الأحد  07 كانون الأول 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ضغط أميركي على "إسرائيل" لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة ولبنان

2025-12-07 09:32:11 AM
ضغط أميركي على
لبنان

الحدث الإسرائيلي

وسط الضجيج الإعلامي الذي تصنعه الخلافات داخل دولة الاحتلال، تشير صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن حقيقة أساسية قد تكون تراجعت عن وعي الجمهور الإسرائيلي، وهي أن "إسرائيل" دخلت ما تسميه الصحيفة مرحلة "غسق الحرب"، وهي المرحلة التي تسبق عادة الانتقال من العمليات العسكرية الواسعة إلى صياغة ترتيبات طويلة الأمد، تبدأ بوقف مؤقت لإطلاق النار يتيح للأطراف، ومعهم الوسطاء، رسم الخطوط السياسية والأمنية التي ستتحكم في المشهد خلال السنوات المقبلة. 

وبرغم أن جيش الاحتلال يستطيع في هذه المرحلة استخدام القوة عند الحاجة، إلا أن مركز الثقل يتحول إلى المفاوضات الدبلوماسية وإلى النقاشات حول مستقبل غزة ولبنان وسورية، في ظل رغبة أميركية واضحة بدفع المنطقة إلى مسار مختلف. وتوضح "يديعوت أحرونوت" أن هذا التحوّل بدأ فعليًا حين تلقّى بنيامين نتنياهو اتصالًا من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي دعاه إلى الانتقال تدريجيًا من التصعيد العسكري إلى خطوات تبني الثقة، وصولًا إلى مرحلة تنفيذ "خطة النقاط العشرين" في غزة، والتي يرى ترامب أنها قد تفتح الباب أمام وقف شامل ومستقر للقتال، وربما أمام مسارات تطبيع إضافية في المنطقة.

 وتضيف الصحيفة أن زيارة نتنياهو المرتقبة إلى واشنطن في نهاية ديسمبر ستُخصص لبحث تفاصيل هذا الانتقال، ولرسم حدود الدور الإسرائيلي في المرحلة المقبلة. وتكشف الصحيفة أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قدّمت توصيات مشابهة لنتنياهو، إذ يرى معظم قادة جيش الاحتلال أن الجيش بحاجة إلى فترة هدوء لإعادة بناء قدراته بعد أكثر من عامين من حرب متعددة الجبهات. وبحسب "يديعوت أحرونوت"، يميل كبار الضباط إلى تبني الرؤية الأميركية المتعلقة بغزة، وما يقترحه "مركز التنسيق المدني العسكري" الأميركي في كريات غات، كما يفضلون تحويل المواجهة مع حزب الله إلى مسار سياسي يضمن ترسيخ ما تعتبره إسرائيل مكاسب ميدانية.

 وتشير الصحيفة إلى أن نهاية ديسمبر تحمل أيضًا تاريخ انتهاء المهلة التي منحها ترامب للحكومة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله، وأن دولة الاحتلال أبلغت بيروت بأنها ستذهب إلى التصعيد إذا لم يتحقق ذلك. 

وترى "يديعوت أحرونوت" أن خطوة نتنياهو الأخيرة بإعلان استعداد حكومته لفتح معبر رفح أمام خروج الجرحى والمرضى جاءت مباشرة بعد مكالمة ترامب، وتمثل، في تقديرها، أول تنازل سياسي واضح يفرضه البيت الأبيض على حكومة الاحتلال. 

وقد أثارت الخطوة اعتراضًا مصريًا واسعًا، خشية أن تشكل مدخلًا لإحياء خطة "الهجرة الطوعية" التي روّج لها ترامب ويسعى وزراء اليمين في حكومة الاحتلال إلى فرضها على غزة. وتتابع الصحيفة أن التحرك الأميركي لم يتوقف عند غزة، إذ دفعت واشنطن نحو خطوة اعتبرتها "يديعوت أحرونوت" مفصلية، حين سمحت "إسرائيل" لأول مرة منذ عقود بلقاء مباشر بين ممثلين مدنيين من الجانبين الإسرائيلي واللبناني، في إطار لجنة التنسيق العسكرية. 

