صندوق النقد: الاقتصاد الفلسطيني يعاني حالة من الهشاشة والضعف تزامناً مع ارتفاع النفقات الجارية
عدم وجود رؤية اقتصادية وسياسية واضحة سبب أساسي وراء العجز في الموازنات الفلسطينية
- نحن لا نعمل على تقليص العجز في موازناتنا بل نعمل على زيادته
- الخلل في الموازنة بنيوي وتراكمي ودون آليات لتطوير الاستثمار
خاص "الحدث"
عانت الموازنات الفلسطينية باختلاف الحكومات من عجز سنوي جار تراوح ما بين 300- 400 مليون دولار أمريكي، دون أن تستقر تلك الحكومات على حلول جذرية من شأنها أن تسد هذا العجز أو تخفض منه. وعلى الرغم من أن السلطة الفلسطينية قد تسلمت في 20 عاما من عمر اتفاقية أوسلو، ما يزيد عن 27 مليار دولار اميركي من المساعدات الدولية إلا أنه يتضح وبشكل جلي أنها لم تعمل بالأساس على خلق اقتصاد فلسطيني قادر على الاعتماد على نفسه، أو بأقل تقدير خلق بنية تحتية لهذا الاقتصاد، ومع مرور السنوات اصطدمت الحكومات الفلسطينية بعجز في موازناتها، بحيث أصبح سيفاً مسلطاً على مواقفها السياسية، تماماً كما حدث في التلويح الأخير للكونغرس بوقف المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية، أو تخفيضها من 370 مليون دولار إلى 290 مليوناً.
وتعتمد الموازنة الفلسطينية، في تمويلها على قناتين رئيسيتين: أولاها الإيرادات الضريبية وغير الضريبية وإيرادات المقاصة الشهرية، وثانيها المساعدات والمنح المالية الخارجية، والتي يبدو أنها آخذة في التراجع المستمر، وفق الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة المالية.
وبالتالي، فإن الأمر يحتاج من الحكومة الفلسطينية وقفة جادة لتفكر بشكل استراتيجي بشأن كيفية إدارة العجز في موازنتها المالية.
ويرى الباحث الاقتصادي مِسيف مِسيف أن العجز في الموازنات الفلسطينية يأتي نتيجة عدم وجود رؤية سياسية اقتصادية واضحة وصحيحة لمعالجة هذا العجز، مضيفاً، "الأمور تدار بصورة فردية، دون رؤية شمولية واضحة لكل وزير".
ويشير مسيف في حديث خاص مع "الحدث" إلى أن "الخلل يكمن في أن المسألة أصبحت نهجاً متواصلاً في ترحيل العجز من سنة إلى سنة دون وضع آليات وحلول جذرية." مضيفاً أنه حتى خطة التنمية الوطنية التي بنيت الآمال عليها بقيت حبراً على ورق لأن تطبيق وتنفيذ هذه الخطة مرهون بأموال المانحين." وقال مسيف: "إن وصلت أموال المانحين طبقت هذه الخطط وإن لم تصل لم تطبق".
الحكومة تزيد الإنفاق فتزيد من العجز
ويشير مسيف إلى أسباب أخرى وراء عجز الموازنة تتمثل في أن الحكومات المتعاقبة لم تقلص هذا العجز بل ساهمت في زيادته. ويوضح: "في إحدى السنوات وصل العجز إلى صفر ومن ثم زاد ووصل لأرقام غير معقولة حتى وصل إلى ما نسبته 40% ". وهذا له علاقة بالسياسات الاقتصادية العامة وسياسة الموازنة وسياسة الانفاق وتضخم الرواتب التي تستهلك الآن إنفاقا ترشيديا على الإنفاق واعتمدت على القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية المنهكة بسبب السياسات الاقتصادية.
الخلل في الموازنة بنيوي ومزمن
بدوره يقول الباحث الاقتصادي مؤيد عفانة لـ "الحدث" إن عجز الموازنة الفلسطينية هو عجز مزمن وليس عجزاً عابرا ويكمن في بنية الموازنة.
ويضيف عفانة إن ما ساهم في تعاظم هذا العجز هو أن الحكومة دأبت في السنوات الماضية على تغطية هذا العجز من خلال أموال الدول المانحة، التي لا تفي بوعودها أحيانا، إضافة إلى أن هذا المال هو مال سياسي مرتبط بأجندات سياسية وبالتالي أدى إلى تراكم العجز عاما بعد عام.
