السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

قبالة شواطئ غزة "المحاصرة".. كنز اقتصادي مدفون

2015-12-29 10:19:36 AM
قبالة شواطئ غزة
شاطيء غزة

 

الحدث- علا عطا الله

قبالة سواحل قطاع غزة وعلى بعد كيلومترات قليلة فقط، من نحو 1.8 مليون فلسطيني يعانون من أزمة نقص خانقة في الكهرباء والوقود، يقع حقل "غزة مارين" للغاز الطبيعي.

 

 

الحقل الذي اكتشفه الفلسطينيون نهاية تسعينات القرن الماضي، دون استخراج أية كمية منه، يصفه اقتصاديون بـ"الكنز المدفون"، القادر على حل أزمات قطاع غزة الإنسانية المتراكمة.

وكان "محمد مصطفى"، رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني (شبه حكومي)، قد كشف أن فلسطين بدأت بتنفيذ أولى خطوات تحقيق أمن الطاقة لديها.

وأضاف مصطفى، في بيان صادر عن مكتبه مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن صندوق الاستثمار، وقّع مع الحكومة الفلسطينية ممثلة بسلطة الطاقة الفلسطينية، على مذكرة تفاهم، لاستيراد الغاز الفلسطيني من حقل "غزة مارين"، الواقع قبالة سواحل قطاع غزة.

وفي وقت لم يتم فيه الكشف عن تفاصيل أكثر حول مذكرة التفاهم، وقيمة الصفقة المتوقع إتمامها خلال الفترة المقبلة، يرى خبير الاقتصاد الفلسطيني، سمير أبو مدللة، أن استخراج "الغاز الطبيعي"، يحتاج إلى ما وصفه بـ"الأفق السياسي".

وقامت السلطة الفلسطينية عام 1999 بمنح عقد حصري لشركتي بريتش غاز البريطانية وشركة سي.سي.سي، المملوكة لفلسطينيين، للتنقيب عن الغاز في بحر غزة.

ومع بدء عمليات البحث والتنقيب التي لم تستغرق طويلا من قبل الشركتين المطورتين اكتشف في عام 2000 حقلين من الغاز على بعد 30 كيلومترًا من شواطئ غزة وعلى عمق 600 متر.

وأطلق على الحقل الأول اسم "غزة مارين" ويقع كليًا ضمن المياه الإقليمية الفلسطينية قبالة مدينة غزة.

أما الحقل الثاني، فهو الحقل الحدودي "مارين 2" والذي يقع ضمن المنطقة الحدودية البحرية بين قطاع غزة وإسرائيل.

وحددت الشركة البريطانية الكمية الموجودة من الغاز في بحر غزة بحوالي 1.4 تريليون قدم مكعب، أي ما يكفي قطاع غزة والضفة الغربية لمدة 15 عامًا، حسب معدلات الاستهلاك الحالية.

وفي عام 2000 قام الرئيس الراحل ياسر عرفات بافتتاح حقل الغاز في حفل كبير، اصطدمت فرحته آنذاك بالمعيقات الإسرائيلية السياسية والاقتصادية.

ويقول أبو مدللة "على سواحل غزة يوجد كنز اقتصادي، ولكن للأسف إسرائيل ستعرقل أي مشروع من شأنه أن يساهم في تحسين ظروف الفلسطينيين الاقتصادية، والمعيشية".

وتابع :"الاقتصاد الفلسطيني يتبع لإسرائيل، بفعل الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، خاصة اتفاقية باريس الاقتصادية، التي تحرم الفلسطينيين من أية مشاريع إنتاجية، وتنموية، إضافة إلى سيطرتها على قطاع غزة بحرًا وبرًا".

وعلى الرغم من عدم وجود أعمال تطوير أو استخراج للغاز في حقل "غزة مارين"، إلا أن رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية عمر كتانة، صرح في وقت سابق لمراسل الأناضول، أن الحكومة بصدد تحويل محطة توليد كهرباء غزة للعمل بالغاز الطبيعي بدلاً من الوقود الصناعي المستخدم حالياً، "وهذا يحتاج عملاً متواصلاً لمدة 8 شهور، للانتهاء من عملية التحويل".

ومع توقيع منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاق السلام مع إسرائيل عام 1993 تم وضع ترتيبات بين الجانبين في المجال الاقتصادي والمالي، عرفت باسم بروتوكول باريس الموقع في أبريل/نيسان 1994.

ونص البرتوكول، على ضرورة أن يكون الشروع في مشاريع للتنقيب عن المواد والثروات الطبيعية ضمن فريق مشترك للطاقة يضم ممثلين عن الجانبين.

