الخميس  18 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خبير أمني: لا أحد في منطقة الشرق الأوسط يريد الحرب

2020-12-01 10:30:10 AM
خبير أمني: لا أحد في منطقة الشرق الأوسط يريد الحرب
تعبيرية

الحدث- جهاد الدين البدوي

نشرت شبكة "CNN" الإخبارية تقريراً تحليلياً أعده محرر الأمن الدولي في الشبكة، نيك باتون والش، وأشار فيه إلى أن الهدف الواضح لأعداء إيران، وربما لإيران نفسها، في الأيام الخمسين المقبلة - قبيل تنصيب رئيس الولايات المتحدة - أن يكونوا معادين قدر الإمكان، دون البدء في الواقع صراعاً شاملاً. وهو ما أطلق عليه فن الحرب الفعلية.

ترجمته الحدث وجاء فيه:

وفي منطقة تتسم بالاضطراب والتوتر مثل منطقة الشرق الأوسط، فإن مثل هذه التصريحات واسعة النطاق التي تتهم "إسرائيل" بالوقوف خلف عملية اغتيال العالم النووي الإيراني فخري زاده- من الممكن أن تنطوي على خطر أن يؤدي رد فعل غير متوقع، إلى حدوث صراع متهور.

وأبرز ثلاثة عوامل من شأنها أن تجنب المنطقة حرباً شاملة:

أولا: على صعيد الولايات المتحدة التي تعتبر اللاعب الأكبر والأقل مشاركة، ربما يبذل فريق الرئيس دونالد ترامب كل ما في وسعه لاستفزاز المتشددين الإيرانيين، لكن الصراع واسع النطاق مع طهران لا يتماشى تماماً مع أجندتهم طويلة الأمد. إنهم مشغولون بمغادرة أفغانستان والعراق. لقد قاموا بحملة لإنهاء الحروب التي لا نهاية لها. ومن المرجح أن يؤدي الصراع الشامل مع إيران إلى اندلاع حريق آخر، مع وجود دبلوماسيين أمريكيين و"إسرائيل" حليفة أمريكا في خط النار أمام صواريخ حزب الله أو الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى. وستتصاعد الحرب بسرعة كبيرة، لهذا السبب لم تصل الإجراءات الأمريكية إلى حد ضرب إيران نفسها. ولكن تريد إدارة ترامب خلق أكبر قدر ممكن من الكراهية لجعل المصالحة في المستقبل مستحيلة. فالأمر بهذه البساطة.

ولكن ربما يكون ذلك أيضاً سوء تقدير لإدارة منتهية ولايتها قد يفيد خليفتها في نهاية المطاف. فالرئيس المنتخب جو بايدن يريد إعادة إطلاق الاتفاق النووي لعام 2015، الذي يفترض أن يكون أوسع قليلاً في نطاقه وبشروط أطول، إن أمكن. لقد أوضح ذلك بالفعل. وخلال ذلك الوقت قد تضطر إيران إلى تحمل أعمال عدوانية من شأنها أن تحرجها، لجعلها تبدو غير قادرة على الدفاع عن نفسها وكبار مسؤوليها بشكل صحيح، حتى نرى في نهاية المطاف الجميع على طاولة المفاوضات. ولن يعيق تقدم بايدن نحو التقارب مع إيران نوبة هائلة من التوتر والكراهية. يمكنه إلقاء اللوم على ترامب وتقديم صفقة أقل ملاءمة لجعل كل شيء يتوقف.

ثانياً: على صعيد إيران، على الرغم من أصوات الصقور فيها، فإنها ليست في وضع يسمح لها بتحمل صراع شامل، وقد اجتاحت جائحة "Covid-19" مدنها وكبار المسؤولين فيها. واقتصادها في حالة يرثى لها. فقد فقدت أبرز شخصية عسكرية لها في كانون الثاني/يناير - وهو قاسم سليماني، الذي تم اغتياله بطائرة أمريكية بدون طيار خارج مطار بغداد - ولم تنتقم إيران بعد بشكل علني من تلك الإهانة، على الرغم من تعهدها بذلك. وإذا لم تتبنَ إيران فكرة الحرب شامل على ذلك الاغتيال، فإن اغتيال فخري زاده لا يبدو مبرراً للحرب. كما وتلوح في الأفق انتخابات رئاسية في إيران سيواجه فيها الرئيس حسن روحاني المتشددين الذين يسعون لتغيير موقف الحكومة المعتدل. ومع ذلك، من المرجح أن تكون أكبر مشكلة في الانتخابات هي انخفاض نسبة المشاركة. ومن غير المرجح أن تؤثر نتائجها على صانع القرار الحقيقي في إيران، المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

ومن الواضح أن خطة إيران أطول أمداً ومشبعة بالاعتراف بأنها ستخسر- في صراع شامل مع الولايات المتحدة و "إسرائيل" والحلفاء الآخرين المناهضين لإيران في المنطقة – لذلك وبالمعنى التقليدي، ربما لا تلحق سوى أضراراً تقليدية بخصومها يمكن السيطرة عليها.

