الثلاثاء  16 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الجانب الأكثر ظلمة في الفعل الأمني اليومي لجهاز "الشاباك" (الجزء الأول)

مقابلة مع الضابط المتقاعد في جهاز الشاباك الإسرائيلي "إيرز حسون"

2022-05-13 10:08:47 AM
الجانب الأكثر ظلمة في الفعل الأمني اليومي لجهاز
تعبيرية

الحدث - الأسير إسلام حامد

مقدمة المترجم:

يعتبر جهاز الأمن العام "الشاباك" الإسرائيلي من أخطر المؤسسات الأمنية على المجتمع الفلسطيني، كونه يستهدف الإنسان الفلسطيني باعتباره العدو الدائم للكيان الإسرائيلي، وفي الواجهة الأكثر بروزًا لهذا الجهاز؛ شخصية الركاز[1] القائم على تنفيذ سياسات الجهاز الأمنية، وعليه تعتبر ترجمتي لهذه الدراسة محاولةً لتسليط الضوء أكثر على الجانب الأكثر ظلمة في الفعل الأمني اليومي للجهاز، وهي أيضًا كشف للغطاء الذي غلف قُبح الكيان الإسرائيلي ومؤسساته بالزيف والتضليل على من انطلى عليه ذلك.

وتُعد هذه الدراسة من الأهمية بمكان لكل العاملين في الشأن الوطني الفلسطيني المقاوم وعموم متابعي الشأن الإسرائيلي، وتكتسب هذه الأهمية من الأسباب التالية:

أولًا: إن هذه الدراسة تتحدث عن العمل المخابراتي الميداني في المدن والمناطق الفلسطينية وتحديدًا في مدينة الخليل، وآليات استهداف المجتمع الفلسطيني ومواجهة مقاوميه.

ثانيًا: تدور أحداث هذه الدراسة في الفترة الزمنية الواقعة بين عامي 1993م إلى 2002م، مع استطراد في بعض الأحداث التي وقعت في أوقات مختلفة.

ثالثًا: العنصر البشري يعتبر من أهم المصادر[2] لدى الشاباك في كشف المعلومات الحساسة من الداخل، وعليه تطرح هذه الدراسة أيضًا كيفية التعامل مع المصادر وتجنيدهم والطرق المؤدية إلى ذلك.

رابعًا: للمرة الأولى يسمح جهاز الشاباك لإحدى الشخصيات المهمة والتي قادت العمل الميداني بالكشف عن الطرق والأساليب التي يقوم بها في استخدامه للمصادر، في محاولة للسيطرة على المجتمع الفلسطيني من خلال تحييد قوى المقاومة.

خامسًا: إن الشخصية المركزية في هذه الدراسة هو الضابط البارز في جهاز الشاباك "إيرز حسون" والذي تتمحور عليه، -وللأهمية قمت بالعمل على صياغة مطابقة للنص الأصلي، وفي بعض الأحيان بتصرف-، والمنشور في ملحق صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية بتاريخ 12/2/2021م، بقلم الصحفي "سميدار بيري" والذي كتب النص الأصلي إثر مقابلة مباشرة مع "حسون"، مع بعض التغييرات في المصطلحات بما يتوافق مع ثقافة المقاومة، مثل: المخرب وهو المقاوم، الانتحاري وهو الاستشهادي، وما شابه ذلك.

 بالإضافة إلى بعض التعريفات والتي تم إخراجها من النص الأصلي إلى الهامش للتفريق بين النصين وإدخال التعليقات حيث لزم الأمر.

كل ذلك دفعني للعمل الدؤوب في إخراج هذه الدراسة للعلن، حتى يتمكن القارئ العربي من معرفة ماذا يحصل على الأرض الفلسطينية، عسى أن تحقق الغاية المرجوة منها، كما آمل بأن يتم كشف كل ما هو مستور، حتى نبقى على الدوام السد المنيع أمام العدو الإسرائيلي من أن يخترق العقل العربي الرافض للتواجد على الأرض الفلسطينية العربية.

