الخميس  28 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

التحرش بالناشطات.. حين تلجأ السلطة لاستفزاز المجتمع التقليدي

2021-07-16 10:38:30 AM
التحرش بالناشطات.. حين تلجأ السلطة لاستفزاز المجتمع التقليدي
خلال المظاهرات المنددة بمقتل الناشط نزار بنات- أرشيفية

الحدث الفلسطيني

اضطرت الطالبة في جامعة بيرزيت "م.ع" لإغلاق حسابها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بعد تهديدات وصلتها من قبل عناصر في الأجهزة الأمنية بالتعرض لها ونشر صور خاصة بها، كما تروي في إفادتها لصحيفة الحدث، مشيرة إلى أنها غادرت رام الله باتجاه الخليل حيث تسكن أسرتها لأنها لم تعد تشعر بالأمان بعد كم التهديدات التي وصلتها.

وتضيف "م.ع" أن الحسابات التي أرسلت لها التهديدات حقيقية وغير وهمية، وقد تعرضت للاعتداء والتحرش الجسدي واللفظي من بعضهم خلال المسيرة التي خرجت في 26 يونيو الماضي. "بعد التحرش والتهديدات لم أستطع المبيت في رام الله خوفا من التعرض لي بالأذى، وغادرت ليلا باتجاه أبو ديس حيث تسكن ابنة خالتي، وفي الصباح وصلت الخليل".

اختارت "م.ع" أن لا تكشف عن هويتها لأنها "غير محمية" كما تقول، لكن بعض الناشطات والحقوقيات ذهب باتجاه سرد تفاصيل ما جرى معهن دون تردد، باعتبار أن التحرش هو شكل من أشكال العنف الذي يمارس على الجسد بهدف إخضاعه وتكييف سلوك المعتدى عليه. فقد أكدت المحامية ديالا عايش من "محامون من أجل العدالة" أنها تعرضتُ للتحرش الجسدي مرتين خلال واعتقالها واقتيادها إلى مركز شرطة البالوع في البيرة".

الجسد أداة قمع.. الوعي أداة مواجهة

وفي السياق ترى الباحثة والأسيرة المحررة تسنيم القاضي أن التحرش أداة لترهيب الناشطات، ومحاصرتهن، والاعتداء عليهن، ودفعهن للشعور بأن مشاركتهن في أي مظاهرة غير آمنة، ليس فقط لأننا قد نتعرض للضرب، والشتم، والسحل بالشوارع.. بل أيضا لأننا سنكون منتهكات كنساء، باعتبار أجسادنا وهويتنا الجندرية مساحة لممارسة الضبط والقمع".

وتعتقد أستاذة علم الاجتماع في جامعة بيرزيت رولا أبو دحو أن السلطة تحاول استنساخ النموذج المصري في القمع، وتحديدا كما جرى في ميدان التحرير بالقاهرة، لكن الفارق أن الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال يرى الجسد كذات فاعلة بعيدا عن المعاني التقليدية.

وأضافت أبو دحو في مقابلة مع "الحدث" أن ما لا تدركه السلطة أن الزمن تغير، وسنوات النضال الطويلة ضد الاحتلال دفع المرأة للتواجد في الشارع كذات فاعلة معرضة لكل أنواع الممارسات القمعية، وأيضا لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورا في تفكيك المفاهيم التقليدية التي يتبناها المجتمع تقليديا.

وأوضحت أن الجيل الجديد بدأ يصنع مفاهميه المختلفة عن التقليدية، فالشرف بالنسبة لهم هو الشرف الوطني والانخراط في العمل النضالي والاحتجاج والتظاهر، وبالتالي تكثفت ثنائية الجسد والوطن، وتجاوز بذلك الثقافة التقليدية للجسد، فاستهداف الجسد بالنسبة لهم له معنى سياسي أكثر من كونه اجتماعي.

السلطة تحاول استفزاز المجتمع التقليدي

وتفسر أبو دحو قضية التركيز على النساء في القمع بأنه محاولة لاستفزاز المجتمع التقليدي لكي يصبح أداة قمع وضبط إلى جانب الأداة الأمنية، وأيضا لقناعة المؤسسة الأمنية أن النساء أقل تحملا من الرجال في سياق القمع، ولكن ما جرى أن المجتمع كان أكثر وعيا وتفهما لطبيعة القمع وأهدافه، وكذلك النساء أثبتن قدرتهن على التحمل والمواجهة.

وتؤكد ناشطات حقوقيات ومشاركات في الوقفات الاحتجاجية ضد اغتيال الشهيد نزار بنات في مقابلات منفصلة مع الحدث أن كثافة مشاركة النساء في السنوات الأخيرة في الفعل السياسي وتحديدا الاحتجاجات والمظاهرات والعمل المقاوم استفز السلطة الفلسطينية التي تتبنى المفاهيم التقليدية حول دور المرأة وحدود مشاركتها السياسية والاجتماعية.

واعتبرن أن استهداف النساء غير المحجبات من خلال التشويه والنقد والابتزاز، هو تأكيد آخر على محاولة السلطة الفلسطينية تجنيد المجتمع المحافظ لصفها، من خلال تصوير هذه الفئة كفئة شاذة اجتماعيا وبالتالي سياسيا وتفكيك حالة التضامن معها.

وعبرت مؤسسات وهيئات نسوية وأكاديمية عن رفضها للاستهداف الذي تقوم به الأجهزة الأمنية الفلسطينية للنساء الفلسطينيات، في محاولة لتكميم الأفواه وقمع الاحتجاجات على جريمة اغتيال نزار بنات، واعتبر معهد دراسات المرأة في جامعة بيرزيت عن رفضه استخدام أجساد النساء الفلسطينيات وكرامتهن كأدوات لردع وقمع الاحتجاجات على الجريمة.

وأكد المعهد أن مثل هذا الاستخدام هو وسيلة استعمارية، وكما أن الثورة الفلسطينية منذ انطلاقتها لم تقبل باستخدام نسائها كمواطن ضعف وأسلحة ضدها، فإن الشعب الفلسطيني لن يقبل بأن يتم استخدام أساليب التحرش الجنسي وتشويه السمعة وامتهان كرامة النساء الفلسطينيات لإسكاته.

وأعلن المعهد عن استنكاره وتنديده بمحاولات التحرش والابتزاز والتهديد بالاغتصاب التي يتم إخفاؤها والتغطية عليها بخطابات أخلاقية لمنع خروج النساء المحتجات إلى الشارع، وأن مناضلي ومناضلات الحق لا يرهبهم أي ابتزاز، وأن القوة العمياء لا يمكنها أن تُسكِت صوت الغضب والمطالبة بالحق.