السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

قانون الضمان الاجتماعي.. أين وصل الملف؟

2022-07-07 11:13:06 AM
قانون الضمان الاجتماعي.. أين وصل الملف؟
أرشيفية

 

 

 

وزارة العمل: القضية في طور المشاورات والنقاشات

خبير اقتصادي: تأخرنا كثيرا في إقراره ولا يوجد قانون مثالي في العالم

الاتحاد العام لنقابات العمال: مشاركون في اللجنة الاستكشافية ونحدد موقفنا على ضوء النتائج

 

 خاص الحدث

في 28 يناير 2019، جمّد الرئيس محمود عباس القرار بقانون الخاص بالضمان الاجتماعي بعد توسع دائرة الاحتجاج عليه. لكن منذ ذلك الحين لا يبدو أن السلطة الفلسطينية قد تخلت نهائيا عن القرار الذي كان من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ 13 نوفمبر بعد حوالي عامين على صدوره، وإنما قامت بتجميده لحين البت في الملاحظات التي أثيرت حوله من قبل مؤسسات حقوقية وخبراء اقتصاديين والقطاع الخاص وغيرها من الجهات ذات العلاقة.

وفي 1 مايو 2022 قال وزير العمل الفلسطيني نصري أبو جيش إنه يجري اعتماد قانون عمل عصري  يخدم العامل والطبقة العاملة ويحاول توفير حقوقه بالحد الأدنى، وجرى حوارات كثيرة حول هذا القانون، وهو في مراحله النهائية وفي أقرب فرصة قد لا تتجاوز نهاية شهر مايو سيتم تقديمه لمجلس الوزراء ثم للرئيس لاعتماد هذا القانون الجديد وتعديلاته.

وفي المقابلة ذاتها تطرق أبو جيش إلى قانون الضمان الاجتماعي، وقال إنه "قد يتم الانتهاء منه قبل قانون العمل، وجرت حوارات كثيرة من أطراف الإنتاج وأصحاب العمل والممثلين بالغرف التجارية ولجنة التنسيق للمؤسسات والصناعات مع اتحادات العمال كافة". موضحا أنه تم التوصل تقريباً إلى مسودة سيتم بحثها في بداية شهر 5 ثم تقدم للمجتمع وكافة شرائح المجتمع والحراكات وكافة القطاعات لإعادة نقاشها.

وأردف وزير العمل: "تقديرنا أن يتم اعتماده الضمان الاجتماعي وتطبيقه، لأن هذا سيكون في مصلحة العامل وفي مصلحة أن نخلق توفير سبل حياة كريمة خاصة في المراحل المتقدمة بالعمر". مشيرا إلى أن الحكومة أعلنت أن عام 2022 سيكون عام العدالة الاجتماعية للطبقة العاملة الفلسطينية وهذا يعتمد على مجموعة من النقاط يجب أن يتم تنفيذها وتطبيقها بأقصى حد في نهاية هذا العام. لكن وحتى كتابة هذا التقرير لم يتم اعتماد القانون.

تواصلت "صحيفة الحدث" مع مدير عام الإدارة العامة لسياسات قطاع العمل في وزارة العمل، عزمي عبد الرحمن، لمعرفة آخر التطورات فيما يتعلق بقانون الضمان الاجتماعي. وقد أكد للصحيفة أن الأمر لا زال في طور المناقشات رافضا التصريح بأي تفاصيل أخرى، لأن الوزير هو المطلع بشكل كامل على القضية ويستطيع التصريح فيها بشكل أوفى. وحاولت الحدث التواصل مع وزير العمل، وأُبلغت بأنه سيرد عليها لاحقا.

لا يوجد قانون مثالي

يرى الباحث في الشأن الاقتصادي د. سمير عبد الله أن "وقتا طويلا جرى إضاعته قبل تطبيق قانون الضمان الاجتماعي، لأنه ليس من المعقول أن تبقى فلسطين هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا يوجد بها قانون ضمان اجتماعي، وحتى الحملة الاحتجاجية على القانون لم تكن بريئة وأشبه بمؤامرة كانت تقف خلفها أجندات ومصالح خاصة، ولذلك من المهم اليوم أن نذّكر العمال بضرورة وجود قانون يحميهم، وقد برزت الحاجة لمثل هذا القانون في فترة انتشار جائحة كورونا، وكلما تم تطبيقه بشكل أسرع، كلما كانت الأمور أفضل".

ويضيف عبد الله لـ "صحيفة الحدث" أنه "لا يوجد قانون في العالم خال من السلبيات، وعادة ما يتم تعديل القوانين بعد تجربتها، وكان من الممكن تمرير القانون ومعالجة الملاحظات التي تعتريه وتنتج من خلال التجربة في فترة أقل من عام، ولم تكن هناك أصلا حاجة لتعطيله، ويفترض أن تعمل الطبقة العاملة على الدفع باتجاه إقرار القانون بما يضمن وضع آلية تطبيق مناسبة تلائم ظروف العاملين وأصحاب العمل وتنهي كافة العوائق التي كان يجري الحديث عنها سابقا".

