العمل في «إسرائيل » يشكل 20 % من الدخل القومي الفلسطيني
منظمة العمل الدولية: فريق تقصي حقائق للتحقيق فيما يتعرض له العمال الفلسطينيون
وزارة العمل: البديل المحلي موجود
الحدث- محمد فائق
"قبل أسبوعين، وتحديداً في مستوطنة شيلو شمال رام الله... عمال آثار فلسطينيون... يحيط بهم 3 حراس أحدهم حارس المستوطنة... قال لثلاثة منهم وهو يتحدث اللغة العربية بطلاقة: اذهبوا، المعلم يريدكم في مكان آخر. أدركوا أن في الأمر مكيدة...رفضوا طلب الحارس المدجج بالسلاح... لكن ذلك لم يسعفهم. فقام هذا الحارس بتهديدهم بإطلاق الرصاص عليهم إن لم ينصاعوا لأوامره... فاضطروا إلى أن ينفذوا ما يمليه عليهم... فساقهم أمامه وقام بعد ذلك بإركابهم عنوة في باص محكم الإغلاق... لأكثر من 5 دقائق وهم يدقون جدار الباص إلى أن تذكر أحدهم أنه يحمل في جيبه جوالاً وقام بالاتصال بزملائه الآخرين الذين أخبروا الحراس الآخرين.. وقاموا بمنع وقوع مجزرة بحقهم".
ما حصل في مستوطنة شيلو هو قليل من فيض لما يعانيه العمال الفلسطينيون الذين هم في أماكن عملهم التي فرضها الاحتلال عليهم، مما يزيد من معاناتهم بحثاً عن لقمة العيش.
ويقول شاهر سعد الأمين العام لاتحاد عمال فلسطين ل “الحدث” إن إسرائيل منذ عشرات السنين وهي تمارس الإعدامات بحق العمال الفلسطينيين. مذكراً بأن الانتفاضة الأولى كانت شعلتها الأولى عمالاً فلسطينيين قتلوا بدم بارد على معبر “إيريز” بيت حانون، مضيفاً أن هناك العديد من الأمثلة من عمليات الإعدام بحق عمال فلسطينيين. ويؤكد سعد أن طريقة الإعدامات التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ سنوات تستهدف إرهاب الشعب الفلسطيني وقلع العمال وفصلهم من أماكن عملهم. ويضيف سعد أنه منذ بداية تشرين الأول الجاري/ اكتوبر استشهد وأصيب العشرات من العمال الفلسطينيين فيما اعتقل نحو 540 آخرين، سواء في أماكن عملهم داخل الخط الأخضر أو أثناء توجههم إلى ورش عملهم إضافة إلى تهديدهم بسب تصاريح العمل التي يحملونها وفصلهم من أماكن عملهم.
20% من الدخل القومي الفلسطيني يأتي من العمال
وحذر الأمين العام لاتحاد عام عمال فلسطين من البقاء رهينة لسوق العمل الإسرائيلي مشيراً إلى أن % 20 من الدخل القومي الفلسطيني هو نتيجة العمل داخل مناطق ال 48 .
وأضاف: “يجب علينا أن نفكر كفلسطينيين بإيجاد بدائل للاستعاضة عن العمل داخل الخط الأخضر” واستطرد قائلاً: 150 ألف عامل لا يمكن في شهرين أو ثلاثة أو ستة أشهر ان يتم ايجاد بدائل عمل لهم في السوق الفلسطيني، هذا الملف يتطلب استراتيجية وطنية تضم كل الاطراف، لأنه وللأسف % 20 من الدخل القومي الفلسطيني يتحكم به المشغولون الإسرائيليون.
ويشير سعد إلى أن أي خلل أو تطور على الأوضاع سيؤثر بصورة سلبية على الدخل القومي الفلسطيني مما سيعمل على زيادة الفقر في الأراضي الفلسطينية من 37 % إلى 54 %. وأكد أمين عام اتحاد العمال الفلسطينيين أن تفجر الأوضاع في الأراضي الفلسطينية منذ بداية أكتوبر، أثر بشكل سلبي على الدخول القومي الفلسطيني بما نسبته 5 إلى % 7 وبين سعد أن عدد العمال الذين يحملون تصاريح عمل داخل الخط الأخضر إضافة للتصاريح التجارية يقدر بنحو 87 ألف إضافة إلى 20 ألف آخرين بدون تصاريح “تهريب” و 35 ألف عامل في المستوطنات وهم الفئة الأكثر تضرراً نتيجة هضم حقوقهم العمالية والنصب والاحتيال الذي يمارس ضدهم.
