الحدث الإسرائيلي
على الرغم من تصاعد التوتر داخل الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، يتمسّك رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو والأحزاب الحريدية بقناعتهم بأن “قانون الإعفاء من التجنيد” سيمرّ في النهاية، وفق ما نقلته اليوم صحيفة “يديعوت أحرونوت”.
ويهدف القانون إلى منح إعفاء شبه شامل لعشرات آلاف الشبان الحريديم من الخدمة العسكرية الإلزامية، وهي قضية تُعد من أكثر الملفات حساسية داخل المجتمع الإسرائيلي، لما تخلقه من فجوة بين المتدينين المتشددين والعلمانيين.
ورغم تقديرات ظهرت أمس داخل الائتلاف تشير إلى أن فرص تمرير القانون ليست مضمونة، تبثّ الكتل الحريدية ومحيط نتنياهو أجواء تفاؤل، وتؤكد أن الأصوات المعارضة أقل قوة مما تبدو عليه في تصريحات بعض أعضاء الكنيست. وبحسب التقديرات، فإن الموقف الرافض سيقتصر في نهاية المطاف على ثلاثة أعضاء كنيست فقط: يولي إدلشتاين، وشارين هسكل، وأوفير سوفر—الأخير كان قد أعلن صراحة أنه لن يدعم الصيغة الحالية ولو أدى ذلك إلى إقالته من الحكومة.
وفي ظل دخول إسرائيل عاماً انتخابياً قد يؤثر فيه هذا القانون بشكل مباشر على موازين القوى، يتجنب نتنياهو التدخل العلني في الأزمة، ويفضّل ترك إدارة الملف لمساعديه. وقال أمين عام حكومة الاحتلال يوسي فوكس، في مقابلة إذاعية صباح اليوم، إنه “يقدّر أن القانون سيمرّ”، مضيفاً أن التحفظات التي عبّر عنها بعض أعضاء الائتلاف “كانت متوقعة مسبقاً”. وأكد فوكس أن نتنياهو “مصمم على إقرار القانون سريعاً”، وأنه سيعبّر عن موقفه هذا “بصوته خلال الأيام المقبلة”.
وفي المقابل، تبرر القيادات الحريدية المعارضةُ التي صدرت من داخل معسكرها بأنها جزء من “تكتيكات التفاوض”. فعضو الكنيست مئير بوروشت، الذي وصف القانون بأنه “سيئ ويجب تمزيقه”، لم يعلن بعد أنه سيصوت ضده. فيما أوضح مسؤولون في حزب “أغودات يسرائيل” أن تصريحات بوروشت جاءت في محاولة لعدم الظهور كمن يتساهل في “مبادئه الدينية”، أو لإبقاء هامش مناورة إذا لم يمر القانون في النهاية. أما صحيفة “يتد نئمان”، لسان حال حزب “ديغل هتوراه” الحريدي، فتواصل العمل على تهيئة الجمهور المتدين لقبول الصيغة الحالية رغم البنود العقابية المرفقة بها.
ويحاول المرجع الديني البارز الحاخام دوف لاندا طمأنة القواعد الحريدية بأن أبناء الطائفة السفاردية لن يُستخدموا لملء حصص التجنيد، في حين يؤكد الحاخام دان سيغال أن القرارات في هذا الملف “ستُتخذ بروية وحكمة”. وعلى المستوى التشريعي، عقدت لجنة الخارجية والأمن في الكنيست— وهي اللجنة المسؤولة عن صياغة القوانين الأمنية والعسكرية— جلسة أمس لمناقشة نص القانون الذي قدمه رئيس اللجنة بوعز بيسموت.
وشهدت الجلسة توتراً بعدما هاجم حجاي لوبر، الذي قُتل ابنه الجندي الاحتياطي أليشع يوناتان في الحرب، رئيسَ اللجنة قائلاً: “قانونك خطير.. أنتم تمسون بأمن الدولة”.
وردّ بيسموت بأن اللحظة “نادرة في تاريخ الأمة”، في إشارة إلى حساسية الموضوع داخل المجتمع الإسرائيلي. وبحسب “يديعوت أحرونوت”، لا يكمن القلق في محيط نتنياهو حالياً في عدد الأصوات داخل الائتلاف، بل في ردود الفعل الشعبية المحتملة التي قد تعرقل إقرار القانون، خصوصاً بعد الانتقادات المتصاعدة ضد استمرار امتيازات الحريديم وتراجع معدلات التجنيد بينهم، في وقت تخوض فيه إسرائيل حرباً واسعة وتواجه نقصاً في القوى البشرية داخل الجيش.
