الخميس  25 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تقرير: الأعشاب البحرية سوق تقترب من 95 مليار دولار

2022-12-04 09:29:19 AM
تقرير: الأعشاب البحرية سوق تقترب من 95 مليار دولار

الحدث الاقتصادي

أشارت تقارير صحفية، إلى أنه في فصول الصيف عندما تمتلئ الشواطئ بالمصطافين، كثيرا ما نسمع صرخات الصغار يهربون إلى آبائهم وأمهاتهم، طالبين منهم المساعدة لتخليصهم من أعشاب البحر التي علقت بأقدامهم، فما يكون من الأهل إلا نزعها وإلقاؤها بعيدا، ليعود الصغار إلى التقاطها وتزيين قلاعهم الرملية بها، أو وضعها فوق رؤوسهم، تيجانا للعب.

وأضافت: في المستقبل ربما تتغير الصورة تماما، وستحمل كل أسرة معها وهي متجهة إلى الشاطئ حقيبة خاصة تجمع فيها أعشاب البحر تلك، وربما تطلب من أبنائها التوقف عن صيد الأسماك وربما اللهو واللعب وجمع مزيد من الأعشاب البحرية، لأنها أكثر فائدة من الأسماك سواء قاموا ببيعها أو طهيها طعاما.

وأردفت: قد يبدو الأمر مستغربا بعض الشيء، لكن عندما تعلم أننا نقف أمام صناعة على الرغم من تفاوت التقديرات بشأن حجمها الراهن، فإن أقلها تقديرا يشير إلى صناعة بقيمة عشرة مليارات دولار، بينما تقدرها مصادر أخرى بـ40 مليار دولار وسط توقعات أن ترتفع إلى 95 مليار دولار بحلول 2027، فسيكون من الصعب على الأهل التخلص من أعشاب البحر التي التصقت بأقدام أبنائهم بإلقائها بعيدا، أوتركهم يزينون بها قلاعهم الرملية.

وجاء في تقرير جريدة الاقتصادية:

في الصيف الماضي حقق اتحاد مزارعي بحر الشمال ما عد اختراقا تكنولوجيا في مجال استزراع الأعشاب البحرية، فعلى بعد 12 كيلومترا من الساحل الهولندي تم حصاد مزرعة أعشاب بحرية، الذي عد خطوة أولى مهمة نحو الزراعة على نطاق واسع لمزارع الأعشاب البحرية التجارية في بحر الشمال، إذ تمت تربية اعشاب البحر على شباك مربوطة بأنبوب بلاستيكي بطول 50 مترا يطفو فوق سطح الماء ومثبت في مكانه بواسطة عوامات ومراس بحرية، بعد ذلك تم جذب الأنبوب وجمع الأعشاب البحرية العالقة بالشباك ووضعها على متن السفينة استعدادا لتصنيعها.

اتحاد مزارعي بحر الشمال يضم نحو مائة شركة من بينها شركات عالمية للأغذية والسلع الاستهلاكية وشركة شل للطاقة، عد تلك الخطوة بداية الطريق للاستزراع التجاري للأعشاب البحرية على نطاق واسع، على أمل تحقيق قفزات في الإنتاج الأوروبي من الأعشاب البحرية بحلول نهاية هذا العقد.

الدكتورة دورثي كلارك المتخصصة في البيولوجيا البحرية والباحثة في شركة سي جرون للمستحضرات البحرية تشير إلى أنه يمكن تلبية إجمالي احتياجات العالم من البروتين من خلال زراعة الأعشاب البحرية في منطقة تبلغ مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة البرتغال، وأنه توجد آلاف الأنواع المختلفة من الأعشاب البحرية حول العالم، لكن سبعة منها فقط يمكن - وفقا لتقنيات المعالجة المتاحة حاليا - استخدامها، ومن بعض تلك الأعشاب البحرية يصنع اليابانيون الأوراق المجففة التي تغلف السوشي.

