستثمار والاستهلاك، ولكن علينا ان لا نرفع توقعاتنا بان هذه ستحل الأزمة".