وحسب سعد فإن أصحاب العمل الإسرائيلي يستغلون كثيراً ضائقة العمال الفلسطينيين، وخاصة الذين لا يملكون تصاريح للتواجد في إسرائيل أو من يعملون في المستوطنات، ويقومون بتشغيلهم مقابل أجر زهيد وبظروف صعبة من خلال حرمانهم من الحقوق التي يستحقونها حسب القانون.
منظمة العمل الدولية: قد يتم إرسال فريق تقصي حقائق
بدورها، حذرت منظمة العمل الدولية من الانتهاكات الخطيرة التي يتعرض لها العمال الفلسطينيون على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وقال منير قليبو ممثل المنظمة في فلسطين: «من الواضح أن هناك حالات انتهاك كثيرة وتجاوزات واعتداءات رهيبة بحق العمال الفلسطينيين وقعت خلال الأسابيع الأخيرة .» وبين قليبو أن منظمة العمل الدولية استلمت رسالة من الاتحاد العام لعمال فلسطين بضرورة اتخاذ إجراءات استثنائية لمعالجة انتهاكات بحق العمال منها إرسال فريق تقصي حقائق وإجراء تحقيق حول ما يتعرض له العمال الفلسطينيين.
وأضاف أن منظمة العمل الدولية ستنظر بجدية تامة إلى هذه الرسالة وإلى حجم ما يتعرض له العمال الفلسطينيون، إلا أنها تمنعه كممثل لمنظمة العمل الدولية في فلسطين أن يتعامل مع الطرف الإسرائيلي، لكن المدير العام غاي رايد ومن خلال مركزه الذي يتمتع به في جنيف يعتقد أنه سيتجاوب مع مطلب شاهر سعد أما بإرسال فريق تقصي حقائق أو أن يقوم بمخاطبة رسمية للطرف الإسرائيلي حكومة وعمال من خلال «حزب الهستدروت » أن يلفت نظرهم لهذا الموضوع. ويشير أن هذا النوع من المخاطبة الرسمية هو حق فلسطيني لمنظمة العمل الدولية.
«فلسطين ليست عضواً كاملاً في منظمة العمل الدولية. وهي لم تقدم طلباً رسمياً للدخول بعضو كامل في هذه المنظمة »ويضيف قليبو: «فلسطين ممثلة بعضو مراقب من منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن هذا لا يعفي المنظمة الدولية رغم أنهم لا يتمتعون بكافة الصلاحيات التي يتمتع بها الدول الأعضاء »، أن تنظر في الشكاوى والتصرف في هذا الإطار لأن هناك حقاً إنسانياً وحقاً عمالياً وهناك تجاوزات تطال المدى المقبول .»ويشير قليبو إلى أن التهديد بتسريح 100 ألف عامل وعاملة يعني أن نصف مليون فلسطيني سيتأثرون سلباً وسيخلق هذا القرار دوامة من التوتر السياسي والاقتصادي والاجتماعي والنفسي.
ويضيف هؤلاء الناس يحصلون على مصدر رزقهم من الجانب الإسرائيلي وهذا ليس منة أو هدية من الاحتلال الإسرائيلي لخدمة هذه الفئة العمالية، وإنما يقع على عاتقه أن يجد ظروف عمل كريمة للفلسطينيين لأنهم يقبعون تحت الاحتلال، وخاصة أن الجانب الفلسطيني لا يستطيع دمجهم في الوظائف الحكومية أو إيجاد فرص عمل لهم.
ووفقاً للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، فان إسرائيل ملزمة بضمان المعيشة لسكان الأراضي المحتلة الفلسطينية الخاضعة لسيطرتها الفعلية، كما أن عليها أن تضمن لهم حقوقهم في العمل والاستمتاع بمستوى حياة لائق.
ويزيد سريان هذا الواجب أيضا على ضوء حقيقة أنه ومنذ بدء الاحتلال، عملت إسرائيل بشكل مقصود على منع تبلور اقتصاد فلسطيني مستقل ولعبت دوراً بالمساهمة في نشوء الضائقة الاقتصادية الصعبة الموجودة اليوم في الضفة الغربية وفي قطاع غزة. بدلاً من المساعدة في إصلاح هذا الظلم الذي سببته، فإن إسرائيل تعمل اليوم، مثلما عملت في السابق، بنهج يحرم الجماهير الغفيرة من الفلسطينيين من ممارسة حقهم في العمل وكسب الرزق.
وأعرب ممثل منظمة العمل الدولية عن أسفه لعدم وجود استراتيجية تشغيلية فلسطينية فعالة لاستيعاب العمال الفلسطينيين وتشغيل العمال واستيعاب ذوي الإعاقة بها نوع من الكرامة ويضمن حياة عيش كريمة وخاصة في غزة.
