الأربعاء  24 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد 57: وزارة التربية والتعليم تطلق برنامج رقمنة التعليم بتكلفة تقديرية 20 – 24 مليون دولار

وصفه البعض بالكارثة الكبرى

2016-02-16 12:45:04 AM
في العدد 57: وزارة التربية والتعليم تطلق برنامج رقمنة التعليم بتكلفة تقديرية 20 – 24 مليون دولار

مرحلته الاولى تشمل الصفوف المدرسية الثالث حتى السادس تنتهي في 2020

يستفيد منه 250 الف طالب وطالبة موزعين على 1200 مدرسة

ستطرح عطاءات تمكن الشركات الفلسطينية من المنافسة بحرية وشفافية

الحدث خاص

أعلنت وزارة التربية والتعليم العالي عن سعيها الحثيث لتوظيف التكنولوجيا الحديثة في بنية النظام التربوي، ولتنفيذ برنامج رقمنة التعليم العام ضمن أربعة محاور رئيسة تتمثل بتدريب المعلمين في المدارس لتمكينهم من استثمار التكنولوجيا في العملية التعليمية، وربط جميع المدارس بالانترنت بالشراكة مع مجموعة الاتصالات الفلسطينية ويجري العمل الان على تفعيل استخدام الانترنت في المدارس بأنجع الطرق وتم ربط 1200 مدرسة حكومية من أصل 2200 مدرسة في الضفة وغزة، وعملية الربط متواصلة، ولكنهم يواجهون مشكلة في ربط 200 مدرسة تقع في المناطق المصنفة "ج" وسيتم ربطها من خلال نظام لاسلكي، وتوفير المحتوى الرقمي المرتبط بالمنهاج الفلسطيني.

وبهذا الصدد اطلقت الوزارة البوابة التعليمية الفلسطينية التي تحتوي على آلاف لبنات التعلم على شكل فيديوهات ومواد تعليمية ذات طبيعة مختلفة متاحة للمعلمين بشكل سهل وميسر، ومن خلال توفير الأجهزة للمعلمين والطلبة.

ولم يرق توجه الوزارة لرقمنة التعليم والتعلم لبعض الخبراء التربويين، الذين وصفوا هذا التوجه وبهذه الطريقة بالكارثة الكبرى، متهمين وزارة التربية والتعليم بالركض نحو صرعة الموضة بغير وعي على الاطلاق لكيفية استخدام التكنولوجيا ومتى؟.

ولكن د. بصري صالح ـ الوكيل المساعد لشؤون التخطيط والتطوير في وزارة التربية والتعليم يؤكد  مواصلة الوزارة لجهودها لتوفير الحواسيب للمعلمين من خلال المشاريع التطويرية التي تستهدف تدريبهم بحيث يصبح لكل معلم جهاز حاسوب نقال، كما تعمل الوزارة على إبرام المزيد من الاتفاقيات من أجل توفير التجهيزات للطلبة، وهي عبارة عن حواسيب لوحية تحتوي على المنهاج الفلسطيني التفاعلي.

وقال: (ان الوزارة تهدف من وراء ذلك إلى أن يتخلص الطلبة من عبء الحقيبة المدرسية الثقيلة من خلال توفير المنهاج بصورة رقمية على هذه الأجهزة، وتحويل المنهاج الفلسطيني إلى منهاج تفاعلي حيث يحتوي المنهاج الرقمي على خاصية تحويل الصور الثابتة إلى صور تفاعلية، بالإضافة إلى أهمية استخدام هذه الأجهزة أثناء الدرس لتحسين نوعية التعليم والتعلم لدى الطلبة، والذي سيتم بالتعاون مع البلديات والمتبرعين الفلسطينيين).

صراع بين الصيغة التقليدية والرقمنة

ويشير د. صالح الى ان الرقمنة مرتبطة باعادة صياغة مكونات العملية التعليمية في داخل الصف والانتقال من الصيغة التقليدية لعملية التعليم، والمعلم هو محور العملية التعليمية التعلمية، مقرا ان هذه الصيغة اثبتت انها غير ملائمة لتحسين عملية التعليم. وبالتالي كان لا بد من ادخال بعض العوامل التي تحسن من هذه الصيغة، والانتقال من نظام تعليمي تقليدي محوره المعلم الى نظام تعليمي آخر محوره الطالب، الامر الذي يتطلب اجراءات مختلفة في نظام التعليم.

