الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

غاز غزة وأبعاده الاقتصادية الانعتاقية... أحد الأسباب غير المعلنة للحرب الإسرائيلية

2014-08-12 09:34:01 AM
غاز غزة وأبعاده الاقتصادية الانعتاقية... أحد الأسباب غير المعلنة للحرب الإسرائيلية
صورة ارشيفية

 

 63 مليار دولار تستخرج إسرائيل من الموارد الطبيعية الفلسطينية في الضفة الغربية خلال 21 عاماً من المفاوضات


 
 

 

رام الله ـ خاص بالحدث

تكشف بعض الدلائل والحقائق الاقتصادية الميدانية والمواقف الحقوقية القانونية والسياسية المحلية الدولية، عن أن أحد أهم الأسباب الخفية التي تقف وراء شن إسرائيل حربها التدميرية على قطاع غزة، وتشددها في ديمومة فرض الحصار عليه هو أطماعها في حقل غاز غزة، أو منع الاستفادة الفلسطينية من ثروته الغازية الهائلة لما لذلك من دور بارز في تحقيق قفزات تنموية نوعية على كافة المستويات الاقتصادية والبنى التحتية، والأهم من كل ذلك، الانعتاق من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي.
وتشير بعض التقديرات إلى أنه منذ اكتشاف النفط والغاز في الأراضي المحتلة، أصبح التنافس على الموارد على نحو متزايد في قلب الصراع، بسبب عجز موارد الطاقة المحلية الإسرائيلية. ويرى بعض الخبراء أن السلطة الفلسطينية قامت بمغازلة شركة جازبروم الروسية لتطوير حقل الغاز البحري في غزة، حيث يوجد في المياه الإقليمية الفلسطينية، بئر غاز طبيعي كبير، يقدر بحوالي 30 مليار متر مكعب، بقيمة مليارات من الدولارات.
ولكن بعض المسؤولين الفلسطينيين لا يتفقون مع هذه الحقائق، ويستبعدون تماماً فكرة أن يكون حقل غاز غزة واحداً من أسباب الحرب الإسرائيلية على غزة، ولكنهم في نفس الوقت، لم يستبعدوا أن يكون وراء المنع الإسرائيلي لتشغيل حقل غاز غزة هو إبقاء الاقتصاد الفلسطيني مقيداً بتبعيته للاقتصاد الإسرائيلي.
ولكن يرى بعض المحللين أنه من الواضح أن الصراع بين إسرائيل وفلسطين ليس بشأن الموارد، ولكن في عصر الطاقة المكلفة، والمنافسة للسيطرة على الوقود الأحفوري الإقليمي، سيكون صاحب التأثير بصورة متزايدة على القرارات الحاسمة التي يمكن أن تشعل الحرب بينهما.
 

 