ويشير عفانة إلى أن الحكومة ارتكبت هذه السنة خطأ من خلال دمج أموال الإعمار المخصصة لغزة مع النفقات التطويرية، ما أدى إلى تضخيم الموازنة، وبالتالي حدوث عجز مضاعف، بينما كان الأمر يقتضي ترحيلها إلى حساب خاص بقانون خاص.
ويشير إلى أن حلول الحكومة لتخطي هذا العجز كانت من خلال محاولتها الاقتراض من البنوك بمقدار 1.170مليار شيقل.
بدوره رأى عضو الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة، جهاد حرب أن العجز في الموازنة هو نتيجة خلل بنيوي ليس بالجديد وإنما تعاني منه السلطة منذ سنوات؛ لعدة أسباب أهمها سياستها في التوظيف الزائد عن الحاجة في الوظيفة العامة دون أن تكون هناك آليات لتطوير أدوات الاستثمار في القطاع الخاص لاستيعاب البطالة القائمة، ومن ناحية أخرى الاعتماد على المانحين الدوليين في دعم الموازنة، وعادة لا تفي تلك الدول بالتزاماتها، وأيضا اعتماد الموازنة على أموال المقاصة التي تتحكم بها إسرائيل.
ويقول حرب لـ "الحدث": "إن هذا الخلل البنيوي يحتاج الى إعادة نظر في البنى الاقتصادية والمؤسسة الاقتصادية في المجتمع الفلسطيني وليس فقط في السلطة الفلسطينية بحيث يعود الأمر إلى تطوير أدوات تأخذ بعين الاعتبار الوضع القائم فلسطينياً."
ويضيف حرب "هناك احتلال وهناك ضغوطات أكثر للسيطرة على الاقتصاد الفلسطيني بمعنى أن اسرائيل قامت بعملية دمج لنصبح جزءا من الاقتصاد الإسرائيلي لكن من الصعوبة بمكان أن تقوم أي حكومة فلسطينية بإصلاحات جوهرية في ظل الاحتلال إلا اذا كان هناك إمكانية لإجراء بعض التقليصات في بعض أجزاء الحكومة."
صندوق النقد الدولي: اقتصاد هش مصحوب بنفقات عالية
وفي اجتماعات صندوق النقد الدولي الأخيرة، التي عقدت في العاصمة البيروفية ليما، منتصف أكتوبر تشرين أول الجاري، أشار مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مسعود أحمد، أن الاقتصاد الفلسطيني يعاني مشاكل مالية واقتصادية معقدة.
وأوضح أحمد في مؤتمر صحفي، أن الاقتصاد الفلسطيني يعاني حالة من الهشاشة والضعف، تزامناً مع ارتفاع النفقات الجارية السنوية "ونحن قدمنا مقترحات من شأنها أن تحسن من مالية الحكومة، وتخفض من نسب العجز الجاري".
وخلال العام الجاري، ارتفعت الموازنة الفلسطينية إلى 5.017 مليار دولار أمريكي، والتي تشمل الموازنتين العامة والتطويرية، بينما بلغت خلال السنة المالية الماضية 4.21 مليار دولار أمريكي، بارتفاع بلغت قيمته 807 مليون دولار أمريكي.
من أسباب العجز: فقدان الثقة من قبل المستثمرين
وأرجع مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في صندوق النقد الدولي، ارتفاع نسبة العجز في الموازنة الفلسطينية إلى القيود التي يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني، إضافة إلى حالة من فقدان الثقة لدى المستثمرين، بسبب الأوضاع السياسية.
وتابع: "أيضاً هناك ارتفاع في نسب الفقر والبطالة، وهاتان المعضلتان ترفعان من تكاليف مواجهة الحكومة لهما، خاصة الفقر"، حيث وصلت نسبة البطالة في فلسطين خلال العام الجاري إلى 29٪، بينما وصلت في غزة لوحدها إلى 45٪.
يذكر أن حركة الأفراد والبضائع تواجه صعوبات كبيرة في مدن الضفة الغربية، وبين الضفة الغربية وقطاع غزة، وبين فلسطين والخارج، بسبب القيود الإسرائيلية التي تضعها على الحدود والمعابر.
من جهة أخرى فإن الأوضاع السياسية المرتبكة، ساهمت إلى حد كبير في ضعف الاستثمارات الأجنبية داخل فلسطين، بسبب ارتفاع مخاطر ضخ أموال في بيئة تعاني أمنياً وسياسياً، بحسب أحمد.
