الخميس  28 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

وسط انتهاكاتٍ لحقوق الإنسان وتدهورٍ للديمقراطية.. 34% مؤشر الفساد في الدول العربية

2022-01-25 09:41:07 AM
وسط انتهاكاتٍ لحقوق الإنسان وتدهورٍ للديمقراطية.. 34% مؤشر الفساد في الدول العربية
توضيحية

الحدث العربي والدولي

أكد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة- أمان، الفرع الوطني المعتمد لدى منظمة الشفافية الدولية، على أهم الاستخلاصات والتطورات بحسب ما تم نشره في مؤشر مدركات الفساد للعام 2021 (CPI)، والذي تصدره الأخيرة سنوياً، مقدمة تصوراً سنوياً عن الدرجة النسبية للفساد في 180 دولة وإقليم حول العالم، حيث أشارت النتائج أن مؤشر الدول العربية قد بلغ 34%، كما وحصلت  أكثر من 70% من دول المنطقة على درجات أقل من 50%، إذ تُجسّد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مخاطر الفساد السياسي التي تمنع أي تقدم ديمقراطي وفي الوقت نفسه وتسمح بزيادة انتهاكات حقوق الإنسان.

وأشارت منظمة الشفافية الدولية في بيان لها أن البلدان التي تنتهك الحريات المدنية باستمرار تسجل درجات أقل على مؤشر مدركات الفساد (أكثر فسادا)، إذ يؤدي التراخي عن محاربة الفساد إلى تفاقم انتهاكات حقوق الإنسان وتقويض  الديمقراطية وتآكلها، ما يحل الاستبداد ويسهم في ارتفاع مستويات الفساد.

وقد أكد ائتلاف أمان على بعض الاستنتاجات، إذ أكدت نتائج المؤشر على وجود علاقة عكسية بين درجة تطور الديمقراطية وانتشار الفساد، حيث لوحظ ازدياد في انتشار الفساد عند الدول التي تتعاظم فيها أزمة الديمقراطية، وتتعاظم فيها التحديات أمام نزاهة الحكم، والتي كان أبرزها تآكل احترام مبدأ الفصل بين السلطات، وضعف الرقابة المتبادلة بينها، والتفرد في الحكم واختطاف مؤسسات الدولة لصالح أفراد متنفذين فيها، وتضييق مساحات عمل مؤسسات المجتمع المدني، وحالة التراجع في الحقوق والحريات، ومصادرة حرية الرأي والتعبير، وانتهاكات لحرية التنظيم والتجمع في مخالفات جسيمة بحق القانون، وتنكر للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، ما يؤسس لنظام شمولي أمني غير ديمقراطي، يركز السلطات كافة بيد السلطة واحدة دون رقابة أو محاسبة أو مساءلة، خلافاً لقيم النزاهة والشفافية والحكم النزيه.

وقال أمان، إن الواقع في الدول العربية يغلبه الفساد السياسي في إدارة الحكم بسبب ممارسة واستغلال مسؤولين عن إدارة شؤون الدولة السلطة الممنوحة لهم، بإصدار تشريعات أو تبني سياسات أو إصدار قرارات لمصالح خاصة وليس للمصلحة العامة للمواطنين، مع وجود بعض الاشكاليات المتعلقة بتجريم الفساد السياسي، والذي يصعب تجريمه في حالات عدم وجود نصوص قانونية تتعلق بهذه الجريمة وهو الحال في معظم دول المنطقة.

وعلى الصعيد الدولي، ما زالت الدول الإسكندنافية مثل الدنمارك وفنلندا ونيوزيلندا والنرويج في مقدمة الدول على المؤشر، والتي حصلت على علامات (88%، 88%، 88%، 85%) على التوالي، حيث تتمتع هذه الدول بمستويات عالية من الشفافية والمساءلة، وتشترك البلدان التي سجلت المراتب العليا بأنها تمتلك حكومات منفتحة وحرية صحافة، ومجتمع مدني غير مقيد، فضلا عن استقلالية السلطات القضائية فيها، في حين تم إدراج شركاء أمان المانحين، أمثال حكومات هولندا، وليكسمبرج والنرويج ضمن أفضل عشر دول في المؤشر.

وعلى النقيض من ذلك، جاءت كلٌ من جنوب السودان، سوريا، والصومال، واليمن في أسفل المؤشر كأكثر الدول فسادا بحصولها على رصيد علامات متدنِ جدا (11%، %13، %13، 14%) على التوالي. تشترك تلك الدول بأنها مضطربة وخاضت صراعات أهلية وحروبا وعدم استقرار ما أدى إلى تراجعها في المؤشر. وترافق ذلك كله مع ظاهرة الإفلات من العقاب للفاسدين فيها بسبب ضعف مؤسسات الدولة، وضعف الحريات العامة والحكم الرشيد، وجاءت جائحة كوفيد 19 لتزيد من انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة.

