الجمعة  19 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

كيف نحافظ على "الذهب السائل" وكيف نستغل الزيبار بالطريقة الأمثل؟

موسم زيتون ماسي لعام 2022

2022-11-02 09:03:36 AM
كيف نحافظ على
تعبيرية

خاص الحدث

كما كل عام، يرتكز اهتمام الفلسطينيين في شهر أكتوبر، حول موسم قطف الزيتون الذي أعلنت وزارة الزراعة عن بدئه في الثالث عشر من تشرين الأول/ أكتوبر، والذي أكد مجلس الزيت والزيتون الفلسطيني أن إنتاجه سيكون ماسيا لهذا العام مقارنة بالعام السابق. وفي العامين الماضيين شهدت فلسطين إنتاجا ضئيلا من زيت الزيتون، لم يصل للمستوى المطلوب، حيث وصل معدل إنتاج  الزيت إلى  14500 طن لعام 2020 و 17500 طن لعام 2021.

ورغم إعلان وزارة الزراعة الفلسطينية والجهات المختصة عن موعد بدء موسم قطف الزيتون وقطف الزيتون للكبيس وبدء تشغيل المعاصر للحصول على أفضل كمية واجواد أنواع من الزيت؛ إلا أن تجاوزات كانت قد حدثت بالخصوص، فعدد من المزارعين باشروا بقطف الزيتون قبل أسابيع من الموعد المعلن، وكذلك مخالفات رُصدت لمعاصر باشرت بالعمل قبل المواعيد الرسمية.

يقول  مدير عام مجلس الزيت والزيتون الفلسطيني، فياض فياض، في مقابلة خاصة مع "صحيفة الحدث"، إن موسم الزيتون الحالي "موسم ماسي" أي ذو إنتاج جيد لأن نسبة الإنتاج فيه ستكون أعلى من المتوسط الذي يبلغ نحو 23 ألف طن سنويا. مشيرا إلى أن التوقعات لهذا العام تتجاوز 30 ألف طن، وأن محافظة جنين شمالا ستنتج 8 آلاف طن من الزيت، تليها طولكرم 7 آلاف طن، ومحافظات قطاع غزة مجتمعة 5 آلاف طن، فيما تنتج القدس المحتلة 200 طن.

وأضاف فياض، أنه وحتى 21 أكتوبر، نسب عصر الزيتون ونسب السيولة كانت منخفضة وليست كالسنوات السابقة لأن المزارعين قطفوا ثمار الزيتون قبل نضجها، رغم النصائح والإرشادات بأن يكون القطف متأخرا، ولكن من بادر إلى القطف مبكرا خسر، ومنذ 22 أكتوبر فقط بدأت النسب بالارتفاع، ووصلت بالمتوسط إلى 22% ولكنها لم تصل للمعدل الذي نصبوا إليه،  خاصة وأن المتوسط لكل فلسطيني بالكامل 22.5% وهي نسب تتفاوت ما بين منطقة وأخرى.

كيف نحافظ على "الذهب السائل"؟

يقول فياض، إن هناك مشكلة كبيرة في المعاصر لدى الفلسطينيين، وهي استخدام عبوات البلاستيك لحفظ الزيتون، مؤكدا أنها عبوات غير ملائمة وغير صحية ولا تحفظ الزيت بالطريقة السليمة. وأضاف: يفضل استخدام عبوات الستانلس ستيل أو الزجاج المعتم وسابقا كان يستخدم الفخار، وكلما كانت كمية الزيت في العبوة أصغر كلما استطعنا حفظ الزيت الجيد لمدة زمنية أطول.

ووجه رسالة للمزارعين، بأن كل من يريد زيتا جيدا عليه أن يبتعد عن البلاستيك قدر الإمكان.

وأوضح: من أجل المحافظة على جودة الزيت، علينا الابتعاد عن مسببات تلف الزيت وهي الضوء والحرارة والهواء، بحيث أن درجة الحرارة المثالية لحفظ الزيت تتراوح ما بين 15 - 18 درجة، ويجب أن لا تقل عن 12 درجة وأن لا تزيد عن 18 درجة، ويجب تخزين الزيت في ابرد نقطة بالبيت والابتعاد عن المطبخ والروائح الكريهة، بالإضافة إلى تعبئة العبوة كاملة دون إبقاء اي فراغات لمنع دخول الهواء.