العدوان الإسرائيلي على غزة  يهدف إلى السيطرة على الغاز الفلسطيني

ويرى مراقبون أن العدوان الإسرائيلي على غزة يهدف إلى السيطرة على الغاز الفلسطيني. فمنذ اكتشاف الغاز والنفط في الأراضي المحتلة بات التنافس على المصادر في قلب الصراع، تحركه بصورة متزايدة مشاكل الطاقة المحلية في إسرائيل، وأظهرت تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه يعالون، قلق تل أبيب من أن يطور الفلسطينيون مصادر الغاز الخاصة بهم، وما ينتج عن ذلك من تحول اقتصادي قد يزيد من النفوذ الفلسطيني بصورة جوهرية.
رفض يعالون فكرة أن "غاز غزة يمكن أن يكون المحرك الرئيسي لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة اقتصاديا أكثر" بأنها "مضللة". المشكلة، كما قال، هو أن: "عائدات بيع الغاز الفلسطيني إلى إسرائيل من المرجح أن لا تنساب لمساعدة الجمهور الفلسطيني الفقير، بل يعتمد على تجربة إسرائيل في الماضي، فإن العائدات المحتملة خدمة لتمويل مزيد من الهجمات الإرهابية ضد إسرائيل".
وفي كل الأحوال فإنه على القيادة الفلسطينية والوفد المفاوض التشدد في تمسكه بحق قطاع غزة العيش كما باقي الشعوب، برفع الحصار وإلى الأبد، وتشغيل المطار والميناء، وكان حري بالسلطة الفلسطينية بدلاً من إبرام الاتفاقيات مع إسرائيل لاستيراد الغاز الإسرائيلي لمدة 20 سنة، أن تعمل على فك وتحرير القيود الإسرائيلية المانعة لتشغيل حقل غاز غزة.
لقد عزز تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية جديدة، يوم 2 حزيران 2014، إمكانية تحقيق الاتفاق بين فلسطين وروسيا، وبعد ذلك بعشرة أيام، في 12 حزيران، افتعل حكام تل أبيب وأجهزة أمنهم حادثة اختطاف ثلاثة شبان مستوطنين إسرائيليين، عثر عليهم مقتولين يوم 30 حزيران، وهو السبب والذريعة التي اتخذها الإسرائيليون في شن حربهم الضروس على غزة.
ولكن في حقيقة الأمر، يرى البعض أن هذه الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة تدخل ضمن استراتيجية تل أبيب، الهادفة أيضاً إلى تملك احتياطيات طاقوية في كامل حوض المشرق، من بينها احتياطيات فلسطينية، لبنانية، وسورية، وأيضاً ضمن استراتيجية واشنطن التي تسعى من خلال دعمها إسرائيل إلى السيطرة على الشرق الأوسط بأكمله، ومنع روسيا من مد نفوذها في المنطقة.
 

 

القانون الدولي الإنساني سلب ونهب الموارد الطبيعية

ومن هنا يرى شعوان جبارين، مدير عام مؤسسة الحق، فرع لجنة الحقوقيين الدولية، أن أكاذيب الاحتلال الإسرائيلي لم تعد تنطلي على أحد في مصوغتهم المشروخة بأن احتلالهم لفلسطين يستند إلى منطلقاتهم الأيديولوجية والدينية والسياسية، فيوجد للاحتلال بعد اقتصادي نفعي وخيرات يسيطر عليها وهو احتلال رابح ومستفيد.
وبالرغم من حظر القانون الدولي الإنساني سلب ونهب الموارد الطبيعية ونقل السكان، فإن مؤسسة "الحق" اكتشفت خلال العقود المنصرمة قوة دافعة أكبر تقف خلف هذا الموقف، وهي الفوائد التي يتم جنيها من استغلال الموارد الطبيعية الفلسطينية، إذ تخفي مياه غزة في عمقها محركاً رئيسياً للعدوان الإسرائيلي، تختزن هذه المياه 1.4 تريليون مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي قيمته أربعة مليارات دولار.
ويحمل جبارين، والذي تتمتع مؤسسته بصفة استشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة، الاحتلال المسؤولية الكاملة عن الجرائم المرتكبة وما يحدث للمدنيين كافة، باعتباره المسؤول عن استمرار الصراع وعن قتل أو خطف المستوطنين، وهو المسؤول حتى عن أي رد قد يحدث، وأية أضرار قد تحصل للإسرائيليين أنفسهم، والسبب في ذلك أن الاحتلال معني في إبقاء دوامة الصراع للسيطرة على المسائل الاقتصادية .
ويؤكد جبارين، أن الحصار البحري غير القانوني المفروض على قطاع غزة من قبل إسرائيل، لا يمنع فقط تطور المنطقة البحرية في غزة، وبالتالي حرمان الاقتصاد الفلسطيني من المليارات التي يمكن الحصول عليها من أرباح الغاز، وإنما يدفع باستمرارية اعتماد الأرض الفلسطينية المحتلة على إسرائيل من أجل التزود بالغاز، وبالتالي تعزيز الاقتصاد الإسرائيلي.
 