إسلام حسن حامد 5/10/2021م

الشين بيت:[3]

تعتبر مهمات[4] الشين بيت "المعروف أيضًا باسم الشاباك" شبيهة بتلك المنوطة بالموساد، مع فارق أساسي هو أنها محصورة داخل فلسطين المحتلة، ويعتبر الشين بيت أكثر الأجهزة نشاطًا في مجال محاولة وقف عمليات المقاومة في جميع أنحاء فلسطين والتصدي للانتفاضة، ولا سيما منذ الانتفاضة الأولى عام 1987م، وقد قام الجهاز بعدة عمليات اغتيال ضد نشطاء وقادة فلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى بشكل منفرد أو بالتعاون مع الاستخبارات العسكرية، وخصوصًا عندما يُصفى الهدف من الجو، ومن القادة الذين استشهدوا خلال انتفاضة الأقصى "أبو علي مصطفى، الشيخ أحمد ياسين، د. عبد العزيز الرنتيسي، وربما الرئيس ياسر عرفات متسممًا"، وحتى إنه كان يقوم بعمليات خطف واغتيال داخل الأراضي اللبنانية خلال فترة الاحتلال "1982 – 2000".

ويخضع الشين بيت لإشراف رئيس الحكومة الإسرائيلية مباشرةً، ويُعتقد أن الجهاز مكون من ثلاث دوائر تنفيذية، وخمس دوائر مساندة، وأهم دوائرها دائرة الشؤون العربية المسؤولة عن العمليات ضد مقاومة الاحتلال، والتدمير السياسي، والحفاظ على قوائم وبيانات لمن تعتبرهم عربًا مُعادين، كما يضم وحدات لتجنيد الجواسيس في صفوف الفلسطينيين، بالإضافة إلى وحدات المستعربين أو "ميستاعرفيم" والتي تقوم بالتغلغل في صفوف الفلسطينيين بهدف التجسس واعتقال النشطاء أو تصفيتهم.

أما الدائرة الثانية، هي دائرة الشؤون غير العربية، فكانت مقسمة أقسامًا، أحدها لشؤون الدول الشيوعية، وآخر للدول غير الشيوعية في العالم، وتعمل على مراقبة السفارات والاستخبارات الأجنبية واختراقها، والتجسس على البعثات الدبلوماسية داخل الكيان الإسرائيلي، كما يقوم عناصرها باستجواب المهاجرين القادمين من دول الاتحاد السوفييتي سابقًا وأوروبا الشرقية.

وبالإضافة إلى هذه الدوائر هناك دائرة الأمن الوقائي المسؤولة عن حماية المباني الحكومية والسفارات والمراكز الحيوية والمنشآت الصناعية العسكرية "الإسرائيلية" الإسرائيلية والمنشآت العلمية والصناعية، وشركات الطيران الإسرائيلية.

جمع المعلومات:

تعتبر المعلومة رأس مال الجهاز المخابراتي، وفي الحالة الفلسطينية برز بشكل غير عادي جهاز الشاباك الإسرائيلي، والذي يعمل على جمع المعلومات على مدار الساعة من مصدريها البشري والتقني، وليس ذلك إلا للقناعة المتجذرة في عقلية الشاباك بأن امتلاك المعلومة الصحيحة والمتنوعة تقود إلى الأفضلية في مواجهة الشعب الفلسطيني.

طبيعة هذه المعلومة تقود بالتأكيد إلى طبيعة التعامل مع الإنسان الفلسطيني، من تحديد مدى خطورته وكيفية مواجهة ذلك، هذا على المستوى الفردي، في حين تنبع أهمية المعلومة على المستوى الجماهيري في كيفية صناعة رأي عام بالشكل الذي يخدم مصلحة الكيان.

عقدة الربط بين المعلومة من مصدرها وصولًا إلى الجهة التي ستعالجها وتتخذ اللازم بناءً عليها هو الركاز.