ويؤكد ان التكنولوجيا اثبتت انها تستطيع ان تضيف اضافات نوعية على واقع التعليم في داخل الصف، واصبح لا يخفى على احد انها مرتبطة بالتطورات خارج المدرسة، لذلك اصبح الطالب يعاني من الفجوة ما بين ما يراه خارج وداخل المدرسة، مؤكدا على تطبيقات تكنولوجية كثيرة جدا اثبتت ان توظيف التكنولوجيا في العملية التعليمية التعلمية له جدوى.

محاذير العملية

ويقر د. صالح، بوجود محاذير للعملية مرتبطة اساسا بموضوع التكلفة والجدوى الاقتصادية، ولكنه لا يعتقد ان المجتمع يقبل وجود انفصام بين النظام التربوي وبين التطورات الاقتصادية المختلفة، اذ ان وجود الانفصام يفشل اعداد الانسان المتميز في الاداء للمستقبل وفي ان يكون جزء لا يتجزأ من عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وبالتالي المنافسة على المستويين الاقليمي والعالمي، الذي يتطلع له من رقمنة النظام التعليمي.

الآليات التنفيذية

ويرى صالح، ان قرار الوزارة بالجاهزية يرتبط بتعديلات جذرية في العديد من القضايا منها التكنولوجيا في داخل الغرف الصفية بما في ذلك استعدادية المعلمين وامتلاكهم المهارات المطلوبة لاستخدام التكنولوجيا في العملية التعليمية التعلمية، اضافة الى ان المناهج الجديدة يجب ان تعزز فرصة استخدام التكنولوجيا حتى تعطي فسحة للمعلم في توظيف التكنولوجيا بشكل اكثر نجاعة وفعالية عبر التعلم النشط الممتع، والذي يقوم على انتاج المعرفة والمشاركة الفاعلة والعمل الجماعي والمشاريع والانجاز والتميز والابداع وليس على الحفظ والاستظهار، وهو ما يجب ترسيخه في عملية تطوير المناهج القادمة.

ويكشف صالح، عن تطوير المناهج بالاقتداء بالنموذج الياباني، حيث سيتم نقل التجربة اليابانية للتربويين الفلسطينيين الذين سيقومون على عملية اعداد المناهج، وقال: "كان القرار في هذا الموضوع مبني على نضوج هذه التجربة واثرها في بناء كادر جيد وتغيير عميق في المنظومة التربوية مع الالتزام والمحافظة على القيم الاجتماعية الاساسية والمهمة".

الحواسيب اللوحية ومراحل تطبيقها وتكلفتها  

وتشير تقديرات د. صالح، الى ان 90% من الطلاب يمتلكون اجهزة "سمارت فون" وهو جهاز لوحي تعليمي يجب تاطيره واستخدامه في العملية التعليمية التعلمية وتساعد الطلبة في عملية التعلم. لذلك "نبحث في آليات تمكننا من ان يمتلك طلابنا اجهزة تعلم ذكية، ونركز بتأني في خيارت تمكن الطلبة من امتلاك هذه التكنولوجيا بتكلفة اقل وامكانيات ضبط  أعلى ، فهناك محاذير كثيرة جدا ينبغي مراعاتها".

وقال: "هناك حالة بحث مستمرة مع وزارة المالية والهيئات البلدية والمحلية والجهات المتبرعة لاستيضاح التكاليف ولكن لدينا تحسس قوي جدا من ان يدفع الطالب ثمن الاجهزة، لكن مساهمته في تكلفتها مهمة".

وكشف د. صالح، عن البدء بتنفيذ مشروع الرقمنة ابتداء من العام القادم 2017 ولمدة اربع سنوات تنتهي في عام 2020، ستبدأ من الصف السادس في كل المدارس الحكومية نزولا الى الصف الثالث الاساسي بمعدل صف في السنة الواحدة، حيث سيمتلك في هذه المرحلة 250 الف طالب وطالبة اجهزة حاسب لوحي، بتكلفة سنوية تتراوح ما بين 5 ـ 6 ملايين دولار، مبينا ان الحكومة التركية تبرعت بحوالي 200 الف جهاز رقمي وستقدم للطلبة مجانا.

واستدرك صالح، نحن لا نتحدث هنا عن استبدال النظام التعليمي كليا باعتماد على الاجهزة الرقمية اللوحية، فلن يستغني الطالب عن الدفتر والقراءة والكتابة، لذلك سيكون لدينا مزج ما بين النظام التقليدي ونظام الرقمنة".