 

نزاع يحسب بالدولارات والسنتات

ويرى جبارين، أن هذا النزاع لا يحسب بالخسائر البشرية والدمار، وإنما بالدولارات والسنتات أيضاً. فالموراد الطبيعية التي يتم استغلالها حالياً، هي موارد ناردة ومحدودة وغير متجددة، وهذا ما يفسر قيمتها بالمقارنة مع الخسارة في الأرواح، للأسف هذا النوع من الحسابات مبني على تفكير مادي لا مبالٍ، وبالتالي فإن كل ذلك يفسر لماذا يسمح باستمرار ارتكاب هذه الجرائم دون محاسبة.
ويؤكد جبارين أن العدوان الإسرائيلي يهدف إلى السيطرة على الغاز الفلسطيني، فمنذ اكتشاف الغاز والنفط في الأراضي المحتلة بات التنافس على المصادر في قلب الصراع، تحركه بصورة متزايدة مشاكل الطاقة المحلية في إسرائيل.
 

 

قلق إسرائيلي من تطوير الفلسطينيون مصادر الغاز

ويؤكد جبارين أيضاً أن تصريحات قادة الاحتلال، من بينهم وزير الأمن الإسرائيلي موشيه يعالون، أظهرت قلق تل أبيب من أن يطور الفلسطينيون مصادر الغاز الخاصة بهم، وما ينتج عن ذلك من تحول اقتصادي قد يزيد من النفوذ الفلسطيني بصورة جوهرية.
وقال: "صممت قبضة إسرائيل على غزة لجعل وصول الفلسطينيين إلى بعض آبار الغاز مستحيلاً، والهدف الطويل الأمد ليس فقط منع الفلسطينيين من استغلال مواردهم، بل أيضاً دمج حقول الغاز قبالة غزة بالمنشآت البحرية الإسرائيلية المجاورة".
ويعتبر جبارين، أن ما حصل من هجوم على غزة أخذ بالحسبان موضوع الغاز، حيث تعتبر إسرائيل مسألة غاز البحر الأبيض المتوسط مشروع استراتيجي قومي هائل ضخم، حتى الأوروبيون نزل لعابهم على موضوع الغاز، فاليوم واحدة من التفكير الذي يفكرون به لأنهم يعتمدون على الغاز الروسي، هو الحصول على الغاز من البحر المتوسط.
يقول جبارين: "تحول إسرائيل دون استخراج الغاز من سواحل غزة، وتحاول أيضاً، مد الصراع وتفرض الشروط وإبقاء قطاع غزة محاصراً ومعتمداً على الغاز الإسرائيلي، وإبقاء الضفة في تبعية، فنحن نتحدث عن إمكانيات اقتصادية كبيرة واعتماد على الذات أكثر، وعن تطوير، ولاحقاً يمكن الحديث عن صفقات تجارية، وليس فقط السوق المحلية، فنحن نتحدث عن استخراج غاز تجاري، وليس غاز بكميات قليلة".
وبينما أشار تقرير حديث للبنك الدولي إلى أن باستطاعة الفلسطينيين جني أرباح سنوية تقدر بـ ثلاثة مليارات دولار سنوياً من الموارد الطبيعية المتوفرة في مناطق "ج" في الضفة الغربية. ولكن التواجد الاستراتيجي للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية من أجل السيطرة على الماء والأرض والموارد المعدنية يكشف عن حجم الفوائد التي يحصدها الاقتصاد الإسرائيلي على حساب استمرار دفع المدنيين الإسرائليين والفلسطينيين إلى صدامات مستمرة ومتكررة.
وبناء عليه يقول جبارين: "إن الحديث عن مفاوضات 21 عاماً مضروبة ضرب 3 مليار دولار، فهذا يعني 63 مليار دولار استخرجت إسرائيل من الموارد الطبيعية الفلسطينية في الضفة الغربية، وهو رقم هائل جداً على موضوع التنمية ونماء الشعب الفلسطيني واعتماده على ذاته وحالة الفقر التي يعيشها المجتمع اليوم، بينما كل ما حصلت عليه السلطة من مساعدات خارجية ودعم حوالي 5.5 مليار دولار ليس أكثر، وهو رقم رليس ضخماً سواء من الاتحاد الاوروبي أو غيره.
وتتطلع الأجندة الإسرائيلية إلى كسب وقت وزمن أطول في موضوع الحصار، وإلا لماذا لم تعمل الشركة البريطانية في حقل غاز غزة؟ صحيح أن الإسرائيليين لم يمنعوا السلطة وإنما جمدوا وفرضوا منعهم لإبرام تعاقدات، وهو نوع من إطالة الأمد والزمن لأمور اقتصادية بحتة، ولا يريدون للاقتصاد الفلسطيني أن يكون منافساً من جهة، ومن جهة ثانية لا يريدوه مكتفياً ذاتياً وقادراً على تحقيق نماء.
ويتوقع جبارين أن تفك الأردن تعاقداتها الخاصة باستيراد الغاز التي أبرمت مع إسرائيل، وتستعيض عنها بتعاقدات مع حقل غاز غزة، لذلك فقد يتحول الحقل إلى منافس شديد للغاز الإسرائيلي، فضلاً عن فك شركات فلسطينية تعاقداتها مع إسرائيل لعقود زمنية طويلة جداً، فنحن ليس فقط سنكتفي ذاتياً، وإنما سننافس ونقلص سوق إسرائيل في الوقت الذي تفكر به إسرائيل بتوسيعه ليمتد إلى بعض الدول العربية الأخرى التي قد تعتمد على الغاز الإسرائيلي. إضافة إلى الإمكانيات المستقبلية المتاحة لإقامة مشاريع تنموية، والتي ستؤدي إلى اعتمادنا أكثر على الذات إلى جانب أننا سنصبح مصدرين ومنافسين.
 

