السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

صراع الصحافة من أجل البقاء في ظل جائحة كورونا وما بعدها| بقلم: نبهان خريشة

2021-06-08 01:29:23 PM
صراع الصحافة من أجل البقاء في ظل جائحة كورونا وما بعدها| بقلم:  نبهان خريشة
نبهان خريشة

 

 إن انتشار وباء كورونا أحدث تغيرات سياسية واقتصادية في العالم، وأدى إلى ان تغيير المؤسسات لأولوياتها، ومنها المؤسسات الاعلامية، التي إسستكشفت طرقا جديدة، وفي مقدمتها تزويد جمهورها بمعلومات عن طبيعة الوباء ومواجهته، وفي الوقت ذاته الكفاح من أجل بقائها..   

إن المؤسسات الاعلامية في فلسطين، كما في العالم كانت اصلا كانت تواجه أزمة بقاء، قبل انتشار الوباء، ولا سيما فيما يتعلق بطبيعة واساليب عملها الصحفي، ما يثير عددا من الاسئله، منها: كيف يمكن ان تتأقلم هذه المؤسسات مع الوباء؟ وما هو أثره على اقتصاديات سوق  الاعلام ؟ ولعل السؤال الاهم هو ماذا بعد؟

وخلال الاشهر الاولى من جائحة كورونا، عمل معظم الصحافيين الفلسطينيين، كما زملائهم في العالم للعمل من بيوتهم، وكان هذا بحد ذاته اختبارا لقدرة مؤسساتهم الاعلامية، على القيام بمهامها من خلال المراسلة الصحفية رقميا، وتزويد جمهور قرائها الذين حجروا في منازلهم  لفترات طويله بالاخبار..

ان هذا الوضع ادى الى مجموعة من التغيرات في السياسات التحريرية للمؤسسات الاعلامية، فيما يتعلق بتزويد جمهورها بما يحتاجه من معلومات، فجائحة كورونا اربكت الصحفيين، ولا سيما العاملين منهم في الصحف الورقيه، التي تواجه أصلا ازمة وجود، فالجائحه ادت الى خفض انتشار ومبيعات الصحف بنحو 70% ، بسبب تقارير افادت بان الفيروس يتفشى بواسطة الاوراق، وبالنتيجه توقفت الصحف عن الطباعه، واضطرت لتسريح صحفيين عاملين فيها لخفض التكاليف .

وفي المقابل أدى انتشار الوباء، والتزام الناس في بيوتهم أدى الى ازدياد مشاهدة التلفزيون وتصفح الصحافة الرقمية، وكذلك لإزدياد استهلاك المضمون الترفيهي فيها، كما أدى أيضا  لإستهلاك التقارير المتعلقة بسبل الوقاية من فيروس كورونا وبالصحة العامة بشكل عام، فصغار السن من الفئة العمرية من 15 الى 25 عاما يهتمون بالمواد الترفيهية، في حين أن الأكبر سنا يستهلكون المواد الاخبارية، ومقاطع الفيديو التي تتناول سبل مقاومة الفيروس، لكن المشكلة تكمن في أن الكثير من المواد المنشوره على وسائل التواصل تفتقد للمصداقية وتصنف على انها مزوره او مفبركة ...

إن الدور الرئيسي للصحافة هو غالبا يهدف لتثقيف القراء وتزويدهم بالمعلومات، ليتمكنوا من اتخاذ قرارات ايجابية صحيحه تتعلق بمجتمعاتهم  وبحياتهم ،  بالاضافة لدورها كحارس لضمان قيام الحكومات بمسؤولياتها لخدمة الناس..   

إن الضغوطات التي تواجهها وسائل الاعلام من اجل البقاء ليست جديدة، الا انها ازدادت حدة بسبب تأثير الازمة الاقتصادية، الناجمة عن الاغلاقات للحد من انتشار فيروس كورونا، ما ادى الى عدة مفارقات، منها ازدياد الحاجة للاخبارالمتعلقة بالصحة ، ولا سيما تلك المتعلقة بقرارات ومعالجة  الحكومات للمسائل الاقتصادية، وفي المقابل إنخفاض أجور الصحفيين، وتسريح بعضهم من العمل، تحت ضغط انخفاض المبيعات، وللأسف يترافق هذا كله مع ازدهار نشر الاخبار الكاذبة والمفبركة، لا سيما تلك المتعلقة بنظرية المؤامرة ..

وبطغيان المضمون المعلوماتي في  برامج الهواتف الذكية، ومنصات التواصل الاجتماعي، فإنه يتوجب على مالكي وسائل الاعلام ان يبحثوا عن سبل للبقاء اقتصاديا ما بعد السيطرة على وباء كورونا، لأن المشكلة تكمن في أن الجميع يرغبون بالحصول على المعلومات مجانا. وبحسب عدد من الدراسات التي اجريت في دول في شمال شرق آسيا، ازدادت مشاهدة التلفزيون واستهلاك الاخبار الرقمية في عام 2020 بشكل ملحوظ، نتيحة لتجنب تداول الصحف الورقية، للخوف من نقلها لفيروس  كورونا، ما اسفر عن انخفاض حاد في عوائدها المالية..

وبشكل عام فإن الابتعاد عن التعامل مع الصحافة الورقية في معظم دول العالم ، أدى الى خسارة مصدر رئيسي للأخبار الذي يتمتع بالمصداقية، لا سيما الاخبار المتعلقة بالشؤون المحلية، وكذلك خسارة دور المؤسسات الإعلامية التي تعمل على مراقبة اداء الحكومات وقطاعات الاعمال الخاصة ، والاشخاص ذوي التأثير، ناهيك عن أن اضطرار الصحف لتقليص اعداد المحرريين والصحفيين العاملين فيها، الحق الضرر بقدراتها على تغطية الكثير من شؤون لقطاعات المجتمعية..

إن معالجة وسائل الاعلام لحاجات الجمهورفي كافة المجالات، من خلال تغطية صحفية مهنية، هي افضل وسيله لبقائها على قيد الحياة. وعلى الرغم من ان فيروس كورونا أحدث ازمة في مؤسسات الاعلام ، الا انه من جانب آخر وفر فرصة للجمهور للبحث عن المعلومات أكثر من اي وقت مضى.

 

** هذا المقال  ملخص لورقة بالانجليزية بعنوان "مستقبل الصحافة ما بعد كوفيد 19 " قدمها الصحفي نبهان خريشة في مؤتمر اتحاد صحفيي كوريا الجنوبية الذي عقد إفتراضيا في 2021/5/20