السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

صراع ناغورني قره باغ.. إعادة لترتيب القوى الإقليمية

2020-11-12 10:32:13 AM
صراع ناغورني قره باغ.. إعادة لترتيب القوى الإقليمية
تعبيرية

الحدث- جهاد الدين البدوي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريراً لمراسلها في موسكو أنطون ترويانوفسكي، تناول فيه أن الصراع المحتدم في ناغورني قره باغ أبرز روسيا كوسيط قوي عندما أبرمت موسكو اتفاق السلام، ودعمت تركيا انتصار أذربيجان.

استهل الكاتب تقريره بالإشارة إلى أن نشر قوات حفظ السلام الروسية في منطقة عرقية أرمينية في جبال القوقاز يوم الثلاثاء، عزز المكاسب الأذربيجانية في حرب وحشية استمرت ستة أسابيع، مما أعاد ترتيب الجغرافيا السياسية في منطقة مضطربة.

يضيف الكاتب أنه كان هناك ابتهاج في باكو، عاصمة أذربيجان، وحزن وغضب في يريفان، عاصمة أرمينيا. وقد لقي أكثر من 1300 جندي حتفهم في الجانب الأرمني من الصراع الممتد منذ أواخر أيلول/سبتمبر، عندما انفجر توتر دام ربع قرن بشأن المنطقة المتنازع عليها، في ناغورني - قره باغ، إلى حرب مفتوحة.

يوضح الكاتب بأن أذربيجان نجحت إلى حد كبير في استعادة الأراضي التي كانت تابعة لباكو بموجب القانون الدولي، ولكن كانت تسيطر عليها أرمينيا بحكم الأمر الواقع منذ الحرب السابقة للبلدين، في أوائل التسعينات. وفى وقت متأخر من ليلة الاثنين، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الجانبين اتفقا على وقف القتال في اتفاق تنازل عن المزيد من الأراضي لأذربيجان، لكنه احتفظ بالسيطرة الأرمنية على بعض الأراضي، بما في ذلك عاصمة ناغورني قرة باغ.

وذكرت وزارة الدفاع الأرمينية في بيان لها "لقد أثبتنا مرة أخرى أن لدينا جنوداً وضباطاً وجنرالات لا يقهرون مستعدون للتضحية بحياتهم من أجل الدفاع عن وطننا الأم المقدس دون تفكير". وأضاف "لكن حان الوقت لوقف إراقة الدماء".

وقد أظهرت لقطات فيديو بثتها وسائل إعلام روسية قوات روسية تقود سيارتها نحو ناغورني قرة باغ، مما يؤكد الفوز الجيوسياسي للسيد بوتين لوساطة السلام بين بلدين اعتادا أن يكونا جزءاً من الاتحاد السوفييتي. ولكن وراء دراما اليوم تكمن القوة الإقليمية المتنامية لتركيا، التي دعمت أذربيجان بقوة في الصراع واحتفلت أيضا يوم الثلاثاء بالانتصار.

يتابع الكاتب: وقد تحدث السيد بوتين مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أربع مرات على الأقل منذ بدء الحرب في 27 سبتمبر كان آخرها يوم الثلاثاء. وأشاد مولود جاويش أوغلو، وزير الخارجية التركي، باتفاق السلام ووصفه بأنه "نجاح كبير وانتصار لأذربيجان".

وبموجب الاتفاقية، سيتم نشر حوالي 1960 من أفراد القوات الروسية المسلحة و90 عربة مدرعة لمدة خمس سنوات على الأقل لحماية خط التماس بين القوات الأرمنية والأذربيجانية في المنطقة وعلى طول الطريق الذي يربط منطقة ناغورني قرة باغ الخاضعة للسيطرة الأرمينية. واحتفظت أذربيجان بالسيطرة على مدينة شوشة على قمة التل، وهي مكان ذو أهمية تاريخية واستراتيجية للبلدين، واستولت عليه في الأيام الأخيرة.

يرى الكاتب أن مستقبل المنطقة سيبقى مجهولاً، بما في ذلك الدور المحدد لقوات حفظ السلام ومدى سرعة إعادة توطين الاذربيجانيين في المناطق التي تم استعادتها. فقد شردت الحرب في أوائل التسعينات مليون شخص، معظمهم من الأذربيجانيين، وكانت الضغوط التي مارسها أولئك الذين أجبروا على الفرار من ديارهم من بين العوامل التي دفعت الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف إلى استعادة الإقليم بالقوة.