 

تخوفات إسرائيلية من الغاز الفلسطيني

ويتفق رجل الأعمال توفيق نصار، عضو مجلس إدارة مجلس الشاحنين، مع شعوان في الموقف والتحليل والتوقعات، ولكنه قال: "مسألة حقل غاز غزة من وجهة نظر إسرائيلية، هو ليس بما ستأخذه إسرائيل منه، بقدر ما ستحرم به غزة والشعب الفلسطيني من الاستفادة من الغاز الفلسطيني، فإسرائيل أصبح عندها حقول غاز تستثمرها ولديها اكتفاء ذاتي وتستطيع أن تصدره ولسنين طويلة".
ولكن تخشى إسرائيل النتائج الناجمة عن الاستغلال الفلسطيني لحقل غاز غزة، وهي غاية في الأهمية، وهو ما تريد إسرائيل أن تتجاوزه، حيث أن استغلال حقل غاز غزة سيؤدي إلى استقلال السلطة اقتصادياً بحيث تصبح السلطة غير معتمدة على المساعدات الدولية، وهذا سيوفر لها استقلالاً سياسياً، فالاستقلال الاقتصادي هو بحد ذاته استقلال سياسي.
ويتابع: "كما أن استغلال حقل غاز غزة بحاجة إلى توافق فلسطيني- فلسطيني، لأن العالم ضمن تركيبته القائمة، لن يسمح للسلطة الحاكمة في غزة الآن أن تستغل حقل الغاز هذا، وبالتالي فإن استغلاله يعني توافقاً فلسطينياً- فلسطينياً، وعندما وجدت إسرائيل أن هناك بوادر حقيقية للمصالحة الفلسطينية، قامت بهجومها الحربي لمنع التوافق الفلسطيني- الفلسطيني، وبالتالي منع السلطة، عندما تصبح موحدة، من استغلال حقل الغاز الموجود والقائم".
وأضاف، أن وجود حقل الغاز في غزة مع وجود سلطة فلسطينية موحدة حاكمة، يعني بوادر لانعتاق اقتصادي أكبر، وبالتالي يصبح الميناء ضرورة ملحة، وهذا أيضاً ما تحاول إسرائيل أن تتجاوزه.
ويقول: "من خلال هذه الحرب وتفكيرها بحقل غاز غزة، تريد أن تمنع تحقيق استقلال سياسي واقتصادي فلسطيني موحد يتمثل في الوحدة الوطنية وفي إقامة ميناء بحر لكل شعبنا"، وهنا يجدد التأكيد أن إسرائيل لا تحتاج حقل غاز غزة الآن، فليست الشروط الاقتصادية لاستغلال حقل غاز غزة هي الأساس، وإنما تتطلع إلى ما ستحرم منه الشعب الفلسطيني، وهذا هو الأساس".
 

