الخميس  28 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

لماذا يركز كوشنير ونتنياهو على التطبيع مع السعودية؟ بقلم: راسم عبيدات

2020-12-12 08:22:44 PM
لماذا يركز كوشنير ونتنياهو على التطبيع مع السعودية؟ بقلم:  راسم عبيدات
راسم عبيدات

 

لا شك ان  الزحف التطبيعي العلني العربي الرسمي والذي وصل حد الفجور بإنضمام دولة بحجم السعودية،  الى ناديه سيعطيه زخماً كبيراً،فالسعودية تطرح نفسها كقائدة للعالمين العربي والإسلامي،وهي وضعت بيضها كله في سلة ترامب،ومحمد بن سلمان ولي العهد السعودي،دفع له مئات المليارات خاوة،وراهن عليه في الحفاظ على عرشة وتحصينه من أي عقوبات او محاكمات تطاله بسبب انتهاكاته الكبيرة لحقوق الإنسان والمعتقلين....وكذلك تقطيع وتذويب مواطن بلاده الخاشقجي في سفارة بلاده أيضاً في تركيا،وهو متخوف جداً مع قدوم بايدن ان يتم فتح هذا الملف ويساق الى المحاكمة...بن سلمان عقد قمة عربية - إسلامية في أيار/2017 ودعا اليها ترامب،لكي يقول له بانه قائد العالمين العربي والإسلامي بلا منازع،ودفع له المليارات من الدولارات،التي اتت على الأخضر واليابس من مدخرات وإحتياط المملكة المالي ،بحيث ان ضرع البقرة الذي تعود على حلبه ترامب قرب ان يصل مرحلة الجفاف.....السعودية تطرح نفسها صاحبة المبادرة العربية للسلام،تلك المبادرة المطلوب في ظل الهرولة والفجور التطبيعي الرسمي التخلي عنها،وقد عبرت المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة كيلي كرافت عن ذلك بصراحة،عندما قالت يجب شطب ما يسمى بالمبادرة العربية للسلام،السعودية أدخلها بن سلمان في سلسلة متوالية من الأزمات والمأزق تلو المأزق وهي غير قادرة على الخروج منها،مأزق حربها العدوانية على اليمن،حيث تمارس القتل والتجويع والحصار بحق اليمن وأطفاله وفقرائه،ولكنها بعد ست سنوات وجدت نفسها تغوص في المستنقع اليمني،دون ان تستطيع التراجع او التقدم،بل من الواضح ان اليمن يطور توازن ردع ورعب مع مملكة أل سعود،ويتحول من الدفاع الى الهجوم بالمسيرات والصواريخ البالستية الدقيقة وطويلة المدى،والتي باتت تهدد اهداف استراتيجية عسكرية واقتصادية ونفطية في قلب السعودية،قواعد عسكرية وجوية ،حقول ومنشئات نفطية ومستودعات تابعة لشركة أرامكو النفطية،ولعل الأزمة الكبرى والمأزق الأكبر الذي يعيشه بن سلمان هو خسارة ترامب للإنتخابات الذي راهن عليه لحمايته ومنحه الحصانة،وشق طريقه نحو تولي العرش السعودي،ولهذه الأغراض اجزل له العطايا والهدايا بمنحه مئات المليارات من الدولارات....وطبعاً شريك بن سلمان في الخسارة هو نتنياهو،والذي هو الاخر يتعمق مأزقه،حيث الإنشقاق في الليكود بقيادة جدعون ساغر المنافس لنتنياهو على زعامة الليكود في كانون أول/2019 وأزمة جائحة "كورونا" وتراجع النمو الإقتصادي والتضخم المالي وارتفاع معدلات البطالة والفقر،ولذلك في الفترة المتبقية لترامب،يريد بن سلمان ونتنياهو الإستفادة القصوى من اجل إنقاذ أنفسهم،ولذلك وجدنا أن هناك تحولات كبرى تحدث في المنطقة اللقاء السري في مدينة نيوم السعودية بين بن سلمان ونتنياهو وبومبيو عراب التطبيع في 21/11/2020،وحضور "اسرائيل" لمؤتمر الأمن الإقليمي " - حوار المنامة- وعودة قطر الى الحضن الخليجي بضغط من كوشنير ووساطة كويتية .

السعودية بدخولها الى نادي التطبيع العربي الرسمي العلني،والذي تجمع كل التحاليل الصحفية والإعلامية والخبراء والمحللين والمعلقين السياسيين والعسكريين،على ان بصمات السعودية موجوده عليه،السعودية ببعدها الإسلامي وثقلها الجغرافي والتاريخي والإقتصادي تحدث نقلة وقفزة كبيرة في التطبيع... من شأنه ان يقسم العالم العربي بين محورين،محور تطبيعي تستظل به اسرائيل ومحور مقاومة ستمارس عليه الكثير من الضغوطات من قبل محور التطبيع الذي سيسعى لرسم المشهد الإقليمي للمنطقة،بدون محور المقاومة المطلوب عزله ومحاصرته.