وعن شكوى بعض المزارعين من تغير لون الزيت القديم إلى الأصفر الفاتح، أكد أن السبب في ذلك يعود لطريقة الحفظ غير السليمة لفترات طويلة، وقال: إذا تم حفظ الزيت في ظروف ملائمة يبقى على الأقل لعامين دون أي تغيير على الطعم أو اللون.

وعن تعريض الزيتون لدرجات عالية من الحرارة، يرى مدير عام مجلس الزيت والزيتون الفلسطيني، أنه عند تعريض زيت الزيتون لدرجة حرارة أعلى من 28، فإنه يبدأ بفقدان الإنزيمات، وهذه قاعدة علمية موجودة في خصائص الزيت، لذلك فإن أي زيت وفي أي معصرة لا يجب أن يتم تعريضه لحرارة أعلى من 28 درجة، حيث يصبح الزيت "غير سليم 100%"، مؤكدا أن السبب في تغير اللون لا علاقة له بتعرض الزيت لدرجات عالية من الحرارة، وإنما له علاقة بإبقاء الزيت لفترة طويلة في ظروف غير صحية.

أفضل طريقة لاستغلال الزيبار

الزيبار هو الماء الأسود أو الماء النباتي المتخلف عن عملية عصر الزيتون في المعاصر ويحتوي على معظم العناصر الغذائية التي تستهلكها شجرة الزيتون ونسبة من الزيت في حدود 1‎%‎ حسب المعصرة ثم بعض الفيتامينات والستيرولات والسكوالين والأهم البولي فينولات وهي المواد المضادة للأكسدة التي يعود لها الفضل بفوائد الزيت ونسبتها أيضا تختلف حسب عوامل عديدة مثل صنف الزيتون ودرجة نضجه ونوع الزراعة وطريقة عمل المعصرة وكمية المياه المضافة لعجينة الزيتون وبذلك يعتبر الزيبار أكثر احتواء على المواد المفيدة الموجودة في ثمار الزيتون من الزيت نفسه لأن معظم هذه المواد المفيدة تذوب بالماء.

ويعتبر الزيبار، من أكثر الملوثات للبيئة وحتى الآن لم يتم التوصل لطرق للاستفادة من المواد المفيدة التي يحتويها.

بحسب فياض، فإن الزيبار ليست مشكلة فلسطينية فقط وإنما عالمية، "وحتى هذه اللحظة لم يتوصل أحد لحل مشكلة الزيبار، ولكن أفضل قاعدة علمية للتخلص من الزيبار هي عدم إنتاج الزيبار أو التقليل من إنتاجه"، مشددا على ضرورة عدة اقترابه من مناطق المياه الجوفية أو الجارية أو شبكة مياه الصرف الصحي لأنه يمنع البكتيريا المفيدة من أن تحلل المياه العادمة.

وأشار فياض، إلى أنه من المفضل أن يتم رشّ الزيبار على طرق زراعية لأنها تؤدي إلى تماسك التربة، وفي بعض المناطق تمت تجربة زيبار ثمار الزيتون الذي يتم إنتاجه في شهري 10 و 11، بحيث يتم رشه على التربة قبل الزراعة بمعدل 8 - 10 أكواب للدونم الواحد، لأنه يحتوي على 80% على مركبات مفيدة لنمو المزروعات، وهي أفضل وسيلة لاستغلاله.

وبحسب فياض، فإن الزيبار، يؤدي إلى تماسك "الباسكورس" وتصليبه وتكوين طبقة عازلة عليه، وبالتالي إطالة عمر هذه الطرقات من ناحية، وعدم نمو الأعشاب فيها من ناحية أخرى.

