الخميس  25 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أزمة كهرباء طولكرم لم تحل رغم الوعود المتكررة من الحكومة وسلطة الطاقة

2021-01-27 10:51:54 AM
أزمة كهرباء طولكرم لم تحل رغم الوعود المتكررة من الحكومة وسلطة الطاقة
تعبيرية

 

الحدث ـ ضحى حميدان

قبل أربعة أشهر تقريبا، أطلق رئيس الوزراء محمد شتية وعوداً مُبشرة بإنهاء أزمة الكهرباء المتفاقمة والمستمرة في مدينة طولكرم منذ ما يقرُب الاثني عشر عاماً، جاء ذلك بالتزامن مع افتتاح سلسلة من محطات تحفيز الطاقة التابعة لشركة نقل الكهرباء الوطنية، وكانت محطة صرة حينذاك محطّ أنظار أهالي طولكرم وأملهم، بعد تصريحٍ لرئيس سلطة الطاقة ظافر ملحم بتاريخ 12/10/2020، وعد فيه باقتراب حل العجز الذي تعاني منه مدينة طولكرم والمتزايد طردياً مع تزايد أعداد السكان في تلك المنطقة، مؤكدا أنه بمجرد تشغيل محطة تحويل صرة ستنتج طاقة فائضة سيتم تحويلها لمحافظة طولكرم، وبالتالي المساهمة بشكل سريع في حل الأزمة التي تعاني منها المدينة.

وكان ملحم في ذات التصريح قد أكد أن الهدف الأساسي لسلطة الطاقة هو توفير الكهرباء للمواطنين بكميات كافية وأسعار معقولة، موضحاً عزم سلطة الطاقة في وقتٍ قريب على ربط محافظة طولكرم بمحطة صرة التابعة لشركة نقل الكهرباء الوطنية المسؤولة بالأصل عن شراء الطاقة من مصادر متعددة، وبيعها للشركات الموزعة والمزودة إضافة لبناء محطات نقل الطاقة وصيانتها.

وتابع ملحم حديثه بالقول إن العمل جارٍ على قدم وساق لتحديد التعرفة الجديدة، بعد أن تتم مراجعتها من مجلس تنظيم قطاع الكهرباء، ثم التوصية بها لسلطة الطاقة وإقرارها تباعاً من قبل مجلس الوزراء حسب الأصول.

مسؤول دائرة الكهرباء في بلدية طولكرم المهندس محمد الجلاد أعرب عن استيائه من بقاء الوضع على حاله حتى اللحظة في المدينة، لعدم تنفيذ الحكومة وعودها في هذا الشأن، مشيرا إلى تفاقمٍ كبير في أزمة الكهرباء، فتبعاً لموقع المدينة الساحلي عانت المدينة من الرطوبة العالية جداً في الصيف، ودرجات الحرارة المتدنية شتاءً خاصة في ساعات المساء، وهو ما سبب زيادة في الضغط على الأحمال الكهربائية، وهذا الوضع ينذر بمأساة، خاصة وأن الجهد على المولدات الكهربائية الموزعة في المدينة أصبح عالٍ جداً، ما جعل أداء بعضها متهالكاً، والبعض الآخر أصابه العطبُ أو الخراب.

ويوضح الجلاد أن الأزمة لا تقف حدود المنازل وتزويدها بالكهرباء، بل تتعداها إلى الشوارع التي تبقى لفترات متأخرة من الليل دون إنارة، ولذلك تبعات أخرى أكثر سوءًا على المواطنين أثناء القيادة أو السير ليلاً.

تقليديا، كان حل مشكلة الكهرباء في طولكرم مرهونا بجهتين أساسيتين مزودتين للطاقة، المصدر الأول من الجهة الغربية عن طريق الشركة القطرية الإسرائيلية أو الجهة الشرقية من خلال زيادة الطرف الإسرائيلي للقدرة الكهربائية على نقطة عناب قرب خط كفر لبد قدر 10 ميجاوات حسب الاتفاقات مع السلطة، وبهذا تحل مشكلة الكهرباء في جزء من المدينة، أما المصدر الثاني محطة صرة التابعة لشركة نقل الكهرباء الوطنية، ويكون الحل بإنشاء خط بطول 13 كم وإنشاء محطة تحويل من (33) إلى (22) بحسب ما طرح رئيس سلطة الطاقة ملحم في الاجتماع مع رئيس الوزراء ولكن حتى اللحظة لم يتم إنشاء هذا الخط. وهو ما لم يحدث حتى كتابة هذا التقرير (25/1/2021) رغم كل الوعود الحكومية ووعود الجهات والهيئات المسؤولة عن قطاع الكهرباء.