واشار صالح، الى ان تكلفة طباعة الكتب المدرسية لنفس الصفوف من الثالث الى السادس تكلف 18 مليون شيكل اي حوالي 5 ملايين دولار، وباحتساب تكلفة شراء الطلبة للاجهزة الرقمية اللوحية سنويا على حسابهم الخاص تقدر وفقا لدراسة اجريت بحوالي 3 ملايين دولار، ويستنتج ان نصف تكلفة المشروع تدفع تلقائيا، مؤكدا انه باستخدام الحواسيب اللوحية في التعليم يتم الاستغناء عن مختبرات الحواسيب في المدارس التي تقدر متوسط تكلفة المختبر الواحد بحوالي 40 الف دولار.

طرح العطاءات والمناقصات

ويؤكد د. صالح، انهم متحسسون جدا من المنافسة، وقال :" نحن مهتمين بأن تكون هذه العملية شفافة، لذلك نبحث عن نموذج يمكن الشركات الفلسطينية في المنافسة بحرية وشفافية من خلال العطاء ومواصفات يتم الالتزام فيها باشراف ادارة حكيمة وواعية، والحد الادنى المطلوب من المواصفات، ان تمكن هذه الاجهز الطلاب من الكتابة عليها وسعة وسرعة معينة لا يمكن التنازل حتى لا تفقد الاجهزة قيمتها".

وقال صالح: "وظيقتنا ان نحدد المتطلبات الضرورية لهذا الموضوع وبإمكان كل من له علاقة ان يتنافس عليها، الا اذا نجحنا في توفير منحة دولية، حينها توفر هذة الاجهزة وتوزع على جميع الطلاب مجانا، وما لم يكن هناك تعليمات واضحة من جهات رسمية فلسطينية من ان هذه الشركة او تلك عليها اشكالية معينة حتى تمنع من المشاركة في المنافسة، وبالمناسبة لا نقوم نحن في وزارة التربية والتعليم بهذا الدور فلجنة العطاءات المركزية  هي التي تتولى هذه المسؤولية وليس من دورنا معرفة او تحديد من هم المتقدمون للعطاء سواء لشراء الاجهزة او ادخال المحتوى".

المخرجات المتوقعة

نسعى في هذا الموضوع إلى تحسين عملية التعليم والتعلم في فلسطين بالمعنى يجب أن يكون الطالب الخريج قادرا على الاندماج في المجتمع والمشاركة في عمليات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والتأكد من أن طلابنا لديهم القدرة على المنافسة إقيليما ودوليا، في عالم أصبح في سباق محموم في هذا الموضوع. ونريد زيادة القدرة التنافسية للانسان الفلسطيني حتى يستطيع الحصول على  ما يجب أن يحصل عليه، ونريد أن نحسن مخرجات التعليم مثلما نريد أن نكسر هذه الرتابة في النظام التعليمي وأن نقضي على هذا الملل الذي يحيط بالعملية التعليمية والتعلمية وفي الحقيقة ينفر الطلاب من المدارس، لذلك نتحدث عن جملة من الاجراءات والنشاطات الحرة في المدارس ولتوظيف التكنولوجيا وتحسين المناهج وتعزيز دور المعلم وايجاد صندوق للانجاز والتميز، وهذا كله هدفه أن يخلق من المعلم ميسرا ورفيقا ومتابعا لعملية تعلم الطلبة لا أن يكون المعلم سجانا ولا أن يكون شخصا غير ذي صلة لا تربطه بالطالب اي علاقة، نريد تحريك المياه الراكدة في داخل الصف فالعنصر الحاسم في عملية التعليم والتعلم هو ما يجري في داخل غرفة الصف وليس اي شيء آخر فاذا الذي جرى داخل غرفة الصف تعلم ذات معنى باستخدام اساليب حديثة ليس لدي اي شك اننا سننتقل ونقفز قفزات مهمة في الموضوع، وإن بقينا متمترسين تحت عناوين وذرائع.

التربة غير خصبة

 وفي الوقت الذي لم يقلل د. اسامة الميمي، مدير وحدة الابداع في التعلم في جامعة بيرزيت، من اهمية استخدام التكنولوجيا في التعليم، ولكنه يرى ان اساس نجاح العملية التعليمية والتعلمية هو الكادر البشري المتمكن والقادر على التطوير والرقي بمستوى النظام التعليمي وتطويع التكنولوجيا في تنفيذه.

