السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الحزب الأقوى في فلسطين/ بقلم: نبيل عمرو

2020-12-29 11:40:35 AM
الحزب الأقوى في فلسطين/ بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

 

هنالك نزاع حول هذا العنوان، فتح تقول إنها الأقوى وتورد قرائن عملية وتاريخية وشعبية تؤكد ذلك، وحماس تقول إنها الأقوى وتورد قرائن كذلك.

لن أدخل في مقارنة بين القطبين المسيطرين على الحياة في بلادنا كي أرجح من الأقوى فعلا، ليس لعدم وجود قرائن لدي ترجح تفوق حزب على الاخر، ولكن لأنني ومن خلال مسيرة استغرقت عقود اكتشفت حزبا أقوى وأعمق تأثيرا وأشد فاعلية ويبدو لي أنه موجود في كل تفاصيل ومؤثرات الحياة الفلسطينية، ولأبدأ بعرض خصائص هذا الحزب.

فهو ليس رسميا، أي أنه لم يولد في مؤتمر ولم تشكله هيئة تأسيسية كباقي أحزاب الكون، إلا أنه يُرى من نتائج أفعاله وهي دائما أقوى حضورا من نتائج كل المؤتمرات والإطارات وحتى الحكومات.

كذلك... فهو يختلف عن الأحزاب والفصائل والحركات ذات الأسماء المعلنة والبرامج المقرة والموازنات السخية، بأنه يمتلك حق النقض الفيتو على أي قرار يتخذه العلنيون إذا ما كان غير راغب فيه ولا يرى فيه مصلحة لأعضائه وقادته.

كذلك.. فهذا الحزب الذي ليس له اسم رسمي؛ يمتلك جهاز إعلام متعدد المنابر واللغات والمضامين وله ناطقون ومروجون لسياساته يستخدمون وسائل الإعلام قديمها وحديثها، الحكومي منها والخاص، الورقي والصوتي والمرئي والافتراضي، وينزل حججه وتفسيرات مواقفه على رؤوس العباد كزخات البَرَد فهم، أي قادة حزبنا هذا يؤمنون بنظرية القطيع والراعي حيث تسير الأغنام وراء راعيها أينما يتجه دون اعتراض أو حتى سؤال، وبين قادة ونشطاء ومنظري هذا الحزب جامع مشترك مع راعي الأغنام الحقيقي، وهو أنه يمتلك إلى جانب العصا التي يهش بها على غنمه وله بها مآرب أخرى؛ شبابة يسلي بها نفسه ويعلن من خلال عزفه عليها أنه القائد الذي يمتلك خاصية لا يمتلكها أي عضو من أعضاء القطيع المطيع، عصا... وشبابة.

وللحزب العبقري هذا مواهب لا تتوفر لغيره فهو يغلف الموت بالسكر ويسوق السم على أنه ترياق الخلود ما دام ينتج في معامله ويوزع مجانا على الزبائن فيتجرعونه ممتنين شاكرين.

ثم إنه "وهذا أهم ما فيه" تفوق في تأثيره وصموده على كل الأوبئة والأمراض العابرة والمستوطنة منذ زمن الطاعون إلى زمن الكوليرا إلى زمن كورونا التي نجح العالم في إيجاد لقاح ربما يقضي عليها عاجلا أم آجلا، إلا أنه لم ينجح إزاء حزبنا الذي يتفشى فينا دون توقف أو حتى تباطؤ.

يبدو أنني أسهبت في تقديم خصائص هذا الحزب وقدراته الخارقة، ولا بأس أخيرا من الاجتهاد باسم حقيقي جدير به وبقوته وقدراته وديمومة حضوره... اسم مكون من كلمتين لا أكثر "حراس الجمود".