في ظل ما تشهد المنطقة من تطورات وتحولات سريعة،شهدناها وربما نشهد المزيد منها قبل نهاية ولاية الرئيس الأمريكي ترامب،حيث شهدنا بعد خسارة ترامب الإنتخابات ،سعي محموم من قبل الإدارة الأمريكية ودولة الإحتلال ومحور الدول المطبعة التي يتناسل ويتزايد تطبيعها وعددها يوماً بعد يوم،لرسم تحالف استراتيجي امني وعسكري مع دولة الإحتلال  ضد ايران ومحور ال  م ق ا و م  ة في المنطقة،من خلال العمل على تغيير أسس وقواعد وجوهر الصراع من صراع عربي- اسرائيلي جوهره القضية الفلسطينية الى صراع اسرائيلي – عربي- خليجي ضد طهران وحلفائها في المنطقة،ونحن شهدنا قيام اسرائيل وبضوء اخضر ومشاركة امريكية باغتيال  العالم النووي الإيراني محسن زاده،وكذلك فرض المزيد من العقوبات على الأفراد والكيانات المرتبطة بطهران، سياسة الضغط للحد الأقصى،اعتبار اسرائيل شريك في رسم المشهد الأمني الإقليمي،بحضورها لمؤتمر الأمن الإقليمي – حوار المنامة في البحرين بحضور أكثر من 3000 شخصية عسكرية وامنية وسياسية  من خلال وزير المخابرات العسكرية الإسرائيلية السابق عاموس يادين ووزير خارجيتها غابي اشكنازي،وكذلك تواتر علاقات التطبيع العربية الرسمية،حيث انضمت المغرب لحلف التطبيع والمتوقع قبل انتهاء ولاية ترامب انضمام دول عربية وإسلامية اخرى منها عُمان وموريتانيا وجيبوتي  والنيجر وربما دول اسلامية كبرى مثل اندونيسيا.

وكذلك الضغط الذي مارسه صهر الرئيس الأمريكي كوشنير من أجل تحقيق مصالحة سعودية- قطرية بمساعدة كويتية.

يبدو بان بن سلمان مصيره سيكون كمن هرب من الدلف الى تحت المزراب،حيث قامر بثروة  ومدخرات السعودية،بتقديمها لترامب لكي يؤمن له الحماية والحصانة وتولي العرش السعودي،وانتهك بشكل سافر كل حقوق الإنسان،ومارس التعذيب ليس بحق نشطاء المجتمع المدني،بل سجن وعذب اقاربه وأفراد العائلة الحاكمة،وقاد عملية " تشليح" و" تقشيط" مالي بحقهم.وكل ذلك ذهب هباءً منثورا برحيل وخسارة ترامب،واليوم سيراهن على نتنياهو،والذي هو اكثر هزالة من ترامب،والذي لا يملك ما يقدمه لإبن سلمان،بل ابن سلمان سيقدم له اتفاقية تطبيع علنية،ربما تساعده في تثبيت أركان حكمه المهتز،والواضح بان ذلك قد لا يسعفه،حيث إنشقاق جدعون ساعر عن الليكود،والأزمة الداخلية على خلفية تهم الفساد المنظورة ضده بلائحة اتهام أمام القضاء،والفشل في إدارة ملف جائحة "كورونا"  وتعمق الأزمة الإقتصادية المترتبة على تداعيات ملف "كورونا"،ولذلك بن سلمان قد لا يقامر بالذهاب الى التطبيع العلني مع دولة الإحتلال،لأن من شأن ذلك ان يجر ويلات كبرى على السعودية،التي كان ينظر اليها كقائدة للعالمين العربي والإسلامي،فهذه الصورة والسمعة المتهشمة ستزداد تهشماً،وكذلك الإقتصاد السعودي بعد النفط يعتمد بشكل أساس على عائدات الحج والعمرة والسياحية الدينية،ففيها الكعبة المشرفة ومكة المكرمة والمدينة المنورة،وبلوجها لنادي التطبيع العلني ستخسر ريادتها للعالم الإسلامي والسمعة الدينية والثقافية،وكذلك بتخليها عن مبادرة السلام العربية التي سميت باسم ملكها الراحل عبدالله بن عبد العزيز في القمة العربية التي عقدت في بيروت آب/2002،والتي نصت على " الأرض مقابل" السلام،هذا يعني فك علاقة النظام السعودي بالقضية الفلسطينية التي يتغنى بدعمها،ويضاف لذلك ،انهيار الخطاب الإسلامي السياسي في المملكة بعد سلسلة من الإخفاقات والتدخلات وتورط المجموعات الحاملة للعقيدة الوهابية في الإرهاب الذي ضرب المنطقة والعالم.

 وهل ستكون خشية الرياض من العودة إلى الاتفاق النووي،هو جنوحها هي ومحور التطبيع العربي الرسمي  وتحت عنوان حاجتها إلى الحماية - إلى فتح الخليج أمام خطر بدء تواجد عسكري إسرائيلي هناك؟ قد تكون تلك آخر الخطايا.