ويضيف أن الاستراتيجية التي تعمل عليها السلطة الفلسطينية أفضل مما هي عليه في قطاع غزة لكنه استبعد أن تعمل على حل مشكلة البطالة التي تزيد عن % 37
وحذر قليبو أن وضع السوق الفلسطيني غير مطمئن ومنظمة العمل الدولية لا تستطيع أن تفرض على الفلسطينيين استراتيجيات لأنها تحت الاحتلال، مشيراً أن حل الانقسام يساهم في حل مشكلة العمال.
منظمة العمل الدولية والخيارات المتاحة
وحول الخطوات المتاحة أمام السلطة الفلسطينية ومنظمة العمل الدولية للعمل على وقف الانتهاكات التي يتعرض لها العمال الفلسطينيون يقول قليبو: «أخذنا خطوة استباقية تتمتع بالجراءة والمداخلة الإيجابية وقمنا بالالتفاف على مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بالتعاون مع وزارة الخارجية الفلسطينية وقمنا بمساعدة شركائنا اتحاد نقابات عمال فلسطين ووزارة العمل واتحاد الغرف التجارية والصناعية والزراعية لتهيئتهم بإعداد تقاريرهم الخاصة التي أصبحت جزءاً من «العمل حق إنساني »والعمل الإنساني الرئيس وقع 8 معاهدات منها ما يضمن الحق في العمل ومنظمة العمل الدولية تقدم الدعم الفني والقانوني تقدم دعمها الفني والقانوني بأن يقدموا تقاريرهم السنوية الخاصة بالانتهاكات.
وشدد ممثل منظمة العمل الدولية على ضرورة أن يحصل العمال الفلسطينيين على حقوقهم التي لا تقل أهمية عن الأرض التي يفاوض الفلسطينيون عليها.
وحذر من أي مس بحقوق العمال الفلسطينيين أو إساءة له سيكون له مردود سلبي وسيعمل على مزيد من الإحباطات بين الفلسطينيين، معرباً أن تقوم الحكومة الإسرائيلية بإنصاف هذا القطاع الحيوي والهام الذي لا يمكن الاستغناء عنه بأي حال من الأحوال وهو ما ثبت بالتجربة والبرهان.
"إن الانتهاكات الإسرائيلية التي تحصل بحق العمال الفلسطينيين هو شيء متوقع لأن التجربة علمتنا أن كل مواجهة تحصل مع الاحتلال يسعى لاستغلال العمال وممارسة ضغط علينا باعتقاده أنه بذلك سيمنع الشعب الفلسطيني عن ممارسة حقه في النضال "، هذا ما يؤكد عليه ناصر قطامي وكيل وزارة العمل في حكومة التوافق الفلسطينية.
ويضيف قطامي: «الدليل على ذلك في انتفاضة الأقصى تم الاستغناء عن 250 ألف عامل ما خلق لدينا أزمات اقتصادية.. ولكننا نجحنا بتقليص العدد من 250 ألف عامل بشكل رسمي في عام 2000 إلى 51 ألف يعملون بشكل رسمي في العام 2015 "
ويؤكد وكيل وزارة العمل الفلسطينية أن لدى الحكومة توجه استراتيجي للاستغناء قدر الإمكان عن العمل داخل الخط الأخضر لأنه سيف مسلط على رقابنا.. عوضاً عن أن العمال يعانون من الحرمان وانتهاك الحقوق ويتعرضون للتهديد.
مؤشرات للاستغناء عن 100 ألف عامل
وبين ناصر قطامي أن هناك مؤشرات واضحة لدى الإسرائيليين للاستغناء عن 100 ألف عامل، وتم الطلب من المشغلين الإسرائيليين بداية أن يستقدموا 20 ألف عامل صيني، ويضيف: "هذا مؤشر أنهم يسعون للاستغناء عن هذه العمالة".
البديل المحلي موجود
وشدد قطامي أن العمال الفلسطينيين بإمكانهم الاستغناء عن العمل داخل إسرائيل من خلال الدراسات التي تقوم بها وزارة العمل ومن خلال مراجعة التصاريح الموزعة على العمال الذين يعملون داخل الخط الأخضر.
ويقول: 60% من التصاريح الموزعة تذهب إلى قطاع الإنشاءات و% 30 على القطاع الزراعي و% 10 خدمات وهذه حسب إحصائيات الوزارة عليها طلب كبير وبالتالي إمكانية توفير البدائل قائم ونجحنا في تخفيض العدد من 250 ألف في عام 2000 إلى 51 ألف في 2015 ونحن ماضون في تنفيذ هذه الاستراتيجة .