الركاز "ضابط المنطقة:

ويعتبر من أهم الأدوات لدى جهاز الشاباك الإسرائيلي، فهو المكلف بإدارة المنطقة الأمنية المناط به اختراقها والسيطرة عليها، والعمل على حفظ الأمن العام وتحييد أي خطر يتولد منها، ومن أهم ما يقوم به الركاز تجنيد العملاء "المصادر"، وهم العنصر البشري الذي يمكن له أن يمتلك المعلومة أو يجلبها من مصدرها، وصولًا إلى المشاركة في تنفيذ عمليات الاعتقال أو الاغتيال لمصادر التهديد، وهم هنا النشطاء الفلسطينيين، وعليه لنجاح الركاز في مهمته فإنه يمتلك مهارات عديدة والتي من ضمنها:

-          تعلم اللغة العربية ولهجاتها المتنوعة.

-          معرفة العادات والتقاليد التي يتبعها المجتمع الفلسطيني.

-          متابعة الصحف العبرية والإذاعات والمحطات التلفزيونية.

-          تعلم القراءة والكتابة.

كل ما ذكر من مهارات وغيرها -لا على سبيل الحصر- من أجل تسهيل عملية اختراق المجتمع الفلسطيني للسيطرة عليه وجلب المعلومة.

تجنيد العملاء:[5]

قبل قدوم السلطة الفلسطينية، كان مركز التجنيد الأساسي من خلال الإدارة المدنية "مركز الحاكم العسكري"، حيث كانت تتم مقابلة الأشخاص الذين يحضرون للإدارة المدنية لطلب الحصول على تصاريح للسفر وعمل بطاقات هوية، وغيرها من الخدمات التي كانت تقدمها الإدارة المدنية، حيث كان يتم استدعاؤهم لإجراء مقابلات مع الضباط المسؤولين عن المنطقة "ضباط الشاباك"، وإدارة حوار حول الطلب الذي قدمه، واكتشاف ما إذا كان مستعدًا للتعاون أم لا.

وأيضًا في مراكز التحقيق[6]، حيث كانت وما زالت بؤرة مهمة لتجنيد العملاء، فقط كان يتم الكشف ما إذا كان المستهدف "الأسير في التحقيق" مستعدًا للارتباط والتعاون أم لا، لكن مع قدوم السلطة أصبح تجنيد العملاء صعبًا، فلم تعد نقاط الاحتكاك كما كان سابقًا زمن الإدارة المدنية، فاليوم تتم من خلال الحواجز التي يضعها الجنود على الشوارع، وإعطاء الشبان الفلسطينيين بلاغ من الشاباك لكي تتم المقابلة مع ضابط المخابرات، وأثناء اللقاء يتم الكشف إذا ما كان هناك استعداد للتعاون أم لا.

مدخل: تحت عنوان[7] أصفر بالخط الكبير: أحد المصادر الذين جندتهم قال لي: "أنت الأب الذي أردته دائمًا"[8].

وعناوين فرعية: "الأم الطائر"، "فوج متميز"، "حامل الراية"، "السّاخر"، أسماء حركية تم ذكرها في المقابلة وغيرها[9]، هؤلاء جزء من المصادر الذين قام بتجنيدهم "إيرز حسون" كضابط منطقة[10] يتبع لجهاز الشاباك في الخليل.

الآن وللمرة الأولى سمحت المؤسسة الأمنية[11] لحسون أن يكشف أساليب عمله، كيف يدير محادثة تجنيد شخص من تنظيم حماس[12]، ولماذا أنقذ أحدهم "أحد المصادر" والذي كانت لديه الفرصة في قتله؟، وكيف يستمر ضابط الشاباك في العمل مع الفشل الذريع! "في العملية التي لم ينجح في إيقافها"؟ كما لو أنها انقلبت على أصدقائي "هو يقول"، وأيضًا لم أتألم قطعًا إذا كنت ملزمًا بأن أخاطر بمصدر من أجل من منع قتل الأبرياء "المحتلين الصهاينة".