في سياقٍ متصل قال رئيس مجلس إدارة قطاع تنظيم الطاقة حمدي طهبوب، إن الهدف من إنشاء الشركة الوطنية لنقل الكهرباء هو وجودة جهة حكومية تشتري الطاقة من مصادر مختلفة وبيعها لشركات التوزيع التي بدورها تزود المستهلكين بالطاقة، وبالتالي تٌطبق خطط الحكومة الفلسطينية الرامية لزيادة القدرة في سوق الكهرباء الفلسطيني، وبالتالي توفير الطاقة للمستهلك أينما وجد.

ومن المفترض أن تزود محطة صرة، الطاقة، لمجموعة من المناطق بالترتيب مع الجهات الإسرائيلية لاستبدال الخطوط القديمة بأخرى جديدة من شركة نقل الكهرباء الوطنية وبالتالي معالجة النقص في المناطق التي تعاني من مشاكل في الكهرباء، لأن الخطة لقطاع الطاقة الفلسطيني أن تتواجد محطات تحفيز تابعة لشركة النقل الفلسطينية، تستطيع أن تغطي كامل الوطن، وحسب المعطيات المتوفرة ٤ محطات صرة والجلمة وقلنديا وترقوميا، والخطة القادمة إنشاء محطات تكفي الوطن يتم إنشاؤها رويداً رويداً.

وبينما تتلكأ الجهات المختصة في حل أزمة يعاني منها ما يزيد عن 200 ألف نسمة، تسارع الشركات الاستثمارية لطرح مشاريع الطاقة المتجدد كحل يساهم في التخفيف من آثار المشكلة على بلدية طولكرم، وبهذا الخصوص يقول الجلاد إن العديد من الشركات المستثمرة طرحت طلباتها لدى بلدية طولكرم، وما زالت بعض الطلبات قيد الدراسة، والجزء الآخر حصل على التراخيص اللازمة للبدء بالتنفيذ.

وأوضح المهندس الجلاد أن بلدية طولكرم تسارع لتذليل العقبات أمام مشاريع الطاقة الشمسية والمستثمرين في هذا المجال وتوليها أهمية كبيرة، مستدركا في الوقت ذاته أن ذلك يتطلب مساحات كبيرة،  ويحتاج لتراخيص من القطاعات الحكومية، مثل وزارة الاقتصاد وسلطة الطاقة ومجلس تنظيم قطاع الكهرباء واتفاقيات إما أن تكون مع البلدية وإما مع شركة نقل الكهرباء الوطنية بمعنى أن بعض الشركات المستثمرة  توقع اتفاقيات للبيع مع  شركة النقل لتصريفها في منطقة طولكرم مثلاً.

ويقول رئيس مجلس إدارة قطاع تنظيم الطاقة طهبوب إن الطاقة المتجددة هي خيار استراتيجي للحكومة الفلسطينية، فبحسب قرار مجلس الوزراء بخصوص الطاقة المتجددة ، يحدد سعر أقل من سقف السعر في الوسائل التقليدية، بالتالي  لن تكون الطاقة المتجددة حلاً فحسب بل ستكون أقل تكلفة على المواطن كلما زادت رقعة الإنتاج.

لكن هل مشكلة وصول الكهرباء لطولكرم تقف عند هذه التبعات؟ بهذا الصدد يقول الجلاد، إن غالب الاستثمارات الاقتصادية والتجارية والصناعية  تبتعد عن طولكرم بسبب مشكلة الكهرباء فيها وبالتالي لن تكون منطقة مجدية اقتصادياً على المستثمرين، والزيادة الوحيدة في طولكرم هي المساحات العمرانية التي بدورها تطلب المزيد من أحمال الكهرباء وعجلة المشكلة تدور.