و"الاقتصادية" تعلق قائلة "كثير منا يتعامل مع الأعشاب البحرية باشمئزاز أو تجاهل رغم أنها محصول مطلوب للغاية، فهي تستخدم كغذاء بشري وتضاف إلى علف الحيوان والأسمدة ويتزايد استخدامها في مستحضرات التجميل، وستلعب دورا شديد الأهمية في العقود المقبلة لمواجهة التغير المناخي، حيث إنها تمتص ثاني أكسيد الكربون لتنمو وتساعد على تحسين جودة المياه وتخفض معدلات الحموضة في المياه. وقدر العلماء في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية أن الكائنات البحرية الساحلية والأراضي الرطبة تمتص خمسة أضعاف الكربون مقارنة بالغابات الأرضية".

وتضيف "كما أنها توفر فرصة لتنويع عمليات الاستزراع البحري ومن ثم لا يقف الاستزراع البحري على الأسماك والمحار واللؤلؤ".

من المؤكد الآن أن قدرة الزراعة على تلبية الطلبات الغذائية المستقبلية لسكان كوكبنا الذي بلغ قبل أيام معدودات ثمانية مليارات نسمة باتت محل تساؤل وشك، بسبب عدم كفاية الأراضي الصالحة للزراعة ونقص المياه العذبة، ووفقا لدراسات علمية أجريت العام الماضي، فإن تطوير تربية الأحياء المائية يعد وسيلة واعدة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وتشير تلك الدراسات إلى أن تربية الأحياء المائية البحرية هي العنصر الأسرع نموا في إنتاج الغذاء، إذ تنمو بنحو 7 في المائة سنويا متجاوزة بذلك معدلات النمو الإجمالي للزراعة التي تبلغ نحو 2 في المائة فقط، ومن ثم يتوقع أن تلعب تربية الأحياء المائية عامة وزراعة الأعشاب البحرية خاصة دورا محوريا لتطوير القدرة على إطعام 9.7 مليار شخص سيقطنون الكوكب بحلول 2050.

تلك التقديرات حول الأهمية المستقبلية للأعشاب البحرية تفتح الباب على مصراعيه لمنافسة متزايدة بين المنتجين الأكثر شهرة والمسيطرين على الأسواق حاليا وبين اللاعبين الجدد.

من جهته، يقول لـ"الاقتصادية" الدكتور أيتون تايلر أستاذ الاقتصادات المستقبلية في جامعة لندن "تهيمن الدول الآسيوية على الإنتاج العالمي من الأعشاب البحرية، فتاريخيا كان شرق وجنوب شرق آسيا أكثر وعيا بأهمية تلك المنتجات، ولم يدرك الأوروبيون أهميتها إلا متأخرا، فالأعشاب البحرية على سبيل المثال كانت تدفع لسداد الضرائب في اليابان، إضافة إلى تناولها في الطعام، اليوم الصين تهيمن على الصناعة وفي 2019 بلغ الإنتاج العالمي نحو 36 مليون طن، وجاءت 97 في المائة من تلك الكمية من آسيا، وأكثر من نصف تلك الكمية من الصين، ومن ثم يمكن القول إن الولايات المتحدة وأوروبا خارج المنافسة حتى الآن".

ويضيف "لكن هذا لا ينفي وجود تجارب رائدة ومثيرة للاهتمام خارج آسيا ربما أبرزها في تنزانيا، فاستزراع الأعشاب البحرية صناعة واسعة النطاق هناك، وأصبحت مصدرا مهما للغاية للدخل بالنسبة إلى النساء، حيث إن 90 في المائة من العاملين في مزارع أعشاب البحر في تنزانيا من النساء، وتعد حاليا ثالث أكبر مساهم بالعملة الأجنبية في الاقتصاد الوطني، إذ تصدر إلى الخارج لاستخدامها في صناعة مستحضرات العناية بالبشرة ومستحضرات التجميل".

لكن أوروبا والولايات المتحدة تأبيان أن تخرجا من هذا السباق الاستراتيجي، فاتحاد مزارعي بحر الشمال يهدف إلى امتلاك 400 كيلومتر مربع من مزارع الأعشاب البحرية في المياه الهولندية بين مزارع الرياح البحرية بدءا من 2030، فإضافة إلى المساهمة الغذائية يمكن لتلك المزارع تجنب انبعاثات كربونية تصل إلى 1.6 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون.