البداية:

وصل إليّ إلى مكتب الإدارة المدنية في الخليل شاب صغير، بادر بالحديث وبدأ يشرح بأنه بحاجة لاستخراج تصريح[13] دخول إلى أراضي فلسطين المحتلة عام 1948م "في الكيان الإسرائيلي"، لكن لا يوجد لديه صاحب عمل من الداخل المحتل كي ينظم له مسألة الدخول بشكل قانوني، وهو يعلم بأني ضابط الشاباك المسؤول عن المنطقة التي يسكن فيها، لكن عندما دخل الشاب أخبرني بشكل واضح "لا تجعلني مستهدفًا بأن أكون مصدرًا لكم، السبب لأنني سأرفض، فضميري لا يسمح لي بأن أكون مرشحًا لهذا"[14]. ككل المحادثات التي أقوم بها مع أي شخص، كتبت عنه بأنه شاب ماهر وداهية، مبتسم مع حس دعابة، بالضبط من نوع الأشخاص الذين أبحث عنهم، بالرغم من "خطاب الافتتاح" له؛ قمت بتجنيده في آخر المطاف لصالح الشاباك، بناءً على ما سبق كنت ملزمًا بأن أوفر له تصريح دخول للكيان. شرحت له بأن كل الإمكانيات التي لدي سأستخدمها من أجل الحفاظ عليه، وأكدت بأن كل الاتصالات بيننا ستتم بسرية[15]، تقابلنا[16] مرات ومرات عديدة، وفي كل مرة تحول الحديث بيننا إلى الأكثر حميمية، أخبرني على سبيل المثال بأنه يحب التصوير، وأيضًا بأن اثنين من إخوته لم ينجحوا في إنجاب الأطفال، وهو يخشى أيضًا بأنه ليس سليمًا، حينها خطرت لي فكرة وأنا كنت أتحين الفرصة لاطلاعه عليها[17]، الفرصة أتت في إحدى اللقاءات، هو قال شيئًا قريبًا من "أتمنى لو أن أبي يفهم"، أنا لم أسأل ما الذي على والده أن يفهمه، ذهبت إليه واحتضنته، وأعلمته "من الآن أنا والدك"[18].

"وبحديث غير مباشر" لنساعد بعضنا البعض، أنت تأتي بالمعلومات وأنا سأرسلك للفحص عند طبيب مختص، وبالتأكيد أنت لست عاقر، أنا كضابط شاباك يجب عليّ أن أساعده على المستوى الاقتصادي، أنا مؤمن بذلك، لنصل إلى أن يكون التواصل[19] بيننا يبقى من تحت الطاولة، هكذا قمت بتجنيده، الشاب المستهدف أخذ مني الاسم الحركي "الأم الطائر" وأصبح رمزًا له، أراد أن يعمل بشدة في محل بيع لحوم -ملحة بالعامية-، وبعد ذلك سيكون لنا الكثير من المهمات والطلبات، لاحقًا أرسل لي الكثير من المعلومات القيمة، ونال الاحترام.

استمر التواصل بيننا بكل تأكيد وتطور، وكما وعدت اهتممت بأن يذهب إلى الفحص في المستشفى، وتبين أنه غير عاقر، ومن أجل يوم ميلاده اشتريت له كاميرا متطورة[20].

وبالعودة إلى البداية، "الأم الطائر" أصر بأن يكون المصدر الوحيد في منطقته من أجل الاستحواذ لنفسه على كل المكافآت المالية[21]، وعلى إثر ذلك أنهى المصدر ارتباطه مع الشاباك بعدما اكتشف تجنيدنا لصديق له، وهنا من المهم أن أؤكد على أن هذا الصديق قد تم تجنيده على يد زميل لي في الشاباك بدون علمي، وبأي طريقة كانت وبأي شكل لم أكن مخل بالاتفاق المعروف مع "الأم الطائر"، والذي بعد اكتشافه للمصدر الآخر في منطقته قاطع الاتصال معي، بعد شهرين فقط سمعت منه ما حصل، ونجحت بأن أعيده إلى أن يكون مصدرًا من جديد.

