الجمعة  19 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

فايننشال تايمز: ما هي مصادر تمويل داعش من غير النفط؟

2015-12-15 10:03:09 AM
فايننشال تايمز: ما هي مصادر تمويل داعش من غير النفط؟

 

الحدث - مصدر الخبر 

 

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، تحقيقا صحفيا عن مصادر تمويل تنظيم الدولة، من الضرائب والإتاوات المفروضة على المناطق التي تسيطر عليها، في ظل القصف المكثف على منشآتها النفطية.
 

وأشارت الصحيفة، في التحقيق الذي أعده مراسلاها إيريكا سليمان وسام جونز، ضمن سلسلة تقاريرها التي أسمتها "داخل شركة داعش"، والتي تناقش الموارد الاقتصادية للتنظيم، إلى أنه يحقق إيرادات كبيرة من الضرائب وعمليات المصادرة والابتزاز، تعادل ما يحصل عليه من تهريب النفط الخام.
 

وأوضحت الصحيفة، نقلا عن أشخاص التقتهم عبر الإنترنت ويقيمون في مناطق سيطرة التنظيم، الآلية التي يقوم بها التنظيم بجباية ضرائبه وإتاواته من التجار وأصحاب المحلات في هذه المناطق، مقدمة أمثلة عملية عنها، لبعض أصحاب المحلات.

 

وتمثل الجبايات المحلية والضرائب والبضائع المصادرة إيرادا اقتصاديا يعادل حجم الإيرادات النفطية، كما أنه يوفر لديها حركة اقتصاد مستمرة، حتى لو استمر التحالف بقصف منشآتها النفطية وحاول قطع طرق تهريب النفط، إذ إن التنظيم يمتد عبر معظم النشاطات الاقتصادية داخل مناطق سيطرته، ويجني من ذلك مئات ملايين الدولارات سنويا.
 

"غنائم الحرب"
 

وخلال أشهر من المقابلات التي قامت بها "فايننشال تايمز" مع مسؤولين ومحللين وسكان في مناطق التنظيم؛ خلصت الصحيفة إلى أن التنظيم تصله أموال عبر التجارة والزراعة والتحويلات، وحتى من الرواتب التي يمنحها النظام السوري الذي يدعي قتاله. 
 

وقال أحد قيادات الثوار، الذي اشترك مع التنظيم في عمليات مشتركة سابقا قبل هربه إلى تركيا: "إنهم لا يتركون أي مصدر للمال دون أن يصلوا إليه. وهذا (شريان) دم الحياة لديهم".


وقدرت مؤسسة "راند" البحثية أن التنظيم كان يجني نحو 875 مليون دولار قبل سيطرته على الموصل في حزيران/ يونيو 2014 الماضي.

وحول آلية ذلك، أشار تحقيق الصحيفة، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن التنظيم عندما يسيطر على منطقة ما، فإنه يقوم بمصادرة الموارد وسرقة البنوك والقواعد العسكرية وبيوت المسؤولين الحكوميين، كما أنه أنشأ في كل "ولاية" له مكتبا لإدارة "غنائم الحرب" لإحصاء قيمة ما نهبته، ودفع خمسه لمسلحيها، وتباع البضائع غير العسكرية في أسواق، بحسب مسؤولين وسكان، إذ إنه يسمح لأفراد التنظيم بشرائها بنصف السعر.
 

وقال أحد اصحاب المحلات قرب سوق في قرية الصالحية على الحدود العراقية السورية للصحيفة: "يمكنك أن تشتري أي شيء، من أبواب المنازل والثلاجات والغسالات إلى السيارات والأبقار والأثاث".
 

وطبقا لمصادر استخبارية ومقاتلين سابقين، فإن ما جمعه التنظيم من الضرائب والزكاة والمواد المصادرة والمسروقات، يعادل ما جناه من تهريب النفط الخام، الذي يقدر بأكثر من 450 مليون دولار خلال العام الماضي.

 

ويضمن التنظيم مدخولاته طويلة الأمد متجاوزا النفط، عبر فرضه ما يعتبره "زكاة" ومجموعة أخرى من الضرائب المكلف بها "والي" المنطقة، والتي يشرف عليها "مجلس زكاة" محلي، ما يعطي المسؤولين المرونة لفرض ضرائب جديدة بحسب الحاجة.
 

