الثلاثاء  02 كانون الأول 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تقرير حقوقي يوثق معطيات السنة الأكثر فتكا بالفلسطينيين منذ 1967

2025-12-02 09:10:01 AM
تقرير حقوقي يوثق معطيات السنة الأكثر فتكا بالفلسطينيين منذ 1967
غزة

الحدث الإسرائيلي

حذّرت اثنتا عشرة منظمة حقوقية إسرائيلية من أن السنة الثانية من الحرب على غزة شكّلت “العام الأكثر فتكًا وتدميرًا للفلسطينيين منذ عام 1967”، موضحة في تقرير شامل أن الانتهاكات الإسرائيلية توسعت بصورة غير مسبوقة، وأن ممارسات كانت تُعد استثنائية في بداية الحرب تحولت خلال عام 2025 إلى سياسة يومية راسخة. 

ويصدر التقرير عن ائتلاف “المنصة”، الذي يضم منظمات من أبرزها بمكوم، جمعية الحقوق المدنية، هموكيد، يش دين، نكسر الصمت، وأطباء من أجل حقوق الإنسان، ويعتمد على ثلاثة تقارير سنوية متتالية بين 2023 و2025 ترصد تحولًا عميقًا في طبيعة الحرب وآليات السيطرة الإسرائيلية. 

يشير التقرير إلى أن عدد القتلى في غزة بلغ بحلول أيار/مايو 2024 أكثر من 36 ألف فلسطيني، قبل أن يقفز في تشرين الأول/أكتوبر 2025 إلى 67,173، بينهم أكثر من عشرين ألف طفل وعشرة آلاف امرأة، مع تقديرات بوجود عشرة آلاف جثة ما تزال تحت الأنقاض، وتجاوز عدد الجرحى 170 ألفًا.

 وترى المنظمات أن هذا التصاعد غير المسبوق في الضحايا ترافق مع تآكل الانضباط العسكري وتصاعد الخطاب الحكومي المتطرف، ما جعل استهداف المدنيين ظاهرة منهجية لا نتيجة جانبية للعمليات. 

وفي ملف التهجير، يؤكد التقرير أن أكثر من مليون فلسطيني هجّروا خلال عام 2024 داخل قطاع غزة، لكن العدد ارتفع عام 2025 إلى نحو 1.9 مليون شخص، أي ما يقارب 90% من سكان القطاع، وسط انهيار شامل للأحياء السكنية والبنى التحتية للمياه والكهرباء والزراعة والمستشفيات، وتهجير عائلات عدة مرات خلال العام نفسه. ومع هذا الانهيار المعيشي، تحولت أزمة الجوع من تحذيرات أممية في 2024 إلى وفيات جماعية خلال 2025، مع تسجيل 13 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد في تموز/يوليو، وإعلان الأمم المتحدة المجاعة الكاملة في آب/أغسطس، ووفاة 461 شخصًا بسبب الجوع بحلول تشرين الأول/أكتوبر، بينهم 157 طفلًا.

 ويظهر التقرير أن محاولة الحصول على الغذاء أصبحت بحد ذاتها حدثًا يهدد الحياة، إذ لم تُسجّل أي وفيات من هذا النوع عام 2024، لكن السلوك الأمني الإسرائيلي خلال عام 2025 أدى إلى مقتل 2,306 فلسطينيين وإصابة 16,929 قرب مراكز توزيع المساعدات نتيجة الفوضى وانعدام التنظيم وإطلاق النار الحي. وتضيف المنظمات أن عام 2025 شهد توثيق عشرات الحالات المتعلقة باستخدام الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال وكبار السن، كـ”دروع بشرية” داخل غزة، مع احتجاز بعضهم مقيّدين ومعصوبي الأعين لأيام وأسابيع. 

كما يكشف التقرير عن تصاعد خطير في عنف المستوطنين بالضفة الغربية، حيث انتقلت الاعتداءات من مستوياتها المرتفعة بين 2023 و2024 إلى عمليات ترحيل واسعة خلال 2025، شملت 44 تجمعًا بدويًا هُجّر بالكامل، و10 تجمعات أُفرغت جزئيًا، ما أدى إلى تهجير ما مجموعه 2,932 شخصًا، بينهم 1,326 طفلًا. 

وتوازيًا، ارتفع عدد المعتقلين الإداريين من أكثر من ألف شخص عام 2023 إلى 3,577 عام 2025، فيما وثق التقرير 98 حالة وفاة لفلسطينيين داخل الاحتجاز الإسرائيلي بسبب التعذيب ومنع العلاج وظروف الحبس اللاإنسانية، معتبرًا أن سوء المعاملة أصبح “ممارسة ممنهجة” تشمل مختلف أجهزة الأمن والسجون. وفي القدس الشرقية، ترصد المنظمات تدهورًا متسارعًا منذ 2023، مع استخدام تسجيل الأراضي كأداة نزع ملكية، وتشديد القيود على الحركة والخدمات، ووتيرة استيطان غير مسبوقة، ما جعل عام 2025 ذروة انتقال إسرائيل من التمييز المؤسسي إلى سياسة مصادرة نشطة ومتعمقة. ويمتد التدهور إلى ملف التراث، حيث تعرضت مواقع تاريخية وأرشيفية كقصر الباشا ومتحف رفح والأرشيف البلدي للتدمير في غزة، بينما تحولت المواقع الأثرية في الضفة والقدس إلى أدوات لتعميق السيطرة المكانية، مع توسع سلطة المستوطنين والحدائق الوطنية والمشاريع التراثية الضخمة في محيط القدس القديمة.

 وتختتم المنظمات تقريرها بتصريح شديد اللهجة جاء فيه: “كشف عام 2025 واقعًا لم يكن من الممكن تخيّله: دولة تعمل بلا قيود، وتنتهك القانون الدولي بشكل منهجي، وتفكك القيم التي تدّعي الالتزام بها. استخدام التجويع كسلاح، مهاجمة المستشفيات، اختفاء المعتقلين، ترحيل التجمعات السكانية، والقتل الواسع للمدنيين ليست إخفاقات بل سياسة.

 الانتهاكات التي كانت تُعرّف كجرائم ضد الإنسانية باتت اليوم ممارسة يومية دون مساءلة. ما لم تُنشأ آلية تحقيق مستقلة وفعالة، فإن هذا المنحى سيصبح غير قابل للعكس”.