لاحقًا وفي إحدى المحادثات بيننا، سألته لماذا أنهيت العمل معي؟ فأجابني في الحال: لا يوجد أحد بالغ في تصرفه معي باحتراف كما أنت، والدي تنكر مني، ولم يكن في اعتباره أي صالح فيّ، حتى قال: "أنت الأب الذي كنت دائمًا أريده".

في الحي: ثقب أسود"[22]:

 "إيرز حسون" 54 عام، متزوج من رونيت، وأب لثلاثة، استقال من الشاباك قبل عامين من استحقاق التقاعد، بعد 26 سنة خدمة فعلية، المهمة الأولى له كانت في مدينة الخليل[23]، هناك عمل ضابط منطقة للشاباك بين عامي 1993 إلى 2002، الآن هو يحاضر حول عمله لسنوات في كيفية التجنيد لصالح الشركات الاقتصادية والمشاغل المهنية الصغيرة، وكما هو معلوم هنا وللمرة الأولى يسمح الشاباك بأن يكشف ما كان مخفيًا[24].

 القيود المعروفة كما هو واضح، ومنها أرضية العمل لضابط الشاباك "ضابط المنطقة" في تجنيده للمصادر وفي مسارات الفعاليات الميدانية، والتي تقود المنظومة إلى الهدف النهائي؛ منع العمليات.

كيف يتفاعل الجمهور الإسرائيلي؟

بين الحين والآخر يصدف أن أحدهم صرَّح منتقدًا الإجراءات القاسية[25]، أو المطالبة بأن يتم الحديث عن إمكانية تحيز الأطراف الأمنية في مهماتهم اتجاه الفلسطينيين، الحقيقة أن الجمهور مقيد بما يتم الرد عليه[26]، وهنا يسألونني دومًا لماذا القيادة عندنا لا تعرف قراءة الفلسطيني جيدًا كما نحن؟ الشاباك يقرأ جيدًا الفلسطينيين[27]، الحقيقة، هل شخصية ضابط المنطقة تسمح له بانتقاد الشاباك؟ من غير الممكن انتقاد السلوك العملي للشاباك[28]، بالعكس تمامًا، كلما أروج للجهاز في النهاية أتلقى المديح حول عملي في الشاباك، لكن من المهم أن نقول إن ضابط المنطقة العامل في الشاباك يقوم في نهاية الأمر بالعمل على تجنيد أحدهم "من الفلسطينيين" من أجل استخدامه في الحفاظ على أمن الدولة، لكن الاختبار الأساسي هو كيفية البقاء دائمًا كالبشر[29]. إعداد حسون للوظيفة استمر سنتين[30]، من ضمنها عشرة أشهر في القسم العربي[31]، تعلم من خلالها المسؤولية والتفاني وعلم النفس[32]، وربما التمثيل، واستمر الكورس حتى ديسمبر 1993م، عندها تم إخراجه للتدريب العملي لمدة شهرين في قطاع غزة، هنا ارتبط بوظيفته الجديدة والتي عمل فيها لاحقًا لسنوات كضابط منطقة ميداني ناجح، والتي ظهر فيها تحديدًا عندما وصل إلى مدينة الخليل. "الأم الطائر"، "الفوج المتميز"، "حامل الراية"، "الساخر"، هؤلاء وغيرهم ممن يحملون الأسماء الحركية عملوا مع حسون كمتعاونين لصالح الشاباك في الخليل، والذين تلقوا هذه الأسماء من أجل الحفاظ على سريتهم، مع الأخذ بالحسبان ألا يكون الاسم الحركي لعميل محجوزًا لعميل آخر، لذلك دائمًا ما يستخدم الشاباك الأسماء الحركية وليس الأسماء الحقيقية، وأيضًا يشمل ذلك المحادثات بين المشغل والمصدر، كل ذلك حتى لا يتم كشف الاسم الحقيقي لمصدر ما.

--------------------------------------

[1] الركاز: ضابط منطقة يتبع جهاز الشاباك الإسرائيلي، ويتم تحديد المنطقة بحسب النشاط الأمني المقاوم للكيان الإسرائيلي.