لم يعد يكترث سكان طولكرم بسبب المشكلة أو دوافع تأخير الحل، حسب قول الجلاد، فأصبح المواطن الكرمي يحلم أن ينعم بحياة متساوية كالمواطنين في باقي محافظات الوطن، بالحصول على الكهرباء بطرق منصفة ومتساوية، أيّاً كانت الطريقة بالتوصل إلى حل، المهم أن لا تنتهي بوعود الأسبوع القادم أو بعد أسبوعين.

وكان مدير دائرة الكهرباء في بلدية طولكرم المهندس الجلاد، ، قد صرّح لصحيفة الحدث في (30/9/2020)  أنه في حال لم يتم تنفيذ "وعود الحل" التي قطعتها الحكومة الفلسطينية ممثلة بسلطة الطاقة، فإن البلدية ستقوم بإعداد برنامج لساعات قطع الكهرباء، يشبه إلى حد كبير البرنامج المعمول به في قطاع غزة، والذي يعاني من أزمة كهرباء بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليه.

لكن المفارقة في حالة طولكرم، أن أزمتها التي بدأت في عام 2012، وفق ما أفاد الجلاد، حملت معها عشرات الوعود من جهات الاختصاص، إلا أن شيئا لم يطبق على أرض الواقع.

وكشف الجلاد في المقابلة نفسها (30/9) أنه خلال اجتماع عقد في 15 أيلول الماضي مع رئيس الوزراء محمد اشتية، كانت هناك وعود بتشغيل محطة صرة، وبعد ذلك بأسبوعين من المفترض أن تبدأ محطة عناب بالعمل، وبالتالي تحل مشكلة الكهرباء في المدينة، وهو ما وعد به رئيس سلطة الطاقة ظافر ملحم، الذي أكد أن حل أزمة طولكرم سيكون خلال أسابيع قليلة.

وحذر الجلاد أن عام 2021  سيشهد فترات قطع طويلة للكهرباء، كما الحال في قطاع غزة، في حال لم يتم حل أزمة الكهرباء في طولكرم. مؤكدا أن البلدية تلقت وعودا كثيرة بحل الأزمة، وأنها طوال فترة الأزمة كانت في اتصال مستمر مع الجهات المختصة المسؤولة عن ملف الكهرباء.

ويرجع رئيس اتحاد قطاع الطاقة المتجددة في فلسطين، حسن أبو لبدة، أزمة الطاقة في الضفة الغربية، إلى كون شبكة الكهرباء قديمة ومهترئة وتتعرض أيضا لسرقات بالإضافة إلى أن كمية الوارد من الإسرائيليين لا يفي للغرض، والحل لهذه الأزمة يكمن في اعتماد مشاريع طاقة بديلة قادرة على سد هذا العجز. وقال إنه في طولكرم هناك تأخير لمشاريع طاقة شمسية يمكن أن تسد العجز، فلماذا لم يتم البدء بها.

وأضاف في مقابلة مع صحيفة الحدث، أنه لا إرادة سياسية لبناء محطات طاقة شمسية قادرة على معالجة أزمة الكهرباء، وهذا من الممكن أن يتم خلال عامين، وما يتم التذرع به اليوم بأن هناك نقصا في الأراضي، يمكن تعويضه من خلال الاستثمار بأسطح المباني العامة بالإضافة للأراضي المتاحة، لأن المسائل الفنية لا يمكن أن تشكل عائقا ويمكن تداركها.

وفي أيلول الماضي، طالبت فصائل العمل الوطني في المدينة، مجلس الوزراء، بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه من وعود بحل الأزمة في شهر فبراير الماضي من خلال زيادة القدرة الكهربائية للمحافظة.

كما وطالبت  سلطة الطاقة والحكم المحلي بتشكيل لجان خبراء مهنية وفنية محايدة للعمل على حل مشكلة الكهرباء المستمرة في المحافظة والمدينة، ودعت البلدية بكافة طواقمها الإدارية والهندسية والفنية والمالية للقيام بواجباتها ومسؤولياتها تجاه ما تتعرض له مدينة طولكرم من جراء الانقطاع المتكرر للكهرباء لما له من آثار ضارة على كافة المواطنين والمرافق العامة.