أسباب سياسية وراء هذا العجز
ويرى وزير التخطيط السابق في الحكومة سمير عبد الله، أن اتفاق المرحلة الانتقالية الموقع بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، هو سبب رئيسي لوجود عجز جار متواصل في الموازنات الفلسطينية المتعاقبة.
وأضاف لمراسل الحدث: "إيجاد سلطة فلسطينية نتيجة للمرحلة الانتقالية الموقعة، وتوليها لزمام أمور كافة احتياجات الفلسطينيين الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية، بدون موارد هو سبب رئيسي للعجز".
ومضى قائلاً: "محدودية الموارد لدينا، والتقسيمات المناطقية بين (أ، ب،ج) جعلت من السلطة الفلسطينية منطقة متقطعة، لا تضم إلا الحد الأدنى من الموارد، التي من شأنها أن تساهم في توفير السيولة للحكومات الفلسطينية".
وأكد أن الموارد التي كانت متاحة عند توقيع اتفاقية أوسلو، تم استنزافها اليوم، خاصة مع ارتفاع عدد السكان، وارتفاع الحاجة إلى الموارد، ومع ارتفاع تكلفة الاحتلال على الحكومة والشعب الفلسطينيين.
وأضاف "المطالبة الآن بالحصول على حقنا في التواجد في المناطق المسماة "ج"، نحن محرومين من 61٪ من مساحة الضفة الغربية، وهذه من شأنها أن توفر أية نفقات إضافية تحتاجها فلسطين خلال السنوات القادمة".
ووفق دراسة سابقة صادرة عن البنك الدولي، فإن الفلسطينيين يخسرون سنوياً ما قيمته 3.4 مليار دولار أمريكي، بسبب عدم قدرتهم على استغلال المناطق المسماة ج.
والمناطق (ج)، هي أراض فلسطينية في الضفة الغربية، تخضع للسيطرة الإسرائيلية، وتمنع الاستثمار فيها أو استغلالها، وتشكل نسبتها 61٪ من مساحة الضفة الغربية، وهي أراض غنية بالموارد الطبيعية كالتربة الخصبة والمياه وحجارة البناء والأملاح المعدنية والنفط والغاز والموقع الاستراتيجي.
وتطرق عبد الله، للحديث عن أسباب ثانوية للعجز، لكن مسببها الرئيسي، هو التكلفة التي وضعها الاحتلال، مثل التهرب الضريبي في الأراضي الفلسطينية، حيث أن الاستيراد من إسرائيل أو عبرها، بالأنظمة المعمول بها يساعد على التهرب الضريبي والتسرب المالي.
وتابع: "أيضاً هنالك أخطاء ارتكبتها الحكومات المتعاقبة، في تخصيص ميزانية لوزارات على حساب وزارات أخرى، وأقصد هنا ارتفاع نفقات الأمن على حساب نفقات وزارات أخرى كالاقتصاد والتعليم والصحة، ما ساهم في تواصل العجز المالي".
ووفق أرقام ميزانية 2014، استحوذ الأمن على ما قيمته 3.850 مليار شيكل من إجمالي الموازنة الفلسطينية، وبنسبة بلغت قرابة 29٪ من إجمالي الموازنة، بينما بلغت حصة الصحة والتعليم مجتمعتين قرابة 35٪ من إجمالي قيمة الموازنة، بقيمة بلغت 4.5 مليار شيكل.
واعتبر عبد الله أن الثروات الاستراتيجية في فلسطين، حرم منها الفلسطيني فرداً وحكومة، وخاصة السواحل الفلسطينية سواء في البحر الأحمر جنوباً، أو ساحل المتوسط غرباً (ساحل قطاع غزة)، عدا عن الحرمان من مصادر الطاقة كالغاز الطبيعي والنفط، وهذه ثروات من شأنها توفير السيولة للحكومات.
عدم تنوع قنوات الإيرادات سبب في استمرار العجز
وفي سياق متصل، قال الخبير في الاقتصاد الفلسطيني رجا الخالدي، إن عدم تنوع قنوات الإيرادات يعد سبباً رئيسياً في استمرار العجز الجاري سنوياً، وقال: "إن أي انقطاع في أحد القنوات يؤثر سلباً على النفقات، وبالتالي تضخم العجز".
وتابع: "المنح المالية تتراجع بشكل سنوي، بينما لا تكفي إيرادات الضرائب والمقاصة لمواجهة النفقات الجارية للمؤسسات الحكومية ورواتب موظفي القطاع العالم".