وقال زاور شيرييف المحلل في مجموعة الأزمات الدولية في جنوب القوقاز في مقابلة هاتفية من العاصمة الاذربيجانية ان "ذلك يجلب لباكو ما فشلت طويلاً في تحقيقه من خلال المفاوضات".

وأضاف شيرييف انه استيقظ بعد الساعة الثالثة من فجر الثلاثاء على ضجيج الاحتفالات بالشوارع، وقال: إن الناس رفعوا أعلام أذربيجان وتركيا وحتى "إسرائيل" - وهي الدولة التي باعت إلى أذربيجان بعض الطائرات بدون طيار ذات التكنولوجيا الفائقة التي قلبت التوازن العسكري لصالح باكو.

وكان بعض الأرمن غاضبين من رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، الذي وقع اتفاق التنازل عن الأراضي الأرمينية. وأطلق المتظاهرون صيحات "أين نيكول؟" "أين هذا الخائن؟". واقتحم المتظاهرون منزل باشينيان، كما اقتحموا البرلمان وضربوا رئيس البرلمان ارارات ميرزويان الذي أحتاج إلى إجراء عملية جراحية.

ودعا سياسيون معارضون إلى استقالة باشينيان، ووسط الاضطرابات، نشر رئيس الحكومة باشينيان على الفيس بوك صباح الثلاثاء أنه في أرمينيا يواصل عمله كرئيس للوزراء. وقد كافحت قيادة البلد لإقناع الجمهور بأنه ليس أمامها خيار سوى وقف القتال الآن، لأن أرمينيا تكبدت خسائر فادحة في الأرواح والأراضي.

وقال السيد باشينيان في بث مباشر على فيسبوك يوم الثلاثاء، وفقاً لوكالة أنباء انترفاكس الروسية: "لقد اتخذت هذا القرار بعد أن ظل الجيش يصر لفترة طويلة على ضرورة اتخاذ مثل هذه الخطوة". مضيفاً أن " الجيش قال إنه من الضروري التوقف وإن هناك بعض المشاكل إما ألا يرى امكانات لحلها أو أن الموارد اللازمة لحلها قد استنفذت".

وقال ريتشارد غيراغوسيان مدير مركز الدراسات الاقليمية في يريفان ان "صدمة الضحايا عادت". مضيفاً أن "هناك شعور بأن العالم والغرب تخلى عنا".

وقال تاتول هاكوبيان وهو صحفي أرميني غطى المنطقة منذ أكثر من 30 عاماً أن إطلاق النار بالأسلحة الخفيفة كان مسموعاً من عاصمة ناغورني قرة باغ، ستيباناكيرت يوم الأحد، مشيراً إلى أن القوات الأذربيجانية ضيقت الخناق عليها. ويبدو أن الخسائر المتزايدة تضغط على أرمينيا لقبول مكاسب أذربيجان الإقليمية من أجل وقف القتال.

وأضاف هاكوبيان: "لقد خسرنا الحرب، وهذا الواقع المأساوي يجب أن نقبله".

وذكرت وزارة الدفاع الأرمينية صباح اليوم أنه تم تعليق العمليات القتالية على طول خط الجبهة، حيث سيتم نشر قوات حفظ السلام الروسية. وفي أذربيجان، وصف السيد علييف الاتفاق بأنه واحد من أعظم انتصارات بلده.

وأضاف علييف خلال تغريدة على تويتر: "نحن فخورون بشعبنا، وبقواتنا المسلحة، وبالنسبة لشعبنا؛ فهذه الأيام أسعد الأيام".

يؤكد الكاتب أن نهاية الحرب تشير إلى إعادة شاملة لرسم الخريطة الأمنية لجنوب القوقاز، وهي منطقة مضطربة تقع بين تركيا وروسيا وإيران، وقد حددت التسوية دوراً حازماً ومتزايداً لتركيا في المنطقة.

ويرى الكاتب بأن الدور الرائد لروسيا في وقف القتال يظهر أن موسكو لا تزال اللاعب الأكثر نفوذاً في جنوب القوقاز. وقد كان بعض الأرمن يأملون في دور روسي أكثر قوة في الحرب، حيث أبرم البلدان معاهدة دفاع مشترك.

ووفقاً للصحفي هاكوبيان فإن قرار روسيا إرسال قوات حفظ سلام هو الذي أنقذ الأرمن من وقوع المزيد من أراضي ناغورنو قرة باغ- بما في ذلك ستيباناكيرت - تحت السيطرة الأذربيجانية. مضيفاً: يدرك الأرمن الأذكياء والرصينون أن الروس تدخلوا بطريقة أنقذت قرة باغ نفسها.