سيل الزيتون من سيل كانون

وعن كيفية إعداد شجر الزيتون لإنتاج أفضل في الموسم المقبل، قال فياض، إنه بعد الانتهاء من قطف ثمار الزيتون مباشرة بفضل ريّ الأشجار بالمياه قدر الإمكان، وتقليم الشجر في شهر 11 على اعتبار أنها أهم عملية في إعداد شجر الزيتون، حيث يجب أن تتم بعد سقوط الأمطار، بالإضافة إلى حراثة التربة، ورش أشجار الزيتون ببعض المواد التي لا تؤثر على الزيتون وتقي الأشجار من الأمراض، وفي شهر 12 يفضل وضع الفوسفات والبوتاسيوم، ووضع الأمونياك في شهر 2، وفي المربعانية يجب عدم فعل أي شيء لشجر الزيتون، ومن استطاع في شهري كانون الأول والثاني ري الأشجار فعليه بذلك، حتى لو كانت هناك أمطار جيدة، بحسب فياض فياض.

وفي سياق ذي صلة، أوضح فياض، أن مخرجات عصر حبة الزيتون هي ثلاثة؛ زيت الزيتون والجفت والزيبار وزيت الزيتون، وأن المعصرة تتحكم بنحو 35% من جودة الزيت، بحيث يتوجب ترك زيت الزيتون لفترة تتراوح ما بين أسبوع إلى 20 يوما، لكي يقوم الزيت بالترسيب ويجب بعدها فصل الزيت النقي عن هذه الرواسب، وهناك معاصر تصل جودة الفرازة أن لا يكون هناك رواسب أو قليلة جدا تكاد لا تذكر.

ونوه فياض، إلى أن معدل استهلاك الفرد الفلسطيني لزيت الزيتون في السنة الواحدة، يتراوح بين 3- 3.5 كغم للفرد، ذلك حسب السعر والأوضاع الاقتصادية للمواطنين. وأشار إلى أن سوقنا الداخلي (قطاع غزة والضفة الغربية) يستوعب 16 ألف طن من زيت الزيتون، وآفاق التسويق هي حوالي 7 آلاف طن من الزيت، يعني في الحالة الطبيعية الاعتيادية نحن بحاجة إلى 23 ألف طن من الزيت سنويا، وهذا يشير إلى بقاء مخزون جيد من الزيت حتى العام القادم والذي من المحتمل أن يكون الإنتاج بنفس غزارة إنتاج هذا العام.

بنك الزيت ضرورة ملحة

وطالب فياض بإنشاء بنك الزيت، مشيرا إلى أنه منذ عام 2009، وهو العام الذي كان إنتاج فلسطين فيه من زيت الزيتون يصل إلى 4775 طنا في غزة والضفة الغربية، وقفز سعر زيت الزيتون في ذلك العام رقما لم يتحقق للزيت في تاريخ فلسطين للمناطق التي تبيع زيت الزيتون بالكيلو في محافظات شمال الضفة الغربية، ولم تجد الشركات التي تصدر زيت الزيتون إلى خارج الوطن زيتا لا من حيث الكمية ولا من حيث الجودة، ليوفوا بها التزاماتهم مع الشركات المستوردة.

وقال: تخفت أصواتنا أحيانا وتعلوا أحيانا أخرى، في المطالبة ببنك للزيت في حالتين اثنتين متناقضتين؛ الأولى عندما يكون عندنا فائضا من زيت الزيتون وتكون مطالبتنا من أجل عدم انهيار الأسعار، والاحتفاظ بزيت الزيتون الفائض، بظروف تخزينية مثالية، تبقيه صالحا حتى العام الذي يليه، والحالة الثانية عندما يكون الإنتاج أقل من حاجتنا الفعلية، وتكون أمنيتنا أن يتوفر لنا زيت زيتون في السوق دون الحاجة لاستيراد الزيت، ولم يحصل أن تم استيراد زيت زيتون في فلسطين منذ قدوم السلطة حتى الآن، باستثناء عام 2009.

ووفقا لفياض، فإن من يقف عائقا أمام إقامة بنك لزيت الزيتون الفلسطيني هم، المستفيدون من بقاء فوضى في عمليات البيع والشراء لمادة زيت الزيتون، ومن يتاجرون بزيت الزيتون غير المشروع وهو ما يتم تهريبه من خلف الخط الأخضر، ومن يصرون على شراء الزيت بأسعار بخيسة، مستغلين حاجة المزارع، ومن لا يرغبون أن يكون هناك تنظيم لقطاع الزيتون.