ووفرت الضرائب على رواتب الحكومة في مدينة الموصل وحدها ما يقارب الـ23 مليون دولار، بحسب تقديرات الصحيفة، بناء على عدد الموظفين من المسؤولين العراقيين، إذ إن الحكومة استمرت بدفع الرواتب حتى بعد سيطرة التنظيم على المدينة، كما أن قيمة "الزكاة" على القطن والحبوب كانت أكثر من 20 مليون دولار.
 

التجارة والزراعة
 

واعتبرت الصحيفة أن معظم التجارة التي تتم عبر الحدود الجنوبية لتركيا، والتي يصطف بها أكثر من 600 شاحنة هي لنقل البضائع ومواد البناء إلى تنظيم الدولة، وقال أحد التجار، إن "تسعين بالمئة منا معتمدون على تنظيم الدولة اليوم، فهم لديهم القوة الشرائية".
 

وبحسب شهادات لسائقي شاحنات ومسؤولين عراقيين، فإن الضرائب والجمارك المفروضة على سائقي الشاحنات تدر للتنظيم ما يقارب من 140 مليون دولار سنويا.
 

وقال تحقيق "فايننشال تايمز"، إن التنظيم يفرض إطارا مشتركا للزكاة عبر مناطقه، فهو يأخذ 2.5 بالمئة من رأس المال من السكان الأغنياء والأعمال سواء أكان مصنعا أم شاحنة، كما أنه يأخذ 5 بالمئة من المزروعات المروية بالسقي، و10 بالمئة من المرويات البعلية.
 

وبحسب "فايننشال تايمز"، فإن التنظيم يستفيد مرارا من الزراعة، إذ إن المزارع يدفع "الزكاة"، أولا، ثم يشتري التنظيم جزءا من المزروعات ليبيعها لاحقا عندما ترتفع الأسعار، ثم يجني ضريبة على العمليات التحويلية، مثل صناعة الطحين أو نتف القطن، ثم يأخذ ضريبة من السائقين الذين ينقلون هذه البضائع.


الرواتب
 

وأوضحت "فايننشال تايمز" أن أحد أكبر مصادر دخل تنظيم الدولة، يأتي بشكل غير مباشر من مصدر غير متوقع: الحكومة العراقية، التي ما زالت تدفع الرواتب لموظفيها في أراضي التنظيم، الذين يقدر عددهم بـ 400 ألف موظف حكومي.
 

وقال أعضاء في اللجنة البرلمانية المالية العراقية إن مدفوعات الرواتب تقدر بمليار دولار عراقي، في حين يفرض عليها التنظيم 10- 50 بالمئة كضريبة.
 

وحتى لو قطعت الحكومة العراقية الرواتب، فإن الحوالات المالية تمثل فرصة مواتية للضرائب، إذ يستخدم الأقارب نظام "الحوالة" البديل عن أنظمة التحويل العالمية، وتمتلئ الشوارع بالمكاتب التي يسيطر عليها تنظيم الدولة ليأخذ نسبة مئوية ضئيلة.
 

"تهرب ضريبي"
 

ويحاول السوريون والعراقيون الذين يعيشون تحت حكم التنظيم التهرب من الضرائب، ونقلت الصحيفة أن معظم الأطباء والمهندسين والأساتذة هربوا على سبيل المثال من بلدة "الميادين" التي يسيطر عليها التنظيم.
 

وقال مسؤول زراعي عراقي إن أقل من مليوني دونم ستتم زراعتها في أراضي التنظيم هذا العام، بعد أن كانت ثلاثة ملايين العام الماضي، كما أن أرقام المحاصيل انخفضت إلى النصف تقريبا.
 

ولأن التنظيم يخشى أن "دولته" ستكون فارغة من الناس، فإنه يسعى لمنع السكان من المغادرة، إذ وضعت أوامر لمنع السكان من الذهاب لـ"أرض الكفار"، باستثناء الحالات الطبية العاجلة.
 

إلا أن البعض يقول إن هناك حدا للضغط الذي يمكن أن يفرضه التنظيم على السكان المتبقين، ففي المناطق على الخطوط الرئيسة، يأخذ التنظيم ضرائب قليلة، أو يتخلى عنها تماما.
 

ويحذر السوريون الذين عاشوا في أزمة مستمرة منذ خمس أعوام أن اقتصاد التنظيم لن ينهار قريبا، مشيرين إلى أنه ما دام السكان قادرين على إنتاج الأموال، فإن التنظيم سيجد طرقا ليأخذ الضرائب.