ويوضح الباحث في الشأن الاقتصادي أن "هناك نصا واضحا في اتفاق باريس الاقتصادي بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل يشير إلى أن الأخيرة مستعدة لتحويل أموال ورواتب العمال الفلسطينيين لديها بشرط وجود مؤسسة ضمان اجتماعي، وهذه الأموال مهمة جدا لأنها سوف تستخدم في الاستثمارات كما في كل دول العالم، ولا تبقى أرصدة في صناديق جامدة، ودائما ما كانت صناديق الضمان مقرضا مهما لتطوير البنى التحتية والمشاريع الإنتاجية التي تعمل على تشغيل القوى العاملة، ومن المهم التأكيد على أن صندوق الضمان يجب أن يكون صندوقا خاصا ولا يدمج بالصندوق القومي على الأقل في المرحلة الأولى وذلك من أجل الحصول على ثقة العمال".

وتابع عبد الله قائلا إن "العمال بحاجة أن تتم طمأنتهم بأن أموالهم لن تذهب هدرا، ولن يتم استغلالها والتصرف فيها، والقانون يمنع التصرف فيها دون أن يكون هناك تصرف رشيد بما يكاثر هذه الأموال ولا يتسبب في نقصانها، لذلك من المهم أن يقتنع العمال بأهمية الضمان الاجتماعي وتحويل أموالهم إلى السوق الفلسطيني للتنمية والتطوير التي يمكن أن يستفيد منها المجموع. والضمانات المتوفرة في هذا السياق هي المرتبطة بالقانون، وليست الوعود الحكومية، وبالتالي فإن الأصل أن يتم التعامل مع هذه الأموال ضمن نطاق القانون.. ولا أعتقد أن الحكومة ستكون قادرة على المساس بصندوق الضمان الاجتماعي، والضمانات في حال اختراق القانون هو الشارع، فمثلا في ألبانيا بسبب المساس في أموال الضمان، تغيرت الحكومة نهائيا، وأجزم أن لا سلطة تلجأ لمغامرة تتمثل بالمس بأموال الضمان الاجتماعي سواء للعاملين في إسرائيل أو محليا".

لجان استكشافية تعمل لصياغة قانون الضمان

يؤكد الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين شاهر سعد على "وجود لجنة عمل فيما يتعلق بالضمان الاجتماعي، يمكن وصفها باللجنة الاستكشافية، مهمتها دراسة كل الملاحظات التي أوردها القانونيون أو الاقتصاديون وغيرهم من الجهات ذات العلاقة، وستنشر النتائج التي تتوصل لها اللجنة للجمهور، ولا يمكن أن تبقى فلسطين بدون ضمان اجتماعي، وهذه القناعة تعززت بعد أزمة كورونا، وما رافقها وتبعها من تعطل للعمل، ولم تتم مساعدة العمال كما يجب إلا في بعض المؤسسات الضخمة التي لديها إمكانيات ضخمة، وحتى هذه الشركات لم تمنح العامل كافة استحقاقاته، وآن الأوان لكي يكون هناك تفكير جدي بوجود ضمان اجتماعي".

ويضيف سعد في مقابلة مع "صحيفة الحدث" أن "هناك ممثلين عن الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين يشاركون في الاجتماعات التي تعقدها اللجنة الاستكشافية، ويقدمون موقفا بخصوص مختلف القضايا المتعلقة بالقانون، وخاصة نسب الاقتطاع وكيفية التنفيذ وأشكال الاستفادة من موضوع الضمان وما هي الخطوات التي سيجري تطبيقها وغير ذلك من الأمور التي تهم العمال بالدرجة الأساس، ونحن جهة فاعلة في النقاش، وفي النهاية قرارنا سيكون بناء على المخرجات النهائية، وسنحدد ما إذا كانت النتائج لصالح العمال أم عكس ذلك، ولن نسمح باستغلالهم كما جرى سابقا".

ويشدد الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين على أن "العمال كانوا الفئة الأكثر تضررا خلال الفترة الماضية، وقد آن الأوان لكي تكون لديهم حقوق كما غيرهم، وحتى أكثر دول العالم صغرا لديها نظام للتأمينات الاجتماعية، وكل الدول المحيطة بفلسطين لديها أنظمة متطورة لقانون الضمان الاجتماعي، وهذه المرة هناك مشاركة من قبل القطاع الخاص وممثلين عن الاتحاد العام لنقابات العمال ومنظمة العمل الدولية أيضا لها دور، وهذه المشاركة الواسعة هدفها تطوير القانون بحيث يصبح أكثر إنصافا".

