الثلاثاء  16 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الحركة الكشفية الفلسطينية وفقدان الجوهر.. بين مقاومة الاستعمار والتسلح بالطبول

2020-12-03 10:55:47 AM
الحركة الكشفية الفلسطينية وفقدان الجوهر.. بين مقاومة الاستعمار والتسلح بالطبول
أرشيفية

الحدث - سوار عبد ربه

بدأت محافظات الوطن بنصب أشجار الميلاد استعدادا لإنارتها، إيذانا ببدء موسم الأعياد المجيدة في فلسطين، حيث تنطلق كل عام مراسم الاحتفال المتنوعة على امتداد شهر كانون الأول، ولا تكتمل الاحتفالات دون العروض الكشفية، التي تضفي على المكان فرحا وبهجة، مستخدمة بذلك الطبول والمارشات والمعزوفات الدينية والتراثية، إضافة إلى النشيد الوطني الفلسطيني.

وللحركة الكشفية في فلسطين امتداد تاريخي، يرجع إلى زمن الانتداب البريطاني، حيث شهد العام 1912 ميلاد أول فرقة كشفية فلسطينية، وانتشرت بكثرة في أرجاء فلسطين بعدما أرفقت بريطانيا العمل الكشفي كنشاط اجباري في المدارس الحكومية.

يقول رئيس مفوضية رام الله والبيرة للكشافة والمرشدات محفوظ  قاحوش: "بدأت الحركة الكشفية في فلسطين في زمن انهيار العهد التركي ودخول بريطانيا إلى فلسطين وتقسيم البلاد من خلال الاتفاقيات، ففي فلسطين كانت مدرسة اسمها سانت جورج في القدس وهي مدرسة بنظام بريطاني، أسست فيها أول فرقة كشفية، وسجلت لاحقا كأول فرقة أهلية".

وبعدها تبعتها الفرق في المدرسة الرشيدية بالقدس، فمدرسة روضة المعارف، فكلية النجاح الوطنية بنابلس، وصولا إلى ما يقارب 100 مجموعة كشفية وإرشادية في الضفة الغربية، و30 مجموعة في قطاع غزة.

وكان للحركة الكشفية الفلسطينية الدور الأبرز في ثورة عام 1936 في إشعال النضال ضد المستعمر، فوقفوا في الصفوف الأولى يدعمون الثورة بشتى السبل والأنشطة الميدانية.

يضيف قاحوش لـ "الحدث": "بدأت تتدرب هذه الفرق من أجل الدفاع عن فلسطين وظل هذا النشاط قائما إلى أن قسمت فلسطين بعد نكبة عام 1948 إلى: قطاع غزة التي أنشئت فيها الهيئة العامة للكشافة الفلسطينية، والضفة الغربية التي أصبحت جزءا من الكشافة الأردنية".

وأوضح رئيس مفوضية رام الله والبيرة للكشافة والمرشدات، أن الاحتلال الإسرائيلي كان يمنع التجمعات الشبابية أو أي مؤسسات تخوض العمل الشبابي، فتأسست أول رابطة في الضفة الغربية للكشافة بشكل سري، وكانت لها نشاطاتها ومخيماتها،  لكنها محدودة وفي مناطق محددة، ووجدوا صعوبة في الانتشار بالخلاء الذي يعتبر أساس الحركة الكشفية.

وفي عام 1970 تم تأسيس جمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينية، بقرار من منظمة التحرير الفلسطينية، واعتبارها امتدادا للهيئة العامة الفلسطينية  للكشافة والمرشدات.

وتأثرت الحركة الكشفية بالمشهد السياسي حيث حظيت باعتراف دولي قبل عام 1948 ومن ثم سحب هذا الاعتراف وأعيد بعد أوسلو بصفة عضو مراقب في الحركة الكشفية العالمية واستكمل الملف عام 2016.

وبحسب قاحوش: "الآن نحن أعضاء في المنظمة الكشفية العربية ومؤسسة كشافة الأرثوذوكس العالمي والكاثوليك العالمي والمسلم العالمي وجميعهم يقعون تحت منظمة الكشافة العالمية مما يتيح لنا المشاركة في جميع المؤتمرات والدورات".

وكان للمجتمع المحلي نصيب وافر من اهتمام الكشافة الفلسطينية وخاصة الكشافة المدرسية في مرحلتي الأشبال للفتيان والزهرات للفتيات (6-11 عاما) والكشافة للفتيان والمرشدات للفتيات (11-16 عام).

حول هذا يقول مشرف الكشافة والمرشدات في وزارة التربية والتعليم محمود أبو خليل لـ "الحدث": "من المهام التي تقوم بها الفرق: أعمال تطوعية  في المجتمع المحلي مثل المساعدة في قطف الزيتون، زيارة بيت المسنين وتقديم الهدايا لهم، تنظيف المساجد والشوارع والمقابر والمدارس والكثير من الأعمال التطوعية".

ويتابع أبو خليل: "يقوم المعلم بتدريبهم على نظام السير والمحافظة على النظام والنظافة ومساعدة الآخرين، إلى جانب حصولهم على دورات من قبل مختصين كدورات: إسعاف أولي وإخلاء وصحة عامة".

بدورها، تقوم وزارة التربية والتعليم العالي بعقد مخيمات وتجمعات كشفية مركزية تجمع فيها ما يقارب مئة طالب موزعة على مدارس المديرية لمدة لا تقل عن خمسة أيام مع مبيت.

ويرى مشرف الكشافة أن هذه التجمعات تفيد الطالب بالاعتماد على نفسه، وتقوي شخصيته، لأنها تدرب الطلاب على مهن صناعية كثيرة منها الحدادة والنجارة والكهرباء، إلى جانب الالتزام والنظام والنظافة.

في المقابل، ضلت الحركة الكشفية طريقها وانحرفت عن مسارها الأساسي مع مرور الوقت فأدخلت الآلات الموسيقية، كالآلات النحاسية وأدوات النفخ والقرب وغيرها بهدف جلب أكبر عدد ممكن من الشباب للقيام باستعراضات في مختلف المناسبات الوطنية والدينية.

وفي هذا الشأن يقول رئيس مفوضية الكشافة والمرشدات الفلسطينية الذي أمضى 60 عاما في العمل الكشفي: "إن الجوهر الأساسي للحركة الكشفية هو بناء الشخصية من خلال المخيمات التي يتعلمون فيها بناء الخيام، استعمالات الحبال، إعداد الطعام، حراسة حفلات السمر، التنمية، قيادة الشباب، إدارة الفرقة، تنمية القائد، والتنمية الاجتماعية، الرياضية، الدينية والفنية وهذا كله يختلف عما نراه اليوم من استعراضات كشفية لا تمت لجوهر الحركة الكشفية".