وعلى صعيد دول المنطقة العربية المشمولة بالمؤشر، فقد تصدرت الإمارات العربية المتحدة المرتبة العليا برصيد 69%، تلتها قطر برصيد 63%، ومن ثم المملكة العربية السعودية بحوزها على نسبة 53%، وأخيرا عُمان برصيد 52%.

في حين سجّل لبنان (24%) أدنى مستوىً له ​​منذ عام 2012 حين أصبح بالإمكان مقارنة الدرجات من عام إلى آخر، حيث بعد أن أدى "انفجار بيروت" إلى انهيار اقتصادي، تم تفريق الاحتجاجات واسعة النطاق ، وقَمَعت السلطات الحقوق الأساسية، واضطهدت المشاركين. وما زاد الوضع سوءاً هو فضح أوراق باندورا  للسياسيين اللبنانيين بمن فيهم رئيس الوزراء الحالي نجيب ميقاتي لكونهم أكثر مالكي شركات في الملاذات الضريبية الآمنة في العالم.

كما سجلت المغرب علامة 39%، إذ لم يقتصر قانون الطوارئ على حرمان المواطنين من حقهم في التنقل والتجمّع وحرية التعبير فحسب، بل استُخدِم أيضًا كغطاءٍ قانوني لاستهداف منتقدي الحكومة والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين تحدثوا عن سوء إدارة البلد لجائحة كوفيد -19.

أما في تونس، فقد حققت 44% على المؤشر بفعل تراجع مكاسب الديمقراطية الناشئة، بالرغم من إشعال تونس شرارة الربيع العربي، حيث قام الرئيس المُنتَخب مؤخرا قيس سعيد على تعزيز سيطرته وإلغاء الضوابط والموازين، من خلال تجميد البرلمان، وإغلاق هيئة مكافحة الفساد ، بالتالي ترك  مبلغي الفساد دون حماية.

وبالرغم من حوز كل من الإمارات العربية المتحدة على علامة 69% وقطر 63%، أي البلدين الأعلى علامة حسب المؤشر في المنطقة؛ فقد كشف عام 2021 عن ممارساتٍ للفساد، حيث تم فضح تورّط أمير قطر ورئيس الوزراء السابق للبلاد، إلى جانب نائب الرئيس ورئيس الوزراء في الإمارات العربية المتحدة، في أوراق باندورا. وبحسب البيان الذي أصدرته الشفافية الدولية، يواصل كلا البلدين مهاجمة حقوق الإنسان وحرية التعبير، ومعاقبة وسجن المعارضين.

معدلات مؤشر مدركات الفساد حول العالم

وحافظت منطقة أوروبا الغربية على أفضل النتائج برصيد 66%، تلتها دول آسيا والمحيط الهادئ برصيد 45%، ومن ثم الأمريكيتان برصيد 43% في حين حازت منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا على معدل 39%، ومن ثم منطقة أوروبا الشرقية برصيد 36% وأخيرا إفريقيا برصيد 33%. ومن اللافت هذا العام حفاظ الولايات المتحدة الأمريكية على رصيد 67%، وخروجها لأول مرة منذ عام 2012 ضمن أعلى 25 دولة في العالم، إضافة الى تراجع دولة الاحتلال نقطة عن العام الماضي لتصبح 59%.

وتجدر الإشارة الى أن فلسطين لم تُدرج في المؤشر للسنة الرابعة عشرة على التوالي لعدم توفر ثلاثة مصادر على الأقل من مصادر المعلومات الرئيسية لمؤشر مدركات الفساد وعددها ثلاثة عشر مصدرا، وسيصدر ائتلاف أمان -الفرع الوطني لمنظمة الشفافية الدولية-  تقريره الدوري حول واقع النزاهة ومكافحة الفساد في فلسطين في آذار القادم 2022، مشيراً أنه كان قد أصدر من قبل سلسلة من التقارير التي تطرقت بشكل واضح إلى تراجع العملية الديمقراطية في فلسطين بسبب عدم التداول السلمي للسلطة في كل من الضفة وغزة، وذلك من خلال المماطلة في إجراء الانتخابات العامة، وعدم إجراء الانتخابات المحلية في غزة، وضعف الشفافية والانفتاح  بسبب عدم إقرار قانون الحق في الوصول الى المعلومات، ومصادرة حق المواطن في المشاركة في القرارات وتحديد أولويات الموازنة العامة وموارد وأراضي الدولة، والتضييق على نشطاء المجتمع المدني وحرية الرأي والتعبير، إضافة إلى تقييد وتضييق حرية الصحافة والإعلام، الأمر الذي أشار إليه أيضا المؤشر العالمي لحرية الصحافة، والتضييق أيضا على المؤسسات الرقابية كالتدخل في شؤون القضاء، وقانون ديوان الرقابة المالية والإدارية من أجل إضعاف استقلاليتهما.