الجمعة  19 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إنقاذ جيفارا شعراً

2021-11-10 09:41:08 AM
إنقاذ جيفارا شعراً
إرنستو "تشي" جيفارا

الحدث الثقافي

في ديوانه الجديد "محاولة لإنقاذ غيفارا"، والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ينطلق الشاعر المصري كريم عبدالسلام من رؤية محددة لعالم مقسوم على نفسه في ثنائيات متصارعة من قبيل القاتل والقتيل والقناصين والفرائس.

ولأن الشاعر الشاعر جزء من المشهد، فهو يصور في قصيدة  "يوميات مقهى البستان" دمه الذي يسيل في الشوارع لتتشكل منه "ناطحات سحاب وسفن عائمة/ ميليشيات وحراس بملابس مزخرفة". هذه السطور تلقي الضوء على عنوان الديوان. فجيفارا بحياته الدرامية التي تقترب من حدود الأسطورة يُعد رمزاً ناصعاً لمقاومة الاستعمار في أي مكان. ومن المعروف وقوفه مع الثورة الجزائرية وقضية فلسطين ومقاومة الرأسمالية العالمية التي تصنع من دماء المقهورين الفقراء ناطحات سحاب وسفناً عائمة وتحرسها بالميليشيات والحراس ذوي الملابس المزخرفة. هذه الرأسمالية العالمية هي التي "تصنع من الطفلة طعاماً للقطط/ ومن المرأة مدينة ملاهٍ/ ومن الشاب بندقية صيد". هذا في الوقت الذي تطبخ فيه الأمهات الحصى لأطفالهن المنتظرين. وهو ما يذكرنا بحكاية المرأة الفقيرة مع عمر بن الخطاب، والتي كانت تقوم بالفعل نفسه، فلم يكن من عمر إلا أن يحمل الدقيق لها بعد أن عرف – أثناء مروره الليلي – حكايتها. ووسط هذا الهول لا يستطيع الشاعر أو غيره تغيير العالم، وأن يفي بصرخته المدوية "سنغيرك أيها الجحيم/ وسنأتي بعالم أفضل وأعدل وأجمل وأرحم وأرحب/ سنأتي بعالم يتسع لأحلامنا". لا يملك الشاعر سوى صرخته هذه بينما يظل العالم على حاله "خبيثاً قاسياً ظالماً معدوم الضمير". ولهذا، فإن الشاعر لن يبالي بإنقاذ العالم من الدمار، لأنه لا يملك فيه شيئاً، ولن ينهار سوى أندية القمار في تكساس وبورصات "وول ستريت" وطوكيو ولندن. أما نحن فميتون فعلاً "من قال إننا موجودون على الأرض/ من قال إن لدينا ما نخاف عليه؟".

وتكمن المفارقة الأليمة في أن "الغرباء" المقهورين لم يجدوا مكاناً آمناً من الوحوش سوى السجن المفتوح. ومع ذلك أصبح هذا السجن عزيزاً، بعد أن جاء صاحبه وأغلق بابه على الجميع، الأمر الذي يجعل الشاعر يصنع سجنه بيديه حين يقول: "استمتع بلحظة الدخول إلى البيت/ وإغلاق الأبواب بالأقفال والسلاسل/ وتفقد الغرف والزوايا بالكشافات والأسلحة". والأكثر غرابة أن يتحول السجن إلى "قفص زجاجي" يحمله الشاعر فوق ظهره حتى يحتمي به من الوحوش... "عليك أن تحمل القفص الزجاجي الذي تحتمي داخله/ على ظهرك/ وفي اللحظة المناسبة تدخله وتشاهد/ كيف تضرب تلك الكائنات أخطامها بالجدران الشفافة التي تحميك".