السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

شكرا للقاهرة وعمان... ولكن!/ بقلم: نبيل عمرو

2020-12-21 11:41:45 AM
شكرا للقاهرة وعمان... ولكن!/ بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

 

مصر والأردن وفلسطين، ثلاثة أضلاع لأهم مثلث مؤثر في واقع ومسارات القضية الفلسطينية، سواء ذهب القوم إلى تسوية أو إلى أي اتجاه آخر، ولو لم تبتلى سورية بحرب أهلية وإقليمية ودولية لتحدثنا عن مربع كان يسمى في قديم الزمان دول الطوق.

الضلع المصري قدره أن لا يرتاح ولو لفترة محدودة إما من أزمات داخلية مركزها الوضع الاقتصادي وغيره، وإما بتكالب قوى إقليمية ودولية لإضعاف دورها العربي والأفريقي والدولي، وإما بحروب وإن انتهت مع إسرائيل إلا أنها مستمرة على الإرهاب.

الضلع المصري قوي ومؤهل لمواجهة تحدياته سواء أطلت من ليبيا أو أثيوبيا أو من شرق المتوسط، في مصر دولة واحدة وبرلمان واحد وحكومة واحدة، وفي مجتمعها التعددي والغني معارضات من كل نوع تعالجها السلطة بما يرضي ولا يرضي، وإعلام منفلت من عقاله يرضي ولا يرضي كذلك وأهل مصر أدرى بشعابها، إلا أن البلد العربي الأكبر يخلو تماما من ازدواجية الشرعية والسياسات حتى المدعاة منها فالأمر محسوم تماما.

أما الأردن البلد الواقع دائما تحت تقاطع نيران أزمات خطرة وأجندات متعارضة بل ومتناقضة وفي حضن كيانات لم تذق للاستقرار الدائم طعما فوق أنه يشكل مصبا وحيدا لأنهار المآسي العربية، فما إن تندلع اضطرابات في الجغرافيا المحيطة به حتى يمس عصفها مقومات حياته بما هو فوق طاقته، غير أنه ظل دولة قائمة واحدة، ومثله مثل مصر فيه شرعية واحدة، ومؤسسات واحدة.

هذان ضلعان يتفقان على أن فلسطين هي أحد أقوى المؤثرات في أمنهما القومي، وبالتالي فهما ليستا متضامنتين أو داعمتين، بل شركاء بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان وأبعاد.

الضلع الثالث الذي هو الفلسطيني والذي تحت عنوانه ومن أجله جرى الاجتماع الثلاثي في القاهرة، فهو وإن كان الأضعف موضوعيا إلا أنه الأقوى في التأثير، فهل يكون عبئا على الضلعين الآخرين أم رافعة لهما، وأقصد هنا حل القضية الفلسطينية. الإجابة عن هذا السؤال لا تكون باللغة الانشائية المعتمدة لتقوية المعنويات أو لإثبات الحضور، وإنما بتجسيد حقائق محددة تؤهل الضلع الثالث لأن يكون رافعة، أولها أن يكون موحد القوى والبرامج والآليات والشرعية، وهذا لا يزال وسيظل بحاجة إلى جهد مواظب وفعال وحتى الآن لم نجني ثماره رغم كثرة الحديث عنه، ثانيها أن يقدم كل يوم برهانا عن أنه يخلو من الأمراض التي تعيق أي شعب عن إدارة شؤونه وتحشيد طاقاته نحو الهدف الأعلى وفي حالة السلطة الفلسطينية فإنها بأمس الحاجة إلى فصل حقيقي بين ما لديها من سلطات محدودة كانت أم واسعة... التشريعية التي جرت التضحية بها تحت ذرائع واهية وبمبررات غير مقنعة هي امتداد للصراع الداخلي لا أكثر ولا أقل، والسلطة التنفيذية التي لم تتجدد بالانتخابات رغم مرور أربع دورات كان ينبغي فيها أن تتجدد، والقضائية التي لا تزال ومنذ زمن طويل واقعة تحت طائلة معالجات غير مجدية.

الخلاصة.. لن يستطيع أحد مهما بلغت قوته أن يحملنا ونحن في وضعنا الحالي، وإن لم نوفر للضلع الثالث مقومات فاعليته وجدواه فسنظل نقول شكرا للقاهرة وعمان وتارة أخرى لغيرهما... ولكن وتحت هذه الـ "لكن" ألف خط.

قيل إن اللقاء الثلاثي يمهد لعملية سلام جديدة، هذا القول يكون واقعيا لو سمعنا من نتنياهو وليس من أحد غيره ترحيبا ولو بالهمس غير المباشر لما جرى في القاهرة، غير أن اللقاء بحد ذاته يستحق أن يرحب به.