 

إقرار بأهمية الغاز في التحرر الاقتصادي واستبعاد أن يكون أحد أسباب الحرب الخفية

وبالرغم من اتفاق  د. عمر  كتانة، رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية مع الآثار الاقتصادية الكبيرة والهائلة جداً لتشغيل حقل غاز غزة، من حيث الاستقلال والنمو الاقتصادي والاعتماد على الذات، إلا أنه يستبعد تماماً أن يكون هذا الحقل هو أحد الأسباب الخفية وراء شن الحرب على قطاع غزة.
 وقال: "أستبعد أن تكون أهداف هذا العدوان، كانت موجهة لحقل الغاز، وأن خطة لجنة إعادة إعمار غزة حقل غاز غزة، وسيكون ضمن الخطط الموجودة واستخدامه لمحطة التوليد في قطاع غزة، بحيث يجب أن لا تعود محطة التوليد إلى القدرات التي كانت تعمل بها، يجب أن تعود إلى قدرات أكبر نستطيع بها تغطية احتياجات الكهرباء، ولإسرائيل اكتشافات عن حقول غاز جديدة في البحر المتوسط وحسب تقديرات إسرائيلية كافية لها ذاتياً وتؤهلها لأن تصبح من الدول المصدرة للغاز".
وأعرب د. كتانة عن رفضه العودة إلى الوضع الذي كان عليه قبل الحرب، وقال: "يجب أن نعود إلى الوضع الذي يجب أن يكون عليه في قطاع الطاقة الكهربائية، وهذا يشمل استغلال واستخدام حقل الغاز الطبيعي الموجود أمام شواطىء غزة، من أجل محطات التوليد ومن أجل الصناعية والغاز المنزلي".
ويؤكد د. كتانة، أن الحكومة الفلسطينية وقبل العدوان، كانت قد عدلت من الاتفاقية مع الشركة البريطانية التي تمتلك حقوق تطوير حقل الغاز بما يضمن تعظيم العائدات للحكومة، وأيضاً ضمان أن يستخدم الغاز ضمن الاحتياجات الفلسطينية أولاً، وقال: "تم التوافق على هذا مع الشركة صاحبة الامتياز، وبالتالي تم تعديل الاتفاقية بهذا المنحى، وكانت الفلسفة من وراء ذلك هو استخدام الغاز الطبيعي فلسطينياً، إلى الحد الأقصى، ومن ثم النظر إلى تصديره للدول المجاورة من أجل زيادة الأرباح والعوائد للحكومة وللقطاع الخاص أيضاً".
ويتوقع د. كتانة أنه من الممكن الاتفاق مع البعض بأن عين حكام إسرائيل على الغاز الفلسطيني ليس من منطلق طمع أو لعدم وجود غاز لديهم، وإنما لضربه أو لتقييده.
لكنه يقر بقوله: "أن منعهم لنا من تطوير بئر غاز غزة أثر علينا اقتصادياً، ولكنهم لم يحاججونا على ملكيته، وبشكل عام لتحجيم نمو اقتصادنا، فلا أحد يشكك بأن الوضع الاقتصادي والإنساني والاجتماعي قد تراجع عشرات السنين".
 

 