إن الحرب الآن لا معنى لها بالنسبة لإيران على الإطلاق. لذا، سنرى مطالب ضخمة تحريضية للانتقام، ولكن لا شيء في ردها سيتطلب رداً مضاداً من أعدائها. وقد تم إجراء ذلك ابان الانتقام لاغتيال الجنرال سليماني، ومن غير المرجح أن تكون إيران عازمة على أكثر من ذلك رداً على اغتيال فخري زاده، وهو رجل لم يسمع به إلا القليلون. ومن غير المرجح أيضاً أن يكون شخص بارز إلى هذا الحد لا يزال يحمل المجموعة الوحيدة من المفاتيح لأي خطط معقدة ما زالت إيران تعمل على تحقيقها على قدم وساق (فهي تقول إن أياً منها لا ينطوي على أسلحة نووية). كما ان هذه الاغتيالات المستمرة لمسؤوليها الأكثر تأميناً، هي مجرد أعمال محرجة لها، وتجعلهم يتساءلون ومرة أخرى عن التغييرات التي يمكنهم الحصول عليها من بايدن.

ثالثاً: على صعيد "إسرائيل"، وهي الخصم المفترض الذي يحاول دفع الجميع إلى القتال. وقال لنا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "أن نتذكر هذا الاسم" فخري زاده في خطابه الذي يروج للمواجهة لوقف البرنامج النووي الإيراني في نيسان/أبريل 2018. ومن الواضح أن من مصلحة "إسرائيل" أن تبقى القوة النووية الوحيدة في المنطقة- حيث أنه بصراحة من مصلحة الجميع أن يبقى العالم خالياً من الأسلحة النووية. ولكن "إسرائيل" أيضاً ليست في قمة الذرة الآن، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالآفاق السياسية لنتنياهو. وهو يواجه انتخابات محتملة أخرى في العام المقبل، وخسارة حليفه الرئيس ترامب، الذي بذل قصارى جهده لإرضاء اليمين "الإسرائيلي".

"إسرائيل" لا ترغب في الذهاب بمفردها لمواجهة إيران. فهي لن ترغب في تحمل صواريخ من شمالها وشرقها، مهما كانت أنظمة الحماية المتقدمة التي تمتلكها، عندما يكون المستقبل السياسي لنتنياهو غامضاً إلى هذا الحد. إذا كانت "إسرائيل" وراء هذا الاغتيال السري الواضح – بحسب الادعاءات التي لم تعلق عليها- فإن رسالتها لها ثلاثة أغراض. "نعم، من أجل استعداء صقور إيران وتقليل احتمالية نجاح الجهود الدبلوماسية" القادمة من قبل بايدن.

ولعملية الاغتيال رسالة أخرى، مفادها: أن صقور إيران ليسوا جيدين في الدفاع عن أهم شخصياتهم البارزة - وأن صقور إيران ضعفاء. كما أنها ترسل برسالة أيضاً إلى إدارة بايدن القادمة.

وبالنسبة لفريق بايدن، من المرجح أن يكون نتنياهو مشكلة يتعين حلها أكثر من كونه حليفاً له، كما أن عملية الاغتيال تشير في تلك العلاقة المتصدعة على الأرجح مع الرئيس الأمريكي الجديد إلى أن "إسرائيل" قادرة على القيام بأشياء مفيدة وعدوانية للبيت الأبيض. ولا يعيق ذلك أن يكون بايدن الشرطي الصالح، عندما أظهر الشرطي السيء للتو أنه قادر على قتل أحد أثمن الموارد البشرية في إيران في ضواحي طهران الآمنة.

إن الشرق الأوسط يتفوق في التقلبات، وتصاعد التعصب، والخطابات والأعمال المتفجرة، أي جزء آخر من العالم. ولكن الحروب تحتاج إلى جميع الأطراف لكي تشتعل بشكل صحيح. وليس لدى إيران والولايات المتحدة و "إسرائيل" سبب ملح للصراع الآن. لذا، من المرجح أن نرى المزيد من التحريض على الحرب في الأشهر المقبلة. لا يسعنا إلا أن نأمل ذلك.