وتقرأ الصحيفة في هذا اللقاء تحولًا حقيقيًا يُراد له أن يشق الطريق نحو تفاهمات سياسية لاحقة، وإن ظل حزب الله خارج هذا المسار.

 وتوضح "يديعوت أحرونوت" أن ترامب وجّه أيضًا ملاحظة نقدية لحكومة الاحتلال بعد الاشتباكات في بيت جَن بسورية، في رسالة فُهمت داخل "إسرائيل" على أنها بداية لفرض قواعد جديدة لإدارة المرحلة المقبلة.

 فبحسب الصحيفة، تتجه الإدارة الأميركية إلى رسم مشهد يقوم على تقليص التوغلات البرية الواسعة والاكتفاء بضربات جوية دقيقة عند الضرورة، بالتوازي مع دفع "إسرائيل" ولبنان وغزة نحو تفاهمات تتضمن تبادل خطوات لبناء الثقة. وتضيف أن هذه الرؤية تعني عمليًا أن تفكيك سلاح المقاومة، سواء في غزة أو لبنان، سيكون نتاج ضغط سياسي ودولي، لا اجتياحات عسكرية. 

وتكتب الصحيفة أن فهم هذه اللحظة يتطلب النظر إلى مصالح الفاعلين الأساسيين، إذ إن ترامب، وفق "يديعوت أحرونوت"، يريد شرقًا أوسطًا مستقرًا لا يضطر معه إلى إبقاء قوات أميركية كبيرة في المنطقة، ويريد أيضًا دفع دول الخليج إلى مسار تطبيع شامل يضمن بقاءها في الفلك الأميركي بعيدًا عن الصين وروسيا. 

أما نتنياهو، فتقول الصحيفة إنه لا يكتفي بالإنجازات الميدانية التي حققها جيش الاحتلال، بل يسعى إلى ما يسميه "النصر الكامل"، الذي يعني في فهمه تفكيك حماس وحزب الله ونزع السلاح الثقيل شمال وجنوب لبنان، وفرض واقع عسكري وأمني جديد في غزة، وإخراج أي دور للسلطة الفلسطينية أو لقوى إقليمية كتركيا وقطر من القطاع. وتضيف "يديعوت أحرونوت" أن حزب الله، رغم الضربات التي تلقاها، يعمل بسرعة على إعادة بناء قدراته العسكرية، وأن اغتيال هيثم علي طبطبائي جاء ضمن محاولة إسرائيلية لمنع إعادة ترميم الجهاز العسكري للحزب. 

وتذكر الصحيفة أن الحزب خسر معظم ترسانته الصاروخية الثقيلة، لكنه بات يستثمر بشكل متزايد في توسيع قدرات الطائرات المسيّرة، في الوقت الذي يتعرض فيه لضغط داخلي متصاعد بسبب الانهيار الاقتصادي والدمار الذي لحق بالجنوب اللبناني. 

وفي ما يتعلق بغزة، تقول الصحيفة إن نتنياهو، رغم تفضيله المسار السياسي الذي يطرحه ترامب، ما زال يلوّح بالعمل العسكري إذا لم يُفكك جناح حماس العسكري خلال أشهر، لكنه يدرك في الوقت نفسه أن أي عملية برية واسعة في المناطق التي ما تزال الحركة تسيطر عليها تتطلب إجلاء عشرات آلاف المدنيين ووجود قوة دولية بديلة، وهو أمر لا يبدو قريبًا.

 وتختم "يديعوت أحرونوت" بأن جيش الاحتلال يسعى إلى استثمار أي وقف ثابت للقتال من أجل إعادة بناء قوته، عبر وحدات حديثة تعتمد الذكاء الاصطناعي والقدرات الرقمية، لكنه يصطدم بعقبات سياسية ومالية، وبغياب قرار واضح من حكومة نتنياهو للتجاوب مع المسار الأميركي، ما يترك المؤسسة العسكرية، في تقدير الصحيفة، معلّقة بين حرب لم تُحسم بعد ومرحلة سياسية لم تُفتح أبوابها بالكامل.