الحدث الصحي
يبدو أن جاذبية الإنسان لا تتحدد بالمظهر أو الأسلوب فقط، بل تمتد إلى ما نأكله، إذ أكدت أبحاث حديثة أن النظام الغذائي يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على رائحة الجسم، وبالتالي على مدى تقبّل الآخرين لنا.
فمكونات الطعام تتفاعل مع البكتيريا في الجهاز الهضمي والجلد، منتجةً روائح مميزة قد تبقى لساعات طويلة، بعضها يجذب، وبعضها الآخر ينفّر، وفق ما نقلته شبكة "فوكس نيوز" الأميركية
فقد أظهرت دراسات أوروبية أن رائحة الإنسان تحمل إشارات بيولوجية دقيقة عن الصحة والعمر والجاذبية، بل ويمكن أن تسهم في تفسير سبب الانجذاب بين الأشخاص، وفقاً لما نقلته الشبكة عن خبراء وأبحاث أكاديمية متخصصة.
وقالت الدكتورة لينا بيغداش، أستاذة الصحة والتغذية في "جامعة ولاية نيويورك"، إن الأطعمة الغنية بالكبريت مثل البروكلي والملفوف والقرنبيط تُعد من أكثر الأطعمة تأثيراً على رائحة الجسم، إذ تُنتج غازات أثناء الهضم تتفاعل مع بكتيريا الأمعاء والجلد فتُحدث روائح قوية.
كما يُضاف إلى القائمة الثوم والبصل اللذان يغيّران رائحة النفس والعرق بسبب مركبات الكبريت الطيّارة فيهما.
مع ذلك، ليست كل الروائح الناتجة عن هذه الأطعمة سيئة؛ إذ أوضح الباحث التشيكي يان هافليتشيك من "جامعة تشارلز" في براغ، أن العرق الناتج عن تناول الثوم قد يجعل الرجال أكثر جاذبية للنساء، بفضل مضادات الأكسدة والمركبات المضادة للبكتيريا التي تمنح الرائحة طابعاً صحياً طبيعياً.
أما الهليون (الأسباراغوس)، فهو مثال آخر على الأطعمة التي تُحدث رائحة مميزة في البول والعرق بسبب حمض الأسباراغوس ومركبات الكبريت، وهي روائح قد تدوم لأكثر من خمس ساعات، بحسب دراسات نُشرت في المجلة الأميركية لعلم الأدوية والعلاج السريري.
إلى ذلك، أشارت أبحاث أسترالية إلى أن الرجال الذين يتناولون كميات أكبر من الفواكه والخضراوات يتمتعون برائحة عرق أكثر جاذبية، وصفتها النساء بأنها "عطرية وحلوة وطبيعية".
كما أن تناول البروتينات الصحية مثل البيض والسمك والتوفو يُحسّن رائحة الجسم، بينما يؤدي الإفراط في الكربوهيدرات والنشويات إلى رائحة أقل قبولاً.
في حين يمكن أن تنتج اللحوم والأسماك يمكن روائح جسم "ثقيلة" لأن البروتينات الحيوانية تتفاعل مع البكتيريا الجلدية أثناء تفككها في الجسم. كما تحتوي بعض الأسماك والبقوليات على مركب يُعرف بـ"تري ميثيل أمين"، المسؤول عن متلازمة "رائحة السمك".
وفي السياق، قال الباحث هافليتشيك إن تجربة علمية عام 2006 أظهرت أن الرجال الذين امتنعوا عن تناول اللحوم كانت رائحتهم أكثر جاذبية مقارنة بغيرهم، مضيفاً: "ربما لأن أجدادنا لم يعتادوا تناول اللحوم يومياً، فالجسم لا يتعامل معها بشكل مثالي في كل مرة".
أما الكحول، فيتسبب رائحة فم وجسم نفاذة نتيجة مركب "الأسيتالديهيد" الذي يفرزه الكبد، كما يؤدي إلى جفاف الفم وتكاثر البكتيريا، مما يفاقم الرائحة.
ويحدث تأثير مشابه -وإن كان أخف- مع القهوة والشاي، إذ يحفّز الكافيين الغدد العرقية، خصوصاً في الإبطين والمناطق الحساسة، مما يزيد من شدة الرائحة.
بدروها أوضحت أخصائية التغذية الأميركية إيلانا مولشتاين، في حديث لـ"فوكس نيوز"، لأن اتباع الأنظمة الغذائية عالية الدهون وقليلة الكربوهيدرات، مثل نظام الكيتو، يمكن أن يؤدي إلى رائحة فم معدنية أو تشبه مزيل طلاء الأظافر بسبب إنتاج مادة الأسيتون أثناء حرق الدهون.
كما أضافت أن تناول الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك، مثل الزبادي والكفير، يساعد في تحسين توازن البكتيريا داخل الفم والأمعاء، مما يقلل احتمالات الرائحة الكريهة ويحافظ على الانطباع "المنعش".
وختمت مولشتاين حديثها بالتأكيد على أن الماء هو المفتاح الأساسي للحفاظ على الجاذبية الطبيعية، موضحة أن "قلة الترطيب تجعل البكتيريا أكثر تركيزاً، وبالتالي أكثر رائحة. شرب الماء بانتظام، وإضافة القليل من النعناع أو الزنجبيل إليه، يمنح الفم والجسم انتعاشاً يدوم طويلاً".