ويؤكد الميمي ان التكنولوجيا لن تساعد في تطوير المناهج او عملية التعليم والتعلم لان المنطلقات غير خصبة، ولكن "ان كان المعلمون يفتقرون الاساليب الحديثة والايجابية في توصيل المعلومات للطلاب ويفشلون في خلق المعرفة لدى طلابهم فان التكنولوجيا لن تساعدهم على الاطلاق، فان قمنا بالاستعانة بمدرس لا يستطيع تعليم طلابة وفرضنا عليه استخدام التكنولوجيا، سنجعله ينشر الاشياء الخاطئة بطريقة اسرع، فالاولوية يجب ان تكون لاعداد المعلم وتأهيله، وعندما يتم انجاز هذه الاولوية ستكون التكنولوجيا داعمة، ولكن من الخطأ التفكير بان التكنولوجيا هي التي سترفع من قدرات المعلمين".

الركض وراء الموضة كارثة كبرى

واعتبر د. الميمي ما يجري من طرح افكار بهذا الاتجاه وبهذه الطريقة بالكارثة الكبرى، خصوصا اننا وعلى ما يبدو لم نستفد من فشل التجارب العالمية في اقحام الحواسيب اللوحية "اي باد" في العملية التعليمية والتعلمية، مثلما حصل في امريكا او بعض الدول الاوروبية.

ويقول د. الميمي: "مشكلتنا ان وزارة التربية والتعليم غير واعية على الإطلاق لكيفية استخدام التكنولوجيا ومتى؟! فهي تركض نحو صرعة الموضة بدون التفكير جيدا وبوضوح كيف يمكننا السير الى الامام في هذا الاتجاه".

ويؤكد الميمي، ان هذا التوجه الرقمي لوزارة التربية والتعليم ينقصه التخطيط، وأن النظام كله بحاجة الى تغيير ولن يختلف الواقع او يحدث نقلة نوعية بتسليم الطلاب أجهزة "اي باد"، خال من المحتوى والفكر.

الحل التعاون مع المختصين والشركاء والبديل البنك الوطني للبنات التعلم

ويشكك د. الميمي، في قدرة وزارة التربية والتعليم على تبني استراتيجية واضحة نحو استخدام التكنولوجيا في التعليم والتعلم، ويعتقد ان هناك تخبطا هائلا وكبيرا.

ويدعو د. الميمي، وزارة التربية والتعليم الى وقفة تأملية والتخطيط الجيد مع خبراء ومتخصصين بهذا الموضوع، وعدم الانجرار وراء الشعارات والموضة، هذا الامر لم يمنع الميمي من الاقرار بوجود نماذج ناجحة، لكنه لا يعتقد ان الوزارة ذاهبة باتجاه استخدام نماذج ناجحة.

وتطرق د. الميمي الى مبادرة جامعة بير زيت بانشاء (البنك الوطني للبنات التعلم) والتي اعتبرها مهمة جدا حاثا  الوزارة لتتبناها وان تتعاون وتعمل مع الجامعة وشركاء آخرين من ممولين لتطوير هذه المبادرة والسير بها قدما الى الامام نحو الرقي بمستوى التعليم في فلسطين، وعليها ان تعيد تفكيرها في هذا البنك لتنطلق بمشروع رقمنة التعليم والتعلم منه.

تخطيط عشوائي لرقمنة التعليم والتعلم

وانتقد د. الميمي ما وصفه بالتخطيط العشوائي بهذه الطريقة لرقمنة التعليم والتعلم، والتي لن يكون لها آثار او انعكاسات ايجابية لا على الطلبة ولا على المعلمين ولا على عملية التعليم والتعلم، (فاي امر لا يناقش بروية مع المختصين ولا تعد له استراتيجية واضحة، والتغيير لا يأتي خلال عام أو عامين، فالتعليم بحاجة الى التخطيط لسنوات ويحتاج الى فكر وعمل، والوزارة غير ناضجة للتخطيط وغير واعية لاستخدام التكنولوجيا في التعليم، وهي غير مؤهلة حاليا لوضع محتوى تكنولوجي ومنهاج غير صالح، وبدلا من ذلك عليها ان تعيد النظر في المناهج والرقي بمستواها".

ويرى الميمي، انه لا بد من وضع استراتيجية واضحة في كيفية تحويل المعلمين اولا، واعادة صياغة وبناء المنهاج مرة اخرى وتطويره المناسب لمهارات القرن 21 وان لا تكون الامور مبنية على مجاراة الموضة في استخدام التكنولوجيا، ويجب ان تستخدم في سياقها الصحيح، وعلى الوزارة الاحتكاك مع شركاء متخصصين من مؤسسات فلسطينية وعالمية اخرى حتى يأخذ التطوير الطريق الصحيح.