ويقول أبو مدللة، إنّ قطاع غزة الذي يعاني من أزمة خانقة وحادة في الكهرباء، يجب أن يكون من أول المستفيدين من استخراج الغاز الطبيعي، كما أن الحصول عليه سيوفر ملايين الدولارات التي تدفعها السلطة سنويا لشراء الكهرباء من إسرائيل".

وتابع:" الأولوية يجب أن تكون للسوق المحلي، الغاز سيوفر الطاقة، ويخفض من استهلاك الفلسطينيين لمشتقات الوقود، التي تبلغ نحو 70 مليون لتر شهريًا (...)، نحن أمام كنز اقتصادي".

وبحسب صندوق الاستثمار الفلسطيني، فإن استهلاك الفلسطينيين الشهري من مشتقات الوقود، تبلغ نحو 65 - 70 مليون لتر شهرياً، أي بمتوسط يبلغ 800 مليون لتر سنوياً، تقدر قيمتها الإجمالية بنحو 4 مليارات شيكل (1.03 مليار دولار أمريكي).

ويتفق مازن العجلة، خبير الاقتصاد الفلسطيني، في أن الأولوية يجب أن تكون للسوق المحلي، مضيفا في حديثه لـالأناضول، "في حال تمت إجراءات الاستخراج، ولم تقف إسرائيل حائلًا دون هذا المشروع الاستثماري الكبير، فبإمكان السلطة أن تمد غزة بالغاز".

وبإمكان غزة أن تستفيد من الغاز، في حال تم تحويل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع للعمل بالغاز الطبيعي، وفق العجلة.

ويعاني قطاع غزة منذ ثماني سنوات، من أزمة خانقة في الطاقة، الأمر الذي يجبر شركة كهرباء غزة على قطع التيار الكهربائي عن بعض مناطق القطاع، وتوصيلها في مناطق أخرى، لعدم كفاية ما تنتجه محطة توليد كهرباء غزة من الطاقة.

ويحتاج القطاع إلى نحو 400 ميغاوات من الكهرباء، للعمل  24 ساعة لا يتوفر منها إلا 212 ميغاوات، توفر "إسرائيل" منها 120 ميغاوات، ومصر 32 ميغاوات (خاصة بمدينة رفح)، وشركة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، التي تتوقف بين فينة وأخرى عن العمل، بسبب نفاد الوقود، 60 ميغاوات.

ويقول معين رجب أستاذ العلوم الاقتصادية في جامعة الأزهر بغزة، إنّ استخراج الغاز سيمنح الاقتصاد الفلسطيني قفزة اقتصادية نوعية.

ويضيف رجب "فلسطين تعاني من أزمة وقود، خاصة في قطاع غزة، والأولى أن يكون السوق المحلي هو العنوان".

وكان غالب معابرة، الأمين العام لوزارة الطاقة الأردنية، أعلن في السابع من ديسمبر/كانون الأول الجاري أن جولة من المفاوضات بين شركتي الكهرباء الوطنية الأردنية و"بريتِش غاز" ستجري قريبا خلال الشهر الحالي لمناقشة الخطوط الرئيسية لاتفاقية استيراد الغاز الطبيعي من حقل غزة.

يذكر أن الأردن وقع خلال أعمال منتدى دافوس الاقتصادي في البحر الميت، نهاية مايو/ أيار الماضي، على مذكرة تفاهم من شركة بريتيش غاز المطورة، لاستيراد الغاز الفلسطيني خلال المرحلة المقبلة.

ويؤكد رجب، أنّ الألوية يجب أن تكون لقطاع غزة، لتمكين سكانها من التغلب على أزماتهم الاقتصادية، المتراكمة.

وتابع:" غزة تعاني من أزمة حادة سواء في الكهرباء، أو نقص الغاز، وأي مشاريع يجب أن تكون هي العنوان، الغاز كنز اقتصادي لكن للأسف، هناك عرقلة إسرائيلية واضحة أمام أي استثمار من شأنه أن يساهم في نهضة اقتصادية فلسطينية كاملة".

وبحسب الهيئة العامة للبترول الفلسطينية، فإن احتياطي الضفة الغربية وقطاع غزة من الوقود وغاز الطهي يبلغ "صفراً".

 وتحول السيطرة الإسرائيلية الفعلية على المياه الإقليمية دون قيام المطورين بتصدير الغاز إلى الأسواق العالمية، إذ تتطلب عملية التطوير وبناء أنابيب النقل عدة إجراءات وموافقات من الجانب الإسرائيلي.

المصدر: وكالة الأناضول