الخميس  28 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

زيارة بايدن للمنطقة والسعودية نجاح وفشل/ بقلم: راسم عبيدات

2022-07-19 11:48:16 AM
زيارة بايدن للمنطقة والسعودية نجاح وفشل/ بقلم: راسم عبيدات

الأوضاع في العالم والإقليم والمنطقة تشهد تغيرات جيوسياسية، وتغيرات سياسية واقتصادية وعسكرية تصب في خانة روسيا والصين وإيران ودول "البركس"، والهزائم الأمريكية المتتالية لها ولمشروعها ولأحادية قطبيتها متتالية من بعد خروج جيشها بشكل مذل من أفغانستان وهزيمتها في العراق، ها هي تواجه هزيمتها في حربها مع روسيا على الأرض الأوكرانية، ولعل الحلفاء وخاصة من المشيخات الخليجية العربية، وهم يشاهدون أمريكا تتخلى عن حلفائها، ولم ترسل جنديا أمريكيا واحدا للدفاع عنهم، باتوا ربما يدركون "بأن عقل اللي بجرب المجرب مخرب"، ولا يغرنكم البيان الختامي لقمة  "الأمن والتنمية" الذي عقد في جدة، وقول بايدن بأن أمريكا لن تتخلى عن حلفائها، وتتعهد بحمايتهم من الأعداء والدفاع عن أراضيهم، ويبدو بأن زيارة بايدن للسعودية والتي جرى التخطيط لها عدة شهور والتي أملتها مجموعة عوامل مهمة في الموقع الحيوي للولايات المتحدة الأمريكية، في مقدمتها التعقيدات التي ترافق المفاوضات حول الملف النووي مع طهران (4+1)، وكذلك التداعيات الكبيرة والعميقة للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، على أزمتي الطاقة والغذاء العالميتين، وسعي الولايات المتحدة كذلك للالتفاف على التمدد الصيني شرقاً من أجل تقييده ومحاصرته، وزيارة بايدن للسعودية، أتت عكس ما كان يقوله بايدن عن حقوق الإنسان والحريات، فالحاجة للنفط السعودي فوق تلك الاعتبارات والقتل والاغتيالات، وصفحة قتل الخاشقجي تم طويها تحت ضغط الحاجة للنفط السعودي، كما هو حال صفحة اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة بنيران قناصة جنود دولة الكيان، وبن سلمان الذي تعهد بايدن بأن يبقيه ويبقي السعودية منبوذين، وبأنه لن يلتقيه، شاهدنا كيف التقاه وصافحه بالقبضة، وكيف أذل بن سلمان بايدن عندما أرسل له حاكم مكة خالد الفيصل وسفيرة دولته في واشنطن لاستقباله، بينما كان هو في استقبال الزعماء الثمانية الآخرين المشاركين في القمة، وأبعد من ذلك عندما تحدث معه عن جريمة اغتيال الخاشقجي، قال له بأنه تحدث أخطاء وذكره بجريمة اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة، والتي لم يتم اتخاذ أي إجراءات بحق من قاموا بقتلها.