ومنذ توجه الرئيس محمود عباس إلى الأمم المتحدة نهاية العام 2012، فإن تراجعاً بنسبة تقترب من 50٪ في المنح والمساعدات المالية الخارجية للسلطة الفلسطينية، وفق أرقام الموازنات الفلسطينية، كرفض لحصول فلسطين على دولة بصفة مراقب في الأمم المتحدة.
ويبلغ متوسط المنح والمساعدات المالية للسلطة الفلسطينية سنوياً، بنحو 1.4 مليار دولار أمريكي، حتى عام 2012، لكن تصريحات سابقة خلال العام الحالي لوزير المالية شكري بشارة، قال خلالها إن توقعات العام الجاري تشير إلى حصول الحكومة على منح مالية ومساعدات للموازنة تقدر بنحو 800 مليون دولار أمريكي.
وقال الخالدي، إن التسرب المالي في فلسطين، وتحكم إسرائيل في جباية إيرادات المقاصة، يفقد الخزينة الفلسطينية ملايين الشواكل سنوياً، لذا من الضروري البحث عن طريقة، تنتقل الجباية من خلالها إلى الجانب الفلسطيني.
وكان رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله، قد توجه إلى نيويورك نهاية شهر أيلول سبتمبر الماضي، للمشاركة في اجتماع المانحين، للبحث عن حلول لتراجع الدعم المالي الخارجي للموازنة الفلسطينية.
وأدت أزمة حجب إسرائيل لإيرادات المقاصة الشهرية، خلال الثلث الأول من العام الجاري، إلى ارتفاع كبير في العجز المالي للحكومة، ما دفعها إلى صرف أنصاف رواتب للموظفين العموميين، والاقتراض من البنوك، لمواجهة النقص في توفر السيولة.
واضطرت الحكومة خلال الشهرين الأخيرين، إلى الإعلان عن خطة تقشف، لمواجهة العجز الجاري في الموازنة الفلسطينية خلال الشهور المقبلة، بسبب نقص المساعدات المالية الخارجية للحكومة.
ووفق أرقام الميزانية لوزارة المالية، فإن أحد أسباب العجز المالي في ميزانية العام الحالي، يعود إلى تأخر الدعم الأمريكي المالي للموازنة الفلسطينية، والذي بلغ صفر دولار أمريكي حتى نهاية سبتمبر أيلول الماضي.
ويبلغ متوسط الدعم الأمريكي للموازنة الفلسطينية السنوية، نحو 370 مليون دولار أمريكي، لكنه تأخر هذا العالم لأسباب غير معلنة.
وحاولت الحدث، التواصل مع ممثلين عن وزارة المالية للحديث عن سبب تأخر المنح المالية الأمريكية للعام الجاري، وأسباب العجز الجاري للموازنة الفلسطينية، إلا أنه تعذر عليها ذلك.
وعلى الرغم من أن الإيرادات الضريبية وغير الضريبية وإيرادات المقاصة، من المتوقع أن تبلغ قيمتها مع نهاية 2015، إلى أكثر من 10.658 مليار شيكل، فإن العجز من المتوقع أن تصل قيمته إلى 8.9 مليار شيكل نهاية العام الجاري، وفق أرقام الميزانية الصادرة عن وزارة المالية.
وحتى نهاية سبتمبر أيلول من العام الجاري، فإن الأموال التي تمت جبايتها فعلياً، بلغت نسبتها 74٪ من إجمالي ما تتوقعه الحكومة خلال السنة المالية الجارية، بقيمة بلغت 7.872 مليار شيكل.
وبحسب الأرقام، فإن متوسط النفقات الجارية للحكومة الفلسطينية، خلال العام الجاري، تبلغ 15 مليار شيكل، يضاف إليها قرابة 4 مليار شيكل، نفقات تطويرية.
ومن إجمالي النفقات الجارية، تمكنت الحكومة من صرف مبلغ 9 مليار دولار حتى نهاية سبتمبر أيلول، والذي تشكل نسبه 60٪ من إجمالي النفقات الجارية، بينما بلغت النفقات التطويرية 488 مليون شيكل، وبنسبة 11٪ من النفقات المتوقعة، بحسب أرقام الميزانية.
