الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

فرصة لترميم العلاقة مع مصر

2014-07-23 11:30:30 AM
فرصة لترميم العلاقة مع مصر
صورة ارشيفية

 

بقلم: سامي سرحان

الحرب التي تشنها حكومة بنيامن نتنياهو اليوم علينا هي السادسة في حروب إسرائيل على الشعب الفلسطيني الذي مازال صامداً يقاوم. وحرب اليوم تأتي في أسوأ الظروف المحيطة بالقضية الفلسطينية عربياً ودوليا،ً وهي حرب تشير كل المعلومات إلى توسعها جواً وبحراً وبراً يوماً بعد يوم، وحصيلتها من القتلى والجرحى والبيوت المهدمة على رؤوس ساكنيها في ازدياد مضطرد ساعة وراء ساعة. 

غزة تنزف وتموت، وهنالك وضع إنساني لا يمكن وصفه؛ هجرة ولجوء لأهل القطاع في القطاع ربما هي الهجرة الخامسة أو السادسة، لا أماكن تؤويهم ولا فراش يغطيهم ولا أماكن لقضاء حاجتهم والموت يزحف نحوهم، وهم صامدون صابرون.

العالم وعلى رأسه واشنطن، يعطي الحق لإسرائيل للإستمرار في مذبحتها ومحرقتها تحت دعوى “الدفاع عن النفس”، ولا أفق لحل أو تسوية أو خروج من هذه المذبحة، وليست إسرائيل في وضع أفضل من وضع الفلسطينين اليوم وعلى المدى البعيد، والفرص المتاحة أمامها لتسوية تاريخية لن تتكرر وفق معظم المحللين من إسرائيليين وفلسطينيين ودوليين. واستقدمت الحرب القائمة بان كي مون ولوران فابيوس وجون كيري هذه الأيام إلى المنطقة، وكثيرون غيرهم من تركيا إلى إيران وقطر والسعودية ومصر، وربما يكرر وزير الخارجية الأمريكية الذي يؤجل زيارته من يوم إلى آخر، أمام نتنياهو والإسرائيليين إن قاتلهم قال لهم في شباط الماضي من هذا العام، عن الوهم الإسرائيلي بالأمن والإزدهار وعن التهديد الأوروبي بالمقاطعة في ظل الصواريخ المنهمرة على إسرائيل، وإختفاء الإسرائيليين من الشمال إلى الجنوب ومن شرق البلاد إلى غربها في الملاجئ وتعطيل الحياة الإقتصادية لأكثر من أسبوعين ويذكرهم بأن تفويت فرص السلام لن يحسن شروط إسرائيل، فقد أيقظ صمود المقاومة ومفاجآتها للعدو إحساس الفلسطينيين بالكرامة والعزة والتمسك بحقوقهم التاريخية، رغم قافلة الشهداء والجرحى والبيوت المدمرة. 

لقد استهدف العدوان الإسرائيلي على القطاع فيما استهدف وحدة الشعب الفلسطيني التي تمثلت بحكومة التوافق الوطني وفك الشراكة الفلسطينية، ورغم الأصوات التي تجاوبت مع هذا الإستهداف عن قصد وعن غير قصد، فإن وحدة الشعب والقيادة تتجلى في أوضح صورها بإنتفاضة مدن وقرى ومخيمات الضفة في وجه العدوان والمعتدين على غزة، وفي التنسيق الواضح بين قيادة السلطة الوطنية وقيادة حماس والجهاد في القاهرة وأنقرة والدوحة، والتحرك على مستوى العالم للجم العدوان الإسرائيلي ورفع الحصار نهائياً عن غزة.

ولعل وجود القيادة الفلسطينية في القاهرة واجتماعها مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يقدم فرصة ذهبية لترميم العلاقة بين حركة حماس ومصر التي تضررت بفعل تشابك الأحداث والمصالح إبان حكم د. محمد مرسي قصير الأجل لمصر وما بعده، فأثّر على مكانة حماس وصورة الشعب الفلسطيني لدى مصر حكومةً وشعباً. وسوف تتعزز هذه الرؤية طالما استمرت الأوضاع الأمنية في سيناء تشهد مثل هذا النوع من المواجهات بين جماعات مسلحة والجيش المصري، بغض النظر عن الجهة أو الجهات التي تقف وراءها وتمولها أو تسلّحها، وأغراض هذه الجماعات البعيدة كل البعد عن مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته. والكل يعلم أن جهاز المخابرات العامة المصرية برئاسة الراحل اللواء عمر سليمان كان يتولى ملف العلاقات الفلسطينية- المصرية أمنياً. وكان يتحرك بشكل أو بآخر فور نشوب توتر أو إشتباك أو عدوان إسرائيلي على القطاع. ولعل وجود الرئيس ابو مازن وقيادة حماس والجهاد في مصر واللقاء مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، يساهم في ترميم العلاقة المصرية- الفلسطينية ويعيد مصر كحاضنة للقضية الفلسطينية الى سابق عهدها، سيمّا وأن الرئيس السيسي في حملته الإنتخابية وبرنامجه السياسي لحكم مصر أخذ على عاتقه موقف مصر التاريخي باعتبارها المدافع عن القضية الفلسطينية، وإدراكه أن تصاعد حدّة المواجهة في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية عموماً سيكون له إنعكاسات سلبية على الوضع الأمني في مصر، وربما كان هذا الواقع يقف وراء تحرك مصر (ولو جاء التحرك متأخراً ومرتبكاً)، فقررت تقديم مبادرتها بوقف إطلاق النار حرصاً على وقف نزيف الدم الفلسطيني،  في معركة غير متكافئه مع عدو متعطش للدماء تستهدف تصفية القضية الفلسطينية في ظل إنشغال دول الإقليم بحروبها ومشاكلها التي حرفتها عن الشأن الفلسطيني، لذلك جاءت المبادرة المصرية ولم يأتِ قبلها ولا بعدها مبادرات جادّة قد يُكتب لها النجاح لا تركية ولا قطريه، ولعل الإتهامات التي صدرت عن بعض الجهات الإعلامية المشككة في موقف مصر من وراء مبادرتها، قد جانبت الصواب أو جاءت متأثرة بمواقف جهات إعلامية مصرية تسعى للوقيعة بين مصر وفلسطن، وفك إرتباط مصر بعروبتها وبدورها القومي والتاريخي تجاه فلسطين وقضايا الأمة العربية والإسلامية. وهذا ما عبر عنه زياد نخاله القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي برفضه الإتهامات التي ترددها بعض وسائل الإعلام لمصر وتساوقها مع الإحتلال الإسرائيلي وإنها لا تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، وأوضح أن مصر تتفهم الوضع وتحمل مطالب الفصائل الفلسطينية للجانب الإسرائيلي الذي يحاول فرض شروطه على المقاومة وأن أي معركة اعلامية مع مصر لا تخدم الشعب الفلسطيني في هذه الظروف القاسية ويجب مغادرة هذا الخطاب لأن مصر تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني ومثل هذا يجب أن يُقال في التراشق الإعلامي الداخلي وحاولات البعض تحويل الصراع مع العدو الإسرائيلي الى صراع بين السلطة وحماس أو حماس وفتح أو الفصائل بعضها مع بعض متجاهلين أن وحدتنا هي مصدر قوّتنا وهي المستهدفة من وراء العدوان الإسرائيلي الغاشم على شعبنا وسلطتنا ومقاومتنا.