المهم لربما زيارة بايدن على الصعيد الاقتصادي وتوقيعه ل 18 اتفاقية اقتصادية سعودية – أمريكية في مجالات الطاقة والفضاء والاستثمار والأمن والاتصالات حققت أهدافها، ولكنها فشلت في تحقيق أهدافها في الجوانب المركزية والأساسية لهذه الزيارة، النفط ودمج دولة الكيان في المنطقة، و"الناتو" العربي  بمشاركة "إسرائيل" ضد إيران، فالسعودية قالت بأن لديها مشكلة في إنتاج النفط، ووصلت إلى حدها الأعلى في الإنتاج النفطي، 13 مليون برميل يومياً، وبهذا هي لن تلبي طموح بايدن بتعويض النقص في سوق الطاقة العالمي والأوروبي مع اقتراب فصل الشتاء تعويضاً عن النقص الناتج عن وقف ضخ النفط والغاز الروسيين، سواء لجهة العقوبات الأمريكية، أو توقف روسيا عن تزويد تلك الدول بالغاز، وكذلك لم ينجح بايدن في مسعاه بدمج دولة الكيان في المنطقة عبر هيكل أمني، وتنصيبها في موقع القيادة الأمنية في المنطقة بإشراف أمريكي عبر إرساء دعائم نظام إقليمي عسكري، اقتصادي وسياسي ضد مثلث روسيا والصين وإيران، وبالتالي فشل في إعادة رسم خرائط المنطقة عبر البوابة الإسرائيلية، وكذلك على صعيد تشكيل الهيكل الأمني أو "الناتو" العربي بمشاركة "إسرائيل" ضد إيران لم يتحقق له ذلك، فالعديد من الدول العربية، أوضحت بأنها لن تنخرط في حلف عسكري ضد طهران، مصر تتقارب مع طهران، الإمارات في عز الزيارة ترسل سفيرها إلى طهران، وقطر وعُمان والكويت، تحتفظ بعلاقات جيدة مع طهران، في حين الأردن قالت بأنها لن تعادي إيران.

ولكن يسجل لبايدن نجاح مسعاه على صعيد تأكيده على صهيونيته أنه يفتخر بأنه جزء من تاريخ دولة الكيان، والتزامه بأمن دولة الكيان وتفوقها العسكري، وكذلك نجاحه في تهميش القضية الفلسطينية، وتحويلها من قضية حقوق وطنية سياسية ووقف الاستيطان وإنهاء احتلال، إلى مشاريع وتسهيلات اقتصادية وخدماتية وزيادة تصاريح عمل لعمال قطاع غزة، جمدها غانتس بعد إطلاق صاروخين من القطاع على مدينة عسقلان، وتسوية أوضاع الساكنين في الضفة الغربية من أبناء شعبنا من قطاع غزة والخارج ورشاوي مالية، وهو لم يقدم أي لفتة سياسية تجاه السلطة، مثل إعادة فتح قنصلية بلاده في القسم الشرقي من مدينة القدس، ولم يعيد فتح مكتب المنظمة في واشنطن، ولم يرفع اسمها من قائمة "الإرهاب" الأمريكي، ولم يضغط من أجل وقف الاستيطان، واكتفى بترديد الإسطوانة المشروخة عن حل الدولتين بلغة عامة، مؤكداً على وجود صعوبات في تحقيقه، وأنه لا يمكن تحقيق ذلك في المنظور القريب، وأنا لا أعرف ما الذي يفرح قيادة السلطة الفلسطينية من هذه الزيارة، والقول بأنه يمكن البناء على نتائجها؟، تلك الزيارة لم تبعث أي أمل عند شعبنا الفلسطيني، لا على مستوى فصائله ولا على مستوى جماهيره.

بايدن ليس فقط تعرض إلى انتقادات أمريكية بسبب مصافحته لمحمد بن سلمان، وتخليه عن ما سماه قناعته حول الحريات وحقوق الإنسان وجريمة قتل الخاشقجي، بل لعدم قدرته على استعادة حلفاء أمريكا للثقة بها، ولذلك بايدن الذي دخل مرحلة الشيخوخة والنسيان، كما هو حال دولته، فأمريكا التي كانت عام 2003 و2006 لم تعد هي أمريكا عام 2022، فالعالم يتغير والإقليم والمنطقة، والولادة للعالم الأكثر عدلاً وإنسانية وانتصاراً للشعوب المظلومة يقترب من الولادة على يد بوتين، وكذلك هو عالم القطبية المتعددة تقترب ولادته، وبايدن الذي يراهن على دعم اللوبيات اليهودية له ولحزبه في الانتخابات النصفية الأمريكية في تشرين ثاني القادم، لن يحقق نجاحاً، وسيعود الجمهوريون للسيطرة الكبيرة على مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين، ولربما هو لم يكمل ولايته الأولى، ولن ينتخب لولاية ثانية، فهو على صعيد الحزب الديمقراطي لا يحظى بثقة نسبة ليست بالقليلة، وكذلك الدولار لن يبقى معادلاً عاماً للعملات والتبادلات التجارية.