الحدث العربي والدولي
يلتقي المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الثلاثاء، لإجراء محادثات حول مسار محتمل لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا التي تعتبر من أكثر الصراعات دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وقال ترامب مراراً إنه يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا، لكن جهوده لم تفلح حتى الآن في إحلال السلام، بما في ذلك القمة التي عقدها مع بوتين في ألاسكا في أغسطس/ آب.
وذكر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، للصحافيين، الثلاثاء، أن اجتماع ويتكوف مع بوتين سيكون في النصف الثاني من اليوم، وقال بيسكوف: "قبل زيارة موسكو، عملوا (الأميركيون) بشكل مكثف مع الجانب الأوكراني لعدة أسابيع، وأعدّوا نسخة من خطة ترامب للسلام. لقاء اليوم سيكون خطوة بالغة الأهمية نحو السلام، نحو حل سلمي". وأكد بيسكوف انفتاح روسيا على المفاوضات، معرباً عن تقديره لمبادرات إدارة ترامب في هذا الاتجاه، مشيراً إلى أن روسيا تريد تحقيق أهدافها في أوكرانيا من خلال محادثات السلام، قائلاً: "يجب أن نحقق أهدافنا ونزيل الأسباب الرئيسية للعملية العسكرية التي أطلقناها".
وتبرز هذه الخطوة وفق شبكة "سي أن أن" الأميركية، النهج غير التقليدي الذي يعتمده ترامب في إدارة السياسة الخارجية، من خلال الاعتماد على دائرة ضيقة من الحلفاء الشخصيين، بينهم رجال أعمال سابقون ومقرّبون له، بدلاً من السلك الدبلوماسي الرسمي. وتقول الشبكة إن ويتكوف وكوشنر كانا من أبرز مهندسي اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، وهو ما دفع ترامب لتكليفهما بمهمة جديدة تتعلق بالحرب في أوكرانيا. ورغم الجدل في واشنطن حول افتقار ويتكوف للخبرة الدبلوماسية، فقد أشاد ترامب به سابقاً، واصفاً إياه بـ"المفاوض الجيد"، بحسب تصريحاته في أكتوبر/ تشرين الأول.
وفي سياق التقرير، أشارت شبكة "سي أن أن" إلى اجتماع سابق استمر خمس ساعات بين ويتكوف وبوتين، تجاوز المدة المتوقعة، وهو ما أثار قلق بعض المسؤولين بسبب غياب دبلوماسيين محترفين أو مدونين رسميين من الجانب الأميركي. كما أظهرت تسريبات من مكالمة هاتفية في أكتوبر، أن ويتكوف قدّم نصائح لمستشار السياسة الخارجية في الكرملين حول كيفية تعامل بوتين مع لقاء مرتقب مع ترامب، والذي سبقه اجتماع بين الأخير والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وينضم كوشنر إلى ويتكوف في موسكو. وعاد الأوّل إلى الساحة السياسية في الأسابيع الأخيرة بعد مشاركته في جهود التوصل إلى هدنة في غزة. ويُنظر إليه، بحسب مصادر مقربة، على أنه يحظى بثقة كبيرة من ترامب، ويُعتبر من أقرب الشخصيات إليه في الملفات الخارجية الحساسة. في المقابل، أثار اعتماد ترامب على شخصيات غير رسمية في التفاوض قلقاً بين دبلوماسيين سابقين، رأوا أن هذا النهج يُضعف عملية صنع القرار ويقلل من فرص طرح وجهات نظر بديلة. ويضم الفريق المفاوض أيضاً وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الجيش دان دريسكول، الذي أجرى محادثات في كييف وجنيف وأبوظبي، لكنه لن يشارك في زيارة موسكو المرتقبة.
الاتحاد الأوروبي يخشى أن تؤدي مفاوضات ويتكوف بوتين إلى ضغوط قاسية على كييف
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، أمس الاثنين، إن المفاوضات بين ويتكوف وبوتين قد تؤدي إلى ضغوط قاسية على أوكرانيا. وقالت كالاس عقب اجتماع لوزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في بروكسل: "أخشى أن يُمارس الضغط كله على الطرف الأضعف، لأن استسلام أوكرانيا هو أسهل سبيل لإنهاء هذه الحرب".
إلى ذلك أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون عقدا خلال لقائهما في باريس، أمس الاثنين، محادثات مع ويتكوف والمفاوض الأوكراني رستم عمروف اللذين اجتمعا من جهتهما في فلوريدا. كما تحدّث الرئيسان الفرنسي والأوكراني "على التوالي" مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر و"قادة أوروبيين" من ألمانيا وبولندا وإيطاليا والنروج وفنلندا والدنمارك وهولندا، بالإضافة إلى رئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته.
وأبدى مسؤولون أوكرانيون وأوروبيون مخاوفهم الأسبوع الماضي، بعد تسريب مقترح سلام أميركي مؤلف من 28 نقطة، رأوا أنه يرضخ لمطالب موسكو الرئيسية فيما يتعلق بحلف شمال الأطلسي، وسيطرة روسيا على خُمس الأراضي الأوكرانية، وفرض قيود على الجيش الأوكراني. وقدمت القوى الأوروبية بعد ذلك اقتراحاً مقابلاً للسلام، ثم قالت الولايات المتحدة وأوكرانيا إنهما وضعتا "إطار عمل محدثاً ومنقحاً للسلام" لإنهاء الحرب خلال محادثاتهما في جنيف.
من جهته، أشار بوتين في تصريحات سابقة إلى أن المناقشات لا تدور حتى الآن حول مسودة اتفاق بل حول مجموعة من المقترحات التي قال الأسبوع الماضي إنها "يمكن أن تكون أساساً لاتفاقات في المستقبل". وأوضح بوتين مراراً أنه مستعد لإجراء محادثات لإحلال السلام، لكنه حذّر من أن القوات الروسية ستتقدم أكثر، وتستولي على مزيد من الأراضي الأوكرانية إذا رفضت كييف التوصل إلى اتفاق.
وتظهر خرائط صادرة عن جهات موالية لأوكرانيا أن القوات الروسية تسيطر على أكثر من 19% من مساحة أوكرانيا، أو 115600 كيلومتر مربع، بزيادة نقطة مئوية واحدة عن العامين الماضيين، وأنها تقدمت في عام 2025 بأسرع وتيرة منذ 2022. وأبلغ قادة عسكريون روس الرئيس بوتين، أمس الاثنين، بأن القوات الروسية سيطرت على بلدتي بوكروفسك وفوفتشانسك الأوكرانيتين الواقعتين على خط المواجهة. ويقول مسؤولون أميركيون إن أكثر من 1.2 مليون شخص قتلوا أو أصيبوا في الحرب. ولم تفصح أوكرانيا أو روسيا عن خسائرهما.