غاز غزة للفلسطينيين ويجب تشغيله

أما عزمي عبد الرحمن، الناطق الرسمي باسم وزارة الاقتصاد الوطني، فقال: "تم التطرق إلى هذا الموضوع في مؤتمرات صحفية، حيث ذكر فيها بعض المتحدثين أن أحد الأسباب الخفية للحرب على غزة هو حقل الغاز"، وقال: "صحيح أن هناك في غزة كمية من الغاز المجدي، ولكن  تم الاتفاق على أن يكون حقل الغاز هذا لصالح الحكومة الفلسطينية، وتم التوقيع على ذلك بيننا وبين إسرائيل".
ويؤكد عبد الرحمن أن حجم تأثير حقل غاز غزة بالنسبة لإسرائيل قليل، لا سيما أن إسرائيل سيطرت على حقول ضخمة جداً تكفيها لـ 30 سنة قادمة، تجعلها مكتفية ذاتياً ولديها المقدرة على التصدير أيضاً، وبالتالي فإن حجم الغاز الموجود في قطاع غزة ليس بتلك الكميات التي تعول عليها إسرائيل وتجعلها ضمن دائرة استهدافها العسكري والحربي".
ويضيف: "ومن هنا تأتي عملية استغلال هذا الغاز بحيث يجب أن يكون ضمن خطة إعادة إعمار قطاع غزة القادمة، مثله مثل المطار وميناء غزة، مستبعداً أن يكون هذا الحقل الغازي أحد الأسباب الخفية للحرب التي تشنها على غزة، بالرغم من تأكيده أن إسرائيل لا تتوانى للحظة عن السيطرة على الثروات الطبيعية الفلسطينية واستغلالها، مدللاً على ذلك بسيطرة إسرائيل على آبار رنتيس الموجودة في الضفة الغربية وضمن أراضي 67، وتقوم باستغلالها، لذلك فإن إسرائيل ليست بحاجة لشن حرب من أجل السيطرة على غاز غزة، إذ أنه بإمكانها سحب الغاز من أماكن أخرى بوسائط تقنية وتكنولوجية عالية دون أن يعرف أحد، وبالتالي فإنه قال: "غاز غزة لغزة، واستبعد أن يكون حقل غاز غزة أحد أسباب الحرب".
 
 

 

ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن إسرائيل حققت اكتشافات متعاقبة كبرى في السنوات الأخيرة، مثل حقل تنين، تشير التقديرات إلى أنه من 18 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، التي يمكن أن تحول إسرائيل من مستورد الطاقة إلى مصدر طاقة، وتطمح لتزويد أوروبا والأردن ومصر.

 

 

وفي وقت سابق من هذا العام، أدانت حركة حماس اتفاق السلطة الفلسطينية بشأن شراء غاز بقيمة 1.2 مليار دولار من حقل تانين الإسرائيلي، على بعد 120 كم من شاطئ إسرائيل، على فترة 20 عاماً بمجرد أن يبدأ إنتاج الحقل.

ومن الجدير ذكره أنهفي عام 1999، بموجب اتفاق أمضاه ياسر عرفات، عهدت السلطة الفلسطينية باستثمار غزة البحرية إلى تجمع شركات مكون من بريتيش غروب وكونسوليدايت كونتراكترز (شركة فلسطينية خاصة)، حصصها مقدرة بـ60 بالمئة و30 بالمئة على التوالي، حيث نسبة رأس مال السلطة الفلسطينية الاستثماري هو 10 بالمئة. تم حفر بئرين: غزة مارين1 وغزة مارين2. لكنهما لم يشتغلا أبداً، فقد أوقفتهما إسرائيل، التي أرادت الغاز كله بأسعار منخفضة.
وبوساطة من رئيس الوزراء السابق توني بلير، مبعوث "اللجنة الرباعية للشرق الأوسط"، تم تحضير اتفاق مع إسرائيل يحرم الفلسطينيين مستقبلاً من ثلاثة أرباع إيرادات الغاز، بإيداع الحصة التي تعود إليهم في حساب بنكي دولي تسيطر عليها واشنطن ولندن. ولكن حماس رفضت الاتفاق، مباشرة بعد فوزها في انتخابات 2006، ووصفته بأنه اختلاس، وطلبت إعادة التفاوض بشأنه. في عام 2007، أشار وزير الدفاع الإسرائيلي الحالي موشيه يعلون إلى أن: "الغاز لا يمكن استخراجه من دون عملية عسكرية تجتث سيطرة حماس على غزة".
في حين تم تصميم قبضة إسرائيل على غزة لجعل وصول الفلسطينيين إلى آبار الغاز مستحيلاً، هدف إسرائيل على المدى الطويل، إلى جانب منع الفلسطينيين من استغلال مواردها الخاصة، في دمج حقول الغاز قبالة غزة في المنشآت البحرية الإسرائيلية المجاورة. هذا هو جزء من استراتيجية أوسع نطاقاً من: ".... فصل الفلسطينيين عن أراضيهم والموارد الطبيعية، وذلك لاستغلالها لصالحها".