الثلاثاء  23 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

هل لدى الحكومة سياسة بتسهيل أو تجاهل عمليات التهريب؟

2022-01-26 01:28:33 PM
هل لدى الحكومة سياسة بتسهيل أو تجاهل عمليات التهريب؟
أرشيفية

خاص الحدث

في مؤتمر نظم في محافظة أريحا حول تجارة المخدرات والتهريب، بالتعاون بين منتدى شارك الشبابي وائتلاف أمان وبحضور محافظ أريحا، شارك المتحدث باسم جهاز الضابطة الجمركية الفلسطينية إبراهيم عياش، والذي كان دوره يتمثل في تفسير العوامل التي تساهم في ظاهرة التهريب بالمحافظة. 

المتحدث باسم الضابطة الجمركية، أورد خلال المؤتمر الذي عقد في 27 أكتوبر 2021، جملة من الأسباب التي تساهم في زيادة ظاهرة التهريب من بينها: نقص الكادر البشري، والتقسيمات السياسية الجغرافية (أ.ب.ج) التي تساهم في عرقلة عمل جهاز الضابطة بسبب عدم وجود سيطرة أمنية على مناطق (ج).

لكن سببا لم يخطر ببال أحد، ذكره عياش، ردا على سؤال مراسل الحدث، الذي تساءل عن عدم وجود ملاحقة لمحال تبيع الدخان المهرب في مراكز المدن الفلسطينية، وعلى مرأى ومسمع الجهات المختصة، والوصول لها لا يحتاج لتنسيق أمني ولا لتجهيزات مسبقة أو قوات كبيرة، علما أن الطريف بالأمر أن هذه المحال تبيع فقط الدخان المهرب.

عياش قال إن ذلك غالبا مرتبط بسياسات عامة حكومية، بـ"هدف التخفيف على الناس"، فلا يعقل أن يكون هناك احتلال وحصار وضغط، ومن ثم يكون هناك تضييق على الناس. لكنه استدرك قائلا: والله أنا لا أعلم، لكن هذه سياسات عامة، وليس لدي تفاصيل حول الموضوع. 

الإجابة التي رد بها المتحدث باسم الضابطة الجمركية على الحدث، قد تفسر حقيقة ما يجري، فقد كان السؤال أصلا مبنيا على مجموعة من المشاهدات خلال عمليات تفتيش لمركبات مشتبه بوجود بضائع مهربة فيها، يُعامل الدخان المهرب في كل مرة على أنه قانوني، بفعل هذه السياسات.

المنطق البديهي في السياسات العامة للتخفيف عن الناس، هو عدم الاقتطاع من رواتبها بسبب الأزمة المالية، وهذا لا يتم إلا من خلال اتخاذ عدة إجراءات من بينها محاربة التهريب لأن بعض المنتجات والسلع تشكل موردا مهما للخزينة، على سبيل المثال: إيرادات التبغ والسجائر وحدها تشكل ثلث الإيرادات العامة من الموازنة الفلسطينية، وهذا بحد ذاته يعطي مؤشرا مهما على ضرورة تشديد محاربة التهريب في هذه القطاعات، لأنها الأكثر إيرادا للخزينة العامة.

يدعم هذا المقترح بيانات حقيقية لارتفاع إيرادات الحكومة في الفترة بين شهر أيار إلى ديسمبر 2020، وهي الفترة التي أغلقت فيها المعابر مع الخارج، وقل التهريب من إسرائيل نسبيا، فكان على سبيل المثال: معدل الزيادة الشهري في إيرادات الحكومة من التبغ ما بين 10 إلى 12 مليون دولار وفي نهاية العام 2020 وصلت الزيادة إلى 96 مليون دولار.

لكن الأمر قد يتخطى شعارات حسن النوايا تجاه الناس، وقد لا يكون لذلك علاقة بتجاهل ظاهرة التهريب، الباحث في شأن التهريب وليد حباس لديه إجابة على هذا التناقض، ويفسر تركيز الحكومة في ملاحقة قطاعات معينة في سياق عملية التهريب وإغفال أخرى، في أكثر من اتجاه، الأول هو من هي الجهات الفلسطينية المسؤولة عن ملاحقة عمليات التهريب.

أما الشق الثاني، وهو الأهم، يتعلق بتقاطع المصالح، لأن التهريب ظاهرة كبيرة وليست عشوائية، وهنا يجب النظر إلى من هم المستفيدون من عمليات التهريب، ومن هنا يمكن التمييز مثلا لماذا يتم التشديد على قطاع معين، بينما يتم إغفال قطاع الدخان على سبيل المثال، وهذا مرتبط بحقيقة كونهم جزءا من الحكومة أو لهم علاقة بمتنفذين، وبالتالي فإن تحديد اللاعبين مهم جدا للكشف عن سبب التهاون في بعض قطاعات التهريب.

وتابع الباحث حباس أن حجم التهريب أيضا له بالمردود الذي يحققه القطاع، فهناك فرق في أرباح التهريب بين المنتجات المختلفة، وتتزايد الظاهرة طرديا بالمردود الذي تحققه عملية التهريب، وهذا معيار يُضاف إلى السابق المتعلق بطبيعة المهربين ومدى ارتباطهم ببعض المسؤولين والمتنفذين، وكذلك عدم وجود خطة للتقليل من الظاهرة.

 مسؤول أردني في الجمارك تواصلنا معه لتفسير هذه الظاهرة المتزايدة خاصة وأنها مرتبطة بالأردن، قال إنه لا يملك أي بيانات عن حجمها وخطورتها، لأن الأمر يمكن للفلسطينيين والجهات الرسمية الفلسطينية أن تنبه له وترصد إحصائيات وأسماء مهربين وغير ذلك من الأمور، وهذا غير متوفر، حتى أنه طلب منا كصحيفة التعاون في الأمر، لا لشيء إلا لأن "ما يضر فلسطين يضرنا، ولكن نحن لا نملك معلومات عن حجم الظاهرة، وهذه مسؤولية الجهات عندكم".

حاولنا التواصل مع الضابطة الجمركية الفلسطينية للحصول على معلومات عن حجم الظاهرة في 2021، لكن لم نحصل على ذلك حتى كتابة هذا التقرير.