[2] المصدر: كناية عن العميل المتعاون مع العدو الإسرائيلي.

[3] العنوان ودلالاته منقول من: دليل إسرائيل للعام 2011 – مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

[4] مراقبة وجمع المعلومات بشريًا، والقيام بمهمات سرية، ومنع العمليات التخريبية.

[5] العنوان وما يحتويه جزء من المادة التعليمية المعتمدة في سجن هداريم لدى جامعة القدس المفتوحة – أبو ديس – الجزء الثاني، دراسات في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.

[6] مراكز التحقيق: وهي المراكز التي يتم احتجاز المعتقل الفلسطيني فيها لأسابيع وقد تمتد لأشهر، ومن أبرزها المسكوبية والجلمة وعسقلان وغيرها.

[7] العنوان: هو مقابلة تم نشرها في ملحق صحيفة يديعوت أحرنوت مع ضابط الشابك إيرز حسون، قام بها سميدار برّي.

[8] "أنت الأب ..." الجملة تعبر عن عقدة نقص الذات، وهذا ملحوظ عند العملاء في المجمل، وتنبع هذه العقدة من القصور في التربية مع عوامل ضاغطة اجتماعيًا.

[9] إضافة من المترجم: "أسماء حركية" لا يعبر الاسم الحركي بصورته المجازية عن حقيقته بالذات، وقد يكون كذلك، لكن يتم إطلاق الاسم الحركي المستعار على العملاء للتغطية على شخصياتهم الحقيقية منعًا من الاستهداف من قبل المقاومة الفلسطينية لهم.

[10] ضابط منطقة: ركاز: يوجد في كل لواء فرع للضباط "ركازيم"، وفي هذا الفرع ضابط جمع المعلومات، فرع التجسس المضاد، فرع لمراكز التحقيق، والمحققين يخضعون عمليًا لقائد اللواء، ويتكون جهاز الشاباك من أربعة ألوية:

أ‌.         لواء الشمال: شمال فلسطين المحتلة، الجليل الأعلى والأسفل والجولان والناصرة.

ب‌.     لواء الوسط: وسط البلاد ومنطقة المثلث.

ت‌.     لواء الجنوب: جنوب البلاد وقطاع غزة.

ث‌.     لواء القدس: الضفة الغربية والقدس.

[11] الأصل هو أن يسمح جهاز الشاباك بذلك، وقد يصل الأمر إلى دائرة الرقابة العسكرية لإقرار السماح من عدمه.

[12] حركة حماس: هي حركة إسلامية وطنية فلسطينية تم تأسيسها عام 1987م، وتحمل فكر الإخوان المسلمين، وتؤمن بالمقاومة المسلحة كطريق إجباري استراتيجي لتحرير فلسطين.

[13] تصريح دخول: وهو التصريح الذي يتم استصداره عن طريق الإدارة المدنية، وبموافقة الشاباك الإسرائيلي الأمنية، ويعتبر استصدار التصاريح من أكثر الأدوات ضغطًا على طبقة العمال للعمل لصالح الشاباك كعملاء.

[14] من مهمات ضابط المنطقة تقييم السكان سيكولوجيًا، بحيث يستنتج من هذه التقييمات الإمكانيات الكامنة في كل فرد، وعليه يتم التعامل معه بناءً عليه.

[15] الوعودات: هي من أهم أدوات الإغراء التي يستخدمها ضابط الشاباك، ومن ضمنها الحفاظ على حياة العملاء، لكن ما يتم هو أن المجتمع الفلسطيني يستطيع كشف الحالات الشاذة من بينه، من خلال عملية التنقية المجتمعية والتي تعتمد على البعد الأخلاقي القائم على التمايز في السلوك، ينتج عن ذلك التباين بين عموم المجتمع، وهذا التمايز يدل على من يشذ في سلوكه ويخرج منه.