يرجع هذا الاهتمام إلى النمو المتواصل لسوق الأعشاب البحرية الأوروبية كل عام، وعلى الرغم من أن مساهمة الأوروبيين في الإنتاج العالمي لا تزيد على 0.8 في المائة حاليا، فإن التوقعات أن تصل قيمة الصناعة إلى 95 مليار دولار، حيث تعمل على جذب مزيد من الشركات الأوروبية إلى استزراع الأعشاب البحرية، وتدعم المفوضية الأوروبية هذا الاتجاه، إذ ترصد حاليا 273 مليون يورو لدعم تلك الصناعة، وسط توقعات بمواصلة نمو الدعم الأوروبي للشركات العاملة في هذا المجال مستقبلا.

باتريك تامبل مدير التسويق في شركة شور الاسكتلندية لاستزراع الأعشاب البحرية يشير إلى أن الأوروبيين استهلكوا ما قيمته نحو 840 مليون يورو من الأعشاب البحرية، ويتوقع أن يزيد استهلاكهم بين اثنين إلى ثلاثة مليارات يورو بحلول 2030، لكن المتوافر في الأسواق الأوروبية أغلبه من آسيا، ما يعني أن الشركات الأوروبية أمامها فرص واعدة محليا.

ويؤكد لـ"الاقتصادية" أن المشكلة تتمثل في أن الأوروبيين ليس لديهم ثقافة في استهلاك الأعشاب البحرية كالآسيويين، ومن ثم زيادة الوعي الأوروبي بالأعشاب البحرية يمهد الطريق لنمو الصناعة، لكن مخاطر التوسع السريع أنه قد يستقطب رؤوس أموال ومستثمرين غير معنيين كثيرا بالبيئة.

ويضيف "اقتصادات البحار أو ما بات يعرف بالاقتصاد الأزرق ستبلغ نحو ثلاثة تريليونات دولار بحلول نهاية العقد، والاستزراع البحري بما في ذلك الأعشاب البحرية المستزرعة سيكون العنصر الأسرع نموا في صناعة إنتاج الغذاء العالمية، وهناك فرص كبيرة لمستثمري الاقتصاد الأزرق، حيث إن منتجات البحار مطلوبة بشدة".

تعد مزارع الأعشاب البحرية صناعة حديثة نسبيا في الولايات المتحدة مقارنة بالدول الآسيوية، ولم تسفر أعوام الصناعة في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي عن تحقيق إنتاج تجاري، لكن المشهد بدأ في التغير منذ 2010، إذ بدأت الصناعة في تحقيق النجاح وذلك مع نمو القبول الشعبي لفكرة استهلاك الأعشاب البحرية، في ظل الإدراك المتزايد للفوائد الكامنة فيها، وبدأت تلك المزارع في اكتساب شعبية بحيث زاد إنتاج المزارعين في الاسكا حيث تقع أكبر مزرعة لأعشاب البحر في أمريكا الشمالية جنوب شرق الاسكا بنسبة تقدر بنحو 200 في المائة في 2019 مقارنة بـ2017.

مع ذلك تظل الولايات المتحدة متخلفة عن المنتجين الكبار بمسافات كبيرة، فمعدلات استيراد المأكولات البحرية في الولايات المتحدة نحو 90 في المائة، وتصل في الأعشاب البحرية إلى ما يزيد على 94 في المائة، ويلقي العاملون في الصناعة بالمسؤولية على القوانين والإجراءات التنظيمية التي تحد من قدرتهم على النمو، فعلى سبيل المثال من غير القانوني زراعة الأعشاب البحرية في ولاية نيويورك.

مع هذا يراهن بعض الخبراء على أن المستقبل في تلك الصناعة قد يكون أمريكيا، فالولايات المتحدة تمتلك أكثر من 154 ألف كيلومتر من السواحل لتكون بذلك ثاني أكبر دولة في العالم تمتلك سواحل، ما يؤهلها لأن تكون أكبر منتجي الأعشاب البحرية مستقبلا أو في مقدمة الدول المنتجة لهذا النوع من أغذية المستقبل.