ويتفق الخالدي مع عبد الله، حول عدم تمكن الفلسطينيين من الاستثمار في المناطق المسماة ج، "بينما تصر إسرائيل على منع الفلسطينيي من استغلال تلك الأراضي التي تحتوي على ثروات طبيعية، ومعالم سياحية وعلاجية".
وقال رئيس الوزراء في حكومة التوافق الوطني، رامي الحمد الله، مطلع الشهر الجاري، إن الحكومة تطالب إسرائيل بالحصول على حقها بالاستثمار في المناطق المسماة (ج).
وأضاف الحمد الله في بيان صادر عن الحكومة، أنه طالب مؤسسات المجتمع الدولي، خلال اجتماع الدول المانحة لا سيما الأمم المتحدة، بإلزام إسرائيل بتمكين الحكومة الفلسطينية من العمل في المناطق المصنفة "ج" والقدس الشرقية، وتنفيذ المشاريع التنموية الحكومية والممولة.
وأشار الحمد الله، إلى أن الاستثمار في المناطق ج: "من شأنه أن يدفع عجلة الاقتصاد الفلسطيني، ويدعم صمود شعبنا في كل فلسطين".
يذكر أن تقريراً صدر العام الماضي عن البنك الدولي، أشار فيه إلى أن الفلسطينيين يخسرون ما قيمته 3.4 مليار دولار سنوياً، بسبب عدم قدرتهم على استغلال المناطق المسماة ج.
حلول مقترحة
وحول الحلول لتخطي العجز في موازنة الحكومة يقول عفانة إن هناك حلولاً على المدى المنظور تتمثل في ترشيد الإنفاق حيث تعاني الموازنة من النفقات التشغيلية الهائلة، فضلا عن ضرورة أن تكون هنالك تقديرات تقريبية أكثر دقة للإيرادات المتوقعة لأن سوء التقدير للإيرادات المتوقعة يخلق فجوةً بين الإيرادات والنفقات وبالتالي عجزاً في الموازنة.
ويضيف عفانة، أما على المدى البعيد فيجب العمل على معالجة هذا الخلل البنيوي في الموازنة، من خلال العمل في المناطق المصنفة (ج)، ومتابعة موضوع التخلف الضريبي، واستغلال الأغوار، وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
من جانبه طالب أحمد في المؤتمر الصحفي، بضرورة التزام الحكومة بخفض وضبط فاتورة رواتب الموظفين العموميين: "يصاحبه تحسن فعلي في جباية الضرائب من جهة، وفتح المعابر أمام التجارة الفلسطينية، الأمر الذي يرفع من إيرادات الحكومة المالية".
وتشكل فاتورة الرواتب العموميين من إجمالي قيمة الموازنة السنوية الفلسطينية، نحو 51٪ من إجمالي قيمة الموازنة، وفق أرقام الميزانية، وهو رقم أعلى من المتوسط لدى الدول المجاورة.
وجدد أحمد تأكيده على ضرورة تنفيذ رفع في الدعم الحكومي على المحروقات: "على أن تخصص الأموال الفائضة إلى العائلات الفقيرة والمهمشة، ما يقلل من النفقات الحكومية للمخصصات الاجتماعية، وبالتالي تخفيض العجز".
بينما يرى وزير التخطيط السابق، أن الحل الأوحد لحل العجز الجاري للموازنة الفلسطينية السنوية هو إنهاء الاحتلال، الذي يتحكم في الموارد، ويسيطر على حركة المعابر والأفراد، والثروات الطبيعية في فلسطين.
وأردف: "لكن هنالك بعض الحلول لإدارة الأزمة وليس حلها في ظل صعوبة انهاء الاحتلال في الوقت الحالي، تتمثل في توسيع الشريحة الضريبية، وتنفيذ عمليات مراقبة لمداخل المدن الفلسطينية لمكافحة التهرب الضريبي الذي يستنزف سنوياً مئات الملايين من الدولارات".
وقال: "على الحكومة أن تعيد النظر في مصروفات بعض الوزارات، وتنفيذ خطة تقشف حقيقية، وتوجيه هذه الأموال إلى الموازنة التطويرية للنهوض بقطاع البنية التحتية، وهذا على الأكيد سيحسن من مالية الحكومة على المدى البعيد".
ويقول الخالدي، إنه من الضروري أن يتم إعادة توزيع النفقات الجارية، مشيراً أن دعوات الحكومة للتقشف هو أمر لا يحل المشكلة، "يجب إعادة توزيع النفقات الجارية، بما يحقق الفائدة لقطاعات اقتصادية وتعليمية وصحية".