[16] اللقاء بين العميل والمشغل يتم بسرية وبأكثر من طريقة، لكن ما لم يتم ذكره أن العميل وإن نال الثقة من مشغله، يجب أن يتم تفعيل بروتوكول حماية ضابط الشاباك، والذي يُحتم على الحماية المرافقة أن تقوم بتفتيش العميل وإدخاله في مجموعة إجراءات حتى لا يتم استهداف الضابط المشغل كما حصل في مناسبات عديدة.

[17] المكر والخديعة يجعلان ضابط الشاباك متقدمًا على ضحيته الضعيفة، فيستغل كل ما هو ممكن، وأهم ما يستغله الحاجة لدى العملاء، والبدء بالابتزاز من خلال الترغيب والترهيب.

[18] الانكسار الذاتي للعميل قد يقود إلى ذلك، لكن ما يريد أن يقوله ضابط الشاباك بأنه عطوف على العميل أكثر من الذي أنجبه، وهذا كما هو معلوم منافي لكل الضوابط الأمنية والمتمثلة بعدم الدخول في علاقة عاطفية بين المشغل والعميل.

[19] التواصل بين العميل والضابط المشغل له تطور بحسب المراحل الزمنية التي مرت على المنطقة، ففي البداية كان يتم تجنيد العملاء ضمن شبكات عنكبوتية، تعمل في أكثر من مسار، منها نقل المعلومات المهمة، ومن ثم إسقاط وتجنيد آخرين، لكن بعد الخسارات الكبيرة في صفوف العملاء الذين يعملون بهذا الأسلوب، تم تطوير الأدوات والمهمات، فأصبح العميل يعمل منفردًا ويتواصل بشكل منفرد، وبعد التطور في وسائل الاتصال أصبح الهاتف والجوال والمواقع الالكترونية بدائل آمنة لعملية الاتصال ونقل المعلومة، عوضًا عن اللقاء المباشر مع عدم الاستغناء عنه للضرورة.

[20] مستوى الأعطيات المذكورة لا يلامس إلا الاحتياجات البسيطة، وهذا ضمن النطاق المسموح به لضابط الشاباك، وعليه لم يتم ذكر مستوى مرتفع من الأعطيات، مُنحت للعملاء بحسب مجمل الاعترافات التي قُدمت ممن تم استجوابهم من العملاء.

[21] الجشع عند العملاء يستحوذ على ذواتهم المريضة، وعليه يسعون دائمًا لإشباعها، لذلك لا غرابة في أن يطلب عميل ذلك من مشغله، لكن ضابط الشاباك يعمل ضمن مؤسسة، وهي تعمل على جلب وإحضار كل معلومة ممكنة، وعليه لن يتم تحديد السعي الدائم استجابةً لطلب عميل كما هو مطلوب.

[22] الثقب الأسود: مسألة كونية ما زالت تحت التحليل والدراسة، لكن هنا الحديث عن مصطلح مجازي يدل على سرية ضابط الشاباك في حياته الخاصة.

[23] مدينة الخليل: تقع في جنوب الضفة الغربية، ويبلغ تعداد سكانها قرابة نصف مليون نسمة، وتعتبر أكبر مدينة فلسطينية، وهي من أكثر المدن التي أخرجت أعمال قتالية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وعليه برز العنصر الحمساوي ميدانيًا، حتى سميت بمدينة حماس.

[24] كَشْف العالم السفلي لجهاز الشاباك يأتي بعد دراسة معمقة للجدوى من ذلك داخليًا، وعليه، الرسالة في طرح ما يذكر في هذه السطور بأهمية بمكان، لكن يجب البحث بين السطور لتعلم أن رسالة الشاباك كما هو مذكور في النص ببعدها العاطفي، ما هي إلا قلب للحقائق والتي تؤدي دائمًا إلى قتل الإنسان الفلسطيني.

[25] الإجراءات القاسية: السياق الأمني الإسرائيلي المواجه للفعل الفلسطيني يعبر دائمًا عن القوة الغاشمة والتي يتم استخدامها في كل مفاصل الحياة، وعليه خروج هيئة أو فرد من الجمهور الإسرائيلي منتقدًا السلوك الأمني يعتبر من النادر حدوثه، لكن نشطاء اليسار والمؤسسات الحقوقية لها صوت اعتراضي مستوعب.