وبحسب سعد، فإن "القطاع الخاص هذه المرة موقفه متقدم، ولديه استنتاجات مهمة أنتجتها فترة انتشار جائحة كورونا، وأصبح على قناعة أن هناك حاجة ملحة لقانون ضمان اجتماعي، ومن المتوقع أن لا يكون في موقف المعارض للقانون كما كان الأمر سابقا، وهذا لا يعني عدم وجود بعض المواقف المعارضة من جهات معينة، ونحن نعمل على دراسة كل الخيارات المتاحة حتى لا يتم تخريب عملية تمرير قانون الضمان الاجتماعي، وهناك فهم مشترك أن وجود صندوق ضمان اجتماعي أصبح مصلحة مشتركة للعامل وصاحب العمل".

ويبين الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين أن هناك مشاركة من خبراء دوليين في النقاشات الجارية حول قانون الضمان الاجتماعي، بالإضافة لخبراء فلسطينيين وعرب يعملون بشكل أساسي مع اللجنة الاستكشافية ويقدمون التوصيات والتنبؤات حول التأثير المتوقع للقانون سواء سلبا أو إيجابا، وذلك لمعالجة كافة الملاحظات التي أثيرت على القانون بنسخته الأساسية.

ما هي الانتقادات السابقة على قانون الضمان الاجتماعي؟

وتتمثل أبرز الانتقادات التي وجهت لقانون الضمان الاجتماعي في وجود "ضعف في مأسسة إدارة الضمان الاجتماعي، وغياب للهيكل التنظيمي والأنظمة المالية والإدارية اللازمة لعمل مؤسسة الضمان الاجتماعي، التي ينص عليها قرار بقانون الضمان الاجتماعي، ورغم تأكيد القرار بقانون على الاستقلال المالي والإداري الكامل لمؤسسة الضمان الاجتماعي عن الحكومة، ورغم عدم وجود أية صلاحية لرئيس مجلس إدارة الضمان في جميع نصوص القرار بقانون (124 مادة) باستثناء إدارة جلسات مجلس الإدارة، كون النصوص القانونية ركزت على المجلس كمؤسسة متكاملة، إلا أن أداء رئيس مجلس الإدارة على أرض الواقع يسير في اتجاه مغاير، كونه يخلط بين دوره كوزير للعمل ودوره كرئيس لمجلس إدارة مؤسسة الضمان".

مؤسسة الحق التي أعدت دراسة حول القانون أشارت كذلك إلى ضرورة "توسيع العضوية في مجلس إدارة الضمان، وإشراك شخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة والمهنية والاستقلالية في عضوية المجلس؛ بحيث يتم التأكيد على عضويتهم في النص القانوني المذكور واختيارهم من مجلس الإدارة بعد إعادة تشكيله. وينبغي ضمان وجود تمثيل حقيقي وفاعل للمرأة في عضوية مجلس إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي. وفقاً للمعايير الدولية والممارسات الفضلى، فإن توسيع العضوية في مجلس الإدارة يساهم بشكل إيجابي في تعزيز الشفافية والفعالية والتمثيل العادل داخل المجلس".

وبعض الملاحظات كانت تتعلق بضرورة الالتزام بمبادئ الحوكمة والإفصاح والشفافية، والحاجة الماسة لإجراء تعديلات قانونية جوهرية بهدف ضمان حوكمة وشفافية "قطاع الاستثمار" الحيوي في الضمان الاجتماعي بالكامل، وبخاصة لجنة الاستثمار، وإلزام مجلس إدارة المؤسسة بمناقشة وإقرار "الأنظمة الداخلية اللازمة لعمل دائرة الاستثمار" و"النظام الخاص بإدارة استثمارات المؤسسة" بالشراكة مع المجتمع المدني، ووجوب نشر الأنظمة مباشرة بعد اعتمادها من مجلس الإدارة، وكذلك الحال بشأن وجوب نشر "الموازنة الاستثمارية السنوية" بعد إقرارها من مجلس الإدارة، ومطالبات شعبية واسعة بتعديل نسب الاشتراكات (9% صاحب العمل مقابل 7% العامل) ومعامل الاحتساب (2%) لانحيازها بشكل كبير لأصحاب العمل على حساب الطرف الضعيف في علاقات العمل وهم العمال، وتحقيقاً للعدالة والإنصاف. بحيث يتحمل صاحب العمل (ثلثي الاشتراك) فيما يتحمل العامل (الثلث الباقي) أو نسبة قريبة منه، ويتم احتساب معامل الاحتساب بنسبة (2.5%) وتعميمه على المنافع التأمينية.

وكانت إحدى التوصيات التي تضمنتها الدراسة التي أعدتها مؤسسة الحق هي إعداد "خطة توعية شاملة" للضمان الاجتماعي تستهدف مختلف مكونات المجتمع الفلسطيني، للتعريف بأهمية الحق في الضمان الاجتماعي، باعتباره مظلة وطنية للحماية الاجتماعية، في وجه المخاطر اليومية التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان، ومدى حيوية الضمان الاجتماعي وأهميته القصوى لصحة وحياة الإنسان وتأمين العيش الكريم له ولأسرته، وأهميته في إعادة توزيع الدخل، والحد من مشكلات الفقر والبطالة، وغيرها من الأهداف السامية التي تقوم عليها فكرة الضمان الاجتماعي.