[26] الجمهور الإسرائيلي مجتمع عسكريتاري، وعليه يتم اقتياده من خلال المحافظة على السردية الموجهة للفكر الإسرائيلي، لذلك الحديث هنا عن إمكانية تغيير السردية يعتبر من المحال في ظل قيم العنصرية التي يتم بناء الذات الصهيونية عليها، لتبقى السردية التي تشبِّع الجمهور بالعنصرية والخوف من الفلسطيني المعادي أساسٌ لكل السرديات وفي كل المسارات الأمنية والسياسية والاجتماعية.

[27] لا شك أن من مهمات الشاباك القراءة الاستباقية للحالة الأمنية والسياسية والاجتماعية الفلسطينية، وهذا ما يقود إلى الإحباط الموضعي للخطر "المقاومة الفلسطينية" دائمًا، وذلك قبل الوصول إلى مرحلة التنفيذ أو خلاله، كل ذلك بحكم الاتصال القريب والميداني مع الجمهور الفلسطيني.

[28] الانتقاد: دائمًا ما يكون لوجود حالة سلبية في عقل الشاباك كجهاز وضباط، لا يعتبرون أن الأعمال التي يقومون بها سلبية، وعليه من غير الممكن انتقاد السلوك العملي للشاباك، الخطورة من النقد إن وجد هو من أجل تصحيح وتقويم السلوك الخاطئ، وهنا إنكار الخطأ منذ البداية يمنع فكرة النقد من جذورها.

[29] الإشكال هنا أن الفرد اليهودي يعتبر نفسه صاحب الاختيار الإلهي له، وتمايزه عن عموم البشرية، وعليه تقدير البشر لا يتم إلا من منظور الفوقية لليهودي على عموم البشرية، بالنسبة لليهودي البقاء دائمًا في تفوق على البشرية يعني أن يتم استهداف كل ما هو غير يهودي بكل السبل والوسائل لتسخيره في خدمة اليهودي الأصيل.

[30] إعداد ضابط الشاباك يتم من أجل المكانة المهمة والمتقدمة والتي تؤهله للعمل ميدانيًا، فهو يمثل العامود الفقري للجهاز، ويعتبر عمله في الميدان أنه يمثل الاختبار الحقيقي للإمكانيات العالية التي يمتلكها، وعليه يطلق على ضابط المنطقة مسمى الذئب المنفرد، نظرًا لأنه في أغلب الأحيان يضطر إلى مواجهة العملاء الذين جندهم لوحده، مما قد يعرضه للخطر كما حصل مع العديد من الضباط الميدانيين الذين تم اغتيالهم على يد العملاء الذين جندوهم، ومن أهم المطالب التي يجب أن تتوفر في الضابط الميداني:

أ‌.         القدرة على التواجد في بيئة معادية.

ب‌.     القدرة على تفعيل التجهيزات الفنية العالية.

ت‌.     إمكانية تشخيص العوامل الحاسمة ميدانيًا.

ث‌.     امتلاك الخطة التي تمكنه من اكتشاف الخداع والحيل دائمًا.

ج‌.      وأهمها أن يكون صهيونيًا باعتبار الكيان ذخر شخصي له.

[31] القسم العربي: وفيه يتم تولي جميع الشؤون التي تتعلق بالمجتمع الفلسطيني سواءً في داخل أراضي 48 أو في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث يتم جمع المعلومات في هذا القسم حول جميع النشاطات السياسية والاجتماعية والعسكرية في المجتمع الفلسطيني، ويشمل هذا القسم فرع الأبحاث المختص بالشؤون العربية، والفرع الميداني "عناصر وضباط جهاز الشاباك الميدانيين".

[32] علم النفس: تنبع أهمية علم النفس لضابط الشاباك في تحفيزه الدائم ليفهم طبيعة الشخصية الفلسطينية وإمكانية تحليلها، وهذا ما يعطي الأفضلية لضابط الشاباك في فهم وإدراك ما تعكسه الشخصية المستهدفة.